الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اعتراف بالخطية

جهاد علاونه

2016 / 3 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كتم الخطية –كما جاء في مزمور داوود- لا ينفعني كإنسان خاطئ, بل يجب عليَّ أن أعترف بها كإنسان خاطئ ومن ثم أتوب عنها, وها أنا أمامك يا رب أعترف بخطيتي:

أنت الذي غطيتني بدمك أنكرتك أو كنت أنكرك ردحا طويلا من الزمن, ولدت بتاريخ -12-5-1971- كان يوما عظيما بالنسبة لجدي الذي أتاه أول حفيد له, كبرت ونشأت وترعرعت ببيت تعلوه أصوات المآذن من هنا وهناك كنت أدخلها لأصلي بها وأتهكم على الذين غطيتهم بدمائك, كبرت أكثر وترعرعت بكنف أمي وجدتي وما زلت أزيد من سخريتي بك وبالذين فديتهم بدمك على الصليب, كنت أسمع صوتك تناديني وتناديني ولكن كانت على عيني غشاوة تمنعني من رؤيتك حتى فض نورك الغشاء الذي كان يمنعني من رؤيتك وسماع صوتك, أخطأت كثيرا, سرتُ مع المجدفين ومشيت في دروب العاطلين أي في الدروب(العاطلة) كما تقول الناس, ولكن الحق أقول لك أنني لم أسرق ولم أزن ولم أرتكب خطيئة تذكر إلا تلك التي كانت تدفعني للتهكم عليك كما كان يتهكم الفيلسوف (سيرين كيركجرد) على سقراط...مررت بجانب ألف كنيسة وكنيسة وكنت أزدري الكنيسة بعيني وبقلبي, كان قلبي أيضا مرسومٌ على بابه غشاوة, كنت أشاهد الكنيسة وكنت أسمع منها أصوات الخائفين والمتعبين ولكن لم يكن أحد يقول لي ماذا يجري في الداخل, ابتعدتُ عنك كثيرا... سرتُ إلى قدري فتشتُ في الكتب وقرأتها جميعا فازددت بعدا عنك وعن كل الأديان, أنا خاطئ لأني عاملتك كما كنتُ أعامل الأنبياء الكذبة...كنت أراك نبيا كاذبا...كنت أراك نبيا مخضرما تعلم فنون السحر في مصر وفي الصين...سرتُ إلى قدري أكثر حتى ضاجت روحي كما يضوج ماتور السيارة...لم اعد اهنأ بلقمة الخبز...صرتُ اشعر بالعطش الشديد واشرب في اليوم أكثر من 10 عشرة لترات من الماء ولم أكن اشعر بالشبع..صرتُ أشعر بالجوع وآكل أكثر مما يجب ولكني لم أكن اشبع لم أكن أشعر بالشبع مع أن بطني كان ينتفخ كثيرا من كثرة الطعام والشراب...أنفقتُ مالي على الأطباء وأنا كلما وصفوا لي طبيبا أذهب إليه وأنا أسابق الريح, دخت وتهتُ في مهب الريح وضاع العمر كله سدى وأنا ضائع في متاهة لا حدود لها, لم أعد أعرف رأسي من أرجلي, ضعتُ بين الفلاسفة والفلسفات والمنظرين الاجتماعيين, كانوا يخدعونني وكنتُ أخدع نفسي أكثر, أنا آسف لأني فتحت لهم المجال ليتلاعبوا بعقلي كما تلاعب الأنبياء الكذبة بعقول الناس, ثم أحسست بالضياع أكثر, كنت أنهض من النوم لأبكي ولا أجد من يكفكفُ لي دموعي, كادت الدموع أن ترسم خطين أسودين على حديي, ثم مضى بي العمر أكثر وأفنيت شبابي وأنا دائم الصراخ والبكاء والعويل, كنت أحيانا أبكي بصوت جهوري وأحيانا كنت أكتم البكاء في عيوني حتى احمر وجهي خجلا مما أفعله بنفسي أمام الناس والأطفال, حتى أشفقتُ على نفسي فقررت أن أفتح الإنجيل الذي سرقته وأنا ولد يافع, فوجدت كلماتك ما زالت تناديني, عرفتك عن قرب واقتربت منك أكثر, احتضنتني كعودة الابن الضال وقلت لك بصمت: أنا هو الولد الضال...الولد الخاطئ, المجرم, المخدوع, أنا هو ابنك يا أبي فهل تقبل بي في مملكتك, حين أحسستُ أنك قبلتني صرتُ أشرب الماء وأرتوي ولم أعد أبحث عن الأطباء والمستشفيات لأنك طبيبي الذي رفضت أن أدخل عيادته أقصد كنيسته أقصد بيته, جاء بي إليك الضياع والدمار والخوف والرهاب, جاء بي إليك الحزن والاكتئاب, جاء بي إليك شوقي إلى حبيب ينور دربي بعد أن كنت أظنه في أحضان النساء< اعترف بالخطية وأقر بها لكي أنعم بالغفران والخلاص.

ها أنا الآن يا أبتي أعترف لك بخطيتي, تركت كل شيء خلفي...تركت مزامير الشياطين واتبعت مزمور داوود, أعترف لك بخطيتي وأطمع في رحمتك, صحيح أنني لم أخلص لك بعد في طاعتك ولكني ابنك الضال الخاطئ الذي تعمد كثيرا من ماء عيونه وجاء اليوم ليتعمد به من نهر الأردن, أنا الآن بالغ عاقل راشد ومسئول عن تصرفاتي, لم يأت بي إليك لا الخوف من الجزية ولا الخوف من السيف, بل الخوف من عدم الخلاص من هذه الدنيا الخاطئة, هذه الحياة كلها ذنوب, نحن في مجتمع نصحو باكرا لنرتكب الخطايا والذنوب والقتل فينا سنة محببة وقطع الأيدي والأرزاق سنة محببة, تركتها خلفي, تركت خلفي المراكب التي حملتني إلى دار الذنوب, اليوم تنتقم الكُتب لنفسها, اليوم تنتقم عيوني لنفسها, ما زلت أبكي مع فارق بسيط وهو أنني في الماضي كنت أبكي على نفسي واليوم أبكي على كل الضائعين الذين كنت مثلهم ضائعا, أتمنى لهؤلاء الخلاص وأصلي من أجلهم جميعا من أجل أن يعم السلام بين الأمم والشعوب والطوائف والمذاهب وأن تُحل الخلافات الدولية ليس في مجلس الأمن بل في مجلس الكنائس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - سلامتك
عدلي جندي ( 2016 / 3 / 28 - 22:20 )
يا رسول المحبة والسلام


2 - كلما اقتربت من الالحاد كلماتك ترجعني
مروان سعيد ( 2016 / 3 / 29 - 20:28 )
تحية كبيرة لقلب كبير الاخ جهد علاونةوتحيتي للجميع
عندما نسمع الاخبار ونسمع ارتكاب الفواحش نقول اين انت يارب اين قدرتك لتقوقف هذا الكم الهائل من الجرائم بحق الاطفال اين رحمتك لما تخليت عن ابنائك ما الزنب الذي ارتكبوه هؤلاء الاطفال انهم بيوم عطلة يلعبون في المتنزهات وياتي مؤمن بالشيطان ليفجر نفسه ويفجرهم
ولكن هو اخبرنا بكل هذا وقال في متى 10
«ها انا ارسلكم كغنم في وسط ذئاب فكونوا حكماء كالحيات وبسطاء كالحمام. 17 ولكن احذروا من الناس لانهم سيسلمونكم الى مجالس وفي مجامعهم يجلدونكم. 18 وتساقون امام ولاة وملوك من اجلي شهادة لهم وللامم. 19 فمتى اسلموكم فلا تهتموا كيف او بما تتكلمون لانكم تعطون في تلك الساعة ما تتكلمون به 20 لان لستم انتم المتكلمين بل روح ابيكم الذي يتكلم فيكم. 21 وسيسلم الاخ اخاه الى الموت والاب ولده ويقوم الاولاد على والديهم ويقتلونهم 22 وتكونون مبغضين من الجميع من اجل اسمي. ولكن الذي يصبر الى المنتهى فهذا يخلص. 23

ياخي كل هذا يتحقق منذ بدء المسيحية الى الان انه لم يوعدنا بطريق مفروش بالورود بل بالشوك والعزاب ولكن يكفي السلام الذي اعطانا اياه السلام الداخلي
ومودتي

اخر الافلام

.. المحكمة العليا الإسرائيلية تلزم اليهود المتدينين بأداء الخدم


.. عبد الباسط حمودة: ثورة 30 يونيو هدية من الله للخلاص من كابوس




.. اليهود المتشددون يشعلون إسرائيل ونتنياهو يهرب للجبهة الشمالي


.. بعد قرار المحكمة العليا تجنيد الحريديم .. يهودي متشدد: إذا س




.. غانتس يشيد بقرار المحكمة العليا بتجنيد طلاب المدارس الدينية