الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا يمكن للموجود أن يوجد إذا كان منتهيا

محمد شرينة

2016 / 3 / 23
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يقول ابن عربي؛ العارف من يرى الحق الله في كل شيء.... بل من يراه عين كل شيء؛
شعورنا يشير إلى أن العالم الكبير غير نهائي.
حسب شعورنا نفسه فإن اي شيء جزء هو عالم صغير؛ يمكن بل حتما يتجزأ إلى ما لانهاية، واي ادعاء بأن هناك حد يقف عنده هذا التجزء لا يملك دليلا قاطعا وهو مخالف لشعورنا.
يتم عادة ربط اللانهاية بالمطلق الله بالمعنى الصوفي وبالعالم الكبير حسب الافكار الطبيعية "دين الطبيعة" لكن كل وجود هو مطلق، فاللانهاية لا علاقة لها بالكبر، وليست حكرا على العالم الأكبر بل هي صفة لازمة للموجود، لكل موجود، فلا يمكن للموجود أن يوجد إذا كان منتهيا.
يعتقد حاليا ان العالم يتمدد، لنأخذ ثمرة لا تزال تنمو تتمدد ، برتقالة مثلا، وبدلا من مقياس هو واحد متر لنجعل مقياسنا واحد مقسوم على واحد أمامه خمسين صفر من المتر؛ فتصير الثمرة بحجم العالم وبالعكس يصير العالم بحجم برتقاله ومادام كلاهما قابل للتجزء إلى ما لانهاية فهما متماثلان جوهريا ولا قيمة لتغيير المقياس.
هذا صحيح تماما على الأقل بالنسبة للشعور، الانساني، فما ينتهي لا يمكن ان يوجد او بشكل ادق لا يمكن الشعور بأنه موجود، فكل الموجودات مطلقة مقدسة بالنسبة للشعور بغض النظر عن كبرها وصغرها وهي بالضرورة ازلية ابدية شعوريا وهذا ما قصده المتصوفة بالقول ان ليس في الوجود إلا الله.
كانوا يفهمون ان كل وجود هو لانهائي، شعوريا على الاقل، ثم جاء المبدأ الفيزيائي: أن لاشيء يفنى ولا شيء يخلق والذي اخذ لاحقا صيغة مصونية المادة-الطاقة.
لا يمكن الحديث عن العالم خارج الشعور الانساني، لكن ماذا لو كان هناك دليل على ان العالم يخالف الشعور؟ الدليل العقلي يقوم كليا على البديهيات التي لا دليل على صحتها الا الشعور؛ بالتالي نكون قد عدنا الى ما هربنا منه، الى متناقضات تلغي كليا قيمة المعرفة لذلك فانا اعتقد ان كل ما يخالف الشعور خارج مجال المعرفة كمعرفة. انه نوع من التفسير الميتافيزيقي حيث يتم لوي الاشياء لتوافق الرغبات مثال ذلك ان ترفض وجود عالم بدون بداية وفي نفس الوقت تقبل وجود إله له تلك الصفة، فاذا كان لا يمكن تصور ما لا بداية له انطبق هذا على الله واذا جاز في اي حالة تصور ذلك يكون من الاسهل القول بازلية العالم والإضافة "الله" لم تأت بشيء. هنا التناقض لم يحل وانما كالعادة يجري تعقيد وتطويل القضية وهي طريقة ناجحة في خداع العقل لكنها لا تخدع الشعور لذلك لم يقتنع بها المتصوفة حيث اهم ما يميزهم هو الشعور الحي.
اخيرا فان الخلود هنا الذي هو نفس الوجود "حسب الشعور الانساني" انما هو للصيرورة وليس للكينونة فنيتشة يقول ان الكينونات وهم خادع. وهذا يغري بالاعتقاد ان الصيروة تستوعب طاوية كل الكينونات الممكنة وبالتالي هي واحدة وجبرية.
رياضياتيا مع الحذر اسمح لنفسي بان امثل الصيرورة بتغير تابع كل التوابع الذي "حين سعيه للانهاية" يسعى للانهاية والكينونة بتغير كل متغير لاي من تلك التوابع والذي "حين سعيه للصفر" يسعى للصفر. الاول اي الصيرورة يخلد بامتصاصه اثر الثاني اعني الكينونة التي تفنى لتترك اثرا واثرها عين فناؤها، وهي غير ممكن الشعور بها بل باثرها. فاذا لم تؤثر لم تكن موجودة بالنسبة للشعور واذا اثرت فنيت وامتصت الصيرورة الاثر.
بشكل ابسط لناخذ كينونة ما "كائن" كالانسان وكل كائن مهما ضؤل، اي جزيء مادي مثلا، هو حي وعاقل والا لما صار الانسان المركب من تلك الاجزاء حيا ولا عاقلا. يمكن القول تجوزا ان الانسان اكثر حياة وعقلا على مقياس ما، لكن هذا ليس مهما كما سيتضح. الانسان يسعى لان يؤثر ويفنى في سييل ذلك وما سعيه للبقاء الا تلك الطريقة التي يسعى بها لان يفنى باكبر اثر ممكن، لو كان الانسان يسعى للبقاء لم يكن هناك اي تفسير لاي مخاطرة او جهد زائد عن الضرورة يفعله. والاثر الذي يتركه الانسان في الصيرورة هو الباقي بينما الانسان ذاته، كينونته، فانية.
كل انسان، كل كينونة، مؤثرة ولا معنى لمقايسة الاثار فهي كالصفر والواحد في نظام الكمبيوتر اما توجد واما لا. مع ان ذلك، المقايسة، ممكن حسب معايير كثيرة ومختلفة؛ وكلها واهمة: ففي السيارة يمكن اعتبار عامود الكرنك اهم من كبل البطارية لكن غياب اي منهما يؤدي إلى تعطل السيارة. في الحالات الاعتيادية نميل لاعتبار الاول اهم من الثاني لان استبداله يتطلب جهدا و وقتا و كلفة اكبر لكن في صيرورة لا مكان فيها للتكرار وتسير مستوعبة محتاجة كل شيئ لتاخذ تمامها، غير متوقفة على اي شيء محدد في تغيرها الذي مهما غاب من كائن لازم لتغير ما، يظل عنده مسارات تغير اخرى لا حصر لها بحيث لا تحتاج ذلك الكائن الغائب؛ فلا معنى للتفاضل.
فالصيرورة خالدة بشكل ما والكينونة معدومة بشكل ما. الكينونة ظهور تفتح عن كينونة فانية سابقة اندغمت باللاحقة وهذه بدورها تفنى مندغمة بالتالية.
لذلك اجدني داعية لاطلاق الفعل البشري لاقصى حدوده في كل حيز بما يناسبه وفي حيز الثقافة اعتبر ان الامتناع عن التعبير بكل اشكاله خطيئة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البرازيل.. سنوات الرصاص • فرانس 24 / FRANCE 24


.. قصف إسرائيلي عنيف على -تل السلطان- و-تل الزهور- في رفح




.. هل يتحول غرب أفريقيا إلى ساحة صراع بين روسيا والغرب؟.. أندري


.. رفح تستعد لاجتياح إسرائيلي.. -الورقة الأخيرة- ومفترق طرق حرب




.. الجيش الإسرائيلي: طائراتنا قصفت مباني عسكرية لحزب الله في عي