الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ضرورة الإصلاح الديني

رجراحي عبدالرحيم

2016 / 4 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يعد الدين إبداعا بشريا، يستعين به بني الإنسان على ما لم يستطيعوا إليه سبيلا؛ فهو المُخَلِّصُ من الشقاء الذي لا تنفع معه حيلة، وهو المنقذ من الضلال الذي يغشى الأبصار، وهو ضالة من عَزَّ عليه تفسير ظواهر الكون في ضوء نواميس الكون نفسه؛ ولعل هذا ما حدا بفريدريك هيكل إلى الاعتقاد أن البشرية أودعت في الدين أَعَزَّ ما تملك؛ لقد أودعت البشرية، حقا، في الدين حياتها وأَنْفَسَ ثرواتها، مثلما أودعت آلامها وآمالها.
غير أن الدين عندما يصير عائقا أمام التقدم، وسببا للتخلف، ومذكيا للفتن، فمن الحكمة المسارعة لإصلاحه، لما فيه الخير للبشرية جمعاء.
كيف يتحقق الإصلاح الديني؟ هل بالقطع مع الدين جملة أم بوصله بما تسمح به ظروف العصر والغايات السامية للبشرية؟
لن ندعي، ها هنا، أننا سنحيط بالموضوع من كافة جوانبه؛ فهذا مما لا يسمح به المقام، وما لا طاقة لنا به، بل حسبنا بيان ضرورة الإصلاح الديني والحاجة إليه التي نعتقد أنها تنزل منزلة الحاجة للمأكل والمشرب وما شاكلهما، ولا سيما أن الدين قد يكون مُحَرِّراً لحاجات الإنسان، مثلما قد يكون سالبا لها.
لَمَّا كان الخير الأقصى الذي تسعى إليه البشرية جمعاء هو بلوغ السعادة، بما تعنية من طمأنينة وسكينة وبهجة، فمن الأجدر أن يكون الدين سبيلا من سبل تحقيق هذا الخير، لا سببا من أسباب الشر. أَيُّ خير يرجى من دين يدعوا لقتل إنسان باسم الله، ومنعه من ممارسة حقوقه الطبيعية باسم الهوية أو الخصوصية؟! إن دينا من صنو هذا، لَهُوَ مُذْكٍ لأسباب الشر، ومانع لأسباب الخير، مصدر للفتن والحروب، وعائق للتعايش والسلام.
لما كان الدين يستمد مسوغاته، ومن تم كونيته، من محدودية الإنسان، ولجوئه إليه في أحلك الأوقات، فخليق أن يصون الدين الحقوق الكونية للإنسان، لا أن يكون مصدرا للحَجْرِ عليه باسم الخصوصية التي هي، في واقع الأمر، لا تعدوا وسيلة من وسائل الدفاع النفسي التي تبرر التخلف، وتحجب الضعف وَتُعَوِّضُ النقص.
يتحصل مما تقدم أن منزلة الدين منزلة عظيمة، تفرض صيانة حرمته وتقدير أهله. لكن عندما يتعارض الدين مع مقتضيات العصر، وينحرف عن سبل الخير، فخليق بنا المبادرة إلى إصلاحه، أخذاً بالحسبان الغايات السامية والقيم الكونية، وجدير بأهله مباركة هذه المبادرة وتثمينها، وهذا لعمري عين الحكمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استقالة أول موظفة يهودية من إدارة بايدن -بسبب سياسة واشنطن م


.. المفكر د. يوسف زيدان: اجتماعاتنا في -تكوين- علنية وبيتم تصوي




.. المفكر د. يوسف زيدان: اتكلمنا عن أشكال التدين المغلوط .. وه


.. دار الإفتاء في طرابلس تدعو ل-قتال- القوات الروسية في البلاد




.. -حافظ البهرة على سرية طقوسهم الدينية عبر العصور بعد اضطهاد ا