الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النهضة المُكلفة جدا في المجتمعات المتخلفة

عماد صلاح الدين

2016 / 5 / 5
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


النهضة المُكلفة جدا في المجتمعات المتخلفة
عماد صلاح الدين

في ظني أن المجتمعات المتخلفة، تصاب بالتراجع رويدا رويدا، ثم تتسع دائرة ومساحة هذه التراجع، بشكل كبير ومفاجئ و صادم، في مراحل بعينها؛ كلما أوغلت وتغافلت عن هذا التراجع المرضي الشامل.

وأظن – كذلك- أن التراجع في نشأته الأولى، يعود إلى حالة من التراخي والتواكل الفردي والمجتمعي، بحيث يجلب أو يفتتح هذا التراخي والتواكل دورة السيرة، نحو الضعف، وبالتالي التأخر، عن ركب التقدم المطّرد.

حين يدخل الأفراد والمجتمع في دورة أو دورات الضعف المتلاحق، يصيرون يبحثون عن تبريرات لهذا الضعف المسترسل، دون توقف، بسبب غياب الإرادة والفاعلية الإنسانية، وما ينتج عنهما من توليد للأفكار والمخرجات العملية المتنوعة.

تستمر دورة التبرير للضعف إلى نقطة بعينها كحالة وحيدة، ثم يتم الدخول في محاولة استخدام التبرير والاعتذارية كمحاولة لإلهاء النفس الإنسانية وكأنها علاج، ثم يتم بعد تفاقم الضعف والتراجع إلى درجة الانهيار وحين لا تجدي التبريرات والاعتذاريات في تفسير الضعف أو في الهاء النفس، يتم الاستعانة بالخزعبلات والأساطير والسحر وما إلى ذلك، كمحاولة للعلاج الخلاصي؛ هكذا وبضربة واحدة، لمحو سجل طويل من الضعف والوهن والتراجع والخوف الشديد والكسل وغياب الإرادة والعقل والتوازن، وبالتالي انعدام الحرية والكرامة وربما الأمل، والاهم القدرة على التقرير الذاتي والجمعي للمصير الإنساني.

هنا أعلاه، يتم خلط الدين الصحيح كمنظومة فكر وقيم وأخلاق وحق وباطل وعدل وظلم وحرية وعبودية وكرامة واضطهاد واستعباد بحالات خزعبلية واساطيرية وتوهمية بل ومرضية؛ وتصبح الغلبة والحضور لهذه الأخيرة على حساب الحضور المفترض للدين كمنظومة قيم وأخلاق وفكر، لا يجوز خلطها بوقائع دنيوية مفتوحة ونسبية، وعندها وبسبب هذا الخلط والغلط والتغليط، يتم اتهام الدين كدين سماوي بالرجعية والتخلف، وبأنه أفيون الشعوب، وما إلى ذلك، كردة فعل على حالة التراجع الشاملة، التي يحياها الإنسان إن على صعيد حياته أو حريته أو حقوقه.

لذلك، تأتي المناديات المختلفة، من النخب الواعية في تلك المجتمعات لاحقا، لتطالب بفصل الدين عن الدولة أو المناداة بالعلمانية الجزئية، التي هي نداء السماء - من الأساس- لأهل الأرض؛ ذلك لان الشرائع السماوية إنما أنزلت لتناسب أوضاع الإنسان المادية وتعقيداتها وتركيبياتها، وليس لأجل الملائكة أو لأوضاع مُثلية وطوباوية.
وإذن، فالعلة ليست من الدين وإنما من الإنسان نفسه؛ حين يميل إلى تعطيل نواميس وقوانين الحياة، ويميل إلى التواكلية والارتكان على الفراغ والهواء.

لذلك، والإنسان والجماعة والمجتمع، وهم في طريقهم إلى محاولات النهوض والتصحيح والانبثاق نحو التقدم والتطور والرسالة الحضارية، تلتبس عليهم الأمور سواء كانت على صعيدها الدنيوي أو حتى الديني، وتجري الأمور أحيانا، ولفترات ليست بالقصيرة، بشكل حدي، وعلى مستوى المجتمع نفسه، بل والإنسان نفسه؛ بين نزعة حدية نحو الذهاب في فهم الدين وسلوكه إلى درجة متطرفة، أو إنكار الدين على شكل وحضور متطرف.

ويبدو أن الجبهات، التي سيقاتل عليها الإنسان وهو ينهض، من القاع إلى أعلى وهكذا، كثيرة وكثيرة جدا، بل ومستجدة أحيانا ومستولدة، من وقائع ومخرجات تراجعية من أساسها أو من تصورات وسلوكيات ومناهج بُنيت أو قامت على بنى تخلفية وانحطاطية. وهنا يكون المعوّل في التركيز على الأوليات والأولويات، وعلى التراكمية، في غير جانب، سواء كان بسيطا أو مركبا، مع حضور النفس الطويل، في الاحتمال والصبر والتمسك بمنظومة القيم والأخلاق الإنسانية العالمية، ودون فقدان للأمل؛ لكي تقود التراكمية إلى تدرجية في السلامة الإنسانية والوعي المتدرجين، مع اطراد الإحساس بنمو الذات الفردية والمجتمعية وتطورها، على طريق استقلالها وفاعليتها، وبالتالي قدرتها على تقرير المصير، في بيئة إنسانية حضارية، تقوم على تعمير الدنيا لا تدميرها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر مصرية: وفد حركة حماس سيعود للقاهرة الثلاثاء لاستكمال ا


.. جامعة إدنبرة في اسكتلندا تنضم إلى قائمة الجامعات البريطانية




.. نتنياهو: لا يمكن لأي ضغط دولي أن يمنع إسرائيل من الدفاع عن ن


.. مسيرة في إسطنبول للمطالبة بإيقاف الحرب الإسرائيلية على غزة و




.. أخبار الساعة | حماس تؤكد عدم التنازل عن انسحاب إسرائيل الكام