الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اصلاحات يزيد الناقص ، اوقفها الطاعون واجهز عليها الحمار

عدنان يوسف

2016 / 3 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


السنة : 126 هج
"بلغ السيل الزبى" ، فانطلقت الثورة من المزة ،احدى ضواحي دمشق . الهدف ، ازاحة الخليفة الماجن ، الوليد بن يزيد بن عبد الملك.
قائد الثورة ، ابن عمه يزيد بن الوليد بن عبد الملك ،وهو يزيد الثالث الذي سيلقب بالناقص لانه انقص زيادات غير مبررة منحها الوليد للجيش لكسب التأييد،وقد فعل يزيد ذلك اقتداء بعمر بن عبد العزيز.
(ولد يزيد عام 86 هج ، امه شاه آفريد بنت فيروز بن انوشروان بن كسرى،اصابها هي واخت لها قتيبة بن مسلم الباهلي في غزو بلاد ما وراء النهر،فارسلهما الى الحجاج بن يوسف وارسل هذا آفريد الى الخليفة الوليد بن عبد الملك بدمشق فولدت له يزيد)
دخل يزيد دمشق واستولى على الجامع الكبير ومنه انطلقت الجيوش صوب رأس الفساد،انتصرت الثورة وبويع قائدها بالخلافة.يقول ابن كثير ،في البداية والنهاية : كان يزيد الثالث صالحا ،دينا يحب الخير ويكره الشر.
وفي اول خطبة له ،قال يزيد مخاطبا عامة الناس :
"إني والله ما خرجت أشرا ولا بطرا،ولا حرصا على الدنيا ،ولا رغبة في الملك"
"ايها الناس،إن لكم عندي ،إن وليت،أن لا اضع لبنة فوق لبنة،ولا انقل مالا من بلد الى بلد،حتى اسد الثغور،فإن فضل شيء ارده الى البلد الذي يليه،حتى تستقيم المعيشة،وتكون فيه سواء،فإن اردتم بيعتي على الذي بذلت لكم،فأنا لكم،وإن ملت فلا بيعة لي عليكم،وإن رأيتم اقوى مني عليها ،فأنا اول من يبايع،ويدخل في طاعته"
وقد نفذ ما جاء بخطبته خلال فترة حكمه القصيرة ، انطلاقا من مبادئه المستندة الى الى تأثره بالقدريين،فقرب ،كما يقول الامام الشافعي اصحاب غيلان الدمشقي،وهو ثاني المتكلمين بالقدر بعد معبد الجهني الذي نشط في البصرة ،وقتله عبد الملك بن مروان سنة 80 هج،فيما تولى هشام،ابنه قتل غيلان بعد ان قطع يده ورجله ،في الجامع،تحت المنبر ،بسيفه وامام انظار المصلين،ثم امر بقطع لسانه وصلبه على احدى بوابات دمشق .
وعداء هشام لغيلان الدمشقي يمثل عداء الدولة الاموية للقدريين الذين قالوا بالحرية الانسانية،وقدموا العقل على بقية الادلة، وأن الانسان مخير وهو الخالق لافعاله ومسؤول عن نتائجها،معارضين بذلك مبدأ الجبر الاموي ،الذي يدعي ان الانسان مسير لا مخير ،وان كل ما هو كائن وما سوف يكون ،بأمر الله.وأن الظلم الذي يقع على الناس ،مقدر عليهم،عند الله على يدي الظالم،واكثر من ذلك فقد نسبوا القتل لله بقولهم "لو لم يقتل لمات".
كان يزيد الثالث،ثاني شخصية اموية تعتنق فكر القدريين بعد الخليفة الشاب معاوية الثاني،الذي اغتيل بالسم من قبل الامويين،فيما تعرض مؤدبه عمرو المقصوص الى التعذيب الشديد قبل ان يدفن حيا،لاتهامهم اياه بكونه وراء توجه معاوية الى الاعتقاد بالقدر .
ساعد السخط العام على الوليد في نجاح الثورة عليه، فقد اتصف الوليد بالمجون ،بالفسق والفجور ،وتبديد الاموال العامة على لهوه وملذاته الشخصية الفاضحة حتى لقب بخليع بني مروان.
يقول السيوطي عنه : كان فاسقا شريبا للخمر منتهكا حرمات الله،ويذكر ابو الفرج الاصبهاني في كتابه ،الاغاني، ان الوليد اراد ان ينصب قبة على سطح الكعبة ويجلب لها الخمور والات الطرب واللهو وهو صاحب الابيات الشهيرة التي جهر بها وهو يرمي القرءان بالنبل في جوف الكعبة.يذكر ابن كثير في البداية والنهاية : كان الوليد جاهرا بالفواحش.
والوليد بن يزيد ، امه ام الحجاج،بنت محمد بن يوسف الثقفي،اخي الحجاج،كان وليا لعهد عمه ،هشام بن عبد الملك،وكان هشام ينكر عليه افعاله وحاول عزله بل وقتله،وكان الامام الزهري ،كما يذكر ابن عساكر بسنده في تاريخ دمشق ،يقدح ابدا عند هشام بن عبد الملك في خلع الوليد ويعيبه،مما دفع الوليد الى مغادرة دمشق والنزول في قصر الازرق بتدمر،حتى وفاة هشام وبويع بالخلافة هناك.
وكان هروبه الثاني حين ضرب الطاعون دمشق فخرج،بأموال كثيرة الى الارياف مع مائتين من خواصه،والطريف انهم تخلوا عنه جميعا عند قيام ثورة يزيد ضده.حاصرت الجيوش بقيادة الحجاج بن عبد الملك قصر النعمان بن بشير في البخراء بضواحي تدمر والذي لجأ اليه الوليد ،سيقتحم القصر وينشر هو القرءان على صدره مستسلما لنهايته قائلا : يوم كيوم عثمان.يقتل ويحمل رأسه الى دمشق وينصب في الجامع.
بعد مقتل الوليد ،جهز مروان بن محمد ،والي ارمينية،وكان من انصار الوليد وأول المهنئين له بتوليه الخلافة واكثر المبتهجين بعد الوليد بموت هشام والاستيلاء على امواله،جهز مروان ،الملقب بالحمار لشدة بأسه وقوة تحمله للمشاق،جيشا لمحاربة يزيد ثأرا للوليد او طمعا في الحكم،وهو المعروف بكونه الاقوى بين امراء بني امية كافة.
لم تقع الحرب ،توفي الخليفة بالطاعون في ذي الحجة 126 هج،في الخضراء بدمشق ،وتنازل ابراهيم بن الوليد شقيق يزيد، عن الحكم لمروان الذي دخل دمشق سنة 127 هج. وبذلك توقفت الاصلاحات بسبب الطاعون الذي انهى عهد يزيد بن الوليد والذي لم يستمر سوى ستة اشهر، وتكفل مروان الحمار بالاجهاز على آخر ما تبقى من اصلاحات يزيد الناقص ، باعلانه العودة الى السياسة الاموية ،الجبرية، ورفضه لكل ما كان على عهد يزيد الثالث وقد تمثل ذلك في "بيانه الاول"الذي تضمن امره القاضي بنبش يزيد وصلبه !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تفاعل -الداخل الإسرائيلي- في أولى لحظات تنفيذ المقاومة ا


.. يهود يتبرأون من حرب الاحتلال على غزة ويدعمون المظاهرات في أم




.. لم تصمد طويلا.. بعد 6 أيام من ولادتها -صابرين الروح- تفارق ا


.. كل سنة وأقباط مصر بخير.. انتشار سعف النخيل في الإسكندرية است




.. الـLBCI ترافقكم في قداس أحد الشعانين لدى المسيحيين الذين يتب