الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لَيْلَةُ القَدْر هيَ... أم ليلة الميلاد؟ (3)

ناصر بن رجب

2016 / 5 / 17
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لَيْلَةُ القَدْر هيَ... أم ليلة الميلاد؟ (3)

ترجمة:
بشير ماشطة وعلي بن رجب

مراجعة وإعداد:
ناصر بن رجب


مناقشة الآية 4 من سورة القدر:

"لا نحسب سَهَرَنا سَهَرًا عاديّا؛ بل هو عيد يفوق أجره مائة ضِعف" (تسابيح الميلاد XXI: 2، 1-2).

بالرّغم من أنّ القرآن يتحدث عن ألف سهرة وليس مائة ــ لكن الفكرة هي نفسها بالضّبط. فإعادة بناء النص المقترَحة من طرف لوكسمبيرغ تجد نفسها إذن، على الأقل بالنسبة لهذه الآية، منضوية في نَصٍّ سابق عنها ينتمي إلى نفس فضاء القرآن الثقافي (1).

لنتفحص الآن الآية 4. لقد سبق وذكرتُ أنّ هذه الآية، في شكلها الحالي، لا يمكن أن تكون جزءا من المقطع الأصلي. ومع ذلك، ليس من الحذر في شيء أن نجعل منها بكلّ بساطة مجرّد إقحام أضيف لاحقا، وذلك لسببين اثنين. فمن ناحية، نرى أنّ بداية الآية، التي تتحدّث عن نُزولٍ وعن ملائكةٍ، تنساب بشكل جيد مع موضوع السورة. ومن ناحية أخرى، نجد أن نهاية الآية غامضة جدًّا ولا تقول بالضرورة ما يُقوِّلها التقليد الإسلامي (2). فإذا كان الأمر يتعلّق بإضافة متأخرة فإننا ننتظر أن الآية ستكون أكثر وضوحا وأكثر جلاءً. الأرجح إذًا أن تكون العبارة "مِنْ كُلِّ أَمْر" جزءًا إلى النص الأصلي، غير أنّ التقليد الإسلامي فهمها فهما خاطئا.

لنتناول من جديد هذه الآية في بنيتها الأكثر بساطة، ولِنَقبل جزئيّا بالقراءة التقليدية. لنقرأها مع افتراض أن الفعل الذي تبدأ به الآية منحدر من الجذر "ن /ز /ل":

ت/ ن/ ز/ ل الملائكة...من كل أمر [يستخدم المؤلّف هنا الجذر "نزل" ولكن بحروف غير مُعجَمة وغير مشكولة، الشيء الذي يُعطي المجال لقراءات متعدّدة للفعل (المترجم)].

هناك عدّة قراءات ممكنة للفعل مع الإبقاء على نفس عدد الحروف:
تَنَزَّلُ الملائكةُ: الملائكةُ هي التي تَنْزِلُ (يمكن أن نقرأ كذلك بنفس المعنى: تَنْزِلُ الملائكةُ)
نُنَزِّلُ الملائكةَ: نحن الذين نُنَزِّل الملائكَة
تُنَزِّلُ الملائكةُ: الملائكةُ هي التي تُنْزِّلُ
(هناك قراءة أخرى ممكنة "يُنَزِّلُ الملائكةَ: هو الذي ينزل الملائكة) ... إلخ.

يمكننا أن نبدأ بالقراءة الثانية. فهي بإمكانها أن تستند على توازي ظاهري مع آية أخرى من سورة النّحل (س 16: 2): "يُنَزِّلُ الملائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أمْرِهِ..."

يترجمها بلاشير على النحو التالي: «Il fait descendre les Anges, avec l’Esprit [émanant] de Son Ordre» (p. 291). لكن تعتبر هذه الترجمة قابلة للنقاش: فعوض ترجمة لفظة "أَمْر" بـ «Ordre»، فإنّه بالإمكان مقابلتها بالعبارة الفرنسية «Parole»، أي "قَوْل"، "كَلِمة"، خاصّة وأنّ عبارة "بِأَمْرِهِ" لا تنطبق بالضرورة إلاّ على "بِالرُّوحِ". فربّما يمكن من الأفضل ترجمة هذا المقطع على النحو التالي: "بقوله [من أمره] يُنزِّلُ الملائكةَ والروحَ"، وهكذا فإنّ "مِنْ أَمْرِهِ" تفيد العِلّة، أو الوسيلة، المتسبِّبة في نزول الملائكة والروح.

غير أنه إذا كان حرف الجرّ "مِنْ" في عبارة "مِنْ كُلِّ أَمْر" له نفس الوظيفة في عبارة "مِنْ أَمْرِهِ"، يلزمنا إذًا أن نفهم: "نحن نُنزِّل الملائكة بمقتضى أيّ كلمة أو أيّ أمر". لكن حتّى ولو سلّمنا بذلك، فإنّ هذا التعبير يظلّ، في أفضل الحالات، تركيبا مُلتَبِسًا. إذْ الحديث بالأحرى يكون عن "قَول الله"، "مَمْرا" الله أو "لوغوس" الله، وليس عن "أيّ قول لله"، فالله، على أيّة حال، ليس عليه أن يعطي أمره عديد المرات إلى الملائكة لتنزل خلال نفس الليلة.

بما أن هذه القراءة ليست مقنعة تماما، لماذا لا نعود إلى القراءة التقليدية التي تعتبر أن الملائكة تنزل "مِنْ كُلِّ أَمْر" أو تنزل بترخيص من ربِّها "مِنْ كُلِّ أَمْر" (3)؟ تبدو هنا حيرة المترجمين واضحة، فهم يترجمون "مِنْ كُلِّ أَمْر" سواء بـ «pour tout ordre» أي "لأيّ أمر" (بلاشير)، أو «pour apporter tout ordre» أي "لإعطاء كل أمر" (خوّام)، أو «pour régler toute chose» أي "لضَبْط كلّ شيء" (ماسّون)، أو «pour tout décret»، أي "لكلّ قضاء" (بيرك)، أو «en vertu de tout ordre»، أي "بمقتضى كل أمر" (واغتندونك)، أو «[chargés] de tout ordre»، أي "[مكلَّفين] بكل أمر" (أبو ساحليه)... فحرف الجر "مِن" يمكن أن يُفهم بطرق عديدة ("بِـ، بمقتضى، من بين" (4)، لكن من المؤكد أنّه لا يعني "لِـ")، وكلمة "أمر" هي عبارة معروفة بتعدد معانيها ("أمر [أي أَمَرَ، أعطى أمرًا]، قول، شيء").

أنّ تكون مهمّة الملائكة هي تنفيذ الأوامر الإلهية، فهذه فكرة بَيْبليّة (كتابيّة) معروفة جيّدا. لكن هل هذا حقيقة ما يتحدّث عنه النص القرآني؟ التقليد الإسلامي يعتقد ذلك لأنّه يُفسِّر س97: 4 بالاعتماد على آية قرآنية أخرى وهي الآية 4 من سورة الدخان (س4:44): "فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ".

يعود الضمير "ها" في هذه الآية على "لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ" (س44: 3) التي يحددها المفسرون بليلة القَدْر. فيمكن حسب ذلك ترجمة الآية على هذا النحو: «Durant [cette nuit], est dispensé tout ordre sage». وهكذا يعطي المفسرون المسلمون والكثير من المترجمين المعاصرين للآية 4 من سورة القدر نفس المعنى الذي تشير إليه الآية 4 من سورة الدخان. باختصار، لقد نُظِر لهذه الأخير على أنّها تفسير للأولى.

غير أن كلّ المشكل يتمثل في معرفة ما إذا كان هذا هو الحال هنا. وبما أنّني سأعود لاحقا إلى الآيات 1-4 من سورة الدخان (س 44: 1-4)، سأقتصر هنا على إبداء ملاحظة سريعة.

إذا ما وضعنا أنفسنا في إطار القراءة التقليدية، فلا نجد أمامنا سوى احتمالين. يتمثل الأول في تَقويل الآية 4 من سورة القدر (س 97: 4) لما تقوله تحديدا الآية 4 من الدخان (س 44: 4). في هذه الحالة نفهَم أنّ الملائكة مكلفة بتحقيق الأوامر الإلهية، وهي تنزل لكي تُنفّذ المشيئة الإلهيّة. لكن المقلق هو أنّ هذا التأويل يبتعد عن حرفيّة النّص وليس له حقيقة علاقة بوحي القرآن (ولا كذلك بالإحتفال بذكرى نزوله). أما بالنّسبة للاحتمال الآخر فهو يتمثل في ترجمة الآية س97: 4 ترجمة حرفية بأقصى المستطاع. إلاّ أنّنا نجد أنفسنا، في هذه الحالة، قُبالة نصّ مبهم. فهل تنزل الملائكة (بترخيص من ربّها) بمقتضى كلّ أمر أو كلّ قول، أم من بين كلّ الأوامر، أو نظرًا كل أمر؟ فنتبين إذن محدودية الترجمة الأولى؛ أما الثانية فهي سخيفة، والثالثة على غاية قصوى من الضبابيّة.

لكن إذا كانت هذه الآية على هذه الدرجة من الغموض فلربّما لأنّه لا يقع عادة تناولها من زاوية أفضل. وقراءة لوكسمبيرغ يمكنها أن تُعيننا على الخروج من هذا المأزق:

"تُنَزِّلُ المَلَائِكَةُ مِنْ كُلِّ أَمْر"

كل المسألة تتمحور حول تركيبيّة عبارة "مِنْ كُلِّ". فكلّ المفسّرين فهموا تلقائيا "مِنْ" على أنّه حرف جر يُقدِّم الجملة الإسميّة "كُلِّ أَمْر" التي يمكن أن تعني في نفس الوقت "كُلّ أَمْر" [على حِده] وكذلك "كُلّ أَمر" [بمعنى الجمع "كلّ الأمور"]. وضمن هذه الشروط، كان من غير الوارد قراءة "تُنَزِّلُ" باعتبار أن هذا الفعل يستوجب بالضرورة مفعولا به لا أثر له في الآية.

غير أن العبارة من كُل + اسم مفرد نكرة هي تركيب سرياني (من كُلْ men koll) تعني "كلّ نوع من أنواع ...". وهذه العبارة نجدها في القرآن وعلى سبيل المثال في الآيات التالية:

الآية 10 من سورة لقمان: "وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ": (أنظر أيضا الآية س2: 164)
الآية 89 من سورة الإسراء: "وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ": (أنظر أيضا الآيات التالية س 18: 54؛ 30: 58؛ 27:39).

إذا فهمنا من عبارة "مِنْ كُلِّ أَمْر" أنّها تعني "كل أنواع الأوامر"، فمن الطبيعي ألا نقرأ "تَنَزَّلُ" بل "تُنَزِّلُ": فتصبح المسألة متعلقة بملائكة تُنزِّل كل أنواع الأوامر. يبقى الآن أن نتبيّن معنى هذه العبارة.

فهل يجب علينا أن نتبّع رأي لوكسمبيرغ فنرى في كلمة "أَمْر" نسخًا للكلمة السريانية "مَمْرا"، وهكذا نفهم أن الملائكة تُنشِد "كل أنواع الأناشيد"؟ ميزة هذا الاقتراح أنّه يعطي هذه الآية معنى مُقْنعًا يتماهى بشكل جيد مع السّياق. ولكنّه مع ذلك يتضمن عائقًا لا يستهان به: فالمعنى الشائع لكلمة "ممرا" هو " خُطبة، عِظَة دينية"، وليس "نشيدا".

قد يكون إذًا من المفيد في هذه الحالة أن نذهب من جديد إلى مقارنة النص القرآني بأناشيد الميلاد للقدّيس مار إفرآم السرياني. بالفعل، لقد سبق ورأينا أنّ س97: 3 (حسب القراءة الجديدة) يقابلها نشيد الميلاد XXI: 2، 1ـ 2. ولكن عن أيّ شيء يتحدث نشيد الميلاد XXI: 3، 1ـ2؟ إنه يتحدث بالضبط عما تتحدّث عنه س97: 4، حسب قراءة لوكسمبيرغ:

"اليوم نَزَلَ الملائكة ورؤساء الملائكة ينشدون أنشودة [مجد] جديدة على الأرض! ... [نزلوا وابتهجوا مع (الرعاة) الحرّاس السّاهرين...]" (5).

بطبيعة الحال، يُحيل نص القديس إفرآم إلى إنجيل لوقا 2: 13ـ 14:

"وَانْضَمَّ إِلَى المَلاكِ بَغْتَةً جُمهُورُ الجُنْدِ السَّماوِيِّين يُسبِّحُونَ اللهَ فيقُولُونَ: المَجْدُ للهِ في العُلَى! والسَّلامُ في الأرْضِ للنَّاسِ فإنَّهُم أَهْلُ رِضَاه!".

نجد هنا من جديد موضوع السَّلام، وهو كذلك مقصد حديث الآية 5 من سورة القدر (س 97: 5)، والذي يمكن أن يكون هو الموضوع الذي غالبا ما يتكرّر كلّما تعلّق الأمر بالحديث عن ليلة الميلاد (رسالة القدّيس بولس إلى أهل أَفسُس، اف 2: 13-18 [... فَإِنَّهُ سَلَامُنَا (...) جَاءَ يُبَشِّرُكُمْ بالسَّلام (...) وَبَشَّرَ بالسَّلام...]): بالفعل، السَّلام هو العلامة الفارقة لانبثاق بُشْرى الخلاص في ظلام الليل البهيم. وقد فسّره إفرآم في كتابه "شرح الدِياتَسّارون" (الإنجيل الرّباعي)، كما أطنب في الإشارة إليه في "تسابيح الميلاد" (أنظر، I: 82,88 -;- IV: 53, 59 -;- VII: 7 -;- VIII: 1). فهو يكتب مثلا عند حديثه عن السّاهرين، أي الملائكة، ما يلي:

"مُبْتهلةَ، صاحت أفواه الساهرين: السّلام " (أنشودة الميلاد XXI: 10، 1).

فهناك إذًا توازي واضحُ جدّا بين القراءة الجديدة للآيات 3ـ5 من سورة القدر والمقطعين 2 و3 لأنشودة الميلاد XXI. ومع ذلك، هناك صعوبة تظلّ قائمة: ما هو المعنى الدقيق لكلمة "أمر" في نهاية الآية 4.

إنّ مجيء كلمة "أَمْر" في نهاية الآية قد يكون مفتاحا لحلّ المشكل. فنحن نعلم، بالفعل، أن أواخر الآيات في القرآن هي الأماكن التي تلعب فيها الاعتبارات الأسلوبية دورا حاسما، خاصة فيما يتعلّق بالقافية. فحتّى يحافظَ على القافية التي تنتهي بـ "ــَ، ــْ، ر" يمكن أن يكون كاتب السورة قد عمد إلى استعمال هذه العبارة المتعددة المعاني، وإذًا متعدّدة الاستعمالات، التي قد تستهوينا هنا مقابلتها بعبارة "شَيْء": فتكون الفكرة في هذه الحالة أن الملائكة تُنْزِّلُ كلّ أصناف الأشياء، ما يعني ضمنيّا، الأشياء "الحَسَنة" مثل البركات والكرامات التي يتم التعبير عنها بالأناشيد.

هذه الفرضيّة لا تتطلّب جهدا كبيرا تقريبا لبلورتها، والتي تتمتّع ببعضٍ من المصداقيّة. لكن يبد لي مع ذلك أنّ هناك فرضية أخرى قد تستحق أن نأخذها بعين الاعتبار. لقد سبق ورأينا أنّ لوكسنبيرغ يعتبر لفظة "أمْر" هي نسخة للكلمة السريانية "مِمْرَا". غير أنّه، حتّى ولو أردنا الحصول على مرادِف سرياني لكلمة "أَمْر" فأنَّنا ننتظر بالأحرى لفظا من عائلة الكلمة السريانية "زْمَرْ"، أي "غَنَّى"، مثل "زْمَارَه"، "زَامُورَه"، أو "زْمِيرْطه" ("غناء"، "نشيد"، "مزمور"). مثلا، إذا كان الفعل "زْمَرْ"، على وزن "فعَلْ"، يعني «غَنّى"، فإنّ "زَمَّرْ"، على وزن "فَعّل"، يعني "أنشد المزامير، رتَّل المزامير". وهذا بالضبط هو الفعل الذي استعمله إفرآم في أنشودة الميلاد XXI: 5، أين يدور الحديث عن الأغاني وعن الأناشيد:

"من أجل ميلاد المولود-الأول، لنُغَنِّي (نْزَمِّر) كيف في الأحشاء نسج المسيح لنفسه رداءً" (أنشودة الميلاد XXI: 5، 1ـ2).

نحن نعلم أن اللّفظتين "زْمَرْ" أو "زَمَرْ" بمعنى "غناء"، موجودتان في اللغة العربية (مثل "تزمير" و "مزمار"، "مزمور، نشيد"). وهما بالتّأكيد استعارتان من السريانية، مع الإشارة إلى أن الجذر العربي ز /م /ر ينتمي إلى حقول معجمية مختلفة. أَلا يمكن أن تعطي قراءة الكلمة "زْمَرْ" عوضًا عن "أَمْر" معنى أكثر إقناعا؟ فارتكاب خطء في نقل النص القرآني غير مستبعد ولا هو خارق للمألوف بما أنّ "زْمَرْ" و "أَمْر" لا يختلفان إلا من حيث الحرف الأول للكلمة (زيادة على ذلك، فإنّ القرّاء الذين كانوا يقرؤون "قَدْر" بدلا من "قَدَرْ" من الممكن أنّهم كان أيضا قد استهواهم البحث عن قافية بصيغة "ــَ، ــْ، ر، وليس عن قافية على هيئة ــْ، ــَ، ر).

قد يكون بإمكاننا بدون شك أن نتبسّط مطولا في أفضل طريقة لتفسير وجود كلمة "أَمْرْ" في نهاية الآية 4 من سورة القدر. ومهما يكن من الأمر، فإنّنا نستطيع الآن تقديم، في شكل جدول، التوازي بين النص القرآني، حسب القراءة المقترحة من قبل لوكسمبيرغ، التي نُدافع عنها في هذا العمل، وبعض المقاطع من أنشودة الميلاد XXI للمار إفرآم السرياني.

(يتبع)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش

* نُشِر هذا المقال بالفرنسية تحت عنوان:
Guillaume DYE, « La nuit du Destin et la nuit de la Nativité »
ضمن كتاب:
Guillaume Dye & Fabien Nobilio, Figures bibliques en islam, Bruxelles-Fernelmont, EME, 2011
(1) كانت أناشيد إفرآم السرياني تُغنّى أثناء القدّاسات الليتورجية في كلّ الكنائس المسيحيّة الناطقة باللغة (الليتورجية) السّريانية (وهذه هي الحال دائما إلى اليوم)، وكانت تُحفظ عن ظهر قلب من طرف العديد من الرّهبان أو المنشدين الدينيين. فليس من المستغرب إذن أن تكون هذه الأناشيد معروفة لدى الجماعة الدينيّة التي كان يُشكِّلها "الإسلام البدائي".
(2) أُقصي بالطّبع الحلول التي اقترحها المفسّرون والتي تتمثّل في الحاق المقطع "مِنْ كُلِّ أَمْرٍ" بالآية 5 فيُصبح المعنى: "مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلَامٌ هِيَ [ليلة القدر] حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ".
جاء في تفسير الطبري ما يلي: "حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلامٌ) أي هي خير كلها إلى مطلع الفجر. حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن إسرائيل، عن جابر، عن مجاهد) سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (قال: من كلّ أمر سلام. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قول الله) سَلامٌ هِيَ (قال: ليس فيها شيء، هي خير كلها) حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ). موسى بن عبد الرحمن المسروقي، قال: ثنا عبد الحميد الحمانيّ، عن الأعمش، عن المنهال، عن عبد الرحمن بن أبي لَيلى، في قوله (مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلامٌ هِيَ) قال: لا يحدث فيها أمر". [المترجم]
(3) .وذلك سواء ألحقنا عبارة "من كلّ أمر" بالفعل "تنَزَّل" أو بالجملة الإسميّة "بِإِذِن ربِّهم"، وهذه الجملة الأخيرة هي، قطعًا جملة مُدرَجة.
(4) كثير من المفسّرين يعيدون صياغة معنى هذا المقطع "مِن كلّ أمر" إلى "بِكلّ أمر".
(5) هناك بعض الفوارق بين الآية 4 من سورة القدر وأنشودة الميلاد هذه (XXI: 3, 1-2)، ولكنّها فوارق سطحيّة. فأنشودة إفرآم السرياني مبنيّة مثل النّص القرآني على ذهاب وإيّاب بين قصّة الحدث التاريخي للميلاد وبين الإحالات إلى الميلاد كعيد ليتورجي تُقام فيه الصلوات والأناشيد اللّيليّة الشبيهة بصلوات وأناشيد الملائكة أثناء ليلة الميلاد. إذًا، عندما يكتب إفرآم السرياني أنّ الملائكة نَزَلَتْ (وليس "تَنْزِلُ") ويتحدّث عن "أنشودة واحدة" (أنشودة جديدة، وليس "كلّ أنواع أَمر [الأناشيد]"، وعديد "أمر [الأناشيد]")، فلأنّه يُحيل إلى إنجيل لوقا (2: 13-14) وإلى ميلاد المسيح. إلاّ أنّ أنشودة إفرآم تعود لاحقا وفي أماكن متفرّقة إلى الحديث عن ليلة الميلاد كعيد ليتورجي فيصبح الموضوع يتعلّق بأناشيد عديدة. إلاّ أنّ طابع الاختصار الذي يطغى على أسلوب النّص القرآني يُفسّر بالنّهاية لماذا يتحدّث القرآن عن ملائكة تُنَزِّلُ أناشيد وليس عن ملائكة تَنْزِلُ إلى الأرض لكي تُنْشِد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقاربة منطقية وواقعية
س . السندي ( 2016 / 5 / 17 - 03:34 )
بداية تحياتي لك ياعزيزي ناصر وتعقيبي ؟

1: مقارنتك منطقية جداً وهى أقرب للحقيقة التي ذكرتها من مفسري القران ، فالآية واضحة (ليلة القدر) ولم تقل ليالي ، والكل يعلم أن نزول القران إستغرق 23 عاماً ، والمقصود ليلة ميلاد السيد المسيح وليس سيّء أخر ، وعلى شيوخ المسلمين إعادة التفكير والتفسير وعدم الهروب إلى الامام ؟

2: على ضوء البحوث الجديدة وعلم مقارنة الاديان واللغاة يستنتج المسلم الباحث وجود إشكالية في تفسير الكثير من الآيات ، ومنها مالا ينسجم أبداً مع روح وسياق الاية ، والكثير منها بعيدة عن روح المنطق والعقل والتاريخ ؟

3: هذا ألاشكال نجده أيضاً في (الاسراء والمعراج) فألاية لم تذكر من العبد المسرى بِه ، والمسجد الأقصى لم يكن أصلاً موجود وقتها ، وقصة البراق (من البرق) مأخوذة من الميثولوجيا اليونانية وهو حصان يوناني إسمه (بيكوسيوس) والقصة كلها مختلقة دونت بعد موت محمد بسنوات لغايات إقتصادية وسياسية ؟

4: وأخيراً ...؟
هل سيصمد الاسلام أمام ثورة المعلومات وشلالات الحقائق ، سلام ؟


2 - حقيقه
على سالم ( 2016 / 5 / 17 - 06:45 )
الاسلام فى مفترق الطرق , الاسلام مرعوب من ثوره المعلومات وتسليط الاضواء على خزعبلاته التى كان مسكوت عنها لقرون طويله والكل كان خائف ولايستطيع فتح فمه , فى النهايه اعتقد ان الاسلام سوف ينهار غير مأسوف عليه , ارحلوا عنا ايها النصابين الكذبه


3 - مرحبا
منى محمد ( 2016 / 5 / 18 - 08:33 )
نصف المقال والكاتب يحاول فقط ان يفسر كلمة تنزل، وجاء بتفاسير كثيرة لعلماء فقط ليفسرها ولم يستطع تفسيرها لشدة غزارة الكلمة وفحواها ، فهل معقول ان محمد الامي قالها، ؟؟

اخر الافلام

.. ما سبب الاختلاف بين الطوائف المسيحية في الاحتفال بعيد الفصح؟


.. نشطاء يهود يهتفون ضد إسرائيل خلال مظاهرة بنيويورك في أمريكا




.. قبل الاحتفال بعيد القيامة المجيد.. تعرف على تاريخ الطائفة ال


.. رئيس الطائفة الإنجيلية يوضح إيجابيات قانون بناء الكنائس في ن




.. مراسلة الجزيرة ترصد توافد الفلسطينيين المسيحيين إلى كنيسة ال