الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا تعادي الحركات الإسلاموية الفكر الفلسفي؟

المصطفى المصدوقي

2016 / 4 / 17
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لكي نفهم بشكل أفضل سبب عداء الحركات الإسلاموية للفلسفة و احتقارها للفكر العلمي النقدي و للإبداع
يجب أن نعود إلى الوراء،و تحديدا إلى القرون الخمسة الأولى للهجرة حيث وجد تيار إنساني عقلاني-إسلامي،و قد تجسد في شخصيات فكرية و أدبية كبرى كالجاحظ،و التوحيدي،و مسكويه،و المعتزلة،و ابن سينا و الفارابي و بقية الفلاسفة و الأدباء.و حيث كانت هناك مساحات من الحرية تسمح للعقل البشري بأن يعبر عن نفسه أو يؤكد ذاته،إلى جانب هذا كانت هناك تعددية فكرية و دينية و مناظرات حرة حول قضايا الدين الحساسة.
و لكن هذا الموقف الإنساني أو الفلسفي البعيد عن التعصب اختفى من الساحة العربية-الإسلامية بعد القرن الحادي عشر.و كان ذلك على إثر قرار اتخذه الخليفة القادر عام 1020باصداره ما عرف في التاريخ الإسلامي بوثيقة"الاعتقاد القادري" و الذي قرئ في جوامع بغداد،وفيه إدانة قاطعة للمعتزلة و مقولة خلق القران الشهيرة و تحريم فكرهم و أباحة دمهم،و هم من أكثر المذاهب عقلانية في الإسلام .
ثم تمت تصفية الفلسفة في المشرق بعد رد فعل الغزالي العنيف عليها و لم تقم لها قائمة.و بعد أن صفيت في المشرق انتقلت إلى المغرب و اسبانيا و انتعشت لفترة أخرى من الزمن على يد ابن طفيل و ابن باجة و ابن رشد و سواهم،و ذلك قبل أن يقضى عليها قضاء مبرما.
و هكذا انتهت العلوم كعلم الكلام و المنطق و الفلسفة و سواها ...بعد ذبول المرحلة الكلاسكية المبدعة المتميزة بالديناميكية و الغليان الفكري و الإبداع الثقافي من عمر الحضارة العربية الإسلامية،و الدخول في مرحلة الانحطاط،مرحلة الجمود و التكرار و الاجترار،مرحلة العقيدة المنغلقة على ذاتها و التي تعتبر نفسها بمثابة الحقيقة المطلقة،و و بمثابة التفسير الوحيد الصحيح للإسلام.و هي مرحلة التراجع و التقهقر و نسيان الإبداعات الماضية.و هي التي هيمن فيها الإسلام الطرقي و الفقهي و الصوفي ،ولا تزال ممتدة حتى الآن و تشل الفكر في العالم العربي و الإسلامي.
و هذا يعني أن مشكلة العداء للفلسفة و الفكر و الإبداع ..و كره التعددية و منع حق الاختلاف و فرض الرأي الأوحد على الجميع غصبا عنهم هي مشكلة قديمة جدا في الإسلام.
و هذا يعني أيضا أن الحركات الأصولية الإسلاموية إلا التركة الثقيلة التي ورثناها عن مرحلة الانحطاط،فهذه الحركات تنسب نفسها إلى ابن تيمية و التراث المتأخر عموما لا إلى المرحلة الكلاسيكية من تاريخ الإسلام التعددية الغنية فكريا و ثقافيا و التي سادت حتى موت ابن رشد. بمعنى أن الأصولية ناتجة عن جمود الفكر في الإسلام طلية قرون عديدة حتى لكأنه كان مجلدا في ثلاجة.
و لأنها وريثة عصر الانحطاط ،و لأنها مقطوعة الصلة أيضا بالبحوث العلمية و الفلسفية الحديثة ،فإن الحركات الإسلاموية تعاني من فقر فكري مدقع .و من هنا معاداتها للفلسفة.
لأن الفكر الفلسفي هو فكر تنويري نقدي يصيب في الصميم الخطاب الإسلاموي.لذا يشعر بأنه مستهدف من قبل الفكر الفلسفي النقدي الحر،إنه ينال من مشروعيته و يكشف الغطاء عن غوغائيته و فقره الفكري المدقع.
فلا ينبغي أن نستغرب محاكم التفتيش و فتاوى التكفير التي تطلق ضد المثقفين،و الروائيين،و الشعراء،و المفكرين..وبقية المبدعين في مختلف المجتمعات العربية و الإسلامية .
ولا نستغرب إن سمعنا رئيس الحكومة الإسلاموي يقول إن المغرب ليس في حاجة إلى الشعراء و الفلاسفة و المبدعين...فالداء قديم و يحتاج إلى علاج.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من يدمر كنائس المسيحيين في السودان ويعتدي عليهم؟ | الأخبار


.. عظة الأحد - القس تواضروس بديع: رسالة لأولادنا وبناتنا قرب من




.. 114-Al-Baqarah


.. 120-Al-Baqarah




.. الرئيس #السيسي يستقبل سلطان البهرة ويشيد بدور الطائفة في ترم