الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثقافة المحبة و الاقليات

ماري مارديني

2016 / 3 / 27
المجتمع المدني


ثقافة المحبة و الاقليات

ان المحبة ثقافة و تعامل ايجابي و اصلاح و بناء ، فهي خير و تأتي من اصحاب النفوس السوية و القوية.بينما ثقافة الكراهية فهي الشر و سوء التعامل ، و لا ينتج عنها الا اذى و خراب، و تأتي من اصحاب النفوس الضعيفة

العلاقات السائدة بين الافراد في المجتمع ترتبط بثقافة المجتمع الذي يعيشون به . و من الطبيعي انه بكل مجتمع طبيعي يوجد ثقافات متعددة، و اذا لم تكن تلك الثقافات مندمجة مع بعضها بطريقة صحيحة فإن المجتمع يكون عبارة عن تجمعات متنوعة لا رابط بينها و يكون المجتمع تجمعات منفصلة عن بعضها و عن معنى المجتمع الواحد. من الطبيعي وجود اقليات بالمجتمع و لكن لا بد من مساعدة الاقلية على الاندماج ، و ان ما يساعد على ذلك هو محاولة المجتمع الجادة بدمج الجميع مع احترام خصوصيات الجميع ، الاندماج بالمجتمع يحتاج لعمل و ارادة من مكوناته جميعها سواء اكثرية او اقلية. لكن المجتمع الواعي يسعى لدمج الجميع بالمجتمع لهدف ايجابي مع الحفاظ على خصوصيات الاقلية و حمايتها ، اما المجتمع غير الواعي فيعزلهم و لا يهتم بهم . قد تكون الاقلية عرقية او دينية او لغوية او ثقافية او غير ذلك .

يختلف التفاعل الاجتماعي للاقلية بالمجتمع من مجتمع لاخ، و من نوع الاقلية الى نوع اخر، و من مكان لاخر ، كما قد تختلف بعض القوانين احياناً بالمجتمع بين الاكثرية و الاقلية خاصة بالمجتمعات المتعصبة المغلقة و هذا يؤثر على التعامل مع افراد الاقلية من قبل المجتمع العام، و يوضح مدى قدرة المجتمع على اشراك الاقليات في نسيج الحياة العامة و المتعددة كالسياسة و الاقتصاد و الثقافة و توفير ذات الفرص لكل الافراد بشكل متساوي ، كما يشير ذلك على مدى رقي و قدرة المجتمع على احترام تلك الاقليات .

بالمجتعات المتحضرة فإن النظرة للاقلية هي قائمة على ان الاقلية مصدر اغناء و تنوع ثقافي بالمجتمع و مصدر انتاج و عمل و خبرة ، و المجتمع المتحضر ينظر بإيجابية للتنوع الموجود به على عكس المجتمع المتخلف الذي يعزل الاقلية و لا يعطيها ذات الحقوق التي تحصل عليها الاكثرية ، و تبقى الاقلية معرضة للتهميش بالمجتمع المتخلف ، او قد تكون مهمشة ببعض المجالات و ليس بجميعها.
فالمجتمعات المتحضرة "على سبيل المثال المجتمعات الغربية " تسعى لدمج المهاجرين بالمجتمع و العمل و السياسة و الثقافة و تمدهم بكل ما يحتاجونه ليعيشوا حياة كريمة على اختلاف انتمائاتهم و قومياتهم او ثقافاتهم او اديانهم او الوانهم و يحصلون على حقوق ربما لم يكونوا قد حصلوا عليها في بلادهم سابقاً ، و الغريب ان عدد من المهاجرين يرفضون الاندماج بالمجتمع او العمل به او تقديم شيء ايجابي لذلك المجتمع و عدد كبير يتقوقع على نفسه و يعيش يمعزل عن المجتمع الكبير و كأنه في فقاعة و يبقى مستهلك و ليس منتج على الرغم من كل المساهمات و المحاولات لدمجهم مع احترام خصوصياتهم و محاولة عدم المساس بها من قبل المجتمع . فبعض المهاجرين يعزلون انفسهم بعيداُ عن المجتمع ليعيشوا كمجتمع مغلق داخل المجتمع الاصلي. مما يؤثر سلباً عليهم اجتماعياً، و نفسياً ،و مادياً ،و بالتالي على المجتمع العام الذي عاملهم بمحبة و احترام و اعطاهم حقوق المواطنين الاصليين و بكافة المجالات دون تفرقة بينهم و بين المواطن الاصلي في هدف العمل لاعطائهم حق مساوي لاي مواطن بالمجتمع لانه ينظر لهم كأفراد من نسيج المجتمع.
ان الافراد الذين لا يبدون رغبة بالاندماج هم غالباً افراد يهاجرون لفترة معينة و محددة و يعرفون انهم سيعودون لبلادهم ، و هؤولاء لهم اسبابهم. لكن قد يكون البعض افراد تربوا بثقافة مغلقة غير قادرين على الانطلاق ثقافياً و اجتماعياً بمجتمع اتاح لهم ذلك بشكل ايجابي و فعال ، و اما افراد هدفهم فقط ان يعيشون على خيرات الغرب و اقتصاده ،و البعض منهم لا مبالي بكل تلك الجهود المبذولة من المجتمع لدمج الجميع به ،و البعض كسول يكتفي بأن يكون لديه طعام و ثياب و لا يهمه ان يستخدم قدراته العقلية او العضلية و ينسى انه عندما كان في بلده كان لم يأكل الا اذا عمل ، و البعض يصفون المجتمع الذي يحميهم و يأويهم و ينفق عليهم يصفونه بالكفر ! و يتعاملون بكراهية مع قوانينه و نظامه الذي يحترم الجميع لا بل يستغلون قوانينه و يتمنون تغيرها.و البعض يسعى الى تشويه مجتمعات الغرب و اثارة الرعب في نفوس المواطنين مفتخراً بما يفعل . لانه تربى على الكراهية للمغاير له و المختلف عنه، و لم يتربى لا على المحبة و لا على العطاء .

اما في المجتمعات الاقل حضارة، او التي لم تتحضر بعد فإن الاقليات فيها لا تتم معاملتهم الا على اساس انهم غرباء مع انه ربما الاقلية كانت سابقا اكثرية و صاحبة البلد اصلاً قبل انواع من الغزوات و الاحتلال و لكن مع الوقت صار اصحاب البلد اقلية بسبب ما تلقوه من تعامل لا يحتوي الا التفرقة و الكراهية لهم في ارضهم الاصلية فلا يحق لهم كافة حقوق الاكثرية و لا سيما سياسياً مهما كانت افكارهم و قدراتهم متميزة، و قد يكونوا مكروهين ، و يكونوا مكروهين اكثر اذا كانوا متميزين ايجابيا لتميز قدراتهم و افكارهم البناءة ، و مع ذلك فإن الاقليات يحترمون ما يُقدم لهم و يعملون وفق قانون المجتمع الذي يعيشون به دون اذية المجتمع او الاساءة للافراد او القانون رغم انهم قد لا يحصلون على حقوق متساوية مع الاكثرية بل يتعرضون لظلم احياناً . و هذا ينطبق على كافة الاقليات بتلك المجتمات سواء كانوا اقليات قومية او دينية او عرقية او...او..
فليس كل البلاد العربية على سبيل المثال تعطي العرب جميعهم حقوق مواطنيها الاصليين، بينما الدول الغربية لا تميز بينهم و بين المواطن الاصلي الغربي في المجتمع . و كذلك فإن المجتمعات العربية تنظر الى المسيحي و اليهودي و الايزيدي و الصابئي و باقي الاقليات الدينية ..على انهم اقلية و يشكلون نسبة قليلة | طبعاً بين قوسين قليلة عدداً و ليس قدرة | لذلك وجودهم يشكل فقط نسب معينة بالوظائف الحساسة لانه يتم النظر لانتمائهم الديني و ليس لقدراتهم الثقافية و العقلية و جدارتهم . فالعمل لا علاقة له بالدين انما يجب ان يرتبط بالقدرات و الامكانيات الموجودة عند الفرد و ليس بإنتمائه الديني

طبيعة المجتمعات و نمط تعاملها مع الاقليات تؤثر على تربية المواطنين فإما يتربوا على كره الاخر او على حب الاخر فالمحبة و الكراهية تربية .اما عن المحبة فهي تربية راقية ، و هي اسلوب تغيير ايجابي لانها تقوم على مبدأ ايجابي و تسعى لهدف ايجابي تنتشر اثاره على المحيط بالخير . فالاسرة القائمة على المحبة و التعامل الايجابي الحسن تسودها علاقات طيبة عمادها الثقة و العمل الايجابي . و اماكن العمل التي يسودها الاحترام و الثقة ، و التعامل الطيب القائم على الوعي و المحبة بين افراد العمل ، تكون نتائج العمل جيدة فيها و ذات اثر مفيد، بينما العلاقات القائمة على الكراهية او الشر و نسج الاذى فهي ما يمنع ثقة العاملين بذات المكان ببعضهم لان تلك العلاقات ليست هادفة الا الى الشر و ناتجة عن انانية وعن كراهية للمغاير فقط لانه من اقلية و بالتالي تؤثر على تطور المجتمع بالنهاية نحو الافضل.

مجتمع الاكثرية الذي لا تسوده ثقافة المحبة انما الكراهية و الذي لم يربي افراده على تقبل الاخر و التعامل مع الاخر او الذي لا يمكنه ان يتعامل مع الاقليات الموجوده به بشكل متساوي مع افراد الاكثرية فإن نسبة غير قليلة من افراده لا يمكنهم الاندماج بغير مجتمعات لانهم تربوا على كره الاخر في اسرهم او مدارسهم، و المجتمع الذي لا يساوي بين افراده ، فإنه يخلق بذلك مشكلات و نعرات مختلفة بين افراده قد تكون دينية او قومية او ثقافية ... مما يهيء ارضية نزاعات بين فئاته التي لم تتعود و لم تتعامل على ان الكل يمثلون مجتمعاُ واحداُ . فعند اي خلاف تظهر تلك النزاعات و تكبر و تنشأ الانقسامات في المجتمع حسب الدين او القومية او اي انتماء اخر لان تربية المجتمع و ثقافته بعمومها و اكثريتها ليست قائمة على الحب و العطاء و المساواة و الثقة، مما يسبب تشتت في المجتمع و هدر للطاقات الايجابية لان ثقافة المجتمع تؤدي الى الشر.
و من الملفت للنظر ان المجتمعات الغربية القائمة على المحبة و حسن التعامل مع الاقليات بما تقدمه لهم ، يُلاحظ ان من تربى منهم في اسرته على ثقافة الكراهية فإن لا يستطيع ان يرقى بنفسه او روحه و فكره فيحمل معه ثقافة الكراهية التي نشأ بها الى الغرب الذي احتواه و قدم له الحياة الامنة و الكريمة . و بالعكس فإن الاقليات بالمجتمعات التي تقوم على ثقافة التفرقة بين مواطنيها حسب الانتماء ،فإن الاقليات بها لا يقدمون الا الايجابيات لانهم ذوو تربية قائمة على ثقافة الحب . فالتربية فن و عقل و احساس تظهر اثارها في سلوك الفرد اينما حل لذلك فإن من تربى على الكراهية لا يمكنه الا ان يسيء اينما حل لان الكراهية لا تجلب الا التخريب و الاذى ، و من تربى على الحب و كانت المحبة ثقافته فلا يصدر منه الا الخير.

بإختصار ان ثقافة الكره تؤدي للفوضى اما ثقافة الحب فتؤدي الى البناء . و بثقافة المحبة و قليل من الحب بالعالم فقط يمكن تغيير العالم .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصر تعرض على إسرائيل عدة أفكار جديدة كقاعدة للتفاوض حول الأس


.. Amnesty International explainer on our global crisis respons




.. فيديو يظهر اعتقال شابين فلسطينيين بعد الزعم بتسللهما إلى إحد


.. مواجهات واعتقالات بجامعة تكساس أثناء احتجاجات على دعم إسرائي




.. مراسلة العربية: إسرائيل طلبت إطلاق سراح 20 من الأسرى مقابل ه