الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


--صدام حضارات-في باريس؟....-

محمد سيد رصاص

2005 / 12 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


- لاحظ هتلر على الفرنسيين عدم عنصريتهم,متنبئاً بأ ن فرنسا ستتحول إلى بلد ملون ومتعدد الأعراق,وهو شيء يمكن ملاحظته الآن عبر صورة تلفزيونية للمارة في شوارع باريس, فيما لايلمس ذلك في برلين أوفي الد ول الاسكندنافية .
ربما ساهم في ذلك , أن فرنسا ذات ماضٍ استعماري,أرادت ,عبر (الفرانكوفونية)وربط مستعمراتها السابقة بالثقافة الفرنسية(وأيضاً بالاقتصاد,كما هو الحا ل في غرب افريقيا),المحافظة على نفوذ دولي من خلال استخدام روابط عابرة للأعراق والقوميات: كان أحد عقابيل ذلك هو فتح حدود الجمهورية الفرنسية أمام مواطني المستعمرات السابقة, أواستيعاب حالات خاصة منهم,مثل (الحْراكيين)الجزائريين الذين كانوا متعاونين مع فرنساأيام حرب التحرير,وخرجوا ليتوطنوا في فرنسا .
كان الجانب الثقافي جانباً رئيسياً في حراك العملية الاستعمارية الفرنسية,ماأدى إلى حالات اصطدام بالثقافات المحلية,لم نجدها عند الانكليز في مصر والهند(مثلاً:التشجيع الخفي والراضي عند المعتمد كرومرلنشاط الشيخ محمد عبده أثناء توليه الإفتاء, بعد تخليه عن الكفاحية السياسية التي كانت له قبيل وأثناء حركة عرابي )فيما وجدنا الفرنسيون يصطدمون بالشيخ ابن با ديس وعلماء الجزائر الذين لم يروا في سياسة فَْرنسة الجزائر العلمنة وتراث فولتير,وإنما شيئاً آخر أقرب إلى مواقف عدائية للاسلام نجدها عند مستشرق مثل هنري لامنس .
إذا كان شخص علماني ,مثل الرئيس الحبيب بورقيبة, قد وجد شيئاً آخر في فرنسة مابعد الاستعمار,فإن السيد راشد الغنوشي قد رأى فيها على الأغلب وجهاً يُذكر بلامنس وإرنست رينا ن , وبالتأكيد فإن موجة التدين واتباع مظاهر وطقوس الاسلام لدى مهاجري شمال افريقيا,في حقبة مابعد السبعينيا ت عندما وصلت حركا ت التحديث العربية (الناصرية-البعثية-اليسار-وقبلهم الليبرالية) إلى مآزقها, تؤكد أن كفة السيد الغنوشي هي الأقوى لديهم,وإلالما كانت الكثيرات من الشابات التونسيات والجزائريات تذهبن سافرات إلى باريس وهناك يقمن بارتداء الحجا ب,وهذا ماينطبق أيضاً على تدين الشبا ب الذي يأخذ هناك مظهر الهوية الثقافية-الحضارية, أكثر منه حالة شعائرية نراها لدى آبائهم في صفاقس ووهران .
لايلاحظ ذلك لدى المسلمين في لندن وبرمنغهام ,فيما لاتأخذ الهوية الثقافية-الشعائرية(في انكلترا وبخلاف فرنسة)مظهر الصدام الثقافي –الحضاري,إلاربما لدى أقليةمن الاسلاميين المتطرفين,فيما نجد المسلمين العاديين(والاسلامي المعتدل)يعيشون حياة طبيعية في بلاد الإنكليز.
يعود هذا إلى أن شروط الإندماج في لندن لاتتعدى القانون العام,فيما يمتد ذلك في باريس إلى الثقافة,التي تشكِل العلمنة الفرنسية(المحددِة والقامعة لنشاط الدين في أطر السياسة والمدرسة والحيز العام للمجتمع لصالح دور لايتعدى القلوب وأماكن العبادة)إطاراً رئيسياً لها,منذ الثورة الفرنسية وبالذات اعتباراً من سنة 1905 عندماانتصرت ثقافتها اليعقوبية الراديكالية على الكنيسة الكاثوليكية وحجَمتها عن أي دور عام في مجالات التربية والقانون والسياسة .
من هنا وجدنا أزمة حجا ب في فرنسا , ولم نجدها في انكلترا أوالولايات المتحدة ,أوحتى في ألمانيا التي أتت للحكم فيها مستشارة من الحزب الديموقراطي المسيحي:لايعني هذا أن فرنسا تعيش "صدام حضارات" بالمعنى الذي قصده صموئيل هنتنغتون, إلاأنه عندما تأخذ الهوية الثقافية موضع رأس جبل الجليد, الذي يحوي التهميش الاجتماعي والبطالة ونقص الخدمات العامة وفقدان حالة الفرص المتساوية مع المواطنين الآخرين,فإن ذلك لايختلف عن وضع أنصار شافيز الفقراء في فنزويلا, وهم من الخلاسيين والملونين بغالبيتهم العظمى,في مواجهة معارضة يمينية تعتمد اجتماعياً على البيض الأغنياء الذين حكموا كراكاس طوال القرنين الماضيين عقب الاستقلال عن الإسبان في عام1821 .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جد الطفلة -روح الروح- يرزق بحفيدة جديدة


.. فى الجنة يا رفعت .. رسالة وداع حزينة من جمهور الأهلى للاعب ا




.. صاحب مقولة روح الروح جد الطفلة الشــ ـهيدة ريم يُرزق بحفيدة


.. 167-An-Nisa




.. رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق إيهود أولمرت: نتنياهو لا يري