الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا بعد الدين .. ؟

ادهم ابراهيم
(Adham Ibraheem)

2016 / 4 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


سألتني ابنة العشرين عن ما هية العقيدة او الايمان اللاحق للدين. . ولم يفاجئني هذا السؤال حقا لانني افصل دائما بين الدين كعقيدة ووجود الله كخالق للكون. . فالدين هو مجموعة القواعد والعقائد والطقوس الواجبة الاتباع من قبل الاشخاص المتدينين. . اما الله فهو الصانع للكون والخالق للحياة . فأذا ادركنا ان الطبيعة عاقلة وان الكون منظم بشكل دقيق وعقلاني ومنطقي ، فهذا يدفعنا للاعتقاد بوجود كينونة عاقلة لكل هذه الاشياء ، وبالتالي فان الله واجب الوجود . وهذا لا غبارعليه حيث يمكن عبادته والتواصل معه بأية طريقة يراها المرء مناسبة له . وبذلك فأن الايمان بالله وطاعته هو موقف فردي انساني ، اما الدين الذي نظم المجتمعات البشرية على مر التاريخ فقد تغيرت طقوسه وقواعده بتغير الازمان ، فقد بدأ بالطوطم في المجتمعات البدائية ثم تحول الى مجموعة من الالهة على النمط الروماني واليوناني ، ثم الديانة التوحيدية التي اسسها النبي ابراهيم . وجاءت من بعده الديانات اليهودية والمسيحية والاسلامية . ان الايمان بالله الواحد الاحد ، هو الايمان المجرد بقوة خارقة غير مرئية ولا ملموسة. . ولما كان الانسان يبحث دائما عن اشياء منظورة ومحسوسة للايمان بها فقد نكصت الاديان كثيرا ، ولا زالت تتخذ منحا" ماديا" للدلالةعلى وجود الله ، من تقديس صنم ليكون واسطة بين الانسان وربه اوالايمان بالاحجار اوالخواتم التي تجلب الخير والرخاء ، وكذلك الصور والاسماء والتكيات التي تقربهم الى الله. . وقد عمل الضالعين بامور الدين وعلى مدى التاريخ القريب والبعيد على تأليف الكتب لارشاد الناس الى مبادئ وعقائد هم يؤمنون بها ويدعون بأنها منزلة من الله وما هي منه ، فاضافوا القدسية على كثير من الكتب وعلى كثير من الاسماء. فزادت الطقوس المقدسة عند البشر على مر التاريخ ، ولا زالت الطقوس تكثر يوما بعد يوم ، وما زال الناس يقدسون المادة والبشر حتى ابتعدوا عن روح الدين والرسالات الاساسية ، فأمتزجت الاراء الفردية والعادات القبلية والاجتماعية مع المبادئ الاساسية للدين. التي بشر بها الانبياء والرسل . وقد تمسك كل مجتمع من المجتمعات بطقوسه الدينية واعتبرها هي الاساس والواجبة التنفيذ ، ونبذ كل الطقوس الاخرى ، بل اعتبرها خارج الدين الذي يؤمن به . وبذلك فأن الدين قد انحرف عن وظيفته الاخلاقية والانسانية واصبح يثير مبدأ اللاتسامح والعداوة . فتحولت الطقوس الدينية البسيطة الى عادات وتقاليد معقدة وضارة بالفرد والمجتمع ولم تعد المبادئ الدينية وسيلة لضبط المجتمع ، كما لم تعد تواكب التطور الانساني في الحفاظ على المبادئ الاخلاقية او تضمن الحقوق الاساسية للفرد ، فكل شئ اصبح مسموحا لترسيخ مبادئ الافكار الدينية المتجددة ، وحل الكذب والسرقة وخيانة الامانة والكره والبغضاء محل المبادئ المثالية الاولى. . كما عجزت الاديان في الوقت الحاظر على ان تكون منهجا للحياة للدول والمجتمعات. وقد نبذتها المجتمعات الاوربية منذ امد طويل فتحررت من سطوة الدين . وعندنا فشل الدين في ادارة الدولة . مثل السعودية القائمة على المبدأ الوهابي ، وايران القائمة على مبدأ ولاية الفقيه وتركيا على مذهب الاخوان المسلمين ، والعراق الذي تنازعته المذاهب . ودبت الفوضى في الباكستان والصومال وافغانستان واليمن وكثير من بقاع العالم ، لعدم وضوح المعالم الدينية في بناء الدولة والمجتمع. . ولما كان النبي محمد ( ص) هو خاتم الانبياء ، فليس هنالك من دين جديد يحل محل هذه الفوضى التي صنعناها بأنفسنا على مدى دهور من الزمن .
وبالنتيجة فأن المعرفة والمبادئ الانسانية وحقوق الانسان وحقوق الحيوان والضوابط الاخلاقية المتعارف عليها هي التي حلت محل الدين . . وهذه المبادئ الانسانية الاساسية هي التي ستكون الحاكمة لكل المجتمعات والدول في العالم ، فقد بلغ الانسان سن الرشد . واخذ يتعامل مع اخيه الانسان ومع بقية الكائنات على الارض وفق الاسس الاخلاقية والانسانية المتطورة ، والتي كان الدين اساسها .
ويبقى الله واجب الوجود ، ويمكن التواصل معه وعبادته وشكره وحمده وتعظيمه كعلاقة فردية بين الانسان وخالقه .
ادهم ابراهيم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية.. الكلمة الفصل للميدان | 202


.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية: تماسك في الميدان في مواجهة




.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مدينة صفد ال


.. تغطية خاصة | عمليات المقاومة الإسلامية ضد الاحتلال مستمرة |




.. 80-Al-Aanaam