الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شيء عن التجنيس في البحرين - فسيفساء أم جيتوات ؛ ما بين المُتوقّع و المُتخيّل 1

موسى راكان موسى

2016 / 5 / 23
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع




إن (المجتمع) البحريني هو الذي يُميّز المجتمع البحريني عن غيره من مجتمعات [ هي أيضا مُتميّزة ] ، و ليس كون المجتمع (بحريني) هو الذي يُميّزه عن غيره من مجتمعات ؛ المسألة ليست فزلكة لغوية ، و إن كان فيها بعض اللبس ــ و يمكن أن تتضح المسألة بمعرفة نوعين من التمييز بين المجتمعات :
* تميّز مادي : و هو النظر في التفاوت الإجتماعي بين المجتمعات ــ فهي و إن تميّزت إتصلت ؛ بل إن إتصالها هو شرط تميّزها [ فالإستقلال المطلق خرافة ] // و هذا التمييز هو ما يكون في تميّز المجتمع البحريني عن غيره من مجتمعات ، من حيث هو (مجتمع) بحريني ؛ فالتميّز ليس في الثبات و التماثل ، لكن في التغيّر و الإختلاف .
* تميّز مثالي : و هو النظر في الإستقلال المطلق بين المجتمعات ــ فتميّزها في إنفصالها ؛ و الإتصال الحادث فيما بينها هو من الإستثناء [ و يقع وصفه أحيانا بالمرض ] // و هذا التمييز هو ما يكون في تميّز المجتمع البحريني عن غيره من مجتمعات ، من حيث هو مجتمع (بحريني) ؛ فالتميّز هو في الثبات و التماثل ، لا في التغيّر و الإختلاف .


# إن المجتمع البحريني ليس مقتصرا على جزء يقع فيه دون غيره مما يقع فيه [ بذريعة أنه هو (البحريني) دون سواه ] ، لكن هو الذي يضم كل ما يقع فيه ــ بل إن المجتمع البحريني ليس وحدة بنائية إجتماعية مغلقة لا تضم إلا ما يقع فيه ، فهو و إن تميّز عن غيره من مجتمعات أخرى إلا أن الإتصال قائم [ و هو شرط التميّز ] ؛ فالمجتمع البحريني وحدة بنائية إجتماعية مفتوحة على غيرها من وحدات بنائية إجتماعية [ هي أيضا مفتوحة ] ، بالتالي فالمجتمع البحريني هو الذي يضم كل ما يقع فيه و كل ما سيقع فيه .

من ثم فإن كل دعوة ترفع شعار (( السكان الأصليين )) ضمن نطاق (الوحدة البنائية الإجتماعية نفسها) هي دعوة باطلة ، حتى و إن كانت تستند على قوة في المجتمع تتمثل بالقانون أو الدين أو السلطة ؛ فلا وجود ضمن نطاق (الوحدة البنائية الإجتماعية الواحدة) لـ(( السكان الأصليين )) إلا في الأوهام و الأحلام ــ و الجمع بين دعوة (( السكان الأصليين )) و نطاق هذه الدعوة (الوحدة البنائية الإجتماعية الواحدة) هو جمع بين ما لا يمكن أن يجمع ؛ و هو ما يقتضي إما بطلان الدعوة أو رفض النطاق المنبثقة الدعوة منه ! [ و هو ما ينتهي أيضا إلى بطلان الدعوة نفسها ! ] . إلا أن الأمر يتجاوز مجرد الدعوة لذات الدعوة ، فهذه الدعوة تنطلق لتنتصر لـ(مصالح إجتماعية | إمتيازات) ؛ و هي ما يجب تقديمها بوضوح لتتم دراستها و تحليلها ، فنتبيّن مكمن المشكلة ، بالتالي إما نحاول تقديم حل أو نعيد صياغة المشكلة كما يجب أن تكون [ أي مشكلة صحيحة ] .

و لبعضٍ من اللهو ، فلو قبلنا ما يقع كتصنيف في البحرين وفق منطق التميّز المثالي ، فسيكون التمييز في المجتمع البحريني بين (( السكان الأصليين )) و (( المجنسين )) و (( الأجانب )) . فالمجتمع البحريني و إن ضم هؤلاء إلا أنه مُقتصر على (( السكان الأصليين )) فقط ، و كان الآخرين في محل الإقامة المؤقتة لأسباب إستثنائية أو مرضية ؛ فالمجنسين هم ليسوا إلا أجانب و إقامتهم مؤقتة ، و مهما قضوا من مدة في البحرين يبقون مجنسين [ و هناك أطراف تصرّح علنا أن المجنسين هم وباء ! ] ــ و الذي لا فكاك من الخوض فيه ، هو التوتر القائم بين من يتبنى منطق هذا التميّز المثالي من جماعات تدعي كل منها (الأصلانية) ضد الأخرى ؛ و هو ما يجري بين (القبليين البدو) و (المناطقيين القرويين) و (العجم الحضريين) ، فكل منهم يدعي أنه الأصل و الآخر هو الغريب الأجنبي ! [ و تسمية هذه الجماعات تقترب مما جرى الإصطلاح عليه في تداولات الشارع العام ــ ففي التسمية شيء من اللغط و الغلط ] .

# الدعوة بالأصلانية تخفي سعيا لكسب إمتيازات إجتماعية [ أو للمحافظة على هذه الإمتيازات ] ؛ فالدعوة و إن كانت مجرد وهم و باطلة ، إلا أن المصلحة ذاتها ليست وهما ــ و الجدير بالذكر أن هذا التوتر بخصوص السعي للإمتيازات أو المحافظة عليها لا ينحصر بين الجماعات التي تدعي الأصلانية [ و سيأتي الحديث عن هذا التوتر و الإمتيازات و الجماعات لاحقا ] .


إن البحرين رغم صغر مساحتها إلا أنها تضم تنوّع حقيقي ؛ فهي لا تقتصر على تقابل مذهبي (أهل السنة و الجماعة | السنة) و (أتباع آل البيت | الشيعة) ضمن وحدة إسلامية ، أو جماعات الأصلانية وفق منطق التميّز المثالي ــ فالتنوّع الديني يتجاوز مجرد الإقتصار على الدين الإسلامي أو نموذج من الدين الإسلامي [ فهناك كذا إسلام لا إسلام واحد ] ، و التنوّع المذهبي يتجاوز مجرد الإنحصار بمذهبين فقط ، بل و هناك تنوّع إثني [ جماعات متميّزة ثقافيا ؛ في غير التنوّع الديني أو المذهبي ، أو معهما ] ؛ و هذا التنوّع في وجوده ليس بثابت جامد بل مُتغيّر يقع فيه الإندماج و الإنفكاك ، بل و التكوّن أحيانا [ وفق إمكانية و ضرورة الواقع الإجتماعي ] .

# فهذا التنوّع الديني و المذهبي و الإثني هو (من) و (في) المجتمع البحريني ، و ليس غريبا عنه ؛ و هو مُتغيّر ، حركته في الإندماج و الإنفكاك و التكوين ــ و من خلال منطق التميّز المادي يمكن أن تتوضح الإمكانية و الضرورة الإجتماعية ؛ و القصد هنا من حيث الإتصال [ الذي هو شرط التميّز ] ، و قابلية التغيير و الإختلاف .

و على الرغم من أن هذا التنوّع في البحرين يمكن أن يؤخذ من ناحية كونه فسيفساء تجعل الناظر إليها ينتشي بجمالها و يرغب بعيش تفاصيلها ، إلا أن الواقع الإجتماعي يكشف عن ناحية هي سائدة و مُتسيّدة المشهد في المجتمع البحريني ، و هي جتوتة البحرين [ جيتوات ] ــ فكل حزب بما لديهم فرحون ؛ أي جماعات أو طوائف مغلقة و مُنغلقة ، تعبر الواحدة منها عن إثنية أكثر من كونها تعبير عن طبقة .
و هذا يعود في بعضه إلى الأخذ بمنطق التميّز المثالي من قِبَل الجماعات أو الطوائف ؛ لكن هل الأخذ بهذا المنطق من التميّز هو المكوّن لهذه الجماعات و الطوائف بما هي عليه ، أم لأنها كذلك أخذت بهذا المنطق من التميّز ؟! ــ إن تحديد (التميّز المثالي) و تحديد هذه (الجماعات أو الطوائف) لا يُفسِر شيئا .


إن المجتمع البحريني هو في كله يسوده الإستهلاك ، و أنماط الخدمات هي الغالبة فيه ، أما قطاع الإنتاج فإلى جانب كونه بسيط فهو هامشي . كما أن المجتمع البحريني هو مجتمع لا تفارق طبقي ؛ أي لا تتحدد فيه الفئات بمفارقة لبعضها في تميّز لها كطبقة عن الأخرى ، لكن تتحدد فيها الفئات باللا تفارق فتتميّز كلها كطبقة [ أي الطبقة الوسطى ، أو البرجوازية الوضيعة ] ــ بالتالي فإن الأخذ بمنطق التميّز المثالي متوازي مع تكوّن الجماعات أو الطوائف بما هي عليه ؛ و للدقة فإن التكوّن لا يُقصد به إنعدام الجماعة أو الطائفة في الزمن السابق ، فتكون قد تكوّنت كما يكون الخلق من العدم ، لكن يُقصد بالتكوّن هو في حضور الجماعة أو الطائفة في الواقع الإجتماعي الحالي بما هي عليه مُتميّزة عن الحضور الذي تزعم أنها منه إمتداد [ أي أنها منه إتصال مماثلة ] // فحضورها الحالي المميّز هو (قطع) مع حضور تزعم أنها منه إتصال مماثلة ، و هذا عائد للمجتمع الحالي في تميّزه عما كان كائن ؛ أي في تميّز يفرض القطع [ الفرق ] ، و إن كان في هيئة من المعاودة ترفض التكرار و التماثل .

# فهذا السعي الشبه دائم و دائب في محاولة لتملّك إمتداد ما مضى [ أي ما جرى معه القطع ] ، ليس لمجرد التملّك ، بل و للخوض به إجتماعيا [ التفاعل به ] ، و هو و إن كان نزوعا للقوة إلا أنها من صنف (القوة | الوهمية ، التجريدية) ــ لكنها رغم ذلك تتساوى مع صنف (القوة | الحقيقية ، المادية) من حيث الأثر [ التأثير ] ؛ و الذي يجري هو أن الصنف الثاني يتم السعي له أو المحافظة عليه عن طريق الصنف الأول ! // لذا كان لزاما أن يتبيّن القطع فعلا كقطع ؛ بالتالي يكون قطع كل طريق لإحتكار الإمتداد الماضي و التفاعل به [ و الجدير بالذكر هنا أن هذا السعي لتملك إمتداد ما مضى و التفاعل به لا يقتصر على الجماعات التي تدعي الأصلانية ] .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تركيا تدرس سحب قواتها من سوريا


.. أوضاع إنسانية صعبة في قطاع غزة وسط استمرار عمليات النزوح




.. انتقادات من الجمهوريين في الكونغرس لإدانة ترامب في قضية - أم


.. كتائب القسام تنشر صورة جندي إسرائيلي قتل في كمين جباليا




.. دريد محاسنة: قناة السويس تمثل الخط الرئيسي للامتداد والتزويد