الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثقافة محنّطة ...صدّام والقرآن

واصف شنون

2005 / 12 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


منذ أن عشق َ ظهوره المبرمج والمعدّ له بأدق التفصيلات على شاشة التلفزيون العراقي وبشكل متكرر ومطوّل ،حتى بات صدّام حسين ممثلا ً تلفزيونيا ً بارعا ً ...كما كان بإمكانه أن يصبح نجما ً سينمائيا ً تتنافس عليه شبابيك التذاكر ...لولا مشاغله الرئاسية والحربية على الأخص ..!!. لذا فطالما ظهر الرئيس بالكوفيه الريفية والعقال العربي والسروال الكردي وقبعة تكساس ونظارات جاكلين كيندي،وحين أعلن الحرب برز بزيه الحربي الأنيق ،وقد أبدى خياطه الفرنسي إعجابه بزبونه وحسن إختياره للتصاميم . ثم غزا المسرح بقوة صاروخية بعد تنصيبه حكومة ثورية في الكويت ،فأصبح ممثلا ً مسرحيا ً من طراز فريد ،فهو يتّقن أدواره بحرفية عالية ويرتجلها أمرارا ً بشكل تلقائي قلّ َ نظيره... وحين تم إسقاط حكمه بالطريقة ذاتها التي يفهمها ويعدها منهجا ً لحياته الشخصية والسياسية وكذلك إدارته لمقاليد السلطة في السيطرة على العراق ،ومن ثم إستخراجه من حفرته التاريخية (التي ستكون سياحية يوما ً ما فتعم البحبوحة أهل القرية التي تحتويها ،فوق البحبوحة الدولارية التي تمتعوا بها أثناء وجوده معهم..!! )....،وصولا ًليوم الجلسة الأولى لمحاكمته ..ثم الثانية ..،عاد صداّم الى مواجهة عدسات الكاميرات التلفزيونية مع براعته في فنون التمثيل المسرحي الكلاسيكي .. وهاهو المشهد ...الممثل الرئيسي صدّام يقف يحتضن (قرآنه )...وخلفه كما هي العادة يقف كمبارس من القادة الممثلين الثانويين وعددهم سبعة مجرمين ...،لم يحمل أي منهم قرآن..،فالقائد صدّام وحده يؤثث صورته القومية الإسلامية في دوره المسرحي بواسطة القرآن ..فهو الأقدر على إداء الدور وإذا نجح هو ..فكما الأيام الخوالي.. نجح كومبارس الرفاق . ليس الأمر كم نظنّ ُ عاديا ً ولايعد بسيطا ً ،فصدّام مسلم الديانة ،والقرآن هو الكتاب المقدس المناسب له في ضائقته الحالية ،فمن أين لصدّام بكلام أفضل من كلام ألله يحميه من ظلم الصليبين الكفّار والصهاينة والموساد والمجوس وعملائهم متمثلين بهيئة القضاة الخمسة وعلى رأسهم الكردي رزكار، و مَنْ سوى الكتاب الكريم من يثير عواطف فقراء القهر والعوزوالتخلف في الباكستان وبنغلاديش ومصر وغزة وموريتانيا ..حتى الشيشان وأذريبجان ..،ومَنْ سوى أيُ الذكر الحكيم مَنْ يلهب النار في ألسنة خطباء مساجد اللطيفية وتكريت والرمادي والسلط والدوحة وصنعاء والخرطوم ..ولاكيمبا في سيدني ..،والحجّة هي ذريعة جاهزة محنطة ..،صدّام رجل مسلم لكنه أجرم بحق الناس وحق نفسه ..لكنه أعلن توبته ..،لقد تاب الرجل ،أما ترونه يحتضن كتاب ألله العزيز ..ويقف شامخا ً أمام الدنيا كلّها كشموخ المسلمين الأوائل على المشركين ..!!. ثقافة بدوية دينية جاهلة تدعو للشهامة والرجولة والجريمة في خلطة واحدة وتتسامح حسب العصبية بكل أشكالها تعتمد ما أرساه صدّام نفسه من قيم قبلية عفنة مضاف إليها مخللات دينية بائسة .. لم يحتضن ميلوسوفيتش الإنجيل أو كتاب كارل ماركس رأس المال أثناء جلسات محاكمته في لاهاي ....،كان يحتفظ بقصاصات ورقية دوّن عليها مقتطفات من القانون الدولي الخاص بقوانين الإجرام بحق الإنسانية وبعض الملاحظات عن لائحة حقوق الإنسان .. نحن هنا أمام دكتاتورين واحد غربي صربي مسيحي وآخر عربي عراقي مسلم ..،يتم محاكمتهما بتهم تتعلق بالإساءة الى الجنس البشري ..،الأول سقط بإنتخابات ولم يذعن ،فبدأت إحتجاجات وطنية صربية ،فعقل الرجل وسلم نفسه وهو يرتدي بدلة وربطة عنق ،والثاني هرب من عاصمته لاجئا ً إلى قريته وعشيرته ،تاركا ً كل شيء ورائه ،وجلس في حفرة مع مسدس ولكن بدون قرآن .. إنظروا أي خزي ٍ تلحقه ثقافة المرء به ،فرئيس الدولة الذي أمر َ ذات مرة بسجن وطرد مدير مدرسة( برجوازية) لأن المرافق الصحية الخاصة بالتلاميذ كانت غير نظيفة من دون سماع رأي المدير المسكين ،تراه يتمسك بالدين وكتاب الدين المقدس لكي يدافع بهما عن نفسه الغائبة عن الحق والوجدان ويدعو القاضي لمساعدته . كان أيمن الظواهري يحمل مصحفا ً أثناء محاكمته في مصر إثر مقتل الرئيس السادات ..وكان يتوعد ويتهدد والقرآن بيده . ينصح المحامون في أمريكا موكليهم من السود ،بجلب نسخة من القرآن معهم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إبراهيم عبد المجيد: يهود الإسكندرية خرجوا مجبرين في الخمسيني


.. سياسي يميني فرنسي: الإخوان ساهموا في نشر الإسلاموفوبيا في أو




.. 163-An-Nisa


.. السياسي اليميني جوردان بارديلا: سأحظر الإخوان في فرنسا إذا و




.. إبراهيم عبد المجيد: لهذا السبب شكر بن غوريون تنظيم الإخوان ف