الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حقائق صادمة للسلفيين: عن علماء الدولة العباسية ومبدعيها ! ( 2 من 2 )

عبدالله أبو شرخ
(Abdallah M Abusharekh)

2016 / 4 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


حقائق صادمة للسلفيين: عن علماء الدولة العباسية ومبدعيها ! ( 2 من 2 )


سوف يذهل القاريء لحجم الجرأة والحرية والإبداع الذي كان متوفراً في الدولة العباسية الأولى، وبالذات دولة المأمون بن الرشيد. نشطت حركة الترجمة من الفارسية والهندية واليونانية، وضجت مكتبة دار الحكمة ببغداد بآلاف المراجع التي اعتبرت زبدة الحضارات السابقة.

أذكر أن ابن سينا كان مولعاً بالفلسفة اليونانية لدرجة أن ثمة مناقشات وجدال حدث بين ابن سينا وأبي الريحان البيروني حيث رفض البيروني التعصب لعلوم اليونان، وأورد حجة يرد بها على ابن سينا وهي القانون الفيزيائي ( المعادن تتمدد بالحرارة )، حيث تساءل البيروني قائلاً ( نحن نسخنا هذه القاعدة من اليونانيين، لكننا لم نفهم لماذا تنفجر القوارير الفخارية عند تجمد فيها )، ويقصد أن حجم الماء يزداد عند التجمد وليس بالضرورة عند التسخين !

أما العقل العربي فقد انطلق إلى فضاء الفلسفة الرحب، ونقول العقل " العربي " على الرغم من أن معظم الفلاسفة والعلماء لم يكونوا من العرب بل من فارس وبخاري وتركمانستان والأوزبك، ولكن اللغة العربية أصبحت هي لغة العلم السائدة، ولهذا نؤكد على أن حضارة العباسيين كانت حضارة عربية، وسوف أتردد كثيراً في وصفها بالإسلامية، ذلك أن توجهات الفلاسفة والمناطقة كانت بعيدة كل البعد عن مسلمات الدين، بل إن معظم جهابذة العلم والفلسفة كانوا لادينيين وملاحدة، وهذه بالذات، الحقيقة المفجعة التي أخفوها عن الناس منذ ألف عام ويزيد.

لكن إلى جانب اللادينيين أمثال الرازي والخوارزمي والبيروني وابن سينا وابن حيان وابن الهيثم والخيام وغيرهم، كان هناك التوحيديون الصوفيون، الذين فضلوا الإيمان بوحدانية الله لكن ضمن مفهوم خاص للإله، ومن هؤلاء كان الحلاج الذي لقى حتفه صلباً، وأبو حيان التوحيدي الذي لقب بهذا اللقب نظراً لقصائده الروحانية الجميلة في توحيد الخالق. لكن حتى عقول هؤلاء لم تنجو من فضاء التفكير الإبداعي الخلاق بفعل الفلسفة اليونانية، حتى أن السلفيين والحنابلة حقدوا على الخليفة المأمون لأنه أدخل الفلسفة أرض العرب.

ذات يوم سئل أبو حيان عن الله فقدم البرهان التالي:

الله شيء أو لا شيء .... ( ليس ثمة احتمال ثالث )
الشيء يمكن قياسه .......... ( كتلة / وزن / كثافة )
الله لا يمكن قياسه
إذن الله لا شيء !

قد يخيل للبعض أن أبا حيان كان ملحداً باستنتاجاته تلك، ولكنه في الحقيقة لم يكن كذلك، فقد عقب على البرهان موضحاً أن اللاشيء له من الجلال والغموض والهيبة ما يليق بذات الخالق، فاللاشيء هو عكس الشيء، واللاشيء هو اللامادة وما وراء الطبيعة " الميتافيزيقا "، وهو إذن يسلم بالآية ( ليس كمثله شيء ) !

ابن سينا كان أكثر تطرفاً وتعصباً للفلسفة الإلحادية، فتساءل مثلاً ( لماذا خلق الله الكون ؟! هل كان الإله يعوض نقصاً لديه بهذا الخلق ؟؟! الله – لو صح وجوده – كامل، إذن الكون غير مخلوق ! )، ومثله كان غالبية علماء الدولة العباسية، فمن أين يمكن للمرء أن يتخيل أن الدين كان له دور في الإبداع العلمي والفلسفي والأدبي ؟! إن وصف الحضارة العباسية بالحضارة الإسلامية هو أمر يجافي الحقيقة ويناقض الواقع، وعلى أي حال، ففي الدولة العباسية الثانية حدثت ردة حضارية، خاصة في عهد المهدي الذي افتتح ديوان الزنادقة لمتابعة كتب الفلاسفة والمناطقة وقصائد الشعراء، ثم أصبحت الزندقة تهمة لأي معارض سياسي لحكم العباسيين. تم إحراق مؤلفات كثيرة وأعدم علماء مثل ابن المقفع والحلاج والشاعر بشار بن برد وغيرهم، وفي الحقيقة فإن مسلسل إعدام المفكرين في أرضنا العربية لم يتوقف منذ ذلك الحين وحتى اغتيال شكري بلعيد في تونس عام 2013 !!

أما أبو بكر الرازي، الطبيب والفيلسوف، فلم يؤمن بأي مسلمات عقائدية وقام بالرد على بلاغة القرآن. الرازي ناقش موقف الدين من الانتحار وتساءل: هل يموت المنتحر بإرادته الخاصة أم بإرادة الله ؟؟! إذا كان المنتحر يموت بإرادته الخاصة فإن ذلك يتنافى مع قدرة الله المطلقة واللوح المحفوظ، أما إذا كان سيموت بإرادة الله فلماذا سيعاقب إذن ؟!

ثمة فيلسوف وعالم وفلكي وشاعر كبير هو عمر الخيام. أثناء دراستي في بيرزيت عثرت - بحكم تخصصي في علم الرياضيات والمنطق – على مراجع بها شروحات عن مساهمات الخيام الفذة في حل معادلات الدرجة الرابعة باستخدام القطوع المخروطية. بعض المستشرقين وصفوا الخيام بأنه كان من أعظم العلماء الذي أنجبتهم البشرية. للخيام قصائد شهيرة سميت بالرباعيات والتي غنت السيدة أم كلثوم بعضاً منها.

من أقوله الوجودية في الكون والوجود رباعية قال فيها:

لو كنت كالله لي يدٌ في حركة الأفلاك
لمحوت ما للفلك من آثار
وخلقت أفلاكاً تدور مكانها
وتسير حسب مشيئة الأحرار
-------------------------------------

الخلاصة

1- الحضارة العباسية ومنجزاتها العلمية وتقدمها كانت بعيدة عن الدين وعن رجال الدين.
2- فرض الأصوليون والسلفيون المعاصرون تعتيماً رهيباً على منجزات الدولة العباسية في العلم والفلسفة والآداب والفنون.
3- إلى جانب بناء العدد الكبير من المساجد في عصرنا الحالي، يتوق الشباب العرب إلى بناء مسارح ونوادي ومراكز ثقافية ودور للموسيقى والرسم والنحت وقاعات للجمباز ومسابح لكي نتمكن من النهوض بالطاقات الخلاقة. الأصوليون والسلفيون دمروا كل معالم الحضارة.
4- هذا السرطان الفكري والإيدلوجي الخطير مدعوم من القوى الرأسمالية العظمى والقوى الرجعية الاستبدادية صاحبة المصلحة الحقيقية في تدمير أي أفق لأي نهضة عربية.


نلتقي على خير








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مشكلة تاريخية كبرى وخطيرة
عبد الحسين سلمان ( 2016 / 4 / 9 - 20:12 )
تحياتي الحارة أخي عبد الله أبو شرخ

....على الرغم من أن معظم الفلاسفة والعلماء لم يكونوا من العرب بل من فارس وبخاري وتركمانستان والأوزبك
و
لكن اللغة العربية أصبحت هي لغة العلم السائدة
....
هناك نظريات في النمسا وجنوب غرب المانيا تقول ان الاسلام فارسي وليس عربي
المشكلة ان :
كل العلماء و رواة الحديث والقضاة والولاة هم فرس
لكن لغتهم عربية
أكثر أئمة مذاهبهم الفقهية والعقائدية، وأعظم محدثيهم، ومؤلفيهم هم من غير العرب.. ومنهم: أبو حنيفة، والشافعي، ومالك، والبخاري، والترمذي، والنسائي، وأبو داود السجستاني، وابن ماجة، ومجاهد، وعطاء بن أبي رباح، ومكحول، وسعيد بن جبر، والليث بن سعد، والحاكم النيسابوري، وابن سيرين، وعضد الدين الأيجي، والتفتازاني

ومن وضع قواعد اللغة العربية هو فارسي...ابن سيويه

هذه مشكلة تاريخية كبرى وخطيرة...
حاول الفلسطيني.... سليمان بشير... من جامعة النجاح ان يحل لغزها...لكن طلبة الجامعة رموا سليمان بشير من النافذة ...


2 - امة تأكل ما لا تزرع و تلبس ما لا تصنع
صباح ابراهيم ( 2016 / 4 / 9 - 20:35 )
لو كان الدين الاسلامي منارا للعلم ومقياسا للتقدم او محفزا له لأصبح المسلمون من ارقى دول العالم حضارة ورقيا و انتاجا .
لكن بما ان الامة الاسلامية دولا و شعوبا هي من الدول التي تسير في مؤخرة قافلة الحضارة العالمية ، يعمها الجهل و الامية و الفقر والمرض ، امم مستهلكة لا منتجة ، تعيش عالة على الامم المتقدمة ، تحتاج كل شئ في الحياة من المأكل و الملبس و الات و المكائن و السيارات و الكتاب و القلم و الورقة و الملابس الداخلية من دول الغرب ، فهذه امة لا تستحق الحياة ، لأنها بعد 1400 سنة لم تتعلم ولم تتقدم و لازالت امة وشعوبا مستهلكة . لا تجيد الا فن القتل و لاتحسن الا فن الذبح
كما قال القرضاوي في احدى خطبه .


3 - امة تأكل ما لا تزرع و تلبس ما لا تصنع
صباح ابراهيم ( 2016 / 4 / 9 - 20:36 )
لو كان الدين الاسلامي منارا للعلم ومقياسا للتقدم او محفزا له لأصبح المسلمون من ارقى دول العالم حضارة ورقيا و انتاجا .
لكن بما ان الامة الاسلامية دولا و شعوبا هي من الدول التي تسير في مؤخرة قافلة الحضارة العالمية ، يعمها الجهل و الامية و الفقر والمرض ، امم مستهلكة لا منتجة ، تعيش عالة على الامم المتقدمة ، تحتاج كل شئ في الحياة من المأكل و الملبس و الات و المكائن و السيارات و الكتاب و القلم و الورقة و الملابس الداخلية من دول الغرب ، فهذه امة لا تستحق الحياة ، لأنها بعد 1400 سنة لم تتعلم ولم تتقدم و لازالت امة وشعوبا مستهلكة . لا تجيد الا فن القتل و لاتحسن الا فن الذبح
كما قال القرضاوي في احدى خطبه .


4 - برافو صباح ابراهيم ولهذا انقلب العسكر على مرسي
انا هو ( 2016 / 4 / 9 - 21:06 )
بامر من الصهاينة وخدمهم الغربيين بدعم من الخونة الحكام الخليجيين !!


5 - من اجل تنوير العقل العربي
نبيــل عــودة ( 2016 / 4 / 10 - 00:54 )
رائع يا عبدالله.. هذه الحقائق يجب التاكيد عليها .. لتحرير العقل السلفي من اوهامه ومن غيبياته.
الحضارة العربية .. لم تكن اسلامية اطلاقا .. من مفهوم انها لم تكن حضارة دينية بل حضارة علمانية ويمكن القول الحادية.


6 - الاستاذ الباحث الفلسطيني سليمان بشير
ملحد ( 2016 / 4 / 10 - 07:18 )
الاستاذ الباحث الفلسطيني سليمان بشير
كتابه القنبلة: مقدمة إلى التّاريخ الآخر: نحو قراءة جديدة للتراث الإسلاميّ
لمن يربد تنزيل الكتاب

http://www.goodreads.com/book/show/17027026


7 - الزميل عبد الحسين شعبان
عبد الحسين سلمان ( 2016 / 4 / 10 - 13:53 )
تحية لك يا طيب .. في الحقيقة أن إسهامات الفرس في الإسلام واضحة جداً بينما اقتصرت مساهمات العرب الفقهية على التعصب والتنطع وجل إبداع العرب في مبطلات الوضوء .. أعتقد أننا نمتلك مقومات حضارة إنسانية لو تمكنا من انتزاع حقوقنا الإنسانية بالتفكير الحر.
شكرا للمرور وإثراء المقال


8 - السيد صباح إبراهيم
عبد الحسين سلمان ( 2016 / 4 / 10 - 14:03 )
شكرا يا طيب على الاهتمام وإثراء المقال . لكني أعتقد أن الحضارات كانت من نتاج العقل البشري بما في ذلك الأديان كلها. أتفق معك حول دور النفط في صناعة فقه إجرامي مدمر لكل معالم الإنسانية.


9 - الصديق نبيل عودة
عبد الحسين سلمان ( 2016 / 4 / 10 - 14:07 )
في الحقيقة أن ثمة حلقة مفقودة في موضوع الحضارة العباسية التي قدمت مساهمات باهرة في العلوم والفلسفة والآداب .. أعتقد أن الفكر السلفي هو مجرد صناعة نفطية ونحن كعرب نمتلك مقومات حضارة بشرط انتزاع حقوقنا الإنسانية في التفكير والإبداع.
شكرا للمرور والإثراء.


10 - شكرا ملحد
عبد الحسين سلمان ( 2016 / 4 / 10 - 14:10 )
لا أعلم لماذا تصر على استخدام اسم مستعار على حساب شخصيتك الحقيقية .. منتهى الشجاعة أن تكتب باسمك .. إلا إذا كان لك غرض ما من استمرار التوقيع بهذا الاسم على مقالاتي .. عموما شكرا لرابط الكتاب وقد حملته لقراءة ما تصول إليه المفكر سليمان بشير .. تحياتي لك


11 - تحية لكَ أخي عبدالله
عبد الحسين سلمان ( 2016 / 4 / 10 - 15:41 )
تحية لكَ أخي عبدالله


1.تعليق رقم 7 , أسمي عبد الحسين سلمان وليس عبد الحسين شعبان

2. تعليقات رقم 7 و 8 و9 و10 هي بأسم الاخ عبداللة أبو شرخ وليس بأسمي


12 - اعدلوا في اقوالكم
muslim aziz ( 2016 / 4 / 10 - 16:02 )

السيد ابو شرخ تحية
العالم الفلاني فارسي والعلم الفلاني هندي والعالم الفلاني يهودي وهكذا دواليك.ولكن اين اشتهر هؤلاء العلماء ؟ اليس في ظل الدولة العباسية وبالتحديد في ظل الخلافة الاسلامية العباسية؟ لمن الفضل في شهرتهم اليس للخلافة الاسلامية العباسية؟
العلماء في امريكا منهم من اصله مصري زمنهك من اصله هندي ومنهم من اصله اوروبي ولكنا نقول الفضل للدولة الامريكية؟
لماذا تحرفون الحقائق؟ هل الانسان العربي عقله عقل متخلف اما غير العربي فعقله عقل متنور؟ ام ان الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصلدية هي من اسباب التخلف او التقدم.
بما انك فلسطيني الجنسية فلماذا نسبة الامية اقلها عند الشعب الفلسطيني بين العرب؟ لأن الدول العربية فتحت جامعاتها ومدارسها للفلسطينيين ليعوضوا عن احتلال الارض. وشكرا

اخر الافلام

.. تأييد حكم حبس راشد الغنوشي زعيم الإخوان في تونس 3 سنوات


.. محل نقاش | محطات مهمة في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية.. تعرف ع




.. مقتل مسؤول الجماعية الإسلامية شرحبيل السيد في غارة إسرائيلية


.. دار الإفتاء الليبية يصدر فتوى -للجهاد ضد فاغنر- في ليبيا




.. 161-Al-Baqarah