الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوجه الآخر للخلافة الإسلامية 4 من 5

فتحى سيد فرج

2016 / 5 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الوجه الآخر للخلافة الإسلامية 4 من 5
أئمة الإسلام بين اضضهاد الفرق وخلفاء القهر
فى القرنين الثانى والثالث الهجرى، الثامن والتاسع الميلاديين، عاش أئمة الإسلام الأربعة : أبو حنيفة، ومالك، ووالشافعى، وابن حنبل، فى هذه الفترة كان الخوارج، وهم إراهبيو زمانهم، مثل إرهابى زماننا، يمارسون الأرهاب الفكرى، والاغتيالات، وكانت السلطات الحاكمة، تمارس بدورها الرد على العنف، بعنف مقابل، والرد على التكفير بالتكفير، وكان هؤلاء وهؤلاء يمارسونالاضطهاد للفقهاء ووالقضاة، وائمة الفتوى عند أى خلاف فى الرأى، مثلما يحدث فى زماننا ، منذ العقود الخمسة من القرن العشرين .
فعندما خرج زيد بن على زين العابدين على الخليفة هششام بن عبد الملك، متزعما ثوورات االعللويين ضد الأمويين، كانت عواطف "أبى حنيفة" مع العلوويين المضطهدين، ولقد انتهت ثورة زين العابدين بقتله سنة 123هـ ، وثورة ابنه يحيى بمقتله 125هـ ، ثم ثورة حفيده عبد الله 130هـ ، وقد استمرت هذه الثورات عشر سنوات، وكان يؤازرها العلماء والفقهاء، إلى إن حان ووقت حساب الأموييين لكل من أزر هؤلاء الثوار العلويين فى عهد مروان بن محمد آخر الخلفاء الأمويين، الملقب بالحمار .
كان الحساب على يد ابن هبيرة والى الأمويين على العراق، الذى دعا أبا حنيفة إليه، وعرض عليه تولى أى عمل ليظهر ولاءه للخليفة مروان، ولكنه رفض فإعتبر ذلك انحياذا للعلويين، وفى العصر العباسى قرر أبو جعفر المنصور اختبار ولاء أبى حنيفة لدولته، فأرسل له جائزة قدرها 10 ألاف درهم وجارية، لكن ابا حنيفة رفضها، قائلا لوزير الخليفة الذى حملها له "أنى ضعفت عن النساء، فلا استحل ان أقبل جارية لا أصل إليها، ولا أجترئ أن ابيعها بعد إن خرجت من ملك أمير المؤمنين"
وجاء يوم قرر فيه المنصور أن يتوولى أبو حنيفة أى عمل، عرض عليه أن يتولى القضاء، ويكون القاضى الأول، فما دمت تفتى الناس فاحكم بما تفتى، فقال أبو حنيفة " أنا أقول برأيى، فمن شاء اخذ ببه، ومن شاء لم يأخذ" عندئذ حلف المنصور على أبىى حنيفة، أنه لابد أن يتولى له اى عمل، وادرك أبو حنيفة أن المقصود هو رقبته إن أبى، وكان سور بغداد يبنى، فقبل أن يعمل، فامره المنصور القيام بالأشراف على إنشاء السور، كما طلب منه عد اللبنات المستخدمة فى السور، فطلب قصبة امسك بها أمام المنصور وحاشيته وراح يعدها إلى أن أتمها، وهكذا تأكد المنصور أنه أزل أبى حنيفة .
كان من عادة أبى حنيفة، أن ينقض بالفتوى أحكاما لقضاة الكوفة، معطيا لنفسه الحق الذى تكفله محاكم النقض فىى أيامنا، ليس ببالحكم كقاض، وإنما بالنظر إلى احكام القضاة كمفت فى المسجد علانية أمام الناس، فكان يثير بهذا حفيظة القضاة، وكثيرا ما كانوا يرفعون شكاواهم إلى أمير الكوفة، ووقد تصل إلى الخليفة، وهكذا حانت للمنصور الفرصة ليرغم ابا حنيفة على العمل قاضيا للقضاة، او ينزل به أذى جسيما، وأبى أبو حنيفة ذلك الأمر، مؤكدا للمنصور أنه مجرد مفت، يقول بالرأى اليوم، وبغيره غدآ، فأقسم المنصور أن يتولى القضاة، وأقسم أبو حنيفة أنه لن يقبل، وحدث الصدام، وأمر المنصور بحبس أبىى حنيفة، وجلده كل يوم عشرة أسواط، وقد مات أثناء هذه المحنة، وقيل فى موته روايات مختلفة، هل مات من التعذيب؟ أم بسيقه السم فى سجنه؟ .
وقد واجه الأمام مالك محن من إرهاب الخوارج، فقد اقتحموا المدينة حيث يقيم مالك سنة 130 هـ ، وقتلوا المدافعين عنها، ورأى مالك أن طموح الخوارج لإقامة العدل لا يبرر وسائلهم، ووأن إرهاببهم للناس إثما أكبر، كما لم يكن راضيا عن حكم الخلافة، ولا عن المتمردين من العلويين، ولذلك لم يدع إلى طاعة السلطة، ولم يرى الخروج عن طاعة الحاكم، وعندما سئل عن قتال الخارجين على الخليقة العباسى قال، دعهم، ينتقم الله من ظالم بظالم، ثم ينتقم من كلليهما .
وقد تصادف أن افتى ماللك بحديث : ليس لمستكره طلاق، فوجد أنصار النفس الزكية الذى خرج على بيعة المنصور ما يدل على أنه بالمثل، ليس لمستكره بـيعة، ولذلك لا بيعة للمنصور فى أعناقهم، وكان ذلك سببا لمحنة ماالك عام 146هـ . فضرب بالسياط، ومدت يداه حتىى انخلعت كتفاه .
وكذلك تعرض الإمام الشافعى لمحنة، حيث كان العباسيون يخشون خصومهم العلويين الأقوياء، ويعتبرونهم أعداء يتعقبوهم بالشبهة وباليقين، ويقتلوا كل من يشتبه أنه منهم، وقد استغل والىى اليمن هذا الضعف فى نفوس العباسيين، فأسل لهارون الرشيد يقول : "إن 9 من العلوويين تحركوا، وإنى أخاف أن يخرجوا بثورة، وإن رجلا من أولاد شافع، لا امر لى معه، يعمل بلسانه ما لا يقدر عليه المقاتل بسيفه، فأمر الرشيد بإرسال هؤلاء العلويين إليه، ومعهم هذا االشافعى، وقتل التسعة، وكاد يقتل الشافعى، لولا حجة الشافعى بين يديه، الذى قال : " يأمير المؤمنين، ما تقول فى رجلين، أحدهما يرثىى أخاه، والآخر يرثى عبده، أيهما أحب إلى؟ فقال الرشيد : اللذى يرثى أخاه، فقال الشافعى : فذاك الأخ هو أنت، إنكم ولد العباس، وهم ولد على، ونحن بنو المطلب، وأنتم تروننا إخوتكم، وهم يروننا عبيدهم" كما تدخل محمد الشيبانى لدى الرشيد وقال له : أن هذا الشافعى له حظا من العلم والفقه، وليس الذىى رفع عليه من والى اليمن من شأنه، وبهذا نجا الشافعى من القتل .
أما المحنة الكبرى فكانت مع الإمام "ابن حنبل" بعد أن أصبح الخليفة "المأمون" مؤيدا للمعتزلة وراعيا لهم، يقول مثلما يقولون، ومن بيين ماا كانوا يقولونه : ان القرآن مخلوق، الخطير فى الأمر، ان الخليفة امر الجميع امراء وفقهاء، وحتى العامة بتبنى وتأييد هذا القول، كان يعقد المجالس للمناظرات لكى يحمل الناس وبقوة السلطة، على القول قهرا بفكرة خلق القرآن .
وأرسل المأمون إلى إسحاق بن إبراهيم نائبه على بغداد، ليعزل كل من لا يقول بخلق القرآن من منصبه، ويمنع شهادة اوفتوى كل من يخالف ذلك، وطلب أن يرسل إليه استجابات الموافقين، ورفض الرافضين، على أن يقيد الرافضضين بالأغلال، ليستتيبهم المامون عن هذا الشرك، وينزرهم بعقوبة الإعدام، وتم عرض الرافضون بين يدى المأمون، وأمام التهديد والوعيد غير الرافضون مواقفهم، إلا أربعة هم : أحمد بن حنبل، محمد بن نوحن القواريرى، وسجادة، باتوا ليلتهم فى الأغلال، فى الصباح تراجع سجادة أمام المأمون، فأطلق سراحه، فى اليوم التالى خار القواريرى، وسلم بخلق القرآن، فأطلق سراحه، وحمل الأثنان إلى طرطوس مع المأمون، ووفى الطريق استشهد بن نوح، ولم يبق غير ببن حنبل .
ولفرط أيمان المأمون بهذه الفكرة أوصى المعتصم والواثق بتتبع الرافضين، وبعد وفاة المأمون استمر المعتصم، وراح يمتحن الضمائر، ويفتش فى السرائر، وأمر بأن يساق بن حنبل مقيدآ بالألغلال الثقال، إلى السجن فى بغداد، ورغم أن بن حنبل لم يقل بأن القرآن قديم، بل توقف عن القول بأنه مخلوق، لأنه لم يؤثر عن السلف كلام فى هذا الصدد، لذلك فعلمه عند الله، فقد ظل طوال 28 شهرا يضرب بالسياط إلى أن يغمى عليه، وينخس بالسيف فلا يحس، وعندئذ يترك لليوم التالى، أو إلى أن يعاد جسمه الإحساس ليستمر تعذيبه .
وحين يأس معذبوه أطلقوا سراحه، وهو مثخن بجراحه لا يقوى على السير، لكن محنته أستمرت بمنعه من الدرس والتحدث فى المسجد، أو اللقاء بالناس فى بيته، أو السكنى ببلد يقيم فيه الخليفة الواثق، وقد تسببت محنة خلق القرآن فى أستشهاد عديد من الفقهاء، منهم يوسف بن يحيى البويطى المصرى، ونعيم بن حماد .
هكذا كانت خلافات القهر تحكم وتتحكم، ورغم أن العصور الحديثة، قدمت للجنس البشرى، أنظمة حكم ديمقراطية، ااثمرتها التفاعلات الحضارية عبر العصور، ونضالات الشعوب وثوراتها فى عديد من البلدان، لنيل حق اختييار الحاكمين، وطريقة الحكم، على أساس أن الشعب هو صاحب السلطة العليا، وان الحكام مجرد خدم للشعوب، إلا أن بعض المتأسلمين يحاولون فرض أساليب الماضى البغيض على الحاضر ، مخالفين ومختلفين مع مسيرة التاريخ، ولكننا نرى أنه أصبح من المستحيل العودة لنظم الحكم الاستبدادى المتخلف .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آلاف اليهود يؤدون صلوات تلمودية عند حائط البراق في عيد الفصح


.. الطفلة المعجزة -صابرين الروح- تلتحق بعائلتها التي قتلها القص




.. تأهب أمني لقوات الاحتلال في مدينة القدس بسبب إحياء اليهود لع


.. بعد دعوة الناطق العسكري باسم -حماس- للتصعيد في الأردن.. جماع




.. تأبين قتلى -وورلد سنترال كيتشن- في كاتدرائية واشنطن