الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشيخ مقصود وزمن التواطؤ مع الوحوش

صلاح الدين مسلم

2016 / 4 / 30
القضية الكردية


الشيخ مقصود الحارة الذاكرة، المدينة الهامشيّة، التي كانت مرتع الهاربين من الحصار العفلقيّ على مناطق روج آفا، منذ الحزام العربيّ إلى الحصار الوحشيّ الحاليّ، إنّ اللون الكرديّ في الشيخ مقصود وفي المناطق الأخرى ظلّ يقضّ مضاجع الليليين الظلاميين الذين استسلموا لشهوات الدولة القوميّة الإجراميّة المنحرفة، فما بين أنين الشيخ مقصود والدماء التي تجري وبين الصمت العالميّ الفاضح روايةٌ تسرد تاريخ إبادة الشعب الكرديّ، إنّه التاريخ بين أيدينا يستحضر ذاته، نعيشه، يمرّ ملوّحاً لنا بمفرداته، يلخّص تاريخ مفردة الخيانة؛ تلك المفردة التي ظلّت تقضّ مضاجع الغافلين الذين يرَون الحياة من عدسات الكردياتيّة المزيّفة، المزوّرة، التي تسطّر التغييب، ها هو الإعلام الذي جعل الكرد الحقيقيين وحدَهم يرَوْنَ فصول المأساة.
لقد أضحى المتثاقفون يشمئزون من مفردات؛ الخيانة، المؤامرة، الكردياتيّة المزيّفة... ودائماً يسردون فصول الهزيمة النكراء وقصّة التخاذل، قائلين لملوحة الأسئلة ودمويّة الأجوبة: على أولئك المضحّيين أن يحترموا مشاعر القابعين في الغرب، الذين ينظّرون تنظيرات الأخوّة الكرديّة بين القاتل والمقتول، وينادون الفصائل كلّها أن تتوقف عن القتال، وكأنّها حرب متكافئة بين فصيلين متقاتلين، لا يدركون معاني الدفاع عن الشرف والعِرض والكرامة، ومعاني الهجوم والتهجّم الوحشيّ.
لقد أضحت مفردات المقاومة مستهلكة في زمن البروج المشيّدة على ترّهات حضارة الدمّ والقتلّ والدمار، لمّا يدركْ أولئك المنسلخون عن ذواتهم أنّهم أضحوا قميئين لا لون لهم، فما عادت ناطحات السحاب تنظر إليهم نظرة إنسانيّة، وما عادت تقبلهم إلّا عبيداً لبروج الحداثة، وبالمقابل ما عادت الذاكرة تقبلهم، فباتوا إمّعات لا يستطيعون التوافق بين الذاكرة الرافضة لوجودهم، وبين الغرب الذي ينظر إليهم غرباء متوحّشين يجب ترويضهم، مع أنّهم من سلالة مخترعي الحضارات ومنشئي الثقافات الأولى.
الشيخ مقصود؛ هي إحدى فضائح العهر الرأسماليّ، إحدى تدوينات الظلم في ملاحم الطغيان الكرديّ، تسطّر ما تحتويه العبارات بين سندان النوم في أحضان القاتل، وبين نيل شرف المقاومة في ساحات رفع الهامات عالياً لتعانق سماء النسور والصقور، وكما يقول عبد الرحمن الكواكبيّ الكرديّ: (الإرادة أمّ الأخلاق)، فمن لم يمتلك إرادة لا يجوز أن يتشدّق منادياً بالأخلاق، فليحمل عهره معه وليقسم بلا أخلاقه، ومن لم يمتلك الأخلاق فلا داع لوجوده، إنّهم حملَة لواء الكردياتيّة وهم مسلوبو الإرادة، وإذا ذبحت الشاة فالسلخ لا يؤلمها، لذلك لا ينفعهم خسف أو عطب، مهما نادت الأطرافُ المجلسَ اللاوطني لتقول له: انسحب من مجلس الخونة، حيث سدّ السلطان آذانهم بالمال، وما عادت صرخات أطفال الشيخ مقصود تلقى أذناً صاغية من مريدي النظام في اجتماعهم البعثيّ في جنيف بين الزعبي ورياض الجعفريّ العفلقيين.
إنّ الطريق بعيدة بين الشيخ مقصود ونصيبين ولكن ما يجمع المدينتين ويقرّبهما هو زمن التواطؤ مع الجلّاد، زمن طأطأة الرأس وانصياع وصمت كلّ من ألِف واعتاد حياة الذلّ والخنوع، فإنّ القذائف التي قتلت أطفال الشيخ مقصود من فوّهات بنادق الوحوش، قد قُتلوا مرّة ثانيّة بسبطانة تاريخ التواطؤ مع الجلّادين الذي أعيدت صياغته على يد مَن استلموا إمارة الخيانة من عصمت إينينو والبدليسيّ.
والمستبدّ العثمانيّ الذي حام حوله أولئك العبيد قد حقّ قول الكواكبيّ فيه: (المستبدّ يودّ أن تكون رعيته كالغنم بُرّا وطاعة، وكالكلاب تذلّلاً وتملّقاً)، وقد وصلّ التذلّل إلى مستوى باتوا يعانقون فيه قاتلي ذوي جلدتهم، ليرضوا ذاك السفّاح الآبق القاتل في قصره العثمانيّ.
لكن الصولات والجولات تثبت أنّهم يتضعضعون والشعوب المتطلّعة إلى الحرّيّة لمّا ترضخ لأولئك الفاشستين، ولن ترضخ، ومن حرّر كوباني هو نفسه سيحرّر الشعوب المتطلّعة إلى الخلاص، ومرّت سبعة أشهر ولم تستطع هذه القذائف أن توهن من عزيمة العظماء المحاصرين الصامدين صمود النسور أمام نائبات الزمان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نقاش | اليمن يصعد عملياته للمرحلة الرابعة إسناداً لغزة ... و


.. لحظة اعتقال قوات الاحتلال حارس القنصل اليوناني داخل كنيسة ال




.. حملة أمنية تسفر عن اعتقال 600 متهم من عصابات الجريمة المنظمة


.. لبنان وأزمة اللاجئين السوريين.. -رشوة- أوروبية أم حلول ناقصة




.. وقفة لرفض اعتقال ناشط سياسي دعا لا?سقاط التطبيع مع الاحتلال