الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العزاء بشأن عقل الإنسان -مونتين أنموذجاً-

باور أحمد حاجي
كاتب

(Bawer Ahmed Haji)

2016 / 4 / 15
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


قديماً قال "مونتين": (الإنسان كائن مسكين... أنصت إليه وهو يتبجح فحسب... هل هذا الكائن هو من يُمثّل مزايا الرب العظيم والخالد! في الواقع, ثمة الآف من النسوة العاديّات ممّن عشن في قُراهنّ حيوات [حياة] أكثر لطفاً, وهدوءاً, واستقراراً من شيشرون) تغاضى فيلسوفنا "مونتين" عن مدى تعاسة الإنسان من خلال المشكلات التي التصقت به دون سائر الكائنات الأخرى, حيث تتركنا هذه المشكلات في اللحظات البائسة بأن نتمنى لو أننا ولُدنا نملاً أو سلحفاةً أو حتى ماعزاً.
كان "مونتين" بنفسه قد انجذب وتوسع في دراسة مزايا العيش كحيوان لا كإنسان مفكر يملك عقلاً وفهماً, فها هو يعرض لنا أمثلة من عالم الحيوان كيف يعيش: (الحيوانات تعرف غريزياً كيف تساعد أنفسها حين تمرض: يمكن للماعز تمييز الريحان من بين ألف نبتة أخرى حين تصاب بجرح, كما تبحث السلاحف فوراً عن نبتة المردكوش حين تعضّها الأفاعي, كما يمكن لطيور اللقلق حقن نفسها بالماء المالح... في المقابل كان البشر مرغمين على الاعتماد على الأطباء المضللين مرتفعي التكاليف).
ويتابع "مونتين" بأن الحيوانات تفهم الأفكار المعقّدة غريزياً من دون الدخول في معاناة فترات طويلة من الدراسة. فسمك التونة خبيرة في علم الكواكب: (حيثما كانت, حين تُفاجأ بالإنقلاب الشتوي, تبقى مكانها حتى الإعتدال الربيعي) كما أنها تفهم الهندسة والحساب إذ تسبح معاً في مجموعات على شكل مكعّب كامل.
سافر الفيلسوف اليوناني "بيرّو" مرة على متن سفينة علقت في عاصفة قوية, أصاب الهلع جميع الركاب حوله خائفين من أن تُحطّم الأمواج العالية سفينتهم, ولكن كان ثمة راكب وحيد لم يفقد أعصابه وكان جالساً بصمت في زاوية من السفينة, وعلى وجهه تعابير هادئة, كان خنزيراً. استنتج "مونتين" من هذه القصة التي رواها "بيرّو" إلى القول: (هل نجرؤ على الاستنتاج أن فائدة العقل [التي نُعلى من شأنها كثيراً, والتي نعتبر أنفسنا من خلالها أسياداً على كل الكائنات] وضعت فينا كي تعذبنا؟ ما فائدة المعرفة لو فقدنا الهدوء والسكينة التي ينبغي لنا أن نتمتّع بهما دونها, ولو كانت تجعل وضعنا أسوأ من وضع خنزير بيرّو).
فالعقل الذي نتميز به دون سائر الكائنات قد وهبنا التردد والشك والألم والقلق بشأن ما سيحدث (حتى بعد موتنا) والطموح والجشع والغيرة والحسد والجنون والشهوات الجامحة, والحرب والكذب والخيانة. نتباهى بعقولنا المنطقية وقدرتنا على الحُكم والمعرفة, ولكننا حصلنا على كلّ هذا مقابل ثمن باهظ جداً جداً. (أن نتعلم أن ما قلناه أو فعلناه شيءٌ أحمق ليس أمراً ذا أهمية, بل يجب تعلُّم درس أكثر إسهاباً وأهمية: أننا لسنا سوى حمقى) الأشد حماقة بين جميع الكائنات إلى درجة أنها لا ترقى إلى مرتبة التصنيف أساساً كما قال شيشرون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أمام إسرائيل خياران.. إما رفح أو الرياض- | #مراسلو_سكاي


.. استمرار الاعتصامات في جامعات أميركية.. وبايدن ينتقد الاحتجاج




.. الغارديان: داعمو إسرائيل في الغرب من ساسة وصحفيين يسهمون بنش


.. البحرين تؤكد تصنيف -سرايا الأشتر- كيانا إرهابيا




.. 6 شهداء بينهم أطفال بغارة إسرائيلية على حي الزهور شمال مدينة