الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وقاد النار..ومحراك التنور

خالد بوزهر

2016 / 3 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


وقاد النار..ومحراك التنور
( عن العلاقة بين الإمبريالية والقوى الأصولية )
يلتقي المشروع الإمبريالي الهيمني- الإبتلاعي في صيغته العولمية، المرتكز على اقتصاد السوق النازعة نحو التمدد إلى أبعد وأقصى الحدود الممكنة، لتصريف أكبر قدر متاح من السلع والمنتجات الفائضة، ولو تطلب الأمر خلق حاجات وهمية والترويج لها، على أنها ضرورية لتمدن الإنسان وعلامة على تحضره ومواكبته للعصر؛ مما يضفي على كل مناحي وأوجه الحياة خصائصها- السوق – النمطية المحددة بالجانب الفردي – الأناني والغريزي فيها؛ يلتقي ذلك المشروع الذي أتينا على بعض مميزاته وملامحه الأولية، مع المشروع الأصولي الظلامي القائم على التعصب وتأجيج الثارات المذهبية والعقائدية، وتسعير الفتن والنزاعات الطائفية المدمرة، عند نقاط تقاطع المصالح والأهداف المضمرة والمعلنة، التي يسعى كل طرف إلى بلوغها وتحقيقها بتحالفه مع الطرف الآخر، مع الأخذ بعين الاعتبار غياب الندية وانتفائها، في مضمون العلاقة التي تجمعهما، كنتيجة منطقية لهيمنة الطرف الأول( الإمبريالي) على الثاني(الأصولي) واستئثاره به، واستثماره في إذكاء نار الحروب وتوظيفه في تأجيجها، باعتباره صنيعته ومنتوجه المخابراتي، وذلك على حساب وحدة الشعوب وتماسك نسيجها الإجتماعي وثقافتها النهضوية بمختلف أبعادها التقدمية، العقلانية، والتنويرية..وكبح نزوعاتها التحررية والوحدوية، بتصفية قضاياها المصيرية والعادلة، وعرقلة مشروعها الديموقراطي والتنموي المبني على قسر العلاقات الإجتماعية والإقتصادية، والقضاء على المعادلات القائمة في مستوياتها الثلاث: الإقتصاد، السياسة، الإديولوجيا.
إن ارتباط المصالح بين رجال الدين والبورجوازيات الكولونيالية الحاكمة من جهة، وبين هذه الأخيرة والإمبريالية العالمية من جهة ثانية، ساهم في خلق حركات دينية ماضوية وجدت التربة الخصبة و الأرضية الملائمة للإستقطاب في أوساط الفئات المتضررة والمهمشة، كإفراز موضوعي لتسلط الطبقات الحاكمة واستبدادها، وانتشار الفساد ومظاهر ونزوعات التدين المفرطة، التي تغذيها المؤسسات الإعلامية- الإشهارية، وتنميها مختلف الدوائر والأقسام التربوية، في ظل تراجع المشروع التحرري وانتكاسته.
ومن جملة المخاطر والتهديدات المرتبطة بتنفيذ أجندة المخطط الإمبريالي الهيمني- الإلحاقي، من خلال أدوات محلية وإقليمية، وبدعم سخي من الأسر الأوليغارشية السائدة في محميات النفط الخليجية، ومن يدور في فلكها من الأنظمة الرجعية بالمنطقة:
1- تفكيك الهويات الوطنية والقومية، وقطع الروابط والصلات التاريخية القائمة بينها؛ وبهذه الوظيفة التآمرية، تعتبر عامل قطع وفصل، لا عامل استمرارية ووصل.
2- إقصاء ماهو إيجابي عقلاني في التراث وذو وجه مشرق في التاريخ، واستبداله ببعث كل ما هو سلبي نكوصي معيق للتطور، ومفرمل للتقدم..فهي، إذن، تبعا لذلك تشكل عامل استنزاف يدفع مسار الأحداث وتطور الوقائع، في اتجاه منحاه الهابط عوض منحاه الصاعد والمطرد، وتنتصب عائقا بنيويا أمام قوى التقدم باعتبارها عامل تراكم وتجاوز جدلي لما ماهو قائم وسائد.
3- تقسيم المنطقة إلى دويلات وإمارات متحاربة ومتصارعة، وإظهار صراعها على المواقع المادية والمنافع الدنيوية بمظهر الصراع الديني، على أساس طائفي مقيت، تزيده المزايدات المذهبية مقتا وتخلفا، مما يجعل من عوام تلك الإمارات التي تشبه الغيتوهات، مجرد قطيع وغوغاء دينية تقع تحت رحمة تلك الحركات الظلامية التي تفتح المسارب وتؤمن الممرات لعودة الإستعمار المباشر، وتساهم في تزايد النفوذ الإمبريالي؛ هذه الغوغاء غالبا ما تكون منقاذة بقوة الاستلاب العمياء التي يولدها منطق الإستهلاك الرأسمالي( السلعي)، ويبررها فقه الإنغلاق والتكسب الديني..مما يجعل من هذا التواطؤ المكشوف بين الأطراف الثلاث ( الإمبريالية، الأنظمة الرجعية، القوى الظلامية) عامل تفكك وانقطاع، النقيض الرئيسي والمباشر لعامل الوحدة والربط.
4- صهر وتذويب الكيانات السياسية والإقتصادية والإجتماعية، وتمريرها عبر مصفاة مصالح القوى الإستعمارية وأذنابها وعملائها المحليين.
إن الحروب التي تشنها الإمبريالية على العالم، نهب ولصوصية مقنعة بذرائع واهية من قبيل: حماية الأقليات، إسقاط الديكتاتوريات وأنظمة الحكم الشمولي، محاربة الإرهاب..تجد أساسها المادي- الإقتصادي،في نهم السيطرة على مصادر الطاقة، والرغبة الجامحة في التحكم في الأسواق وتحديد مناطق تصريف السلع، وإغراقها بمختلف المنتجات على تنوعها( أسلحة، كماليات، مواد سامة..) لإنقاذ المصانع الكبرى التابعة للإحتكارات من خطر التضخم الإنتاجي الذي يهددها بالإفلاس عند كل أزمة دورية ملازمة للرأسمالية.
لا مندوحة، إذن، عن مواجهة مثل هذه المخططات الإستعمارية ودرء خطرها، والتصدي بحزم للمشاريع التفتيتية الملازمة لها، فهذا أمر ملزم لكل القوى التقدمية والوطنية الغيورة، وواجب إنساني على كل الضمائر الحية أينما كانت وأنى وجدت.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأردن في مواجهة الخطر الإيراني الذي يهدد سيادته عبر-الإخوان


.. مخططات إيرانية لتهريب السلاح إلى تنظيم الإخوان في الأردن| #ا




.. 138-Al-Baqarah


.. المقاومة الإسلامية في العراق تدخل مسيرات جديدة تمتاز بالتقني




.. صباح العربية | في مصر.. وزارة الأوقاف تقرر منع تصوير الجنائز