الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شيء عن اللغة العربية سيسيولوجيا

موسى راكان موسى

2016 / 4 / 18
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع



إن التطوّر اللغوي لا يكون دون عوائق أو مقاومة ، إلا إن إفترضنا أن التغيير الإجتماعي يمكن أن يكون دون أدنى مقاومة ، و خِلوا من الأزمات ؛ فمن يعيق التطوّر اللغوي هو نفسه من يعيق التطوّر الإجتماعي ــ لا يعني ذلك أن التطوّر يجري بطريقة آلية مثالية من البناء اللغوي إلى بقية الأبنية فالكل البنائي ، لكن يعني أن التطوّر اللغوي يدفع بالكل البنائي ضمن علاقته الخاصة ببقية الأبنية صوب التغيير ، إلا أن الأمر لا يجري كما لو كان التطوّر اللغوي هو البناء المركزي لتطوّر الكل البنائي ؛ قد يقوم البناء بدور حاسم في فترة معيّنة إلا أن هذا الدور الحاسم ليس دائم و ثابت ، كما أنه لا يكون مستقلا إستقلالا مطلقا عن بقية الأبنية ، و يبقى ضمن الكل البنائي [ إن الدور الحاسم الذي يلعبه أي بناء في فترة معيّنة لا ينشأ أساسا من ذاته ، بل من علاقته بالأبنية الأخرى ضمن الكل البنائي ؛ على الرغم من الإستقلال النسبي لكل بناء عن الآخر ضمن الكل البنائي ] .

إذا فالتطوّر اللغوي له تمظهره في الصراع الطبقي ، فإن كان التهديد بتغيير الكل البنائي هو تهديد للسلطويين المحافظين [ أي أصحاب السلطة في الكل الإجتماعي الحالي ] ؛ و هو ليس تهديد مباشر أو رئيسي ، لأنه كما سبق الذكر لا يجري التطوّر بطريقة آلية مثالية من البناء اللغوي إلى بقية الأبنية فالكل البنائي ــ فإن التطوّر اللغوي يهدد بشكل مباشر و رئيسي مصالح من يقتات بوضع اللغة المحافظ و المُتخلف ، و يمكن حصرها في الفئتين الطبقيتين (رجال الدين) و (الإنتلجنسيا) ؛ بلا شك ليس الحصر شاملا بالمطلق ، و ذلك يعود لطبيعة الطبقة الوسطى [ فليس كل أفراد الفئتين المعنيتين ضد التطوّر اللغوي ؛ إلا أن التهديد لمصلحة هاتين الفئتين من الإستفادة بوضع اللغة المحافظ و المُتخلف هو بشكل مباشر و رئيسي ] .

إن التطوّر اللغوي يهدد مصالح رجال الدين ، فالطابع العام المُستهدف هو طابع ( شعري | ميتافيزقي ) ليحل محله طابع ( واقعي | علمي ) ، و يمتد الإستهداف ليطال الكلية اللغوية المُختزلة في الأدب ؛ و الأدب هو نثر و شعر و قرآن ــ و لا يزال القرآن مُحتكر كما لا يخفى على أحد ؛ فلا يملك أي شخص حق فهمه و تفسيره ، إنما يخضع لشروط كهنوتية لا تزال فعّالة إجتماعيا [ إلا أن ذلك لم يمنع محاولات فهم القرآن و تفسيره خارج الشروط الكهنوتية ؛ إلا أن منطق الخروج في المحاولات التي وصلتنا حتى الآن هي دون التطوّر اللغوي ، أو الدفع نحو التطوّر اللغوي ــ بل إن بعضه رغم ظاهره الخارجي ضد الكهنوت يؤسس كهنوتا جديدا ، بل بعضه في خروجه يؤسس كهنوتا لا عقلانيا (كما في العرفان و التصوّف) ] . بعد ذلك أيوجد من يسأل كيف يمكن للتطور اللغوي أن يهدد مصالح رجال الدين ؟ ، لا أظن ؛ لكن يكفي أن مظهر هذا التهديد لمصالح رجال الدين سيكون كما لو أنه تهديد للدين ذاته .

أما الإنتلجنسيا ، فيكفينا أن نتناول منهم من نميل لوصفهم بـ(الأحبار) ؛ و هم أهل الإختصاص من الأكاديميين باللغة العربية ، حيث أن وضعهم المهني و النفسي جعلهم ينزعون إلى تقديس و تحنيط اللغة العربية ، فأمست اللغة جثة إله جامدة ، و أمسوا معها مرضى مهووسيين بها [ نيكروفيليين ] ــ و أيضا من نميل لوصفهم بـ(وثنيّ الهوية) ؛ و هم القوميون و الشبيحة و بعض الفلاسفة اللغويين ، و الغاية هي الهوية ، حيث أن وضعهم النفسي يطغى على وضعهم المهني [ ليس دائما ؛ فالقومي أحيانا يطغى وضعه المهني على وضعه النفسي ] ، بالتالي فهم لا ينزعون إلى تقديس اللغة بقدر ما ينزعون لتقديس الهوية [ الهوية هنا تعتمل لمصلحة الأنا المُتملكة أياها و المُتفاعِلة بها ؛ أي إله وثني ، إلا أنه من هواء ] .

فماذا يعني التطوّر اللغوي للحبر ؟! ، و ماذا يعني التطوّر اللغوي لأحد وثنيّ الهوية ؟! : تهديد هو هو نفسه التهديد بالنسبة لرجال الدين ــ فالتطوّر اللغوي يقف أمام ثلاث [ إله الحبر ، إله الوثني ، إله الكاهن ؛ إلا أنها ثلاثتها ليست إلا واحدة ، هي هي الأنا ــ المُتملكة اللغة في وضعها المحافظ و المُتخلف و المُتفاعلة بها ] ، لذا فليس أمام التطوّر إلا أن (يكون أو لا يكون) ؛ فأين موقع كل واحد منا [ نحن مستعملي اللغة العربية ] من هذا المشهد الصراعي ، اللغوي في ظاهره ، الإجتماعي في حقيقته ؟! .











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل وحماس تتمسكان بموقفيهما مع مواصلة محادثات التهدئة في


.. إيران في أفريقيا.. تدخلات وسط شبه صمت دولي | #الظهيرة




.. قادة حماس.. خلافات بشأن المحادثات


.. سوليفان: واشنطن تشترط تطبيع السعودية مع إسرائيل مقابل توقيع




.. سوليفان: لا اتفاقية مع السعودية إذا لم تتفق الرياض وإسرائيل