الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في معضلة تهنئة أهل الكتاب بأعيادهم

عادل صوما

2016 / 4 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


اعتبرت شرطة اسكتلندا ان حادث مقتل صاحب متجر مسلم هنأ المسيحيين بعيد الفصح "تعصبا دينيا"، بعدما اعلنت ان رجلا مسلما اعتُقل على صلة بمقتل أسد شاه، ولم توجه له تهم بعد.
واضح ان حد القتل نُفذ على أسد شاه صاحب المتجر لأنه نشر رسالة على "فيسبوك" قال فيها "جمعة عظمية وعيد فصح سعيد خصوصا لدولتى المسيحية الحبيبة". هذه الجملة الموجزة تعبير عن عرفان بالجميل لدولة أعطت أسد شاه فرصة أفضل لم يحصل عليها في بلده وبين المسلمين، ولا تعني مطلقا ان أسد شاه يؤمن بقيامة المسيح، أمّا القاتل فقد نفَّذ حد الله، كما يعتقد المتزمتون، بعيدا عن المحاكم، لأن هؤلاء الناس لا يؤمنون بالدول من الاساس ولا بمؤسساتها وعلمها وجيشها وشرطتها ومحاكمها، بل ينفذون ما يقوله لهم أمير الجماعة، بطاعة عمياء لأن امير الجماعة أكثر فهما منهم بمصالح المسلمين.
الاحاديث التي قيلت في تهنئة اهل الكتاب بأعيادهم متناقضة تناقض ظروف مكة والمدينة، وبعضها موضوع أو ضعيف الاسناد، حسب فقهاء المسلمين أنفسهم، لكن مفهومها بشكل عام كان لازماً ايام العصبيات القبلية، حين كان الناس يعتقدون ان الارض ثابتة والشمس تدور حولها بناء على الادبيات الابراهيمية، التي كانت تحض الناس على الايمان بما تقوله على انه حقائق وما عداها كفرا.
كان تعداد سكان الكوكب في عصر آخر كتاب إبراهيمي لا يتجاوز 208 مليون نسمة، والمجتمعات لا تختلط ببعضها بعضا لعدم وجود وسائل مواصلات وإتصالات عصرنا، ناهيك عن عدم ظهور فكرة الدول ذات القوميات المتعددة في المستقبل، التي لم يتنبأ بها أي كتاب إبراهيمي، وبالتالي اختفاء فكرة التعايش والتفاعل بسلام بين الثقافات والاديان المختلفة في هذه الادبيات الصحراوية، والتعامل في القرن الواحد والعشرين بعقلية القرن السادس الميلادي وادبياته وملابسه، التي لا يريدون تحديثها.
من المؤكد لو انني اعيش في الهند وهنأت أي متعمد هندي في نهر الغانج، لا تعني تهنئتي له إيماني بعمادته وتطهره من خطاياه، لكنها وسيلة اجتماعية للتقرب من أناس اعيش بينهم. ثم ان الناس يجتمعون ويأكلون ويحتفلون في كل المناسبات، لكن الملاحظ ان المسلم قد يحتفل ويهنىء المسيحي بمناسبة الكريسماس، لأن المسيح ولد حسب قرآنه بالطريقة الاعجازية نفسها الواردة في الانجيل، لكنه يستحيل ان يهنأه بعيد القيامة، لأن قيامة المسيح الاسطورية لم ترد في القرآن، بل وردت رواية أكثر غرابة مما ورد في الانجيل، وهي وضع ملامح المسيح على شخص آخر، قُبض عليه وحوكم وصُلب على إنه المسيح، ورُفع المسيح كما هو إلى المساء وسيعود ليحكم الدنيا بالعدل ألف سنة ثم يموت.
علميا يستحيل وضع شبه ملامح إنسان على إنسان آخر في لحظة، والامر لو حدث يعتبر تلفيقا قانونيا واتهام بريء بفكرتين لم يقلهما، وهما الادعاء بأنه إبن الله، ومحاولة التجمهر للثورة على قيصر! وإذا إفترضنا حدوث مسألة تغيّر الملامح، يُلاحظ حسب محاكمة المسيح الواردة في الانجيل، ان الشبيه تحدث بما كان يبشر به المسيح، فهل تم تغيير ملامح الشبيه وعقله في الوقت نفسه؟
الامر العلمي المستحيل الثاني هو استحالة رفع المسيح بجسده إلى السماء، حيث لا مكان ولا محسوسات ولا أكل ولا مياه ولا سرير ينام عليه أو قوانين الكون التي يسير حسبها أي جسد، فكيف تحرك المسيح بسرعة الضوء ليخرج من الاكوان وكيف يعيش منذ أكثر من ألفي عام، وكيف سيعيش ألف عام عند رجوعه؟!
على الأقل ، حسب الرواية المسيحية، توفى المسيح وعبر بجسمه النوراني إلى السماء، والامر يتوافق تماما مع العالم المحسوس وغير المحسوس الذي قالت به ادبيات البحر المتوسط وفلسفته وتبنته الادبيات الإبراهيمية ونسبته لنفسها.
هل يقدس المسيحيون شخصا خائنا صُلب بدلا من رسولهم؟ ولماذا يتجنب المسلمون تهنئة المسيحيين بمناسبة إعجازية يجب أن يؤمنوا بها، فالمسيح حسب قرآنهم رُفع إلى السماء، وهو دليل وجود حياة اخرى بشكل ملموس للغاية، ولا يهم ما يقوله المسيحيون، الذين حرفوا الكلم، على مسيحهم.
تساؤلات لا يستطيع علماني مثلي ان يجيب عليها، ويستحيل ان اضع عقلي تحت حذائي إذا تعارض النص مع العقل، حسب ما قال داعية فضائي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. د. حامد عبد الصمد: المؤسسات الدينية تخاف من الأسئلة والهرطقا


.. يهود متشددون يهاجمون سيارة وزير إسرائيلي خلال مظاهرة ضد التج




.. مختلف عليه - الإلحاد في الأديان


.. الكشف عن قنابل داعش في المسجد النوري بالموصل




.. شاهدة عيان توثق لحظة اعتداء متطرفين على مسلم خرج من المسجد ف