الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الناسخ والمنسوخ بين يدي عدالة المنطق

محمد مسافير

2016 / 5 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يجب أن تصنف نفسك ضمن خانتين لا ثالثة لهما:
إما ألا تعترف بالناسخ والمنسوخ، آنذاك تسقط في فخ التناقض الصريح بين الآيات القرآنية!
وإما أن تؤمن بصحة النسخ، وآنذاك يجب عليك أن تعترف بتاريخية الخطاب، وعدم إطلاقية الأحكام، لارتباطها بالأسباب...
وحسبنا أن نضرب هنا مثل الآية 109 من سورة البقرة: (فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ (، يقول النحاس، لقد نسختها الآية الخامسة من الثوبة: ( فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ )
إذن فالمؤمن الذي لا يعترف بوجود النسخ إطلاقا، سيحتار في معاملته مع المشركين، أيعفوا عنهم ويصفح عنهم؟؟ أم يقتلهم حيث وجدهم؟ وهكذا سيلحظ في أحسن الأحوال أن الآيتين متناقضتان إلى أبعد الحدود...
لكنه إن آمن بوجود النسخ في الآيتين، وأن الآية الثانية تنسخ الأولى لأنها متأخرة عنها زمنيا، فإن هذا المؤمن، يجب عليه أن يسلم بعفوية ودون مكابرة، أن النص القرآني ليس إطلاقيا البثة، وليس صالحا لكل زمان ومكان، لأن آياته لها أسباب نزول معينة، وتنتهي صلاحية الآية بقضاء الظروف والأسباب التي ولدتها، إذن نحن أمام نص تاريخي، أحكامه تاريخية...
والمُصِرُّ على إطلاقيته رغم إيمانه بصحة الناسخ والمنسوخ، إما أنه يعاني من السكيزوفرينيا، أو أنه يظن أن ظروف النص لا تزال قائمة، وإن كانت حالته ضمن الافتراض الثاني، فمن اليسير دحض مبرراته...
إننا اليوم، نعيش داخل منظومة رأسمالية متقدمة، تتسم بالتقدم التقني والتكنولوجي المعقد، وعلاقات انتاجية جديدة، لم تكن معلومة لدى الرعيل الأول من المسلمين،
بالإضافة إلى طفرة علمية على كافة المستويات، دون أن نلغي التقدم الحاصل في المجال الحقوقي والإنساني والقانوني، إنها أشياء لا يمكن أن ينكرها عاقل أبدا...
وهذه السمات، لا تتقاطع والنمط الاقتصادي القائم فترة محمد بن عبد الله في شيء، إلا في حالة تغييب عقولنا، لأن المجتمعات التي كان يسودها العبيد وأسواق النخاسة والرجم أو الجلد كأساليب عقابية، هي مجتمعات غارقة حد الجفون في وحل التخلف ولا تدرك للحداثة اسما...
حجة أخرى، إذا كانت قد تغيرت الظروف في ظرف شهرين أو حولين، وهو الزمن القياسي الذي قد يفصل بين الآيتين، تغيرت إلى الحد الذي يستدعي تغيير الحكم بشكل جدري، فكيف تسلم أنها لم تتغير أبدا بعد 1400 سنة؟ فبربك هل لك ذرة عقل !!
وهنا أيضا يجب علينا أن نسلم بنسبية الأخلاق، فما كان مسموحا به أو مقبولا عند جماعة ما، يمكن ألا يبقى كذلك ضمن ظروف أخرى، مثلا زواج المتعة، الذي كان مقبولا أخلاقيا زمن الرسول، سرعان ما غدا منبوذا في آخر أيامه، طبعا إذا سلمنا بصحة حديث التحريم الذي تنكره الشيعة !
النص ثابت، والمصلحة المرتبطة بالظروف متغيرة، لأن الأخيرة متغيرة، ولو أخذنا بأحكام النص الثابت دون مراعاة الواقع، لعرقلنا سير التقدم، ولبرحنا أمكنتنا، منغلقين بين ثنايا النص، وغاضين الطرف عن مقتضيات العصر، طامسين العقول، لانعدام مبرر استعمالها، بحجة أن الأولون قد سبقونا بالتفكير، وتحملوا عنا مشقة التفكير، وما علينا نحن اللاحقون سوى اقتفاء الأثر، والاقتداء بالسلف، والعدول عن السؤال !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اسلوب
بلبل ( 2016 / 5 / 7 - 09:56 )
تتناول الامور باسلوب رائع دون خدش حياء اية جهة وتضع الكل امام الامر الواقع

اخر الافلام

.. المحكمة العليا الإسرائيلية تبدأ النظر في تجنيد -اليهود المتش


.. الشرطة الإسرائيلية تعتدي على اليهود الحريديم بعد خروجهم في ت




.. 86-Ali-Imran


.. 87-Ali-Imran




.. 93-Ali-Imran