الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين المركزية واللامركزية في سوريا

صلاح الدين مسلم

2016 / 4 / 28
القضية الكردية


بات الصراع على أشدّه بين المركزيّة التي اتفّقت عليها كلّ من النظام والمعارضة في خيمة جنيف، وكلن الاتّفاق حول رفض الفيدراليّة، ولم يطرحوا أيّ حلّ آخر، فما هي الحلول المطروحة وفق عدم التوافق بين المعارضة وبين الشمال السوريّ أو روج آفا؟ لماذا كلّ هذا الابتعاد عن الحلّ؟ لطالما لجأت الدول إلى خلق فيدراليات لمآرب اقتصاديّة لتسهّل عبور التجّار وبضائعهم، فلماذا لا يكون ذاك الاتّحاد بين المجتمعات التي لاقت الويلات بين النظام المتشبّث برأيه وبين المعارضة المتشبّثة برأيها؟ ومازال الخلاف على الأشخاص وليس نوعيّة النظام القائم، فما هو الحلّ المطروح في سياقات هذه الدولتيّة المركزيّة التي تريد المعارضة الحفاظ عليها وتعض عليها بأسنانها؟ لا تريد أن تبرح فكرة الدولة المركز، ولطالما كانت المشكلة في المركز الصارم وليس في الشخص القائم على هذا المركز.
إذا كان الحلّ هو الدولة القوميّة أو الدولة الأمة وهي المنطقة الجغرافية التي تتميز بأنّها تستمد شرعيّتها السياسية من تمثيلها أمّة أو قومية مستقلة وذات سيادة، وهي كيان ثقافي وأثني، وتماثل وتطابق الشعب مع الكيان السياسي، إذاً فكم دولة قوميّة يجب أن تنشأ في سوريا؟ إن كنتم دعاة دولة قوميّة، فعليكم بحرب أخرى ليفني القويّ الضعيف، وتعاد إنشاء هذه الدولة القوميّة التي تفتّتت، وتشرذمت وأحرقت الأخضر واليابس وحال الملف السوريّ المتدهور باد للعيان، وإن كان الحلّ يكمن في تعزيز هذه الدولة والدولة السوريّة في حالة ضعف فما لها حلّ سوء الاستنجاد بالدول الغريبة عن الملف السوريّ لتزيد من لهيب هذه الحرب، ولينشأ الاقتتال الطائفي والعرقيّ والأثنيّ، ولتنشب حربٌ جديدة أشدّ وطأة من سابقتها.
لو أنّك تقرأ ميثاق الأمم المتّحدة فلابدّ أن تعيش في خيال وتجنّح وتحلّق عالياً في سماء هذه الأخلاق العاليّة، لكن أين نداء الأمم المتّحدة الذي قال: علينا أن ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب التي في خلال جيل واحد جلبت على الإنسانية مرتين أحزاناً يعجز عنها الوصف في الحربين العالميتين الأولى والثانيّة، وأن نؤكد من جديد إيماننا بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد وقدره وبما للرجال والنساء والأمم كبيرها وصغيرها من حقوق متساوية، وأن نبيّن الأحوال التي يمكن في ظلها تحقيق العدالة واحترام الالتزامات الناشئة عن المعاهدات وغيرها من مصادر القانون الدولي، وأن ندفع بالرقي الاجتماعي قدماً، وأن نرفع مستوى الحياة في جو من الحرية أفسح، فهذه هي الديباجة وشعار الأمم المتّحدة، فأين هذا الشعار ممّا يجري الأن على الساحة الشرق أوسطيّة في سوريا والعراق وتركيا؟ أين مبدأ التسامح شعار القانون الدوليّ؟، أين شعار العيش معاً في سلام وحسن جوار؟ والمحافظة على السلم والأمن الدولي، والتعهّد برسم الخطط اللازمة في عدم استخدام القوة المسلحة في غير المصلحة المشتركة، واستخدام الأداة الدولية في ترقية الشؤون الاقتصادية والاجتماعية للشعوب جميعها، فإن كانوا يلجؤون إلى الأمم المتّحدة عندما تضيق بهم السبل، فكذلك نستطيع اللجوء أيضاً في البنود السابقة، وبند حقّ تقرير المصير، حيث كان مبدأ حق تقرير المصير أساس اتفاقية فرساي التي وُقّع عليها بعد الحرب العالمية الأولى، لكنّهم يقولون: إنّ القانون الدولي يتبنّى الفيدراليّة إذا وافق المجتمع السوري عامّة، وعلى الدولة أن توافق على الفيدراليّة.
لم يكن هناك وعاء يستطيع أن يحتوي اللامركزيّة مثل الفيدراليّة، هذه المركزيّة الممقتة التي حوّلت المنطقة إلى مناطق فيها انتعاش ومناطق فيها هجرة، المركزيّة التي احتكرتها النخبة البعثيّة، والآن يريد الأخوان استبدال الدور، وكانت التهمة الجاهزة للكرد تحت بند: "الانتساب إلى جمعية سرية تهدف إلى اقتطاع جزء من الأراضي السورية، وضمّها إلى دولة أجنبية، ومحاولة الإساءة للعلاقات مع دولة صديقة." لكن بعد أن تستولي هذه المعارضة السوريّة بشكلها الحالي على السلطة في سوريا وتسيطر وتُبقي على المركزيّة، فإنّها ولا بدّ وأنّها ستضيف مادّة أخرى للبند السابق: " الحلم بالفيدراليّة والتكلم بلغة أجنبيّة وعدم تبني العروبة وترك الصلاة والكفر..."
لقد اجتمعت سبع قوميات وثلاثة أديان اتّفقت على الفيدراليّة، فتصوّروا لو تقاتلت هذه الطوائف كما يريد النظام، وكما تريد المعارضة، إذاً هو الحلّ الذي تريده ذهنيّة الدولة القوميّة، ذهنيّة حقّ الأغلبيّة لتحكم الأكثريّة، ضمن مركز واحد، هاتوا لنا حلّاً وضعه ديمستورا، (حكومة انتقاليّة تمتلك كافّة الصلاحيّات) وانتهت المشكلة برأيه.
لماذا كلّ هذه الفيدراليّات بين الدول؟ ولماذا يكون تحريم هذا المشروع في الشمال السوريّ روج آفا؟ اليونسكو، والمجلس الأوروبي، منظمة العمل الدولية، الاتحاد الأوروبي، منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، ومنظمة الدول الأمريكية، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومنظمة التجارة العالمية، صندوق النقد الدولي، البنك الدولي، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية...
المجتمع السياسي الأخلاقي؛ هو المجتمع الذي لا تستطيع النخبة الممتلكة للعلم والمال أن تلعب بمقدراته عبر طاولة مفاوضات تقتات على دماء شعوبها، وهو المجتمع الذي لا يعرف القانون مسارا لضبطه عبر تعقيداته القولبية البروتكسية الصلبة التي لا تتناسب مع أخلاق المجتمع المرنة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آلاف الإسرائيليين يتظاهرون للمطالبة بإبرام صفقة تبادل فورية


.. طلاب نيويورك يواصلون تحدي السلطات ويتظاهرون رفضا لحرب غزة




.. نقاش | اليمن يصعد عملياته للمرحلة الرابعة إسناداً لغزة ... و


.. لحظة اعتقال قوات الاحتلال حارس القنصل اليوناني داخل كنيسة ال




.. حملة أمنية تسفر عن اعتقال 600 متهم من عصابات الجريمة المنظمة