الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وهل خلت يثرب من أهلها !؟

ياس خضير الشمخاوي

2016 / 5 / 2
المجتمع المدني


في خضم تلك الصراعات التي يعيشها الأنسان العراقي وما تمخضت عنه أحداث المشهد السياسي من اسقاطات انعكس واقعها المرير على جميع شرائح المجتمع ،
حيث لا تكاد مؤسسة من مؤسسات الدولة تخلو من مشرط تبضع به جراحات الشعب الذي طالما انتظر العدل والرفاهية والعيش بكرامة بعد حقبة البعثيين التي عُرفت بأنها الأكثر سوادا وحلكة من بين كل الفترات المظلمة التي تكبد آلامها الشعب العراقي ،
لكن وللأسف الشديد فوجئنا بمافيات ولصوص سيطروا على معظم مفاصل الدولة وقد فاقوا كل إمكانات عصابات تكساس ، ادّعوا البراءة كذبا ،
زعموا انهم المنقذ ... اجادوا تمثيل دور المصلح ورجال المرحلة ، ولا أغالي ان قلت كانوا أبطالا ، ولكن من سينما هوليود وحسب .
ما أبرعهم في التمثيل والضحك على ذقون المساكين .
اشبعونا ضحكا وسخرية من آلامنا وأمتصوا دمائنا بكل وحشية ، واليوم يقتلوننا بدم بارد على طريقة الكاو بوي ويلقون بنا على الطرقات كأعقاب السكائر .
بالأمس خرج علينا قرارا من وزارة الصحة يطالب المواطنين بدفع أجور معاينة الطبيب وثمن العلاج في المستشفيات الحكومية ، ولا يستثني القرار بائسا أو ضرير ، ارملة او يتيم .
لعمري ... انه تخلي واضح من قبل الدولة عن مسئولياتها الإنسانية تجاه الشعب ، بل هو تعدي صارخ على حقوق الأنسان .
تلك الحقوق التي اعترف بها الكافر والبوذي والهندوسي وحتى الذي لا يعتقد بوجود الله في خارطة السماء .
هل قدر العراق أن يواجه الإتاوات والجوع والمرض والضياع لكي يشبع الحاكمون ويزدادوا سمنة بينا نحن نزداد ضعفا وخوارا !؟
هل يقبل الضمير الإنساني أن يموت أنسان على قارعة الطريق لأنه لا يملك ثمن العلاج ؟
هل أضاعوا هويتهم الوطنية والدينية وحتى الإنسانية ، ثم قرروا أزالتنا من على وجه الأرض !؟
ولم لا ... !؟ وقد باتت معظم وزارات الدولة ودوائرها آلهة جبارة لا تعرف الرحمة ، شغلها الشاغل ابتزازنا وتفريغ جيوبنا ، وحتى تلك الوزارة التي كان يُعرف افرادها يوما ما بأنهم رسل رحمة ، أصبحت وزارة نقمة ، تفغر فاها لأبتلاعنا لا لتضميد جراحنا والشفقة علينا .
دون شك ما حدث من مهازل وتخريب في مؤسسات الدولة لا سيما وزارة الصحة ، هي مسؤولية المفسدين وأصحاب القرار ، لكن أصلاح الخراب ومعالجة الأخطاء هي مسؤولية الجميع ،
وقطعا ليس من العدل أن نتنكر لوجود نماذج تسمو فوق المصالح المادية والأنتهازية سواء في قطاع الصحة أو القطاعات الأخرى .
ولكن هل تلك النماذج الصالحة التي تتصرف بشكل فردي بوسعها ان ترتق الفتق الكبير الذي أحدثه الساسة ؟ ، وهل سوف تستمر الدكتورة مواسم على سبيل المثال بتطوع شخصي أن تكفل أيتام وارامل مدينتها ممن لا يستطيعون دفع اجرة السونار حتى أن تصحو الدولة من سباتها ؟
كنت على وشك أن انسى انهم بالفعل رسل رحمة ، لكن الدكتور اكرم الغالبي أعاد اليّ ذكريات تجعلني أفتخر بشجاعة وإنسانية الطبيب العراقي , أذ رفض هذا الرجل أن يتقاضى أجوره لدى زيارتي الثانية لعيادته ، قائلا أن مهمتنا إنسانية قبل أن تكون مادية ، وهذا الموقف يذكرني بالدكتور رياض احمد طه وغسان شلاش عندما سحبهم جلاوزة صدام الى سجون الرضوانية بتهمة معالجة ثوار الأنتفاضة الشعبانية ، حيث اجابوا المحققين أن مهمتهم إنسانية ينظرون الى ألم الأنسان وجروحه ولا يسألونه عن وجهته السياسية .
نعم ... أشعر بالفخر عندما أسمع عن الدكتور قاسم سعود يغلق عيادته من اجل ان يجلب طبيب من تركيا ويرتب كل الأجراءات اللازمة والضيافة كي يخفف عن الناس متاعب الطريق ونفقات السفر الباهظة .
ولكن هل مثل أولئك الذين تحدثت عنهم كثيرون ؟
إن كان كذلك ... فلماذا يتحكم بمصائرنا القليلون !؟
أم أن يثرب قد خلت من أهلها !؟
ياس خضير الشمخاوي
ناشط في حقوق الأنسان
[email protected]












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة اعتقال طالبة رفعت علم فلسطين بيوم تخرجها في أمريكا


.. مجلس الشيوخ الأميركي يرفض مقترح بايدن باستقبال اللاجئين الفل




.. موريتانيا الأولى عربيا وإفريقيا في حرية الصحافة | الأخبار


.. الأمم المتحدة تحذر من وقوع -مذبحة- جراء أي توغل إسرائيلي برف




.. أهالي الدقهلية يشاركون في قافلة لإغاثة أهالي فلسطين