الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مفهوم الدولة الدينية في القرآن 2

انطلاق الرحبي

2005 / 11 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


وقارون وفرعون وهامان وقد جاءهم موسى بالبينات فاستكبروا في الأرض وماكانوا سابقين.
وقال فرعون ياأيها الملأ ماعلمت لكم من إله غيري.
فقال أنا ربكم الأعلى.
قالوا أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليهءاباءنا وتكون لكما الكبرياء في الأرض ومانحن لكما بمؤمنين.
وقالوا لاتذرن آلهتكم ولاتذرن وداً ولاسواعاً ولايغوث ويعوق ونسرا. وقد أضلوا كثيراً ولاتزد الظالمين إلا ضلالاً.
وما أرسلنا في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا بما أرسلتم به كافرون.
وماكان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمّها رسولا يتلواعليهم ءاياتنا. وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون.
وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا فيها مترفيها ففسقوا فيها فحق عليهم القول فدمرناهم تدميرا.
في الحلقة الأولى ناقشت البديهية التي تقوم على أساس أن دين (موسى وعيسى ومحمد) أسس دولة دينية مستبدة واستنتجت أن حركة النبي الإجتماعية في الواقع كانت تؤسس لمفاهيم معرفية جديدة ولوعي إجتماعي جديد بالضد من هذه الفرضية مما عرّضها للعداء الشديد من قبل السلطة القائمة والذي عبر عنهم القرآن بالمترفين والكهنة والملأ(قارون وفرعون وقريش وهامان وودا وسواعا ويغوث ويعوق ونسرا). فنلاحظ أن القرآن يكشف عن تأريخ تكون القوانين الإجتماعية ويحلل طبيعة البنى الإجتماعية ومكوناتها من خلال العلاقات الإجتماعية وأشكال البنى الفوقية في المجتمعات الإنسانية القديمة. ويخبرنا القرآن عن حقيقة تاريخية كبرى وهي بداية ظهور الدولةفي المجتمع الإنساني كان مع نوح وقومه(وهو هو بداية زمان التطور للبنية الإجتماعية). أي أن بداية الأنقسام ألأفقي للمجتمع على أساس توزيع الثروات حيث إستأثرت مجموعة من القوم على النسبة الأكثر من الثروة وهم المترفين وحلفائهم الكهنة والذي يمثلون قمة الهرم الإجتماعي وبقية الفئات وهم عامة الناس( الأراذل والذي يمثلون قاعدة الهرم الإجتماعي وهو هو الشكل الجنيني الأول للدولة حيث لم يذكر القرآن الملك أي الحاكم الأوحد في قوم نوح لأن الدولة مازالت غي طورها الجنيني فكانت القرارات التي تهم القوم من إختصاص المترفين وحلفائهم الكهنة والذي كان دورهم إضلال الناس وهو ماأعتبره القرآن ظلماً وهو هو النتيجة الطبيعية لحالة الإسئثار وأثره في الواقع الإجتماعي .فالقوم هو أول مجتمع إنساني هرمي على أساس إختلاف التوزيع للثروة بين الناس والذي إرتبط بعلاقة تلازم إجتماعي بضرورة وجود فئة الكهنةإلى جانب المترفين والذي كانت وظيفتها إضلال الناس أي أسرهم معرفيا لدوام السيطرة من قبل المترفين وهو بداية علاقة التبعية المطلقة وبالتالي ظهور مفهوم الظلم الإجتماعي في حياة الناس . والقوم أيضا تعني تجمع إنساني له لسان واحد يتفاهم به ( لغة مشتركة). وحين نقرأ حركة نوح ومواجهة المترفين والكهنة من قومه له ولأتباعه( الأراذل) أي الفقراء وعامة الناس الذين لايملكون دوراً حقيقياً في إتخاذ القرارات المهمة التي تخص القوم لإنها من إختصاص المترفين والكهنة فجاء نوح والذي بدأت به النبوة في حياة الإنسان والذي تمثل بداية الإنسان( المنتج للمعرفة الحقيقية) الملتزم بقضية الحرية والعدالة الإجتماعية في واقع الإنسان.فالدور الأساسي للنبوة هو(إنتاج المعرفة والعلوم) أي إنتاج معرفي للواقع الإجتماعي من خلال الكشف عن القوانين الإجتماعية المحركة للبنية الإجتماعية وكذلك الكشف عن القوانين الكونية العامة بعلاقة تلازم معرفي ومادي بينهما. وهذا ما كانت ترفضه الفئتين لأنه يفضح ويعري حقيقة إستئثارهم ظلماً بالثروات المادية أولاً ومنع الناس من التفكير بشكل مستقل وحر لضمان إستمرار علاقة التبعية للمترفين والكهنة ثانياً.ولهذا خلّد القران دعوة نوح وقال بحقه ( سلام على نوح في العالمين). ومن القوانين التي يخبرنا عنها القرآن قانون الهلاك وهو أثر للإنقسام الأفقي للمجتمع وبداية الظلم الإجتماعي، وهو معنى الآيات 16 الإسراءو59القصص و34سبأ وغيرهن كثير من آيات القرآن.وهنا نرى كيف يربط القرآن إنقسام المجتمع وحركة النبي التغييرية ورفض القوى المسيطرة ومواجهتها له على كافة المستويات الإجتماعية والمعرفية....إلخ.مسألة مهمة هنا أن المجتمع المنقسم بدأ في القرية والقرية هنا من قرو؛1 أي الإستقراروالإقامة والتي كانت تمثل الوطن الأول للقوم الذين لهم لغة مشتركة ونتيجة التطور الإجتماعي أصبح لهم سلوك وثقافة مشتركة تميزهم عن باقي الأقوام.وهو هو مفهوم الأمة ولهذا قال القرآن (رسولاً)أي تشريعاً جديداً للواقع.وهنا بات من الضروري التمييز بين مفهوم النبي والذي يمثل المعرفة والعلوم والرسول والذي يمثل التشريع الجديد للواقع.فبدون هذا التمييز بين المفهومين والوظيفتين ودورهما في الواقع الإنساني لايمكن فهم تعدد الرسالات ونسخ بعضها البعض وصولاً للرسالة المحمدية والتي أتت حنيفية -حدودية أي متغيرية متحولة لما تحمله لفظة حنيف في اللسان العربي( المائل والمتحول)والحدود أي القابلية على تعدد الإحتمالات بما يناسب تطور البنية الإجتماعية.وهو ماميزها عن أخواتها الاتي سبقنها حيث كن شرائع حدية-عينية تخص القوم التي جاءت له ولهذا كانت تنسخ نتيجة الزمن والتطور الإجتماعي وهو هو قول القرآن (قوم نوح وقوم إبراهيم وقوم صالح وقوم لوط وبني إسرائيل بالنسبة لعيسى......إلخ) إلاّ محمد فكانت رسالته للناس جميعاً : قل ياأيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاّ. ولكن العرب قومه أبواْ أن تكون ذلك فجعلوها حدية -عينية تخصهم فقتلوها.أقف عند هذا الحد لأنه يخرجنا عن البحث الأساس وأعود إليه في حلقة خاصة. وعلى ذلك فنحن نرى أن القرآن قد بين حقيقة الدولة الدينية ومن البدايات عندما كانت في الطور الجنيني لها وأخضعها للنقد والتحليل وبين لنا الكيفية والأسس التي قامت عليها من خلال الكشف عن القوانين الإجتماعية المحددة للبنية الإجتماعية وكذلك كشف لنا عن بداية نشوء المجتمعات الإنسانية القديمة ومنذ المراحل الأولى أي منذ تحول الإنسان من المملكة الحيوانية إلى البشرية ومن ثم الإنسانية وهي مرحلة إكتشاف اللغة والتجريد عند آدم ورصده لتطور الإنسان الإجتماعي واختلاف الأعراق والألسن ( اللغات)والذي اعتبره قانوناً طبيعياً ( ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم).ولهذا فالقرآن ليس نصاً تراثياً كما يتوهم الكثيرون وأنا هنا أتكلم عن القرآن فقط لأني أؤمن بأن المصحف يحتوي على أكثر من كتاب أهمها القرآن وهو هو نبوة محمد وأم الكتاب وهي رسالته والفرقان ....إلخ ، راجع كتاب :الكتاب القرآن قراءة معاصرة للدكتور محمد شحرور فهو أول من أثبت هذا الفصل بقراءته المعاصرة الرائعة للتنزيل الحكيم .نعود إلى القرآن وموقفه من الدولة الدينية ونقرأ الآية 39 من سورة العنكبوت فماذا يقول: إن هذه الدولة تقوم على ثلاثة أسس المال ويمثله قارون والسياسية ويمثله فرعون والفكر( الآيديولوجية) ويمثلها هامان)وضعهم القرآن في طرف واحد من المعادلة مقابل الطرف النقيض موسى وبعد ذلك حلل لنا دور كل واحد منهم في الواقع الإجتماعي وهنا يكشف القرآن عن حقيقة إجتماعية خطيرة وهو دور قارون وهو من قوم موسى ولكن القرآن وضعه مع فرعون وهامان ليثبت لنا بأن حقيقة المصالح الإجتماعية للفئات المسيطرة على الواقع الإجتماعي وارتباطها العضوي بالرغم من إختلافها القومي هو هو الرابط الأساس أي الأرتباط بين الناس تحدده مصالحهم الإقتصادية والسياسية والفكرية وليس الإنتماء القومي الصرف فالإنتماء القومي هوية ثقافية يحددها اللسان ( اللغة المشتركة) وهو درس عظيم يعطيه لنا القرآن وخصوصاً في اللحظة الراهنة من واقع المجتمعات العربية والتي تنتظر مراسيم دفنها بعد أن فقدت عامل الصيرورة في بنيتها الإجتماعية المأزومة فأصبحت بنية عاطلة عن الحياة وليس العمل فقط. واقرأ معي دور فرعون ومعنى إدعائه للربوبية والإلوهية معاً وآثار ذلك في الواقع الإجتماعي من تحويل الناس إلى عبيد له واستفراده في التشريع بسن القوانين وإلغائها حسب ماتقتضيه مصالحه والذي يؤدي إلى جعل الناس بهائم أعداد لاحرية ولاإرادة سحق للذات الإنسانية وفاعليتها . فالدولة الدينية تؤسس للدكتاتورية والإستبداد وبذلك فإنها تمثل الشرك فادعاء الربوبية والإلوهية معاً هو هو عين الشرك. فماذا تهتف أعداد الجماهير بالروح بالدم نفديك ..... ضع من تشاء من أسماء الأرباب والآلهة العرب. فمجتمعاتنا العربية (مشركة)بامتياز رغم الحديث المضحك المبكي عن الغيبوبة الإسلامية!! لإنها مجتمعات تحولت إلى أعداد في خدمة السياسي المستبد( حاكماً،ملكاً،معارضاً.....إلخ)وهذا يعني أن أرض الإسلام على ضوء قراءتنا تكون حيث الحرية والإختلاف، حيث يكون الإنسان ذات فاعلة وأنا مستقلة ترتبط مع الآخرين على أساس المصالح المشتركة وعلى أساس حرية الإختيار، وليس عدداً تنازل عن إنسانيته وحريته للقائد الزرورة !! ليقرر ويفكر عنه ويسخره لمشيئته في دوام سيطرته على مقاليد الدولة كلها؟! متى نتحرر من الماضي لنحيا يومنا وغدنا أحراراً مستقلين في الفكر والسياسة وليس أعداداً.
1: ابن فارس المقاييس في اللغة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم


.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله




.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah