الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدين باعتباره لا أيديولوجيا

عماد صلاح الدين

2016 / 4 / 2
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الدين باعتباره لا أيديولوجيا
عماد صلاح الدين
لا يمكن أن تقوم لنا نهضة حقيقية، ما لم نفهم أن الأديان بما فيها وأساسها الإسلام، تقوم على المحبة والتعايش والسلام. وان غاية الأديان هي تحقيق حرية الإنسان وكرامته والمساواة في ظل ما يتفق عليه المجتمع أو المجتمعات أو الأمم؛ إن تشكلت هذه الأخيرة باختيار الناس، من قوانين ونظم ودساتير، تنظم حياتهم المتكاملة، دون أن يكون هناك ظلم أو تمييز أو طبقية أو احتكارية أو فساد أو تسلط أو استبداد.
إن الدين لا يفرض على الناس فرضا، وإنما هي مسألة اقتناع وحوار بالمعروف بين الناس، في أديانهم وروحانياتهم.
إن الشعائر مسألة رمزية للاقتراب من الخالق الواحد الأحد روحيا، وهي تدريب على الضبط والانضباط والصبر والاحتمال، دون أن تتحول هي إلى غاية ومعبود في ذاتها؛ فتصير المسألة وكأنها سباق ماراثوني؛ من صلى أكثر فله الحسنى، ومن صام أكثر فله الجزاء الأوفى أوفى من غيره؛ ولا هي سباق من سجل عدد مرات في الحج والعمرة زيادة عن الآخرين.
إن الإسلام صفاء ووفاق وتعاون وتكافل وتعايش مع الجميع، ولأجل الجميع أفرادا ومجموعات أيا كانت؛ انه تحقيق مصالح الناس وأساس معاشهم بالمعروف؛ دون إفراط ولا تفريط.
إن الأديان في جوهرها لا ظلم ولا ظلمات؛ هي نور وتكريم للإنسان، وحين أقول تكريما فاعني تكريم الإنسان من حيث المحافظة على حياته، دون استهداف بقتل أو جرح أو إيذاء أيا كان؛ وحين أتحدث عن تكريم الإنسان فأتحدث هنا عن المحافظة عليه صحة بالمعنى الحرفي والتصريفي الحقيقي العلمي للكلمة؛ فلا ينفع هنا الارتكان إلى خزعبلات وأساطير ما انزل الله بها من سلطان، ولا يقبلها العقل ولا المنطق ولا كرامة الإنسان نفسها.
وإنني كإنسان فكر اجتماع، ومشتغل في أمور فنية تخصصية قانونية، وفي الحقل السياسي، لسنوات استغرقت معظم عمري منذ سن مبكرة، بالقياس إلى كثر، لأعلن تجريم الالتجاء إلى طرق وثنية وخزعبلية، في علاج الناس جسديا أو نفسيا، عوضا عن الجهة المختصة بهذا الخصوص؛ فهذا ما لا يطلبه قرآن ولا سنة صحيحة، ولا عقل ولا منطق ولا برهان تجربة.
وحين أتحدث عن التكريم للإنسان؛ فهذه التربية والتعليم التي تبني شخصية الإنسان وتفجر طاقاته وإمكاناته حينا بعد حين؛ وتكون مجالات الحياة المختلفة والمتنوعة خادمة ووسيلة لهذا البناء وحسن قيامته، لا أن تكون الوسائل والمجالات هي المخدومة بالتلقين والاستعباد والتقليد الغبي والأرعن.
وحين نتحدث عن تكريم الإنسان فيعني أن نحترم مكنون قدراته وتنوع اتجاهاته؛ فنساعده في التصويب والتوجيه نحو ما عليه يقدر وما إليه يرغب؛ وهكذا من دورة إلى دورة ومن مرحلة إلى أخرى لنصنع الإنسان الواثق بنفسه والمجتمع الواثق بنفسه؛ فيفهم حقيقة تنوع الناس وظروفهم واختلاف أديانهم ومعتقداتهم ومذاهبهم ومتجهاتهم الفكرية والسياسية والاجتماعية، دون مغالاة أو تعنصر أو تمييز أو إقصاء أو تكفير أو إبادة، ولا تهميش ولا ادعاء بصوابية رأي دون غيره مطلقا.
إن الحياة هكذا مفتوحة بلا حدود في الاجتهاد والتفكير واجتراح الحلول، التي تناسب الناس في معاشهم بناء على عقدهم الاجتماعي الذي ارتضوه وتوافقوا عليه؛ وبهذا لا توجد أيديولوجيا لها السمة الاطلاقية، ولا سياسة هي الأفضل مطلقا، ولا حزب له القداسة ولا حتى مذهب.
ولا توجد هناك حالة نهائية وانتصار نهائي لتوجه على توجهات؛ إنما أننا نعيش الحياة وننتقل من مرحلة إلى أخرى؛ نواجه صعوبات ونحقق انجازات، ونسعى دائما ونحاول لتحقيق السعادة الدنيوية لنا وللآخرين ما أمكن؛ وبتصوري من يحقق السعادة للآخرين دون ظلم أو إجحاف ولا تعد أو تجاوز على حقوق الآخرين؛ فانه يستحق وعن جدارة الجنة والرضوان بالمعنى الديني الغيبي الذي لا دخل لنا فيه، بغض النظر عن دينه شريعته ومذهبه وعموم اعتقاده.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. على وقع الحرب في غزة.. حج يهودي محدود في تونس


.. 17-Ali-Imran




.. 18-Ali-Imran


.. 19-Ali-Imran




.. 20-Ali-Imran