الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأفكار الميتة

سعادة أبو عراق

2016 / 5 / 3
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الأفكار الميتة
يمكن أن نتلمس الفكار الميتة في المجالات التالية
1- الأفكار المقدسة: إذا ما تعاملنا مع الأفكار على أنها مقدسة، فإنها تكون بالنسبة لنا شيئا لا يجوز المساس به، لأننا لا يمكننا أن نقيم عليها تجارب وتطويرها وتلقيحها بغيرها، بحيث تتغير في بنيتها وتركيبها وشكلها وجدتها، وهذا أمر يمس القدسية التي نحتفظ بها لها، ونحن نقصد بذلك أقوال الفقهاء والأئمة والصالحين والسياسيين وكل الذين نجلهم ونقدرهم، إن إجلال هؤلاء وتبجيلهم لا يعني أن كلامهم صواب وأفكارهم حية.
2- ولكي لا يظن أحد اني أجذف على القرآن الكريم، ذلك القرآن فوق الحجاج العقلي الذي نمارسه نحن البشر على أفكار بعضنا، القرآن لا يجري عليه كلام البشر، إنما يسري على أقوال وأفكار كل البشر، فالأفكار منتج عقل بشري، لم يقل أحد أن أقواله معصومة عن الخطأ.
3- شخصنة الأفكار، وهي الأفكار التي وضعت لخدمة أشخاص ، مثل شعر المديح الذي حملنا منه أطنانا ليس في أحد أبياتها فائدة واحدة، وكذلك معظم كتاب السلطة، وكل أنواع النفاق، فهي أفكار ميتة. وكذلك الأفكار الذي أصدرها شخص مهم، كملك أو رئيس دولة أو أديب أو مفكر، ونحتفظ بها على أنها دالة عليه.
4- الأفكار الصادرة عن عاطفة، ذلك لأنها ليست صادرة عن العقل الموكل به الحكم على صحة الأفكار وصوابها، فالانتخابات التي تقوم على العلاقة الأسرية والعشائرية فهي أفكار ميتة لن يقوم عليها بنيانٌ ديمقراطي أبدا، لأن عاطفتك تجاه قريبك هي التي دفعتك لانتخابه وليس عقلك,
5- التربية والتعليم الذي بقوم على التلقين الببغائي، فإنها تعطي أفكارا ميتة، ذلك لأن الفكرة تكون حية في نفسه، بقدر ما يكون قد أنتجها بنفسه وبمساعدة المعلم، لا أن بحفظها ليقدم بها امتحان, إن إعادة اكتشاف الفكرة يعنى استيلادها حية في فكره، وهذا ينشئ جيلا يحمل أفكار حية، الأفكار الحية ليست لقمة سائغة يزدردها بعضلات المريء، بل عملية ذهنية كاملة، فالطالب الذي ينشئ أفكارا بمساعدة المعلم، وسيكون قادرا بمفرده على إنشاء أفكار جديدة خاصة به.
6- الحكم والأمثال والمواعظ، هي أفكار تم استخلاصها من التجارب، كقاعدة أو حكمة، فهي أفكار عادية استهلكت منذ زمن، ذلك إن الأفكار التي يتداولها العامة هي أفكار مستهلكة، وكل مستهلك يكون قد فقد صلاحيته، لذلك فأن أي تحديث يجب أن يكون بفكر جديد مبتكر، وخاصة في السياسة، والذين يريدون الاقتداء بمن سبقوا إنما يكشفون عن عقمهم الفكري.
7- إن الأفكار التي انزلها الله في القرآن الكريم أو غيرها من الكتب السماوية، كالجنة والعذاب والنار والحساب وبوم القيامة وغيرها من الغيبيات التي أنزلت على الأنبياء، لا تصلح أن نبني عليها علما يتكلم عن نعيم الجنة وعذاب النار وعن الملائكة والشياطين الجان والعفاريت والحور العيين. جل ان نقول أنها ميتة بل ليس من عند البشر لنقوم بمناقشتها، لذلك فالبشر غير مؤهلين بأن يمدوا بخيالهم ليصفوا لنا الجنة أو النار بأكثر مما وصفها الله،
8- الأفكار التي وضعت لهدف معين، كعمل مشروع استثماري، تنتهي فعاليتها مع انتهاء المشروع، أو أفكار لبناء كيان طائفي أو عشائري أو قومي، فهو هدف مرحلي خاص، يمكن أن يتحقق وتنتهي فعاليته، ولا يمكن الاقتداء به، ثم انه خاص بهذه الطائفة أو الجماعة في زمن معين، وليست عملا إنسانيا ينطبق على كل البشر وفي كل الأزمان.
9- لا يمكن أن تكون أفكار حية، تلك التي تعالج متغيرات اجتماعية أو إدارية أو سياسية أو علمية، ذلك أن كل القضايا المرحلية المتحولة، ستنتهي أفكارها وتموت بمجرد تغيرها، فالتحول والتغير بجعل الأفكار غير مستقرة، فتكون كمن نزعناها من تربته أو أزحناها عن قواعدها، فتتحول إلى أفكار ميتة، بمعنى أنها تموت بانتهاء المشكلة.
10- إن إشاعة أفكار ومبادئ ميتة بين الناس، تجعلهم يفقدون بوصلة الطريق، ويحملون فلوسا مزورة، ويؤدي ذلك إلى التراجع والتخلف والفقر، إن لم يكن إلى الانهيار، كفكرة مشروع الدولة الإسلامية الذي روج له سيد قطب، وما كان بالإمكان تنفيذه، لذلك قاد إلى هذه الفوضى السياسية، بينما دولة كبرى مثل الولايات المتحدة قامت على أفكار ومبادئ (جون لوك) والفرق بين جون لوك وسيد قطب هو الفرق بين فيلسوف يدرك مسئولية ما يقول ورجل عادي يحلم بصوت مرتفع، ويعيد الإعتبار لنفسه في زنازين السجن المعتقل بها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المغرب يتجه لرفع سعة ميناء طنجة المتوسطي إلى 9 ملايين حاوية


.. أبرز الإجراءات التصعيدية الإسرائيلية ردا على إعلان دول تأييد




.. هل تتغير سياسات إيران في المنطقة والمفاوضات النووية بعد وفاة


.. مسؤول مصري: إسرائيل أفشلت المفاوضات والصمت الأمريكي يهدد مصا




.. ناشطة تحتج على حضور نانسي بيلوسي حفل هارفارد