الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفهم الساذج للهوية معيق للبناء المجتمعي وتحديثه

سامر أبوالقاسم

2005 / 11 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قد تكون للاهتمام المتزايد بالمسألة الدينية والمذهبية، في ارتباط بقضايا التنمية والدمقرطة والتحديث، من طرف المثقفين والسياسيين عموما، أسباب وعوامل مرتبطة بأحداث ووقائع اجتماعية أو سياسية معينة، لكن المؤكد اليوم هو أن هذا النقاش احتد في المغرب، كما في باقي البلدان الأخرى، مع ظهور ممارسة سياسية مدعومة من طرف أكثر من جهة، داخلية وخارجية، تروم اتجاه كبح المد الجماهيري المتصاعد لمجموع القوى الديمقراطية الفاعلة في حقل محيطها السياسي، والضاغطة في اتجاه فرض إصلاحات وتغييرات سياسية وقانونية واقتصادية واجتماعية.

غير أن هذا المنحى العام في التعليل، يبقى غير كاف لمعرفة أسباب هذه الدرجات القصوى من التعطش لدى القراء المغاربة، التي فرضت نوعا من الإيقاع على مستوى المواكبة الإعلامية اليومية لكل النقاشات الدائرة حول المسألة الدينية والمذهبية، سواء في علاقتها بقضايا المجتمع، كما هو الشأن بالنسبة للجدل الصاخب الذي عرفته قضية المرأة، إبان مناقشة خطة العمل الوطنية لإدماجها في المحيط الأسري والاقتصادي والاجتماعي والسياسي، أو في علاقتها بالدولة، كما هو الحال بالنسبة لما دار من نقاش حول المشاركة السياسية للتيار السياسي الديني، أو حول الأحداث الإرهابية التي عرفتها بلادنا في 16ماي 2003.

إن الاهتمام بالشأن الديني في هذه المرحلة - حسب اعتقادنا - هو وليد الوقع السلبي الكبير على مستوى الإحساس بالأمن والاستقرار الذي أفرزته مجموعة من الأحداث المتوالية، المعبرة عن الميل إلى التعصب والتطرف الديني والمذهبي، والأثر البالغ على مستويات التأطير والتوجيه التربويين داخل مؤسسات التنشئة الاجتماعية، ومن خلالها على مسار تلمس مداخل الانتقال الديمقراطي، والانعكاس الخطير على مستوى الإرادة السياسية والخطوات الإجرائية الهادفة إلى إقرار وضمان وإعمال ترتيبات المشروع المجتمعي الديمقراطي الحداثي.

وبالمقابل لابد من الإقرار والوقوف على عمليات التهديد المباشر الذي تعاني منه مختلف الثقافات والخصوصيات المجتمعية على المستوى العالمي، وفي القلب منها الثقافة ذات الجذور الإسلامية. وهو أمر واقع لا محالة، ولا يمكن أن يتنكر له إلا من كان من أصحاب ودعاة العولمة الساعية إلى تنميط العالم وفق الرؤية والمنظور السياسي والاقتصادي الأمريكي، المنتهجة منذ نهاية ما كان يسمى بالحرب الباردة.

المسلمون اليوم، مهددون وغير آمنين ومحبطون في العديد من المواقع الجغرافية نتيجة تعرضهم للظلم والقهر بسبب دعم القوى الكبرى لأنظمة حكم فاسدة غير عابئة بمصالح شعوبها. كما أن طروحات هذه القوى، والولايات المتحدة تحديدا، حول الإصلاح والديمقراطية والعدالة والمساواة الاجتماعية، متناقضة على أرض الواقع، بفعل سيطرة نظام المصالح على حساب الأبعاد الإنسانية والاجتماعية.

إن التخوف من الانعكاسات السلبية لهذا التهديد على مختلف الثقافات المحلية، يعد من حيث المبدأ والمنطلق تخوفا مشروعا، وله من الأسباب والدواعي ما يدفع بالضرورة إلى التفكير الجدي في إنتاج الصيغ والآليات والطرق الدفاعية، لممارسة نوع من "الممانعة" الممكنة واللازمة، للتخفيف من حدة حجم الانعكاسات السلبية لعملية التنميط العالمي هذه، على أقل تقدير.

هذا النوع من التفكير الدفاعي، وهذه الطريقة في فهم ما يجري على مستوى الخريطة السياسية والاقتصادية الدولية، عليهما ألا يسقطا في فخ الفهم الأسطوري أو المقدس لمفهوم الهوية والخصوصية، كما عليهما أن يتجاوزا اعتبار الهوية مفهوما ثابتا غير قابل للتحول والتبدل، لأن مثل هذه الفهوم الساذجة والشكلية للهوية تتحول بدورها ـ مثلها في ذلك مثل أي تدخل خارجي سافر ـ إلى معيق من نوع آخر في وجه عمليات البناء والتحديث المجتمعي، سواء في الحاضر أو المستقبل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 134-An-Nisa


.. المحكمة العليا الإسرائيلية تلزم اليهود المتدينين بأداء الخدم




.. عبد الباسط حمودة: ثورة 30 يونيو هدية من الله للخلاص من كابوس


.. اليهود المتشددون يشعلون إسرائيل ونتنياهو يهرب للجبهة الشمالي




.. بعد قرار المحكمة العليا تجنيد الحريديم .. يهودي متشدد: إذا س