الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانهيار الأخلاقي للمجلس الوطني الكرديّ

صلاح الدين مسلم

2016 / 4 / 6
القضية الكردية


كان الحديث عن المجلس الوطنيّ الكرديّ ENKS يصبّ في خانة الانزعاج من تصرّفاتهم غير المسؤولة، والتناقض بين القول والفعل، وتارة كان الحديث عن الصراع المنهجيّ، وفي أحايين أخرى كان التغاضي عن تصرّفاتهم يصبّ في خانة الحفاظ على وحدة الصفّ الكرديّ، وعدم زعزعة القرار من خلال البحث عن آليات للتوافق وإيجاد عقد أو اتّفاق يجمع بين المجتمع والطبقة النخبويّة التي استفردت بالوطنيّة والسياسة طيلة نصف قرن.
كانت الضبابيّة موجودة عند بعض مؤيديENKS الذين لم يفهموا مشروعه، والذين كانوا متمسّكين إلى حدّ ما ببعض الثوابت الوطنيّة، وكان أولئك في مرحلة خلق التوازنات بين المكتسبات وبين السلطويّة النخبويّة، والذين هُمِّشوا تدريجيّاً، وبات صوتهم مقموعاً ضمن ENKS الذي بات يُقاد من منظومة أو كتلة تورّمت وباتت تبتعد شيئاً فشيئاً عن تلك الثوابت الوطنيّة، وصارت تدخل ضمن الهرم الدولتي وأضحت تمتلك أدوات السلطة في المال والإعلام، لكنّها ظلت تفتقر إلى الجانب العسكريّ الذي يوطّد من منظومتها الهيمنيّة، فكانت ورقة اللعب ببشمركه روج آفا الذين غرّروا بالمال وهم خارج الحدث، يروّضون بإعلام يسوّق أنّ الذي يستشهد في ساحات المعركة في روج آفا غبيّ لا يعرف ماذا يفعل وأنّهم هم المناضلون الحقيقيون، وبدخول هؤلاء إلى ساحة روج آفا سيرسّخون هيمنة ENKS الكرديّ على القرار، وبالتالي سيستطيعون فرض توصياتهم على الساحة السياسيّة.
لكن كلّ هذه التصوّرات باءت بالفشل، لأنّهم لم يدرسوا المجتمع بشكل أخلاقيّ، وكانوا يفتقرون إلى التحليل والعاطفة، فالإملاءات قد جعلتهم مسلوبي الإرادة، لا يستطيعون صناعة القرار البتّة، فوصلوا إلى حالة يرثى لها من الابتعاد شيئاً فشيئاً عن الشريحة المجتمعيّة التقليديّة التي كانوا يمتلكونها في بداية الثورة، وصار أتباعهم مزروعين باليأس واللاجدوى، إذْ لم يستطع المجلس أن يبحث عن آلية حلّ مناسبة تستطيع ربط هذه القاعدة بالنخبة، من خلال البحث الدؤوب عن أخطاء الإدارة ونبشها ومراقبة هذا المشروع الذي حصل في روج آفا، ليس للاستفادة منه إنّما للمحاربة والهجوم والانقضاض على أيّة هفوة، ونسيان مشروعهم أو بالأحرى عدم البحث عن مشروعهم الخاصّ الذي سيميّزهم عن هذا المشروع الذي يحاربونه، ممّا أدّى إلى خدمة جليلة لهذا المشروع في روج آفا من خلال متابعة نقدهم لهذه الأخطاء التي يراقبها ENKS وتصحيحها، بينما خسرت تلك النخبة في ENKS يوماً فيوماً قاعدتها الجماهريّة.
لقد كان ENKS في صفّ واضح في البداية من خلال عدم الانخراط في الصراع الدائر بين المعارضة والنظام، لأنّه كان يرى ألّا ناقة له ولا جمل في هذا الصراع، وهذا كان رأي كلّ الأحزاب الكرديّة ما عدا الشباب الثوريّ الذي خُدِع ببعض شعارات الثورة البرّاقة، لكنّ المجلس انزلق في ليلة وضحاها إلى هاوية حمّى المحور السنّي وفي هذا الصراع العقيم الذي لا ينتج حلولاً، بل لا يعرف الكرد معنى هذا الصراع، ولا حاضنة كرديّة لهذه الأيديولوجيّة الدينيّة الغريبة، وحتّى النظام الداخلي لكلّ الأحزاب الكرديّة دون استثناء لا يحتوي على أيّ نظرة دينيّة، بل هو خطّ علمانيّ بحت، لكنّ الإسلام السياسيّ الذي يمتلك منابع المال والسلطة قد استطاع أن يهدم هذا الكيان الذي كان عمره النضاليّ أكثر من ستين عاماً، فشوّهَ المناضلين، وكشف القناع عن تلك الشخصيّات التي كانت تدّعي الوطنيّة، وإنّما الأعمال بخواتيميها، فوصل الحدّ برئيس ENKS أن يلتقط صورة مع عدوّ الكرد المقاتل في جبهة النصرة الذي قتل الكرد في سرى كاني، ومازال يقتلهم ويريد أن يبيدهم في عفرين والشيخ مقصود.
عن أيّة سياسة يتحدّثون أولئك المندّدون بالمقاومة العظيمة في الشيخ مقصود؟ إذْ يخرج نائب الائتلاف القياديّ في ENKS عبد الحكيم بشّار وينادي دون خجل أن يتخلّى المقاتل عن سلاحه ويستسلم للعدوّ الذي ترك كلّ البقاع والجبهات وصار يقصف الأحياء الكرديّة، مع أنّ جبهاتهم مع النظام هادئة جدّاً، واجتمعت تلك الكتائب التي مازال يتبنّاها ENKS ويعتبرها جزءاً من الثورة، وأمسى الأطفال يُقتلون في الشيخ مقصود والمدن الكردستانيّة في باكور كردستان وهم مازالوا ضمن حاشيّة القاتل.
لقد اختلف الحديث عن ENKS الآن، لم يعد المقياس هو الغفلة أو المصالح، لقد بات الحديث عنهم يصبّ في خانة الوقوف ضدّ الكرد برمّتهم، غدا الخيار واضحاً؛ خيار الذي يقف مع عدوّ الكرد (أردوغان) الذي أعلن مراراً؛ أنّه ضدّ أيّ مشروع كرديّ ويتأسف عن عدم محاربته إقليم كردستان، وما محاربته العلنيّة في قصفه مدن عفرين إلّا وضوح لا تعتريه أيّة مناورة، وما الكتائب التي أرسلها وأطلق عليها التسميات العثمانيّة؛ لواء السلطان محمد الفاتح وكتائب السلطان مراد وغيرها، وضمِّها إلى الائتلاف الذي ينوب بشار عن رئاسته، ناهيك عن 24 كتيبة تقصف الشيخ المقصود وحدها، وكلّها عدا جبهة النصرة ضمن المعارضة المعتدلة التي يتبناها الائتلاف.
لم يعد ينفع التنديد بهذه الهجمات على الكرد من الآن فصاعداً ، وإنّما الانسحاب والتبرّؤ من هذه المنظومة العدائيّة هو الحلّ المبدئيّ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تدابير جديدة من بايدن لتسهيل أوضاع آلاف المهاجرين


.. نشرة الخامسة | مباحثات لمنع حرب بين إسرائيل ولبنان.. وبايدن




.. تصاريح إقامة وعمل للمهاجرين المتزوجين.. تدابير جديدة من بايد


.. المتحدث باسم اليونيسف: أهل غزة صامدون وهناك روح لم أرها من ق




.. غرق عشرات المهاجرين بعد تحطم سفينتين قبالة إيطاليا