الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا... لاعلان دمشق ( ثقافة الاقصاء و الالغاء الآخر ) !؟

عمر كالو

2005 / 11 / 24
القضية الكردية


عند قرائتي لما يسمى باعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي, و كان الاصح والانسب لو سمي باعلان دمشق للتغيير الوطني الديموغرافي, لم يفاجئني ما ورد في مضمونه من أخطاء و عثرات تاريخية بحق الشعب السوري عامة و الكردي خاصة, هذا بعدما نظرت الى تواقيع التجمع العربي والتحالف والجبهة الكرديين, والذين لا يربطهم شيئا ببعضهم البعض سوى قاسم مشترك واحد, ألا وهو امكانية تلك الأطراف على اصدار ونشر البيانات التي تكلف عليهم بليرة سورية واحدة على صفحات شبكة الأنترنيت الالكترونية, بمعنى اخر, فقط النضال بالحبر و الورق, دون اعطاء الاهمية أو الالتفات الى الرغبات والطموحات الشارع السوري بكل تلويناته وفسيفسائه, و الاستناد أو الارتكاز الى الارضية الشعبية و الجماهيرية الواسعة منه, والتي وحدها تمثل غالبية ارادة الشعب ومقياس لشرعيته.

الذي أدهشني حقا بعد صدور ذلك الاعلان المذكور, هو الاهتمام الزائد والشرح والتفسير والنقد والترحيب والتطبيل والتزمير من قبل عدد كبير من المثقفين والكتاب المهتمين بالشأن السياسي السوري, لأنه في تقديري – ذلك الاعلان – لا يستحق كل هذا الاهتمام, ولا يحتاج الى المستويات العالية في الوعي الفكري و السياسي, وكل هذه الجهود الكبيرة من جانب النخبة السورية, لامكانية درء وكشف مغزاه وفحواه, لأن الاطراف الموقعة على الاعلان لا يوجد لهم الفعل على أرض الواقع سوى في القول والبيانات المكتوبة, لا أدري بأي مقياس و بأية شرعية نصبوا أنفسهم أولياء وأوصياء على الشعب السوري, بعيدا عن النظريات والفرضيات لم أشعر بوجودهم وحتى لم أسمع وأرى فعلهم الجماهيري في الشارع السوري, ولذلك نص الاعلان جدير بأن يختبر به شفهيا تلاميذ مرحلة التعليم الابتدائي في المدارس السورية.

كوني كردي, أكثر الفقرات التي أضحكتني مثل غالبية أبناء الشعب الكردي الذين سمعوا بذلك الاجحاف بحقه, والتنازلات التي تبناها الاطراف الكردية نيابة عن الشعب الكردي, الذي لا علم ولا علاقة له بكل تلك التعفيسات حقيقة, هي الفقرة التي تتضمن نفي والغاء وجود التاريخي للشعب الكردي في سوريا, و عدم الاقرار والاعتراف به كثاني أكبر قومية في البلاد, واعتباره أقلية أو جالية تحق لها أن تحصل على الجنسية - ربما العربية السورية, وأن تتعلم لغتها الام داخل منازلها, والتضليل والتشويه للحقيقة الكردية من كافة جوانبها الواقعية في اطار النقاشات المتذلفة والمنافقة, أو التعامل مع وجوده وبالتالي حقوقه في هذا السياق وما شابهه.

ولم أستغرب من موقف وتقييم الاطراف الكردية – التحالف والجبهة – لحقيقة قضية الشعب الكردي في سوريا, وتوقيعهم على الوثيقة التي أثبتوا من خلالها الغاء وانكار ذواتهم أولا, ومن بعدها التلاعب بحقوق الشعب الذي ينطقون باسمه, والالغاء والنفي لوجوده ثانيا, ويدّعون النضال في سبيل نيل حقوقه القومية المشروعة منذ عشرات السنين, وكذلك اراء و مواقف أزلامهم و أبواقهم المرتزقة, الذين لا يهمهم شيئا في هذه الحياة و الدنيا برمتها سوى استعراض أسمائم الثلاثية, والبحث عن المصداقية وملاحقة سراب الشهرة والتفكير بها ليلا و نهارا, لأن تلك الأطراف وأتباعها ينظرون الى ارادة وطموحات الشعب الكردي من منظار فشلهم التاريخي, وعقدهم النفسية, واحساسم الدائم بالنقص والافلاس, وفي أكثر من محطة تاريخية وصفوا ارادة الشارع الكردي الجبارة في سوريا بالغوغائية و الصبيانية والمتطرفة والجاهلة و...الخ, وخير مثال على مواقفهم غير المشرفة في التاريخ القريب لشعبنا الكردي, كان صدور تلك البيانات المشئومة ابان اندلاع انتفاضة اذار 2004 المجيدة, والاحتجاجات والمسيرات التاريخية التي قامت في أيار وحزيران 2005 احتجاجا على اختطاف واغتيال كبير شهداء الكرد في سوريا الدكتور الشيخ محمد معشوق الخزنوي.

نعم ... باتت قراءة الفاتحة على روح الشعب الكردي في سوريا انجازا عظيما, والواقعية بأن نقرّ بأننا غير موجودين, والمشاركة في التوقيع على الغاء الذات الكردية فخرا واعتزازا من منظور تلك الاطراف الكردية وأعوانهم من الجبناء والانتهازيين, انّ ذهنيتهم الفلكلورية والمتعفنة و وعيهم القاصر والانبطاحي أوصلتهم الى هذا المستوى الهابط في الخطاب التنازلي والتفكير العاق, يسمون الشعب الكردي ب ( أكراد سوريا ) بغية التقليل من قيمته وأهميته, وخوفا وجبنا وحرصا على مصالحهم الشخصية الضيقة لا يتجرأون بتسميته بالشعب الكردي, ويتهمونه بعدم الواقعية والانعزالية والامية والتخلف و..و..الخ, وحتى ان كان الشعب الكردي لا يفقه مبادئ وألف باء مفاهيم السياسة والديمقراطية, وان كان لا يتمتع بأدنى مستويات المعرفة, لكنه أبدا لا أشك بأنه سيقبل مواكبة التغيير الذي يبنى على أساس انكار والغاء أصالة ذاته ووجوده, ويدري تماما معاني ( حصيلة النضال الطويل ) في المساومة على حقوقه, باتباع سياسة التسول والاسترجاء, والتظاهر والتزيين بالنياشين النضال الديمقراطي, من خلال عاهات المتربعة على صدر قضيته القومية ومنهم منذ أكثر من أربعة عقود.

انّ قضية الشعب الكردي في سوريا أبدا لا تنحصر في الحصول على حقوق المواطنة والجنسية للذين جرّدوا ( وليس حرموا ) منها بموجب الاحصاء الشوفيني الذي أجري بحقه منذ عام 1962, والسماح لهم بتعلم ( وليس تعليم ) لغتهم القومية, انما هي قضية قومية لشعب يعيش على أرضه التاريخية منذ الآلاف السنين, يتمتع بكافة مقومات الشعوب من تاريخ ولغة وثقافة وارث حضاري و...الخ, وليس لأي من كان الحق في مناقشة مقدساته و حقيقة وجوده, وتعتبر – حتى المناقشة – بمثابة الاهانة لهويته القومية, ولا نتحمل مسؤلية جهل وتجاهل والقصور المعرفي للآخرين, حيال هذه القضية الخطيرة وعواقبها الوخيمة على تطور ومستقبل البلاد.

من هذا المنطلق, أرى في مناقشة حقيقة الوجود التاريخي للشعب الكردي في سوريا أكبر طعن واساءة للوطن والوحدة الوطنية, واحياء للفكر الشمولي في واضح النهار, وترسيخ للثقافة الاقصائية والوصائية من الدرجة الاولى, والغاء للآخر من نوع فاخر ومختلف, من خلال الصّيغ الضبابية, والتلاعب بالجمل والألفاظ غير واضحة ودقيقة المعنى, وانّ حل القضية الكردية من منظور الموقعين على ما يسمى باعلان دمشق, ستجعل من السعي و السبيل الى الحل الكامل والشامل للقضية الكردية في سوريا أكثر تعقيدا وخطورة, وستبقى المشكلة الكردية في سوريا قائمة مثلما كانت في الماضي وعليها الآن, بل ربما تتفاقم أكثر من ذلك, ويبقى الحل الترقيعي والجزئي تكتيكا لا يخدم أحدا سوى مارب المتورطين في التوقيع.

كوباني: 20-11-2005








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرة وسط تونس تدعو لإجلاء المهاجرين من دول جنوب الصحراء


.. ميقاتي ينفي تلقي حكومته رشوة أوروبية لإبقاء اللاجئين السوريي




.. بمشاركة قادة سياسيين.. آلاف الماليزيين يتظاهرون في العاصمة


.. وسائل إعلام إسرائيلية تتناول مخاوف نتنياهو من الاعتقال والحر




.. تونس.. مظاهرة في مدينة العامرة تدعو لاجلاء المهاجرين غير الن