الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- الطقس والمعتقد -

الشدادي عزالدين

2016 / 4 / 28
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الطقس والمعتقد


عزالدين الشدادي

يشير لفظ الطقس عادة إلى " الطريقة التي يتم بها أداء الأنشطة والأفعال ذات الطابع الاحتفالي المقدس ، بحيث ينظم سلوك الجماعة وفق نمط محدد ومنتظم في الزمان والمكان " ، ويخضع الطقس على مستوى الممارسة لجملة من الشعائر Rites والمراسم المليئة بالدلالات والمشحونة بالرموز التي غالبا ما ترتبط بتصور الناس وتمثلهم اليومي لمكونات الوجود الاجتماعي والطبيعي ، ويتسم الطقس عادة وكما أجمع العديد من الباحثين في حقل الأنثربولوجيا والسوسيولوجيا بثلاثة خصائص :
-;- التقعيد : خضوع الجماعة والأفراد معا إلى جملة من القواعد والضوابط المنظمة والتي بدونها يفقد الطقوس خصوصيته الوجدانية والغيبية
-;- التكرار : تكرار الأفعال والسلوكيات والمراسم بشكل نمطي موغل في الإعادة وذلك وفق خطة معينة ومحددة
-;- الشحنة الرمزية : حمولة الطقس الرمزية والدلالية التي تختلف بحسب المواضيع والتمثلاث التي يحملها الأفراد
إن الطقس أو الطقوس بصيغة الجمع لا تخلو إذن من بعض الدلالات والرموز المرتبطة والمتداخلة فيما بينها بشكل يغلب عليه أحيانا طابع القابلية الطوعية المعبرة في العديد من الأحيان عن تمثلاث الناس حول وجودهم الاجتماعي ، وهي تمثلاث رافقت مختلف الحضارات في تقدمها وتطورها بحيث رغم التطور الحاصل في العمران والاقتصاد ظلت هذه الطقوس والمعتقدات محافظة على ماء وجهها خصوصا في الأوساط القروية القائمة على التضامن الآلي الذي يخضع فيه الناس لتفكير موحد ونمطي .


تقليب أوراق الحضارات والمجتمعات القديمة يربط لنا تطور الطقوس بتطور المجتمعات الفكري ، ويكشف لنا عن طبيعة هذه الطقوس التي كانت في بداياتها ذات طابع سحري محض تحول أو انتقل فيما بعد ذلك إلى معتقد تقوم على أساسه العبادة التي تجسدت في العديد من المظاهر كصناعة التماثيل والهياكل وحتى الآلهة التي توزعت بين مبدأي الخير والشر ، وداخل عملية الانتقال هذه حق لنا التساؤل عن تلك العلاقة المركبة بين المعتقد والطقس أو بين المعتقدات والطقوس ؟
طقوس ومعتقدات الحضارات القديمة ( القرطاجية ، البابلية ، الفينيقية ، الآشورية ،،) تميزت بطابع الاختلاف ، وأغلبها ارتبط بأبعاد ميتافيزيقية ذات علاقة بمسائل مثل ( الخلود ، الوجود ، العالم الأخروي ) ، وهنا انتقلنا إلى المعتقد Culte الذي أدى بنا وبشكل أوسع على الانتقال إلى مفهوم الدين Religion

في المغرب شأنه شأن باقي بلدان شمال افريقيا تظهر لنا تجليات العديد من الطقوس الموغلة في القدم والتي هي بتعبير الأنتربولوجي الفنلندي ويستر مارك Westermarck استمرار لطقوس وممارسات وثنية قبل إسلامية مثل :
-;- عبادة الأولياء
-;- عبادة المغارات ومنابع المياه
-;- اللعنة والبركة
-;- التمائم (السبوب / الحروز )
طقوس تحمل بداخلها معتقدات تعبر عن مكنونات الأفراد الباطنية وتعكس وبشكل جلي رؤاهم حول الكون والوجود والغير ، والمجتمع المغربي الذي شكل بتعبير بول باسكون خلال الستينيات من القرن الماضي ملاذا للباحثين الأمريكيين يحمل هذا التداخل بين مكونات حقوله الاجتماعية ، تداخل في الأنماط الاجتماعية وتداخل في المعتقدات التي يقدسها الأفراد بشكل جلي في مختلف ممارساتهم اليومية والموسمية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موريتانيا: ماذا وراء زيارة وزيريْ الدفاع والداخلية إلى الحدو


.. إسرائيل وحسابات ما بعد موافقة حماس على مقترح الهدنة في غزة




.. دبابة السلحفاة الروسية العملاقة تواجه المسيرات الأوكرانية |


.. عالم مغربي يكشف عن اختراع جديد لتغيير مستقبل العرب والبشرية




.. الفرحة تعم قطاع غزة بعد موافقة حماس على وقف الحرب