الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رانيا الباز: الهروب من الجحيم

احمد العلي

2005 / 12 / 6
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


ملايين الرجال المقموعين في الجزيرة العربية تعيش حالة مركبة من الاستعباد ، تهرول صاغرة كقطيع الإبل إلى مجالس أمراء آل سعود لتقبل أيدي الأمراء الحاكمين وتهتف باسمهم وتمارس في نفس الوقت أقسى أنواع الاستعباد والاستبداد ضد نسائها ، أحيانا خلف الأبواب الموصدة وأحيانا أخرى تخترق حجب السمع والبصر لتصل إلى ما يسمى بالرأي العام لتنشرها الصحافة المحلية والعالمية ويحسمها قضاء آل سعود الفاسد، تضرب رانيا ألباز ضربا مبرحا كاد يفقدها البصر ليجازى زوجها بستة شهور وتتنازل عن حقها الخاص في سبيل المحافظة على أولادها ، وبعد ذلك بفترة ليست بالقصيرة تقدم عائلة في الرياض على انتهاك الحرمة الإنسانية لخادمة اندونيسية لتصيبها بعاهات مستديمة وليستأصل جزء من جسدها ولتتهم الخادمة المسكينة في نهاية الأمر بالافتراء والكذب على القضاء والإدلاء بأقوال كاذبة ويخرج الزوجان السعوديين بريئين كبراءة الذئب من دم يوسف كما يقال في الأمثال .
قبل أيام معدودة نشرت صحيفة الحياة أن رب أسرة (سعودي بالطبع ) حكم عليه بالسجن مدة لا تزيد عن أربعة شهور لإقدامه على حرق زوجته وبناته بسائل الاسيد الحارق ، إنها العدالة السعودية الفاسدة وقضاء آل سعود العفن، إنها مملكة يئن شعبها من الذل والهوان والاستعباد، ولكن المصيبة كل المصيبة أن يستأنس إنسان الجزيرة العربية بعبوديته ويرفض الحرية بنسائمها الهادرة ، تلك الحرية التي سوف يستنشق عبيرها الفواح لتعم هذه الصحراء القاتمة لتحولها إلى واحة خضراء وجنة يانعة .
بعد أن ضربت وأهينت رانية اكتشفت حقيقة مجتمع يئن من الذل وكيف أن المرأة ليست سوى الحلقة الأضعف والعنصر الأقل والمهمش والمستحقر في مجتمع ذكوري تافه تحكمه القيم البدوية والعادات المتخلفة والمفاهيم التافهة ، ظهرت رانية في برنامج ثقافي أمريكي شهير وأخذت تكشف للعالم اجمع حقيقة وضع المرأة في السعودية فانهالت عليها الاتهامات ولكونها امرأة لم تهتم بها أجهزة المخابرات والقمع السعودية ، وبعد مدة وجيزة بدأت في شن حملة على وضع المرأة في السعودية فطردت من قناة العربية التابعة للإمبراطورية الإعلامية لآل سعود ، لم تستسلم النفس التي اكتشفت حقيقة الظلام الذي حكم حياتها طوال تلك السنوات الماضية فالفت كتابا عن طبيعة سلطة المجتمع ألذكوري التي يحكم كافة مفاصل وجزئيات حياة المرأة في الجزيرة العربية ، لم تستطع الذات المستنيرة أن تقاوم مصابيح النور والوعي المتدفق ، لم تتمكن النفس التي شربت من قيم الإباء على ما يبدوا أن تقاوم الواقع المتردي في مجتمع يئن من الاستبداد والتناقض ، قررت تأليف كتابا يضع الحقيقة بين يدي الإنسان في كافة أنحاء العالم ، ورغم عدم تطرقه للنظام السعودي الذي ساهم بسياساته القاتلة وقيمه الرعناء في استفحال معاناة إنسان الجزيرة العربية لا سيما المرأة إلا أني اعتقد أن كل سطر في هذا الكتاب لا يخلو من إدانة واضحة للنظام الذي حول إنسان الجزيرة العربية إلى مجرد جسد يعيش من اجل شهواته المجنونة وقيمه البلهاء ، لأنه يستحيل أن تستفحل وتشيع المعاناة في المجتمع دون أن يكون للنظام الحاكم دور فيها ، فالنظام السعودي نظام شمولي يتحكم في كافة مجريات الأمور في بلاده ويزيدها تعقيدا ، ليس هناك أي مكان للمجتمع لكي يمارس ما يمكن تسميته بحقوقه المشروعة في إدارة شئونه .
لقد نضجت الأفاق الذاتية لرانيا ونظرت بعينها للأفق البعيد وتفتح عقلها لتستوعب بادراك الواقع المرير الذي تحياه المرأة في بلادها ولم تستطع أن تواجه حقيقة كيف أن مدن الجزيرة العربية ليست سوى قبور على الأرض ، وكيف أن هؤلاء الأحياء ليسوا سوى أموات ، فالحياة في ظل العبودية ليست سوى موت وان كان الجسد ينبض في الحياة ، أقدمت رانيا على ما لم يستطع الرجال وأشباه الرجال من شعب الجزيرة العربية أن يقدموا عليه، خرجت من البلاد البائسة المسماة "السعودية " لتلتحق بركب الحرية والحقيقة في بلا المهجر، كيف؟ منعتها الحكومة السعودية من السفر ، فاستقلت سرا طائرة شحن إلى مملكة البحرين لتصعد أولى طائرة متجهة إلى باريس، لقد هربت رانيا من الذل والاستعباد والقهر، من الجحيم الذي اسمه "السعودية " لتعيش حياة جديدة في ظل الحرية والكرامة ، فعلت ما لم يستطع فعله الرجال وأشباه الرجال من أصحاب الكروش المتخمة وعمائم الذل وفقهاء السلطان، هربت تاركة ورائها آلاف الشباب السعودي التافه الذي ليس له هم سوى ملاحقة الفتيات ، تركت ورائها آلاف النساء الذين ارتضين أن يعشن العبودية بل ويتلذذن بها كما يتلذذن بارتداء الثياب والمجوهرات ، خرجت من بلاد تعيش الفساد والمحسوبية والتمييز المريع في الجنس واللون والعقيدة ، هربت من جحيم لا يوازيه سوى جحيم نار المعاد ، هنيئا رانيا واللعنة والعار على شعب ارتضى العبودية والذل والهوان .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ممرضة مصرية تعالج الأطفال القادمين من غزة تنهار في البكاء


.. عالمة الآثار المصرية د. مونيكا حنا: استرجاع الآثار المصرية س




.. المشاركة تيجان شلهوب


.. المشاركة أمل المدور




.. المشاركة في الاحتجاج نجمة حطوم