الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تقريب العلمانية على ثلاثة مستويات.. فلسفية و اجتماعية و سياسية..

اجرعام محمد

2016 / 3 / 30
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في هذا المقال.. سوف احاول ان اقرب العلمانية على ثلاثة مستويات:
المستوى الاول فلسفي وهو اعلاء كلمة العقل و منحه الاستقلال الذاتي حتى ينتج و يبدع دون اية خطوط حمراء او اية ممارسة قمعية تكبله و تضع عليه الحجر.. اذا اقول للذين يرفضون العالمانية و في نفس الوقت يؤمنون بهذا المبدأ السامي.. اقول لهم ان كنت فعلا بالعقل و بالعلم والفكر و ان القرآن يقول افلا تعقلون افلى تتدبرون.. و قل سيرو في الارض و انظروا كيف بدأ الخلق كما فعل داروين.. افلى ينظرون الى الابل كيف خلقت كما يفعل علماء البيولوجيا و التطوريين.. ينبغي ان تفعل ذلك دون الاعتراض على النتائج التي يتوصلون اليها.. اذا كانت في نيتك ان ترفض النتائج التي سوف يتوصلون اليها.. سوف تكرر المسلسل الدرامي الذي حدث مع عباس ابن فرناس الذي اتهم بالسحر حين كان يمارس الكيمياء في مختبره.. و سوف تحرق كتب الثيولوجيين المتنورون كما احرق اجدادك كتب ابن رشد.. و الخطاب هنا موجه للاخر طبعا الذي يقول لي ان القرآن مليء بالخطاب العقلاني و انه يؤمن بالعقل لكن قدرته محدودة على اكتشاف الحقائق.. خصوصا حين تكون الحقائق و النتائج التي سيتوصل اليها تخالف المعتقدات الدينية..
المستوى الاجتماعي وهو الاختلاف.. ان تقبل الاخر كما هو بغض النظر عن معتقده و فكره و لونه و عرقه و نسبه و لسانه الى اخره و ان تعلم بان الايمان قد يزدهر بشكل جميل و معتدل في ظل الدولة العلمانية التي تحمي حرية المعتقد.. قد تكون هناك اغلبية مؤمنة بدين معين في دولة معينة.. لكن بقية الشعب هم مواطنون لهم الحق ان يمارسوا اختلافهم في ظل حماية القانون.. و هذا لا يقبله المسلم الذي يقول لي وهو يريد ان يوهمني و كانني مغفل كبرت في كوكب عطارد : فمن شاء فل يؤمن و من شاء فل يكفر.. طيب.. بداية الاية تقول وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.. اي ان الحق موجود مسبقا و هذا الحق هو الحقيقة المطلقة.. ان لم تؤمن به فانت على ظلال.. و هذا لا يمهد المسلم لقبول الاختلاف حين ينظر نحو الاخر بنظرة استعلاء على انه ضال و يدعوا له بالهداية او يقوم بالتحايل عليه حتى يقنعه بالعدول عن افكاره و معتقداته التي تجعله مختلف.. للمسلم الحرية طبعا في نشر ما يؤمن به لكن ليس له الحق ان ينافق و يكذب وهو يعلم ان الدولة او ربما لا يعلم ان الدولة المغربية ادخلت نسق التلقين الدين الى الكتاب القرآني الذي نشرته في البداية في القرى ثم نقلته الى المدرسة في المدن حتى يمارس نفس التلقين على الاطفال.. ناهيك عن التربية الدينية التي يتلقاها في البيت و الشارع و الاعلام.. في نفس الوقت يتم قمع بقية الافكار و المعتقدات و لا تمنحها الفرصة للتعبير بحرية.. اذا كل هذا ساهم في انعدام التواصل و تقبل الاخر كما هو.. لان هذا التلقين الديني الجامد يقسم العالم الى فسطاطين.. فسطاط المدنس و المقدس.. المقدس هو ما يؤمن به المسلم و المدنس هو ما يوجد عند غير المسلم.. و العلمانية ضد هذا تماما في شقها الاجتماعي..
المسوى السياسي وهو الذي يعرفه الاخوة المسلمون.. فصل الدين عن السياسة و الاحتكام بين امور الناس بما هو ارضي وضعي من وضع العقل البشري عن طريق الاجماع.. كمثال اطرحه لنتصور اننا نعيش في عمارة و في تلك العمار يسكن الزرادشتي و المسلم و اليهودي و الملحد و النصراني و البوذي و كل الطوائف و الاديان و حتى الذي لا يؤمن بأي دين معين.. كيف سنسير امور تلك العمارة بيننا بما يضمن المصلحة و المساواة للجميع؟؟ المسلم لا يقبل ان تقول له اننا يجب ان نجتمع لصيغ دستور نضعه نحن بشكل عقلاني جماعي متدارس بيننا حتى نضمن حقوقنا جميعا.. و الطرف الذي نصوت عليه حتى يتولى امورنا مثل دفع فواتر الكهرباء و الماء و التكلف بامور تنظيم شؤون العمارة و متى نغلق الباب و نفتح السطح بالتناوب حتى ينشر الجميع غسيله و متى نضع سياسة للاقتصاد في الكهرباء الى اخره.. يجب عليه ان يتناول تلك الامور بتدبير عقلاني بعيدا عن ما يؤمن به هو.. طبعا ان كان زرادشتيا عليه ان يبني في العمارة معبده الى جوار معبد المسيحي و المسلم و و و الى اخره دون ان يفرض ما يؤمن به على الاخرين بالقهر و الاستبداد و حين تنتهي ولايته نحاسبه حول المسؤولية "المسؤولية مع المحاسبة".. و اين صرف المال العام الذي جمعنا ووضعناه بين يديه و لماذا لم يغير من طلاء الجدران الى اخره.. ثم نحاكمه اذا تبين لنا انه كان يسرق المال العام و ننتخب شخصا آخر.. اذا كان الاخر المنتخب مسلما ليس من حقه ابدا ان يقول لي حين اطالبه بضرورة اصلاح السقف ان الامطار تأتي بفعل مشيئة الله و هذا قدر لا مفر منه.. و ان علينا ان نمنع دخول بائعات الهوى للعمارة لان ذلك يخالف معتقداته.. و ان يسمي الاموال التي ندفعها له بالزكاة.. و ان يمنعنا من بناء اماكن العبادة الى جوار مسجده.. و ان يقول لنا علينا ان نقطع يد السارق و ان نحتكم الى شرع الله الذي يمكن تؤويله بشكل كبير.. او ان نمجده هو لانه يحكم بما انزل الله على طريقة الامويين.. هذا مرفوض تماما لانه يمهد الطريق نحو الدولة الدينية الديكتاتورية التي تعتقد بان سكان العمارة جماعة من المسلمين و ليسوا مجتمعا مختلفا.. و عليها فالعلمانية لا تهتم بالدين بل تهتم باستخدام الدين في امور السياسة كما وضحت.. و التاريخ الاسلامي يشير الى ان استخدام الدين في السياسة ادى الى نتائج وخيمة.. يكفي ان تطلعوا تحديدا على كتاب فرج فودة قبل السقوط هو يفصل في هذا الامر بشكل جميل....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 155-Al-Baqarah


.. 156-Al-Baqarah




.. 157-Al-Baqarah


.. 158-Al-Baqarah




.. 159-Al-Baqarah