الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحب والخيبة

صاحب الربيعي

2005 / 11 / 22
العلاقات الجنسية والاسرية


حين يخوض المرء أول تجربة عاطفية في حياته يخوضها بكامل عواطفه وأحاسيسه وتتحكم به حالة اللاوعي أكثر من حالة الوعي. ويكون مدفوعاً تجاه الأخر ليس فقط عاطفياً، وأنما غريزياً وغالباً ما يصاب بالخيبة لأنه يرسم ملامحها وأبعادها وفقاً لتصوراته دون أن يعي أنها ليست من خاصته لوحده وأنما هناك طرف أخر في المعادلة له تصوراته وأحلامه يسعى لتحقيقها باعتباره جزءً من المعادلة وليس رقماً دون دلالة يدخل ويخرج منها دون أن يؤثر في نتائجها.
تتحول مشاعر الحب في لحظة من اليأس إلى مشاعر الكراهية والحقد، يسعى كل طرف لفرضها على الآخر وتحميله مسؤولية الخيبة والانكسار. لايستند عقد الحب لشروط مسبقة بين الطرفين، لكن فسخه يفرض شروطاً لاحصر لها على الطرفين، فيسعى كل طرف لحشد الحجج والبراهين لتبرير حالة حقده وكراهيته للأخر.
يقول ((محمد شكري))"كرهت الحب الذي يأتي بالقوة أو الضعف، الحب لعبة خاسرة لم تعد تسليني. كل أصدقائي الذين أحبو وتزوجوا عاشوا في النحس، لقد رأيتهم يبكون مثل أطفالهم في الحانات بعد أن أطلقوا إنهم يتقيئون المرارة كل صباح".
إن الحب فعل لاشعوري، لكن الخيبة والانكسار ومن ثم الحقد والكراهية فعل شعوري لايمحى من الذاكرة. يتحكم بالسلوك والممارسات اليومية للفرد ولأمد غير محدود يلقي بظلاله السود على مسارات الأيام، ويمكن تجاوزه مع تعدد محطات العمر لكنه يبقى أبداً أسير الذاكرة تُطلقه إخفاقات الحياة.
الحب حالة لاشعورية يستجيب المرء له مع الأيام لكنه يكون أكثر حذراً في خوض التجربة ثانية فلا يخوضها بكامل مشاعره وأحاسيسه خشية الإصابة بالخيبة والانكسار ثانية فحالة الوعي تفرض وجودها على العلاقة الجديدة وتتحكم في مساراتها لتتحاشى مطبات الفشل في مسار العلاقة. ويسعى طرفي العلاقة لإخضاع بعضهما لتجارب واختبارات عديدة لنيل الثقة قبل منح المزيد من المشاعر والأحاسيس التي لاتحتكم إلى الشروط العقلية كونها من خاصة اللاوعي.
تعتقد ((الهام منصور))"أن فعل الحب هو أقل أثراً في النفس من فعل الخيبة، هذه الأخيرة تحفر في العمق أكثر تترك أثراً لايمحوه الزمن بسهولة ولا حتى بصعوبة. الخيبة هي التي تحدد مسارات الزمن بعدها، أما الحب فنستطيع نسيانه، هو لايؤثر إلا في تفاصيل المسار اللاحق. يختلف حبنا في المرة الثانية لكننا غالباً ما نستمر في البحث عما يذكرنا بالحب الأول. هل الحب منمط كما يقال؟ ربما نحن ننجذب إلى شيء محدد، وهذا الانجذاب يعود إلى تكوين الشخصية ولهذا السبب يتكرر".
حين تتكرر حالات الخيبة في محطات العمر وتتحدد مسارات الحياة ونهايات المحطات القادمة تتحكم حالة الوعي بالمسارات أكثر مما تتحكم حالة اللاوعي في المشاعر والأحاسيس وتصبح المقاسات محددة ولائحة الشروط للالتقاء بالأخر أكثر صعوبة تحاشياً لشباك الإحباط والخيبة في مسارات العمر، فمجازفة النزول في إحدى المحطات الخاطئة قد يؤخر الوصول إلى المحطات المتبقية في مسار العمر القادم.
إن تعدد حالات الخيبة والانكسار في محطات العمر، تفعل فعلها في مشاعر وأحاسيس المرأة أكثر من الرجل لاعتبارات بيولوجية وسيسولوجية فتطفئ منابع العاطفة ويقل فيض المشاعر والأحاسيس لتنهل من منابع أخرى هواجسها ومبراراتها في كبت العواطف لتحفيز مقومات الأنوية لمواجهة الآخر الساعي للاحتواء عبر العواطف وعدم الاعتراف بالأخر ككيان إنساني يرفض التبعية والانصياع!.
تقول ((الهام منصور))"كنت أرى بعقلي البارد أن الاستسلام إلى مشاعري وميولي الطبيعية العادية، هو سقوط في الأنثوية من شخصيتي، هو هبوط إلى الأسفل، هو دخول في العام، وفي العادي".
لايمكن قياس مشاعر الحب بميزان العقل لأن الأول من خاصة اللاوعي، فطري منذ الأزل، لايقيم الاعتبار لاشتراطات الحياة. والثاني اشتراطي في قبوله للأخر لأنه صنيعة الحياة، يقيس المشاعر بميزان الربح والخسارة للمصادقة على علاقة الحب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. امرا?ة ثمانينية كورية تشارك في مسابقة ملكة جمال الكون الكوري


.. عازفة على أوتار الأمل




.. دراسة مغربية حديثة ترصد أثار زلزال الحوز على الحقوق الاقتصاد


.. الناشطة الحقوقية عضو فيدرالية رابط حقوق النساء بجهة درعة تاف




.. المحامية وعضوة فيدرالية رابطة حقوق النساء فتيحة اشتاتو