الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تهافت المانفيستو النمري

موسى راكان موسى

2016 / 4 / 25
في نقد الشيوعية واليسار واحزابها



(( أعزائي الشيوعيون !
إسمحوا لي بأن أدعي بأن الموضوع أدناه إنما هو البيان الشيوعي المكمل لبيان ماركس 1848 و لذلك أرى أن يدرس الموضوع بعمق و هو ما من شأنه أن يعزز العزم و الفكر الشيوعيين ، كما لي أن أدعي أن ليس ثمة موقف شيوعي يتجاوز هذا البيان )) ــ و بهذا التقديم يمهد الأستاذ فؤاد النمري لولوج الطرح المعنون بالحوار المتمدن بعنوان (( المانفيستو الشيوعي اليوم )) ، و أوّد قبل الخوض في الطرح نفسه أن أخوض في التقديم بعض الشيء :
1. من حق الشيوعيين و غير الشيوعيين الخوض في الإطروحات الماركسية دون إستثناء و دون أي شروط مُسبقة ؛ و من ذلك أمارس بعض من هذا الحق بنفسي هنا .
2. أتعجب من الأستاذ النمري ، و هو الذي يتبنى الإنقطاع البنيوي الطوري المؤقّت بالسبعينيات [ و على وجه الدقة بإعلان رامبوييه ] ، يصف بيانه بـ(ـالمكمل) لبيان ماركس ! ــ فإما أن يكون النمري استبصر ما لم يستبصره ماركس في حينه ، فلا يزال طور ماركس هو نفسه طور النمري ، أو لا يعدو الأمر كونه مجرد خطئ من النمري في التعبير ؛ لكن أيا يكن الأمر ، فإن البيان عليه أن يكون هو الآخر قطع مع البيان السابق لا تكامل . أوليس النمري نفسه يدعي أننا الآن في طور هو هو قطع مع الطور الرأسمالي ؟! .


و سنتجاوز السرد الإخباري في الطرح كله ، الذي لا يعدو كونه مجرد حشو ــ فنبدأ بالتركيز على نقطتين لها علاقة بستالين في الطرح :
1. التسعير الطبقي ؛ بشكل خاص مع الفلاحين ، و بشكل عام مع الطبقة الوسطى بكل ما تضمه من فئات [ الإنتلجنسيا و العسكرتيريا ] .
2. تصفية الكهول في القيادة و المكتب السياسي للحزب لصالح العنصر الشبابي .

* النقطة الأولى كان قد أتخذ ستالين منها موقفا سلبيا ، لأسباب موضوعية مؤقتة [ و هو ما يرجحه النمري ] ، أما الثانية فقد إتخذ منها ستالين موقفا إيجابيا [ حتى أنه حين رفض طلبه الذي يدعو فيه لمنع إعادة إنتخاب الكهول ، ليحل محلهم الشباب ــ تقدم بطلب إضافة 12 عضو ، يشترط أن يكونوا من شباب ، ضمن عضوية المكتب السياسي ] .

لكن في النقطة الأولى ، حيث لا نتفق مع من يسمي الإتحاد السوفييتي بـ(ـرأسمالية الدولة) ، نقول بكل صراحة و وضوح (( حيث لا رأسمالية ، لا بروليتاريا )) ؛ فليس كل عامل مُنتِج هو هو بروليتاري ، لكن كل بروليتاري هو عامل مُنتِج ، و الأمر ليس مجرد فزلكة لغوية [ و ليس ذنبنا أن البعض يهوى أن يظل سطحيا في نظره ] ــ إذا فالإعراض عن التسعير الطبقي لم يكن لصالح البروليتاريا بقدر ما هي مُستجدات في الكل الإجتماعي في الإتحاد السوفييتي عجز أمامها ستالين و أعضاء الحزب (الكهول) ، فلم يكن هناك أي بروليتاريا في كل الإتحاد السوفييتي و إن كان هناك من يمكن أن نقول عنهم أنهم عمال مُنتِجين ، لذا حاول ستالين أن يعطي الدور لدماء جديدة يمكنها أن تواجه هذه المُستجدات ؛ لكن الأمر كله إنتهى إلى خيبة .

# (( ماهية البروليتاريا )) ركن حاسم لا يتناوله النمري كما يجب ، أو بالأحرى يتناوله كما لا يجب ؛ أي كطبقة إجتماعية (مستقلة) في تحديدها عن الطور الإجتماعي الذي هو من خلقها و هو شرط إستمرارها كطبقة ــ لذا نجد الأستاذ النمري يؤمن بوجود أشباه و أشباح البروليتاريا في الإتحاد السوفييتي سابقا و العالم حاليا .


يعدد الأستاذ فؤاد النمري مظاهر ما يسميه (( الهروب من الإستحقاق الإشتراكي )) ــ فهي في المعسكر الإشتراكي كانت في :
* إلغاء ديكتاتورية البروليتاريا .
* لجم الصراع الطبقي .
* الفصل بين الثورة الإشتراكية و الثورة الوطنية .
* الإستقلال المالي لمؤسسات الإنتاج .
* الإلتقاء مع الإمبريالية في منتصف الطريق من أجل السلم .
* إنتاج الأسلحة .
* تصدير المواد الخام ؛ النفط و الغاز .

# ما يهمنا بشكل رئيسي من هذه النقاط ، هو الذي ما يزال منها حيّا مُرتبط بالواقع المعاصر (( لجم الصراع الطبقي )) و (( إنتاج الأسلحة )) و (( تصدير المواد الخام )) ــ و لكن دون تحديد الطبقات بمنهجية جدّية تقترب من الواقع الإجتماعي بقدر إقترابها من الصرامة العلمية ، لا تعدو مجرد ثرثرة يسارية ؛ قلنا أنه (( حيث لا رأسمالية ، لا بروليتاريا )) ، بالتالي فإلغاء (ديكتاتورية البروليتاريا) أو الإبقاء عليها دون وجود إجتماعي لبروليتاريا ، هو هو سواء .

أما فيما يتعلق بـ(( إنتاج الأسلحة )) و (( تصدير المواد الخام )) ، فهو و إن بدا في الظاهر مُرتبط بالثروة النقدية ، إلا أنه مُرتبط بـ(ـقوة العمل) ؛ في الأولى تشتيت و تبديد لـ(ـقوة العمل) ، و في الثانية تتدخل الأتمتة ، أي تغليب المكننة على العناصر البشرية [ بمعنى آخر أوضح : هو الإستغناء عن (قوة العمل) ، أو الإكتفاء بالحد الأدنى من (قوة العمل) ] .


أما في المعسكر الرأسمالي فكانت في :
* مقاومة الشيوعية ؛ الغزو العسكري و التخطيط مخابراتي و القمع الفكري .
* التخلي عن إنتاج السلع ، و التوجه إلى إنتاج الخدمات .
* نقل القيمة من البضاعة إلى النقود ؛ بمعنى أكثر وضوح تم الإستغناء عن مُقيّمات القيمة لـ(ـقوة العمل ؛ المُتجسّدة في الإنتاج المادي/السلعي) ، لتحل مكانها مُقيّمات القيمة لـ(ـقوة العمل ؛ المُتجسّدة في الإنتاج المعنوي/الخدماتي) ــ و هو ما يمكن التعبير عنه ببساطة بـ(ـالتخلي عن الذهب ؛ كغطاء للنقود) لتحل محله (الثقة ؛ كغطاء للنقود) .
* التخلي عن النظام الرأسمالي .

# ما يهمنا في هذه النقاط بشكل رئيسي هو (( التخلي عن إنتاج السلع ، و التوجه إلى إنتاج الخدمات )) و (( نقل القيمة من البضاعة إلى النقود ... إلخ )) ــ و في كِلا النقطتين تلعب (قوة العمل) دورا يستوجب تحليله ؛ لكن للأسف لا يتجاوز الأستاذ النمري الموقف السلبي من (الخدمات) و (النقود ؛ التي غطاؤها الثقة) إلى تحليل كنه كليهما ، من حيث ما يمثلانه بالنسبة لـ(ـقوة العمل) [ أو للدقة ما يمثلانه من حيث نزعة القوة ] .

في معالجة الأستاذ النمري للوضع العالمي المعاصر في بيانه ، إكتفى بالإشارة إلى كل من روسيا و أمريكا دون غيرهما ؛ و إن بدت الإشارة مُبتذلة و سطحية للغاية ، إذ قد تم إختزال ما يُفترض به أن يكون دراسات و أبحاث في الوضع الإجتماعي لكل من روسيا و أمريكا ، و ما يرتبطان به عالميا ، إلا أن الإشارة ليس خاطئة تماما ــ يشير النمري إلى ما يسميه بـ(ـتأجيل الإنهيار الشامل) المُتأتي من (الهروب من الإستحقاق الإشتراكي) ، ففي روسيا يتم عن طريق (( تصدير النفط و الغاز )) ، أما في الولايات المتحدة الأمريكية فعن طريق (( الإستدانة )) ، و هذا (التأجيل) مؤقت ليس إلا ؛ و كِلا الطريقتين غير مُحتكرة لروسيا و أمريكا فقط ، بل إن دول أخرى تعتمد هذه الطرق [ بغض النظر عن التفاوت في الإعتماد ] .

إن المسألة أعقد و التي تبدو في طرح الأستاذ النمري بسيطة ، إن النزعة الإقتصادية قد أوقعت النمري في ضلال الحركة الآلية للمجتمع ككل [ و يعبر مذهب النمري القائل بأن التحوّل إلى الإشتراكية من الوضع الحالي سيتم سلميا بلا ثورة ! ، عن ضلال هذه النزعة الإقتصادية ] ، بل و ألهته عن التناول البحثي للوضع الإجتماعي الكلي من حيث هو راهني و معاصر ؛ فلا نجد تحليل إجتماعي و فهم للوضع الطبقي فيه ، إلا إن إعتبرنا أن البحث الإجتماعي العلمي و الجاد هو الإكتفاء بذكر مصطلحات التسميات الطبقية : بروليتاريا و برجوزاية و برجوازية وضيعة ــ إن (المانفيستو النمري) يبلغ درجة من السطحية و النزعة الإقتصادية لا تخوله أن يكون بيان مشابه لبيان ماركس [ لا من حيث هو قطع ، و لا من حيث هو تكامل ] ، إلا أنه يؤدي بطريقة أو بأخرى إلى أن يكوّن بيان مشابه لبيان ماركس ، فهو بشكل عام يدفع في هذا الإتجاه ؛ إلا أنه من الواجب في هكذا أطروحات الإلتزام بالحذر و جدّية البحث ، و شيء من سعة الصدر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لماذا الأن
زينة محمد ( 2016 / 4 / 25 - 23:44 )
كنت أتمنى ان يتم نقد ما كتبه النمري منذ فترة ليست بالقصيرة ابان حضوره على صفحات الحوار وليس في غيابه ! على الأقل ليتمكن من الرد!


2 - لماذا
دلير زنگنة ( 2016 / 4 / 26 - 02:49 )
و لماذا هو غائب سيدة زينة، اتمنى ان يكون بصحة جيدة.

اخر الافلام

.. من يتحمل مسؤولية تأخر التهدئة.. حماس أم نتنياهو؟ | #التاسعة


.. الجيش السوداني: قواتنا كثفت عملياتها لقطع الإمداد عن الدعم ا




.. نشرة إيجاز - الحكومة الإسرائيلية تغلق مكتب الجزيرة


.. -تجربة زواجي الفاشلة جعلتني أفكر في الانتحار-




.. عادات وشعوب | مدينة في الصين تدفع ثمن سياسة -الطفل الواحد-