الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقتدى الصدر .. والروح البروسية

ادهم ابراهيم
(Adham Ibraheem)

2016 / 4 / 8
المجتمع المدني


ان دعوة السيد مقتدى الصدر للتظاهر والاعتصام وخروج الالاف المؤلفة من اتباعه ثم اعتصامه الذي لم يدم طويلا ، والذي سرعان ما انفض من دون سبب مبرر . . قد دفعني للتفكير مليا في المجتمع والفرد العراقي . ، حيث ان الصدريين لم يخرجوا بدافع الثورة على الاوضاع المعيشية المزرية التي يعيشونها ، ولا بدافع الفقر وانما بدافع واحد وهو نداء السيد مقتدى الصدر لهم بالخروج فقط ، ثم ندائه لهم بالعودة . وبذلك فأنهم قد ناقضوا كل المعطيات والنظريات الاجتماعية والثورية في العالم قديما وحديثا ، كما ناقضوا مبادئ الصراع الطبقي والدياليكتيكية التاريخية ايضا . وقبل هذا لاحظنا خروج الطلاب للتظاهر ضد وزير التعليم العالي. . ولم تتطور هذه المظاهرات الى مطالب شعبية او جماهيرية ، وسرعان ما خبت بعد دفع مستحقاتهم المالية ، وتلبية بعض المطالب المهنية البسيطة ثم عادوا من حيث بدأوا . وهذا يدل على مسلك اناني لا يليق بالانسان المتحضر والمعاصر. . ومن كل ذلك يبدو لنا جليا بأن الشعب العراقي يعيش بعشوائية فكرية وتنظيمية. ، وهذه ليست وليدة اللحظة او المرحلة الحالية ، ولكنها تظهر تارة بشكل سافر وتارة بشكل مستتر . . اننا شعب لا يؤمن بالقواعد والانظمة التي تحدد نمط وسلوك المعيشة الفردية او الاجتماعية . وقد ادى ذلك الى ان نضع لانفسنا قواعد وانظمة تتناسب مع رغباتنا وطموحاتنا الفردية ، واصبح كل واحد يضع لنفسه النظام الذي يوائمه ، ويرفض الانظمة العامة المتعارف عليها. . كما اننا انانيون ، لا يهمنا مصالح الغير . انانيون فرديون اولا ثم انانيون للكتلة التي ننتمي اليها ثانيا وبعد ذلك للطائفة او المذهب . حيث لم تتبلور لدينا قواعد وانظمة عامة اجتماعية او اقتصادية نسير عليها . وكذلك القيادات السياسية التي لا تحترم النظام ، فكل قيادة تريد نظاما يوائمها. ، وحتى البرامج التي تضعها الاحزاب والكتل لا يجري العمل بها ، وتضربها بعرض الحائط ، وهي مجرد وسيلة للوصول وليست منهاج عمل او خارطة طريق . وهذه العشوائية للفرد والمجتمع العراقي قد جاءت من قيم البداوة والعيش في الصحراء ، حيث مجال الحياة واسعا وليس فيه حدود او قواعد للعيش اللهم الا القواعد التي يضعها شيخ العشيرة لتنظيم مجتمعه القبلي ، والقليل من الاعراف المتبعة . وقد انتقلت الينا هذه القيم من آبائنا واجدادنا الاولين ، جيل بعد جيل ولا زلنا نحمل نفس قيم البداوة المستندة على سعة الصحراء المعدومة تقريبا من الضوابط. . وعندما جاء الانكليز بعد الحرب العالمية الاولى الى العراق ، لم يجدوا ذلك المجتمع العراقي المتجانس . وبدلا من تطبيق مبادئ الدولة المدنية الحديثة على العراق شجعوا التكتل العشائري ظنا منهم انهم يستطيعون السيطرة عليهم بهذا الشكل . وقد اتبع الامريكان نفس الاسلوب عند احتلالهم للعراق ، ولكنهم هذه المرة قسموا المجتمع الى طوائف دينية . وبقي الفرد العراقي والمجتمع العراقي اسير العشوائية وعدم الاعتراف بالتنظيم والقواعد المدنية في ادارة الدولة . . وعلى مدى الزمان آمن الحكام في العراق بأسلوب القوة. وظلت النظرية السائدة بأن العراق لا يقاد الا بالقوة ، لأن شعبه متمردا على الدوام . ولكن القوة كما هو معروف تخيف الفرد وتردعه ولكنها لا تحقق النتائج المرجوة في ارساء قواعد ونظم للمجتمع . ومن منطلق القوة هذا قمعت بريطانيا كل الانتفاضات . كما جاءت امريكا لتحكم العراق بالدبابات ايضا . ونهج الحكام الجدد نفس النهج الدكتاتوري لصدام بحكم الناس . بل ازدادوا قمعا للشعب وعلى وفق الانتماء الفكري او القومي او الديني للمواطن . وظل هذا النهج سائدا الى يومنا هذا ، وهو نفس منهج داعش الارهابي الذي نحاربه باستمرار .
ان الوضع العراقي هذا قد دعاني الى تشبيهه بالوضع الذي كان سائدا ايام الامبراطورية البروسية ، التي وجدت نفسها متخلفة عن مواكبة التطور الطبيعي للدول الاوروبية الاخرى ، مما دعى امبراطور بروسيا لاصدار مرسوم يحدد فيه مسيرة الشعب . وفرض هذا المرسوم على المدارس اولا ثم على العائلة والمجتمع في وقت لاحق . وقد سمي هذا النهج فيما بعد ب( الروح البروسية. ) . . وهذا الاسلوب الاجتماعي مغاير للنهج النازي الذي يعتمد على العسكرية والتسلط والعدوانية .
ان مبادئ الروح البروسية هذه تستند على الاتي :
اولا التنظيم المثالي . ثانيا الانضباط . ثالثا . التضخية. رابعا. الدور الفعال للقانون. خامسا الخضوع للسلطات الشرعية . سادسا . الصدق. سابعا . المثابرة والاجتهاد . ثامنا التدبير والانتظام . تاسعا. التواضع . عاشرا. التسامح .
وقد بقيت هذه المبادئ سارية الى يومنا هذا في النمسا والمانيا .
اننا الان بحاجة الى بناء الانسان والدولة في آن واحد ، لنبتعد عن العشوائية وانتهاك القوانين ، والانانية الفردية والحزبية ، واحلال الولاءات الفردية بدلا من الولاءات الاجتماعية . وبذلك فأنني ادعو كل الخيرين والمثقفين الى وضع ضوابط جديدة للتعليم في المدارس والجامعات على غرار ما شرحناه آنفا من مبادئ الروح البروسية . وادخال نفس هذه المبادئ في مناهجنا الدراسية ، وفي الحلقات الثقافية والفكرية ، وفي الاعلام المرئي والمقروء ، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي . وبذلك نحافظ على مستقبل اجيالنا من الضياع ، كما ضاع حاضرنا ومستقبلنا. ان الامر يدعونا الى النظر بجدية لهذا الموضوع الحيوي ، واعطائه نفس الاهمية التي ننظر بها لاصلاح حال الدولة. حيث ان الدولة الرصينة بحاجة الى مجتمع وفرد رصين .
ادهم ابراهيم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمريكيون يتظاهرون أمام البيت الأبيض للمطالبة بوقف حرب إسرائي


.. ليبيا.. ترحيب بأوامر اعتقال بحق ستة أشخاص متهمين بارتكاب جرا




.. -الخسائر بلبنان غير مقبولة-.. المتحدث باسم الأمم المتحدة: أو


.. موفدة العربية ترصد تطورات التصعيد على الضاحية ومأساة النازحي




.. موجز أخبار الواحدة ظهرًا - ‏الأمم المتحدة تدين العدوان الإسر