الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مغالطات ذاكر نايك في التشبيه و الإستدلال 2/2

منال شوقي

2016 / 5 / 4
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ننتقل الأن إلي السؤال الثاني للشاب الملحد و الذي يقول : إذا كان الله عظيماً جداً و لا يلزمه إلا ( كن ) ليكون له ما أراد فما الذي يجعله يُصِر علي لفت إنتباهنا لعظمته تلك و البديهي أنه عظيم و خلقه للجبال و السماوات و الأرض و الإبل شئ في منتهي التفاهة بالنسبة له مقارنة مع عظمته .
و أود هنا ـأن أوضح وجهة نظر الشاب بكلمات أخري فسؤاله فلسفي و له معني عميق كامن بين السطور غير ذلك الذي يبدو عند أخذه بسطحية الكلمات التي صاغها بها .
.
و كي نغوص في معني السؤال دعونا نطرح السؤال التالي : هل الله عظيم لأنه خلق ما يدعونا للنظر إليه عبر سلسلة أسئلته في القرآن ( ألم تري كيف أو أفلا ينظرون إلي ) أم أن الله عظيم في ذاته حتي و إن لم يخلق شئ ؟
إن العقل البشري الذي خلق الإله لم يستطع أن يُجنب الإله الوقوع في فخ البشرية أو الإله البشري أو ذو الصفات البشرية .
فنحن نطلق صفة الكريم علي من يؤثِر الأخرين علي نفسه و الحكيم علي من تكلم بالحكمة و المتسامح علي من يعفو عن الناس ، هناك إذن دائماً سبب ما لإلحاق صفة ما بشخص ما .
فالله يدعونا للإيمان بعظمته لأنه خلق هذا و ذاك ، ماذا إذن إن لم يكن قد خلق شيئاً ؟
أكان سيحتفظ بعظمته تلك أم كانت تلك الصفة ستنتفي عنه ؟
فإذا كان سبب عظمته هو قدرته علي الخلق فإن عظمته بالتالي مرتبطة و منوطه بخلقه و تنتفي عنه صفة العظمة في حال أنه لم يخلق شيئاً و بالتالي فهو يحتاج لوجود مخلوقاته كي يستحق صفة العظيم .
هذا هو الإله البشري الذي أصر مخترعوه علي أن يثُبتوا عظمته و يعطونها شرعية عن طريق الربط بين تلك العظمة و بين ما خلقه .
.
يبدو أن ذاكر شطح خارج إطار السؤال فبدأ يتكلم عن الجبال باستفاضه و التي هي ليست إلا مثالأ علي الخلق ثم تطرق لضرب أحد أمثلته المغلوطة كالعادة بأن سأل الشاب إذا كان الجميع يستطيع دخول كلية الطب و التي تستلزم قدرات عقلية خاصة فأجاب الشاب أن لا لأن الجميع لا يمتلك تلك القدرات و هنا هلل ذاكر مستدلاً بذلك علي أن من سيدخلون الفردوس هم أولئك الذين إمتلكوا من الذكاء قدراً كافياً يؤهلهم لطاعة الله و بالتالي لدخول الجنة و لكنه لم يشترط لدخول الجنة توافر تلك القدرات العقلية مكتفياً بالطاعة أو بالإيمان الأعمي .
.
و لعل ما سأرد به أصبح شائعاً و مكرراً و لكن ليس باليد حيلة و نفس المغالطة مازلت علي قيد الحياة .
إن الطالب النبيه ذو القدرات العقلية الإستثنائية يمتلك ذكاءً فطرياً و قدرة علي التحصيل أكثر من غيره و إلا لكنا جميعنا أينشتين ، فمن الذي خلق فرقاً بين عقل أينشتين و عقل موظف عادي في هيئة السكة الحديد ؟
أليس هو الله نفسه ؟
إصنع سيارتين سرعة إحداهما 100كم /ساعة بينما الثانية تسير بسرعة 200كم / الساعة و اطلقهما في سباق للسيارات تتساوي فيه مهارات سائقي السيارتين ثم عنف السيارة الأولي و احرقها لأنها لم تستطع قطع المسافة في المدة المحددة .
.
و رداً علي القائلين بإرادة حرة للإنسان و كونه مخيراً أقول ، نعم أنا مُخيرة في حدود قدراتي العقلية و ليس في حدود أعلي منها و هنا سأضرب مثالاً من تفسير ابن كثير لما جاء في القرآن (واحلل عقدة من لساني يفقه قولي ) و التي فسرها و غيره باللثغة في لسان موسي عندما وضعوا أمامه جمرة و تمرة للتدليل علي أنه طفل لا يعي فاختار موسي الجمرة و هو إختيار مرتبط بمستوي إدراكه العقلي لا نستطيع أن نلومه عليه .
فحتي لو سلمنا بكوننا أحرار في إختيارتنا تظل هذه الإختيارات مرهونة بقدراتنا العقلية و التي ليس لنا فيها ذنب أو فضل بل مسؤول عنها خالق هذه العقول و الجاعل منها طبقات تعلو فيها الواحدة علي الأخري .
.
يلاحظ الشاب أن ذاكر لم يفهم سؤاله فيعيده عليه بصيغة أخري قائلاً : أنا أعلم أن الله عظيم و أنه خلق كل هذه الأشياء المبهرة و لكنني أعلم أيضاً أنه إله و بالتالي فأنا لن أندهش من أنه خلق هذا أو ذاك ، لماذا يريد مني أن أندهش و أنا أعلم أن كل ما يحاول إثبات ألوهيته به هي أمور عادية جداً بالنسبة لإله .
و مثال علي الطرح السابق : ما هي إمكانبية إنبهارك برؤية رافع أثقال تلك هي مهنته و التي تدل عليها عضلاته البارزة إذا رأيته يرفع ماوزنه 100 كيلو حديد ؟
ما مدي سخافة أن يقول لك هذا الشخص : أنظر كيف أرفع هذا الوزن بعضلاتي القوية ؟ أفلا تعقل ؟ أفلا تندهش ؟ أفلا تخر مغشياً عليك من الإنبهار ؟
.
للمرة الثانية يشطح ذاكر بعيداً عن جوهر السؤال فيقول : أراد الله لنا أن ننبهر بعظمة خلقه لنطيعه فأنا حينما أعلم أن خالق هذا الكون المبهر هو الذي يأمرني بعدم شرب الخمر و عدم أكل الخنزير فإنني قطعاً سأطيعه و لن أسأله لماذا تأمرني بهذه الأشياء ، لن أسأله لأنني أعلم أنه خالق عظيم و أنا إنبهرت من خلقه و لكن سأطيعه مباشرة .
.
و مرة أخري أقول : يُصِر الله أو بالأحري خالقيه علي مقارنته بالبشر فإن كان البشر لا يستطيعون أن يخلقوا الجبال فالله يستطيع و لذلك عليهم طاعته بلا نقاش متناسين أن مقارنة الإله أو قدرات الإله بتلك التي للبشر هي في حد ذاتها تحقير و أنسنة للإله .
.
وجد الشاب في النهاية أن ذاكر لا يريد أن يفهم فضرب له مثالاً توضيحياً فقال : إذا أعطاني بيل جيتس مائة دولار فهل يجب أن أندهش ؟
بالطبع المائة دولار مبلغ تافة جداً عند بيل جيتس كما يعلم الشاب و لذا فإن الشاب لن ينبهر بأن بيل جيتس أعطاه مائة دولار لأنه يعلم أن مائة دولار عند بيل جيتس هي أقل بكثير جداً من سنت واحد بالنسبة له و لكن ذاكر يرد ببلاهة : أخي ، السؤال هو لماذا أعطاك بيل جيتس المائة دولار !
( تصفيق و لا أعلم لأي سبب ، ربما أراد الحضور أن يُعلنوا إنتصاره رحمة به )
ثم يُضيف بطريقة إستعراضية مسرحية : إذا أخبرتني أن رجلاً عادياً أعطاك مائة دولار فلن أندهش و لكن بيل جيتس ؟ بيل جيتس أعطاك مائة دولار ؟ بيل جيتس ؟
.
فإن كنا نندهش من أن بيل جيتس هو الذي أعطانا المائة دولار و ليس ( الرجل الأخر ) فهل لذات السبب علينا أن نندهش من أن الله هو الذي خلق الجبال و ليس ( الإله الأخر ) !
.
https://www.youtube.com/watch?v=ANi6eIFl5zM

.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق عن الخلق
ايدن حسين ( 2016 / 5 / 5 - 19:00 )

تحية طيبة استاذة منال
لنفترض فرضيتين
شخص اول .. اعمى من الولادة .. عندما اصبح عمره ثلاثين سنة .. رجل غني دفع اليه اموال كافية لكي يرجع بصيرا
شخص ثاني .. كان بصيرا .. ثم اصابه العمى في عمره الخامس و العشرون .. ثم نفس الشخص الغني دفع اليه اموال كافية لكي يرجع اليه بصره
اي الشخصين يجب ان يشكر الشخص الغني اكثر
و ماذا عن الاله الذي .. خلق و اوجد و جعله بصيرا او اعمى .. و جعل في قلب الغني الرحمة لكي يعيد الى الاعمى بصره .. و الشافي هو الاله .. و الطبيب ليس الا وسيلة
انا شخص بصير منذ الولادة .. و انا بصير لحد هذا اليوم
انا بدلا ان اتسائل .. لماذا خلقني هذا الاله .. هل لكي يثبت لي عظمته .. ام انه تكرم علي بصفة الوجود و العلم و الحياة الخ
انا اعتقد انه من الافضل ان اشكره على كرمه الذي لا يشبه اي كرم اخر
نحن حتى لو كنا عميانا .. لكن الاله قد تكرم علينا بالعلم و بالوجود الخ
الحقيقة .. انا اقول .. ان الاله قد تكرم علينا .. لم يكن قصده ان يثبت لنا عظمته
و شكرا لتعليقاتك القيمة على مقالة بشاراه احمد
و اعتذر عن تعليقي المشوش .. فليس لدي انترنيت مستقر او دائمي في الوقت الحاضر
و احترامي
..


2 - أهلاً أيدن
منال شوقي ( 2016 / 5 / 7 - 02:52 )
عزيزي أيدن
في الولقع لم أفهم ما ترمي إليه من مثال الكفيفين و لكن إن أردت رأيي بغض النظر عن المعني الضمني فإن كلا الرجلين وجب عليها شكر المحسن الذي أحسن إليهما .
أما فيما يخص بالإله فلا أعتقد أن رأيي سيكون ذو حيثية بالنسبة لك لأنني أولاً لا أدرية أو أغنوستيك و ثانياً لي فلسفتي الروحية الخاصة و التي ترضيني و تشبع إحتياجاتي النفسية و الروحية و أطمئن في تبنيها و اتخاذها منهجاً لحياتي .
و لا شك أن إختفاء الإله من حياتي قد ترك بداخلي فراغاً روحياً و لا سيما و قد كنت مرتبطة به نفسياً جداً و أشعر بك و بحيرتك و معاناتك و نصيحتي لك إن كنت تسمح لي أن تعتقد فيما يجلب لك الهدوء و السلام النفسي و ترتاح و تطمئن إليه بشرط ألا يكون في هذا الإعتقاد ضرراً قد يلحق بأخرين ، سوف أكتب مستقبلاً مقالاً في فلسفتي الشخصية و كيف أري الخير و الشر و الهدف من وجودي و ما إلي ذلك من تساؤلات طرحناها جميعنا علي أنفسنا . و لعلنا تتفتح أمامنا - عن طريق النقاش المثمر - مدراك جديدة و قيم و أطروحات غابت عنا زمن الإيمان بالإله الوهم
تقبل تحياتي

اخر الافلام

.. حاخامات يهود يمزقون علم إسرائيل خلال مظاهرة في نيويورك


.. بايدن يؤكد خلال مراسم ذكرى المحرقة الالتزام بسلامة الشعب الي




.. نور الشريف أبويا الروحي.. حسن الرداد: من البداية كنت مقرر إن


.. عمليات نوعية لـ #المقاومة_الإسلامية في لبنان ضد تجمعات الاحت




.. 34 حارساً سويسرياً يؤدون قسم حماية بابا الفاتيكان