الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المغالطات في التشبية و الإستدلال عند ذاكر نايك 1/2

منال شوقي

2016 / 4 / 30
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كنت قد شاهدت فيديو لأحد مهرجانات ذاكر نايك و الذي يجيب فيه علي أسئلة الملحدين و المسيحيين علي طريقة سلفه أحمد ديدات .
و الحقيقة أنني أشفق كثيراً علي هذا النايك فمن سوء حظه أنه ظهر في عصر أكثر ذكائاً و تقدماً من عصر ديدات و فيه من التطور المعرفي الشئ الكثير بفضل التقدم التكنولوجي الذي جعل البحث و الإطلاع متاحاً للجميع . فقد كان ديدات مثلاً يستطيع أن يدلس علي محاوريه الأمريكان و هم مواطنون عاديون بالمناسبة و ليسوا مناظرين متمكنين فيبرر التشريع الإسلامي الذي يبيح للرجل الزواج من مثني و ثلاث و رباع بأن عدد الرجال أكثر من عدد النساء في أمريكا في الوقت الذي نستطيع فيه الأن و بضربة زر واحدة أن نعرف أن الإحصائيات السكانية فيما يتعلق بالنوع تقول بأن عدد الرجال مساوي تقريباً لعدد النساء في جميع دول العالم ، بل إن عدد الرجال يفوق عدد النساء في بعض الدول .

.
وقف شاب أمريكي و طرح سؤالين غاية في الذكاء و النباهة ، لن يطرحهما إلا من تأمل كثيراً في هذا الإله و أراد معرفته بصدق ، أراد أن يفهم ليصدق لا أن يصدق لأن أسلافه صدقوا .
عن نفسي توقعت إجابة ذاكر نايك بل توقعت المثال الذي سيضربه للتدليل علي طرحه و لم يخب توقعي .
بعد الثناء علي ذاكر - كي يتسع له صدره و صدر منظمي و مقدمي المهرجان سأل الشاب الملحد فقال : لقد سألت هذا السؤال لأشخاص عديدين و لم أجد عند أيا منهم إجابة مُرضية يقتنع بها عقلي و لذا فكرت باللجوء إليك فلعلك تستطيع أن تقنعني و تجيب سؤالي لأنني شاهدت لك عدد من الفيدوهات علي اليوتيوب و أجدك من أكثر (علماء الإسلام ) عقلانية و منطقية .
ثم إستطرد الشاب الملحد قائلاً : قبل أن يقرر الله أن يخلق هذا الكون و قبل أن يقرر أن يخلق الإنسان و قبل أن يقرر أن يخلق النبي محمد كان يعرف النتيجة النهائية لكل هذا ، كان يعلم من سيكون مصيره الجنة و من سيكون مصيره النار ، كان يعلم أن هناك أشخاص سيلقون في النار و يتعذبون للأبد و مع ذلك لم يحاول أن ينقذهم و ذلك لحكمة ما بحسب القرآن و سؤالي هو : لماذا يكون الله سادي علي هذا النحو بحيث يستمر في خطته التي تقضي بحرق البعض كما علم هو منذ البداية ؟
.
جاء الأن الدور علي ذاكر نايك ليجيب علي السؤال الأول فقال : لقد أنشئت مدرسة و ربما تكون قد سمعت عنها و إسمها المدرسة الإسلامية العالمية فإذا قامت معلمة بإجراء إمتحان للطلبة و في أثناء الإمتحان كتبت سؤال ما ناتج 2 + 2 ، ورأت التلميذ الذي كان أمامها يكتب أن الناتج هو 5 فبإمكانها بسهولة أن تخبره أن الناتج يساوي 4 و ليس 5 فهل من العدل أن تقوم المعلمة أثناء الإمتحان بتصحيح إجابة التلميذ الخاطئة ؟
.
إعترض السائل و قال له هنا و في هذا الموقف أنت لديك حق و لكن الله كان يستطيع منذ البداية أن يُجنب نفسه هذا الموقف .
قال نايك : هل تقصد أنه كان يستطيع أن يخلق كائنات لا تخطئ ؟
قال الشاب : نعم
فقال نايك : و لكنه خلق مخلوقاً كهذا بالفعل ، لقد خلق الملائكة و الملائكة لا تعصي أمراً إلهياً أبداً .
.
تعليقي أنا علي ذاكر : إذن فقد كانت رغبة الله منذ البداية خلق كائنات تعصية أو علي الأقل قادرة علي معصيته و لابد أن لديه سبباً وجيهاً لهذا إذ أنه يعلم مسبقاً أن الملائكة ستعبده شائت أم أبت و لن تعصيه أبداً لأنه برمجها علي السمع و الطاعة و لكنه وجد أن هذا لا يُرضي غرور الإله بداخله فقرر أن يخلق كائن أخر ذو كتالوج مختلف فوضع في كل فرد منا مقداراً مختلفاً من الخير و الشر و الذكاء و الغباء ليؤمن بعضهم به و يختار بعضهم أن يعبده فيكافئه الإله و ليكفر البعض الأخر به فيذيقه عذاب الحريق و هنا تتحقق للإله الألوهية الكاملة متمثلة في إختيار المؤمنين له كإله خالق بمحض إرادتهم ( و هو ليس حقيقي بالمناسبة و سأوضح السبب لاحقاً ) حتي و لو كان ثمن تلك التمثيلية أن يحترق البعض في النار للأبد .
.
نعود لنايك الذي يقول : الملائكة لا اختيار لديهم و لا إرادة فهم لا يستطيعون أن يعصوا أمراً لله بينما الإنسان أفضل من الملائكة لكونه يملك الإختيار بالطاعة و المعصية قمن يطيعه يكافئه بالجنة و من يعصيه يعذبه في النار
.
و تعليقي عليه : من منطلق المثال الذي ضربه ذاكر نايك بالمعلمة و عدم عدلها إن هي صححت للطالب المخطئ إجابته في أثناء الإمتحان ، أين إذن العدل الإلهي الذي يجعل الله يخلق كائنات مثالية تجيب أتوماتيكيا علي جميع أسئلة الإمتحان بإجوبة صحيحة بينما يخلق كائنات أخري قد تخطئ و قد تصيب ؟
و إن كان الله قد أنقذ الملائكة بإرادته من النار فلما لم يخلقني ملاك أيضاً ؟
و إن كان البشر أفضل من الملائكة بامتلاكهم حرية الإختيار فلما لم يخلق الملائكة بشراً بإرادة حرة و اختيار حر ليتحقق العدل ؟
مازال الله ليس عادلاً و مازلنا نتحايل علي المنطق لنرقع هنا حتي إذا انتهينا نكتشف خرق أخر فننزع الرقعة الأولي لنرقع بها الخرق الثاني و هكذا دواليك .
.
و بصرف النظر عن موضوع الملائكة و مقارنتهم بالبشر ، يقول نايك أنه ليس من العدل أن تصحح المعلمة للطالب إجابته أثناء الإمتحان و بالطبع هذا كلام لا غبار عليه و لكن هل يكون من العدل و الحكمة أن تذهب المعلمة بنفسها لبيت طالب محدود القدرات العقلية ( و لنفترض أنه من ذوي الإحتياجات الخاصة ) و تقنعه بالإنضمام لفصلها الدراسي الذي تُدرِس فيه لطلبة متفوقين علمياً و يتمتعون بنسب ذكاء مرتفعة ؟
إن كان عدم تصحيح المعلمة لأخطء الطالب أثناء الإمتحان ليس عدلاً فإنه لمن الحماقة أن تطلب من هذا المسكين ذو القدرات العقلية المحدودة أن يلتحق بفصلها !
أوليس الله هو من خلق لنا عقولنا فميز المؤمنين به بذكاء حرم منه الكافرين به ؟
إن أنت إشتريت سيارة ( مثال المؤمنين الشهير ) فاكتشفت أن بها عيوباً أتلوم السيارة المعيوبة و تعاقبها أم تذهب لتحتج علي المصنع الذي صنعها ؟
هذا بمناسبة ما تحدث عنه نايك من الإرادة و الاختيار الحر المكفولان للإنسان .
فنحن نفهم و نعي ثم نختار و اختياراتنا متوفقة علي مقدار و كيفية فهمنا المنوط بعقولنا و التي هي خلق الله و غني عن الذكر أننا لسنا علي نفس المستوي من الذكاء و المواهب العقلية .
.
يتطرق ذاكر نايك بعد ذلك للحديث عن يوم ألست بربكم أو عالم الذر فيقول : أخذ الله ذرية أدم من ظهره يوم أن خلقه و أشهدهم : ألست بربكم ؟ قالوا بلي
ثم يستشهد بأيات من سورة الحشر : لو أنزلنا هذا القرآن علي جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله . و أيضاً من سورة الأحزاب : إنا عرضنا الأمانة علي السماوات و الأرض و الجبال فأبين أن يحملنها و أشفقن منها و حملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا
ثم يضيف : أنا و أنت كنا جهلة و الأن لا يمكننا العودة بالزمن ، أنت قلت أنك تريد أن تتحمل الأمانة و تخوض الإختبار .
.
رد الشاب قائلاً : و لكن أحداً لم يسألني ؟ ربما سأل أدم و حواء و لكن ليس أنا
فيرد نايك : لا يا أخي ، ( القرآن يقول ) أن كل شخص قد سُئِل ثم تم محو ذاكرته ، بالطبع أنت لا تتذكر و أنا لا أتذكر ( و لكنني أؤمن بالقرآن و بما يقوله ) و في يوم القيامة سيقول الله لا أحد سيعترض علي حكم الله لأننا سنتذكر السؤال الذي سألنا الله لنا قبل خلقنا .
لدينا في الدنيا فرصتنا لنخطئ فإن إنتهت حياتنا فليس من فرصة ثانية .
.
و تعليقي أنا : لماذا يمحو الله ذاكرتنا من الأساس إذا كان بيننا و بينه إتفاق ؟
ما قيمة هذا الإتفاق من الأساس إن كنت سأنساه وقت الإختبار ؟
المنطق يقول أنه لا قيمة له و أنه و الحال هكذا يخدم الله فقط في أن يحتج به علينا حين يرد إلينا ذاكرتنا و تخيل أن يطلب منك الطبيب قبل أن يجري لك جراحة أن تقاوم شخصا ما إن هو حاول جذبك من فوق طاولة العمليات و تخيل أنك جاهل و أحمق كما يقول القرآن و وافقت علي هذا الإتفاق ثم حدث و أفقت من البنج ا لتجد الطبيب يُعنفك علي عدم تنفيذك للإتفاق و عدم طاعتك للتعليمات التي أعطاها لك قبل تخديرك فقد سمحت لهذا الشخص / الشيطان بأن يجذبك من فوق الطاولة و لم تقاومه !
بالطبع أنت ستتذكر الإتفاق بعد إفاقتك و لكن ما فائدته ؟ كيف نفعك ؟
أو تخيل مثلاً أنك إتفقت مع أخر علي أن يقرأ كتاباً ما ثم وضعت له في الطعام مخدراً جعله ينسي الإتفاق بينكما و بعد أن استعاد رشده تلومه لأنه لم يتذكر الإتفاق بينكما في أثناء غياب عقله و لم يقرأ الكتاب ، هو بالطبع سيتذكر الإتفاق بعد أن يفيق و لكنك تعمدت ألا يكون لهذا الإتفاق قيمة و نفيت كونه عاملاً مساعداً له في نجاحه في أن يفي بالإتفاق بينكما بعد أن محوت له ذاكرته ، فما قيمة إتفاق الله معنا إذن في عالم الذر ؟
هو لم يخدمني أبداً في حياتي بل يخدم الله الذي سيُظهر لي هذا الإتفاق و عليه توقيعي بعد أن تعمد أن يمحو من ذاكرتي أن إتفاقاً ما كان . ثم أن استشهاده بالقرآن في حد ذاته مغالطة إذ كيف تستشهد بما لا أؤمن من الأساس بصحته ؟
و كأنني أنصحك بتناول دواء ما أثناء مرضك فإن أنت رفضت لأنك لا تثق بالدواء طمئنتك أنا بأن من وصفه لك الطبيب حازم في حين أنني لا أصدق من الأساس أن حازم طبيباً و منيقنه من أنه محامي .
.
يقول ذاكر : ( المشكلة فقط في أنك لا تتذكر ) و كأن تلك مسألة بسيطة
ثم يقول : هكذا يقول القرآن و أنا أؤمن بالقرآن و القرآن لا يمكن أن يكون خطأ لأن القرآن يتوافق مع 80% من العلم و لذا علينا تصديقه .
و طبعاًً ذاكر و غيره لم يعد بوسعهم القول بأنهم يؤمنون بالقرآن لأنه كلام الله فقد أصبحت تلك المقولة سخيفة و لا تصلح لأجيال لم تعد تُسلم أدمغتها و لكن بالمقابل أوقع نايك نفسه في شرك الإعجاز العلمي في القرآن و الذي يعتقد فيه و يصدقه محدودي القدرات العقلية و بالطبع تؤهلهم هذه القدرات لتصديق نايك و أمثاله و هم جديرون حقاً بأن يكونوا مؤمنين ، و تكفي قصة الخلق في الأديان الإبراهيمية بعبثيتها و سخافتها و مشابهتها حد التطابق لقصص الخلق في الأديان السومارية و المصرية القديمة للكفر بالله .
و بالمناسبة فإن كل إعجاز علمي قرآني إدعاه مروجي الإعجاز له رد علمي حاسم يُظهر سخافته و جهل مروجيه و لم يتبقي لهم ثم لي عنق الكلمات في بعض أيات الإعجاز تلك حتي و إن أخرجوها من معناها إخراجاً ليُبقوا تخاريفهم ضمن نطاق العقل و لكن هيهات .
.
يقول نايك : إذن لم يبقي سوي 20% من الحقائق العلمية التي تقع بين الخطأ و الصواب فإن ثبت أن 80% صحيح فبالتأكيد سيكون الباقي صحيح و لكننا لم نكتشفه بعد و لأنني شخص منطقي التفكير و علمي إذن أنا أصدق القرآن و أصدق أن الله خيرني ثم قام بمحو ذاكرتي فإذا كان الله قد خيرني قبل أن يمحو ذاكرتي فليس لي أن أحتج عليه .
.
تبدو علي الشاب ملامح الإنزعاج و التململ و قد أدرك أن نايك يهلوس فيقول : و لكن هل تتذكر أنك سُئلت ؟ أنا لا أتذكر أنني سُئِلت .
ذاكر نايك : أخي ، هل سمعت ما قلته لك ؟ لقد خيرك الله و أنت وافقت ثم محي ذاكرتك إذ كيف سيكون الإختبار إختباراً إن هو لم يمحو ذاكرتك ؟
إفترض أن المعلم قام بتعليمك شئ ما و أعطالك الكتاب ، من واجب المعلم أن يقوم بسحب الكتاب منك أثناء الإمتحان فإذا سمح لك باصطحاب الكتاب معك فإن ذلك لن يكون إمتحاناً .
.
قد يبدو رد نايك منطقياً و مقنعاً في المثال الذي طرحه للوهلة الأولي فإذا أمعنا التفكير فيه و مقارنته مع تخيير الله لنا و إتفاقه المزعوم معنا لاكتشفنا أين تكمن الخدعة أو المغالطة .
فالمعلم يعلمك ما في الكتاب و لا يمحو ذاكرتك ليتركك أثناء الإمتحان تُبدع في الأجوبة من وحي خيالك بل إن المعلم يراجع معك دروسك أكثر من مرة قبل الإمتحان و يتمني من صميم قلبه ألا ينسي طالب واحد ما قام بتعليمه إياه و المقارنة هنا تكون بين عدم محو الله لذاكرتك التي إخترت بها مع عدم تدخله في إختياراتك لاحقاً في مقابل تذكرك لما دَرَسَك إياه معلمك في المحاضرة مع عدم تدخله في تصحيح أجوبتك الخاطئة أثناء الإمتحان و عدم سماحه لك باصطحاب الكتاب أثناء الإمتحان ، هنا يكون المثال صحيحاً و هنا نضع أيدينا علي خدعة نايك أو مغالطته .
.
تصــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــفيق حاد من الحضور لذاكر العبقري .
إن الناظر لوجه الشاب الذي طرح السؤال يستطيع أن يُدرك أنه لم يقتنع و لا بنسبة 1% بتخاريف ذاكر و أكاذيبه و مغالطاته بل أدعي أنه زاده إلحاداً علي إلحاد .
و للحديث بقية .
https://www.youtube.com/watch?v=ANi6eIFl5zM








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - محو الذاكرة
هانى شاكر ( 2016 / 5 / 1 - 16:08 )


محو الذاكرة
_______

ندعوا الله ان يمحو ذاكرة الشيخ ذاكر ... ثم يختار له اسم معقول شويه .. بدل الاسم الفضيحة ده !

دى مصيبة سودة يا جدعان

.....

اخر الافلام

.. عمليات موجعة للمقاومة الإسلامية في لبنان القطاع الشرقي على ا


.. مداخلة خاصة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت




.. 108-Al-Baqarah


.. مفاوضات غير مباشرة بين جهات روسية ويهود روس في فلسطين المحتل




.. حاخامات يهود يمزقون علم إسرائيل خلال مظاهرة في نيويورك