الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن فكرنا الداعشي ..

حياة بن نقرو

2016 / 5 / 20
التربية والتعليم والبحث العلمي


عن الردة الإنسانية
مرة أخرى تطفو على السطح نزعتنا الداعشية الكامنة في أعماقنا والتي تتمظهر بين الحين والآخر في سلوكات أقل ما يقال عنها أنها "لا إنسانية "،وما يحز في النفس فعلا وما يستدعي قلقا وإنذارا فكريا آنيا هو أنها هذه المرة تجلت في رحاب معرفي جامعي من المفترض أنه فضاء لا قيمة له ما لم يعزز لدينا أليات تمكننا من القطيعة مع كل ما تبقى في دواخلنا من رواسب ونزعات عصبية ولا إنسانية في علاقاتنا مع الأخرين في كل مستوياتها ..
فأن يقوم طلبة علم بحلق رأس طالبة كعقاب جماهيري من داخل الحرم الجامعي ،مهما كانت دوافع هذا العقاب فستظل عاجزة عن تبرير هذا الفعل الشائن، فإن ذلك يستدعي منا جميعا الآن وأكثر من أي وقت مضى دق ناقوس الخطر" الداعشي" الذي أصبحت تنتجه المدارس والجامعات لا الجماعات .
نعي جيدا أننا جميعا نحمل بشكل أو بأخر شيئا من الفكر الداعشي في دواخلنا ،شئنا أم أبينا ،نترجمه في سلوكاتنا اليومية : في علاقاتنا مع الجنس الآخر، مع الرأي الآخر ،مع الإنتماء الآخر ،وحتى مع ذاتنا الأخرى التي نحتفظ بها لأنفسنا ولا نظهرها للآخرين .فنحن نقسو على-ونقصي بعضنا البعض ،تحكمنا ثقافة التخوين والشك إزاء بعضنا ،وتؤطرنا رهانات المصلحة الشخصية والهيمنة و التعصب والتسلط في أغلب تصرفاتنا ،هي كلها في اعتقادنا الشخصي لا تبعدنا كثيرا عن دائرة "الداعشي" . واعتقدنا دوما أنها نزعات نعيها ونعي منطلقاتها وتبعاتها كلما علا مستوانا المعرفي ونضجنا الفكري وبالتالي نصبح قادرين إلى حد ما على التخلص من بعض أثرها كنتيجة لنوع من التقويم الذاتي نقوم به كلما وعينا أكثر ،أو كنوع من "الجرد السلوكي" نستدعيه لتصويب كل خلل سلوكي اكتسبناه في تنشئتنا الإجتماعية عبر كل وسائطها من أسرة ومدرسة وإعلام .
اقتنعنا دوما -"كغيرنا من الحالمين " - بأنه ما من شيء يمكنه أن يرقى بإنسانيتنا وأن يمدنا بوسائل الإشتغال على ذواتنا بهدف تهذيب غرائزنا المختلفة أكثر من المعرفة والعلم .أو ليس الإنسان حيوان عاقل؟ ،إن من عرف الإنسان بهكذا تعريف أدرك جيدا بأن بالعقل وحده يصبح "الكائن" إنسانا ويرتقي عن باقي الكائنات الطبيعية .والعقل أساسه المعرفة والعلم وإذا انتفى هذان الشرطان أصبح وعاء ماديا صرفا توجهه الغرائز فقط .
لكن ما يبعث على القلق ويدفعنا لمساءلة هذه القناعات التي اعتقدناها راسخة عن جدوى العلم /العقل في الإرتقاء بالإنسان هو ما أصبحنا نعيشه في فضاءات علمية معرفية من سلوكات داعشية ( العنف بكل أشكاله ) تتأرجح من حيث الدرجة بين الوسط والتطرف بين القاسي والناعم ،وإن كنا لا نجد فرقا كبيرا بين داعشي متطرف وآخر ناعم ،دلك أنه هذا الأخير هو مشروع متطرف إن توفرت شروط التطرف ،لأن البذرة الداعشية داخله لم يهزمها علم ولا فكر ..
نسائل أيضا كل شعاراتنا المعرفية عن العلم و العقل التي تشبعنا بها طيلة مسارنا الدراسي والتي نحتت في جدران أقسامنا التعليمية كما في ذاكرتنا والتي كانت ُتحمل العلم كل مهام الإنتقال بهدا "الكائن الحي " من سلوكاته الغريزية إلى أخرى إنسانية ،و الإنتقال بالأمم من جهلها لرقيها .
إن هده المساءلة للقناعات قد يستفزها "اليومي" الذي نعيشه ،والذي لا يخلو من مواقف "داعشية" نقوم بها أو يواجهنا بها الآخرون ،مواقف ظننا أن العلم كفيل بهزمها . تمر هذه المواقف في صيغة تواطئية نهرب جميعا من الوقوف عليها والتنبيه لها ، ربما لأننا لا نمتلك جوابا عما الذي جعها مقاومة للتغيير الذي يفترض أن يطالها من العلم، أو ربما لأننا نستصعب دائما جهد الإشتغال على ذواتنا لتقييم سلوكاتنا بين الحين والآخر ولمطابقتها لما أخدناه من العلم .لكن ما يجعل هذه المساءلة تعلن عن نفسها عاليا وبقوة هي عندما تفوق هده السلوكات الداعشية درجة "اليومي "العادي وتدخل في إطار "الصادم " شأن هدا الفعل الذي قام به طلاب جامعة والذي تحدثنا عنه آنفا .ألا يعتبر هذا الحدث تجليا لداعشيتنا في أقسى صورها ؟ألا يجعلنا دلك نفقد تقثنا في العلم كمدخل بنيوي للرقي بمجتمعنا و بإنسانيتنا ؟ ألا يعود بنا إلى قانون الغاب "الحيواني "والذي توهمنا أننا ترفعنا عنه؟
إنها أسئلة مؤرقة تتطلب منا جميعا إعادة النظر في أنفسنا، في مصداقيتنا مع أنفسنا ،في انسجامنا مع أفكارنا وقناعاتنا وأفعالنا وسلوكاتنا ، فيما نتلقاه من علم ومعرفة وو…. وفي منظومتنا التعليمية التي فصلت العلم عن القيم الإنسانية وحصرته في الشواهد بدل العقول فكانت النتيجة أن أصبحنا نعيش ردًة إنسانية بكل المقاييس ..










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة بعد الحرب.. قوات عربية أم دولية؟ | المسائية


.. سلطات كاليدونيا الجديدة تقرّ بتحسّن الوضع الأمني.. ولكن؟




.. الجيش الإسرائيلي ماض في حربه.. وموت يومي يدفعه الفلسطينيون ف


.. ما هو الاكسوزوم، وكيف يستعمل في علاج الأمراض ومحاربة الشيخوخ




.. جنوب أفريقيا ترافع أمام محكمة العدل الدولية لوقف الهجوم الإس