الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تجربة المعلمين في الميزان

مها التميمي

2016 / 4 / 1
التربية والتعليم والبحث العلمي


خاض المعلمون والمعلمات إضرابا عن العمل دام شهرا كاملا طالبوا خلاله بتطبيق بنود اتفاق تم ابرامه مع الحكومة في عام 2013، ولم يتم تنفيذه ، وفي سياق هذا الاضراب الطويل شهد المجتمع الفلسطيني تجاوبا كبيرا مع هذا الحراك ، فقد شارك في هذا الاضراب عشرات آلاف المعلمين وأكثريتهم من المعلمات في انحاء الضفة الغربية، الطلبة بدورهم تضامنوا مع مطالب المعلمين ، وتضامن المجتمع مع الاحتجاجات المطلبية. ويمكننا القول ان هذه التظاهرات ارتبطت منذ اللحظة الاولى وحتى الآن بمطالب مهنية بحتة لم يكن لها أي أبعاد سياسية . وكانت الاضخم وغير مسبوقة منذ زمن طويل.
كشفت الازمة الاخيرة ضعف اهتمام المستوى السياسي ( منظمة التحرير والحكومة والاحزاب ) بهذا القطاع الحيوي المؤثر في المجتمع. فقد قوبلت مطالب المعلمين المشروعة بالتجاهل والاهمال تارة، أو بالتشكيك والتقليل من تأثيراتها الكبيرة والخطيرة. وشهدنا محاولات أمنية لانهاء الاضراب والاحتجاج. لكنها فشلت وأدت الى نتائج عكسية وردات فعل رافضة للتدخل الامني الامر الذي عمق الفجوة بين المستوى السياسي وقطاع المعلمين . وعلى الرغم من استجابة المعلمين الايجابية لنداء الرئيس أبو مازن وعودتهم الى مدارسهم الا ان الازمة لم تنته بعد ، ما لم يتم إزالة الظلم الذي لحق بالمعلمين قاطبة وإعادة الاعتبار لدورهم التربوي . كان تكريم المعلمة المبدعة حنان الحروب التي فازت بلقب أفضل معلمة في العالم بادرة جيدة ومشجعة. لكن المجتمع الفلسطيني يتطلع الى اتباع سياسة تعليمية حديثة تعمم هذا النموذج الرائع في اوساط المعلمين وتتحول الابداع الفردي الى إبداع جماعي. ولن يكون ذلك بمعزل عن وضع المناهج التعليمية التي تعتمد على التلقين والحفظ جانبا واعتماد منهج وسياسات يحفزان الابداع ويفعلان العقل وملكة التفكير الحر لدى الطلاب والمعلمين على حد سواء. كان مستغربا أن يتم ترشيح المعلمات والمعلمين للدخول في مسابقة افضل معلم في العالم من خارج وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، التي لم تتدخل في ترشيح المعلمات والمعلمين في هذه المسابقة العالمية واكتفت بدور المتفرج السلبي، ولم تفلح كل مظاهر الاحتفال الرسمي بفوز المعلمة حنان الحروب بمحو الإهمال واللامبالاة التي ابدتها الجهة الرسمية تجاه المعلمين ومعاناتهم في المجتمع .
بينت أزمة قطاع المعلمين ان هناك انفصالا بين جموع المعلمين والمعلمات العاملين في قطاع التعليم وبين اتحاد المعلمين، فقد تصدرت مطالب الحراك الاخير إقالة امين الاتحاد الذي انحاز لموقف الحكومة كما أشارت بيانات الصادرة عن لجان المعلمين، ولم يلتزم بمصالح غالبية المعلمين. إن تجربة الاتحاد السلبية تطرح قضية تمثيل الاتحادات الشعبية المنضوية في اطار منظمة التحريرللبحث. فقد كانت الاتحادات الشعبية تلعب دورا سياسيا ووطنيا وساهمت في تمثيل منظمة التحرير للشعب الفلسطيني وخاضت معارك كبرى في هذا المجال. لكنها الان تعاني من حالة الانفصال عن القطاعات التي تمثلها وتقف عاجزة عن تمثيلها والدفاع عن مطالبها. بعد تجربة المعلمين لا بد من وقفة جادة ومسؤولة امام حقيقة تمثيلها للقطاعات الشعبية. لابد من حل المعضلة التي تكرس انفصال الاتحاد عن قاعدته وتقف عائقا أمام تطوير حقيقي لاتحاد يمثل المعلمين ويدافع عن مصالحهم واحتياجاتهم.الإصلاح يبدأ بانتخاب ديمقراطي لهيئات وسيطة لصيقة بواقع المعلمين ومعاناتهم ومطالبهم المشروعة، وانتهاء بانتخاب هيئات قيادية مهنية ووطنية أيضا. فقد بات اسلوب التعيين والمحاصصة القائم على الولاء اسلوبا فاشلا وعقيما. واثبت حراك المعلمين ونشاطهم في الساحات العامة على قدرته الفائقة على تطوير قيادات واعية وقادرة على حمل هموم هذا القطاع الحيوي ، وتطوير أداء ه المهني والوطني.
ان تجربة اتحاد المعلمين الاخيرة عصفت بالتقاليد والاساليب الفوقية والبيروقراطية المتبعة في عمل الاتحادات والمنظمات الشعبية الفلسطينية ، ما يستدعي اعادة النظر كليا بتلك الاساليب اللا ديمقراطية والابوية والفئوية والبدء بعملية اعادة بناء اتحاد معلمين يمثل المعلمين الفلسطينين ، ويعكس واقع ان ثلثي هذا القطاع الحيوي هن معلمات ، وضمن معايير جديدة تراعي التخصص والاستقلال المهني كبديل ديمقراطي للولاء والتبعية للتنظيمات السياسية. إذا حدث هذا التطور واصبح النضال المهني والمطلبي مستقل نسبيا عن دور التنظيم السياسي المهيمن، تكون التنظيمات قد أجرت إصلاحا جوهريا ينقلها من الشلل البيروقراطي الى الفعل والاستجابة للقطاعات الشعبية. في هذه الحالة ستنهض الاتحادات وستنهض التنظيمات السياسية والنهوض ، اذا ما عمم على الاتحادات الشعبية الاخرى نكون أمام تجاوز حقيقي لمشكلة مزمنة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المئات يفرّون من مناطق القتال في منطقة خاركيف وسط تقدم روسي


.. تقارير إسرائيلية: حزب الله يحضر لخوض حرب ضد إسرائيل قبل عام 




.. مدير مستشفى الكويت في رفح يطالب بحماية دولية بعد مطالبة الاح


.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - إسرائيل تؤكد تنظيم حماس قواتها في




.. تحقيق يكشف غياب حدود واضحة لما سمته قوات الاحتلال المنطقة ال