الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شهيد الحزب الشيوعي العراقي يهودا إبراهيم صديق (ماجد)

نبيل عبد الأمير الربيعي
كاتب. وباحث

(Nabeel Abd Al- Ameer Alrubaiy)

2016 / 5 / 23
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


شهيد الحزب الشيوعي العراقي يهودا إبراهيم صديق (ماجد)
نبيل عبد الأمير الربيعي
ولد يهودا إبراهيم صديق في بغداد محلة البتاوين عام 1920م ثم انتقل والده لمدينة السماوة جنوب العراق لغرض العمل, ثم عاد مع عائلته إلى بغداد بعد حوالي تسع سنوات ودخل المدارس في بغداد, صيف عام 1941م انتسب لصفوف الحزب الشيوعي العراقي بعد حركة رشيد عالي الگيلاني وهو في الصف الثالث من دار المعلمين العالية - حالياً كلية التربية جامعة بغداد - وبعد عودته من السماوة كعضو تعرف من خلال الدراسة على صديقه الذي يحمل أفكار الحزب الشيوعي العراقي عباس بلال, كانت علاقتهما وثيقة مما اقنع يهودا بالانتماء للحزب, تعرف يهودا على الخلية الحزبية المتكونة من (شهاب أحمد وعباس بلال ويهودا) الأول أصبح فيما بعد كاتباً في مديرية أموال القاصرين بعد تخرجه من كلية الحقوق.
بعد أن تعرض الحزب إلى الانشقاق مطلع الأربعينات من القرن الماضي, وقاد الانشقاق عبد الله مسعود القريني (كتلة الشرارة الجديدة), أصبح يهودا صديق من جماعة الكتلة المنشقة بسبب تعلقه بصديقه شهاب أحمد, وقد عقدوا مؤتمر الحزب وتم انتخاب عبد الله مسعود رئيساً لهم, وقرروا طرد داوود الصائغ وآخرين لم ينظموا إليهم, لكن صديقه شهاب أحمد ترك الحزب عام 1943م, واستمر يهودا في العمل الحزبي بانتظام مع الكتلة المنشقة(1).
بعد تخرج يهودا من دار المعلمين العالية عام 1943م عيّن مدرساً في مدرسة الزراعة, ثم نقل إلى متوسطة الكرخ, استمرت صلته بالحزب وعاد داوود الصائغ إلى صفوف الحزب وترك كتلة الانشقاق, لكن بعد فترة زمنية تم إلقاء القبض على داوود الصائغ من قبل مديرية التحقيقات الجنائية وتم أطلاق سراحه فترك الحزب وأسس كتلة شيوعية جديدة والتحق به كل من كاظم حمدان وإدريس وآخرين, إلا أن يهودا ترك داوود الصائغ بسبب سوء سلوكه الشخصي, نظراً لنشاط يهودا الملحوظ بالقيام بالأعمال الحزبية المسندة إليه, فصل من التعليم في أواخر عام 1946م.
أصبح يهودا صديق منظّماً للجنة الطلاب الريفية ودار المعلمين العالية في بغداد, كان اتصاله في هذه الفترة بالحزب عن طريق الأستاذ محمد علي الزرقا, عند انقاد المؤتمر الأول للحزب الشيوعي العراقي عام 1944م في دار يهودا إبراهيم صديق الواقعة بجانب الكرخ, كان ضمن المؤتمرين الشهيد يوسف سلمان يوسف - فهد - و25 شخصاً يمثلون تنظيمات خلايا الحزب في المؤتمر ومنهم (حسقيل صديق ومحمد علي الزرقا وميخائيل بطرس وخاله جورج مرقص- موظف في مديرية السكك - ومحمد حسين الشبيبي وزكي بسيم – موظف في دائر إسالة ماء بغداد - وداود سلمان يوسف – كمراقب - وعزيز عبد الهادي وسامي نادي عن البصرة ومن الأكراد ملا شريف من أهالي أربيل وعبد الوهاب عبد الرزاق – معلم مفصول – وحسين طه وعبد تمر ومالك سيف من مدينة العمارة), من خلال المؤتمر نوقشت لائحة النظام الداخلي للحزب, وقد صدر عن المؤتمر الميثاق الوطني وتم انتخاب المكتب السياسي بالاقتراع السري, تألف المكتب السياسي من كل من (يوسف سلمان يوسف سكرتير عام وعضوية كل من : زكي بسيم وحسين الشبيبي والحاج عبد تمر), وقد انتخب يهودا صديق في هذا المؤتمر عضواً للجنة المركزية.
بعد انعقاد المؤتمر الأول للحزب عام 1944م اجتمعت اللجنة المركزية في دار إبراهيم ناجي الواقعة في منطقة الكرخ قرب تمثال الجنرال مود سابقاً, وتم مناقشة قضية حزب التحرير الوطني, كان مركز اتصال يهودا مع أعضاء التنظيم في بغداد من خلال شخص يعمل في صيدلية كرجي وهو موظف فيها يدعى يعقوب.
عام 1945م ظهرت فكرة تأليف عصبة مكافحة الصهيونية, وأخذ يعمل من أجل تشكيلها يوسف زلخة ومسرور قطان وإبراهيم ناجي ويعقوب فرايم وشريكه ويهودا صديق, كان يهودا يعمل ضمن تنظيم عصبة مكافحة الصهيونية, وكان عضواً في فراكسيون عصبة مكافحة الصهيونية ومسؤولاً عن حسابات شركة دار الحكمة. كما شارك في وضع المنهاج والنظام الداخلي لها, كما كان من ضمن المشاركين في العصبة نعيم شوع ويوسف زلوف, عمل تنظيم العصبة للاتصال باليهود العراقيين لإقناعهم بدور العصبة في مكافحة الصهيونية وبضرورة الانتساب إليها, عندما أجيزت منظمة العصبة تألفت هيئة إدارية وهيئة مراقبين, فكان يهودا صديق رئيس لهيئة المراقبين وكانت مهمتهم مراقبة مقررات الهيئة الإدارية وتنفيذها(2). وقد كتب فهد مقالات كثيرة من خلال مطبعة الحكمة, منها (مستلزمات كفاحنا الوطني, طبعت بكتاب بعد ذلك عام 1950م, وهناك مقالات خصصتها الجريدة لأهداف العصبة وغاياتها وهي أشبه بالبرنامج, وقد كُتبت تباعاً في الجريدة, ثم طُبعت في كراس بعنوان (نحن نكافح من؟ وضد من نكافح؟) عالجت فيه مشكلة فلسطين بفصل مفهوم الصهيونية واليهودية, وربطت الصهيونية بالاستعمار وبخاصة الأمريكي, وجاء في مقال آخر عنوانه (الصهيونية رأسمالية الاستعمار) : تظهر الصهيونية بشتى المظاهر والألوان أمام الجماهير اليهودية, فهي دينية أمام المحافظين, وقومية أمام الشباب المتحمس, واشتراكية أمام العامل, وهي في الحقيقة لا تملك من هذه المبادئ شيئاً, فدينها نفاق ورياء وقوميتها عنصرية عدائية واشتراكيتها انتهازية.
أصدر تنظيم العصبة جريدته المجازة رسمياً بعنوان العصبة, كان يحرر فيها يوسف زلخة بصورة رئيسية ونعيم شوع وهو موظف في المصرف الصناعي ونعيم سلمان وهو مدرس مفصول, ومن ضمن عمل العصبة إصدار الكراسات والكتب الماركسية, كما قامت بنشر منهاجها ونظامها الداخلي, وأقامت الكثير من الاجتماعات والمحاضرات في محلها الكائن في منطقة الكرخ, وعندما أسست شركة دار الحكمة مطبعة ساهم فيها بصورة رئيسية (زكي بسيم بإسم أخيه ويهودا صديق باسم أخيه ناجي وآخرين) أخذت العصبة تطبع جريدتها ومنشوراتها في هذه المطبعة , وعمل فيها يهودا صديق ومحمد علي الزرقا وسالم عبيد النعمان , وقد جمعت الشركة ما يقارب 1500 سهماً وسجلت لدى الدوائر المختصة.
عندما كان يهودا صديق مسؤولاً عن منظمة الطلاب, كان أعضاء اللجنة التي يشرف عليها يهودا كل من حمزة سلمان وداود كوهين وجاسم حمودي وعلي ياسين وجورج تلو, لكن عند تشكيل وزارة ارشد العمري أمرت الوزارة بإغلاق منظمة العصبة وصحيفتها, فكانت نتيجة الإغلاق إصدار مذكرات الاحتجاج والمظاهرات التي أقامها حزب التحرر الوطني في 28 حزيران 1946م, وكانت تعطى التوجيهات للعصبة بواسطة زكي بسيم عن طريق كل من يهودا صديق وإبراهيم ويوسف زلخة ومسرور قطان, وساهم يهودا في توزيع جريدة الحزب (القاعدة) مع إبراهيم ناجي عن طريق بيت يوسف زلوف والياهو كوهين, كما ساهم يهودا في هيئة لجنة التعاون المشرفة على تظاهرات وثبة كانون عام 1948م, كانت هذه اللجنة المشرفة على تظاهرات يوم 16/4/1948م «كان حسب تنظيم لجنة التعاون وقد اشترك فيها اليهود بصورة واسعة فكانوا راكبوا الدراجات البخارية من اليهود يسيرون في المقدمة, كما كان حرس المظاهرة على الجوانب مسلحين, وسار فيها معظم الأعضاء البارزين من هذه الهيئات, وكان المسؤول عن تسييرها كامل قزانجي»(3).
في نهاية حزيران عام 1947تم إلقاء القبض على سكرتير الحزب فهد في دار إبراهيم ناجي الواقعة في منطقة الكرخ, فأصبح يهودا صديق المسؤول الأول في الحزب(4), من وسائل الاتصال بين يهودا وفهد - الموقوف في السجن - ألن زوجة إبراهيم ناجي, وبواسطتها تم نقل مقالات افتتاحية لجريدة القاعدة كتبها فهد بماء البصل, وبعد أن حكم على فهد بالإعدام طبع يهودا مذكرة احتجاجية على حكم الإعدام وأرسلت نسخ من المذكرة إلى الحزب الشيوعي السوري بواسطة كاظم حساني وقد نشرت بجريدة صوت الشعب البيروتية, كما كانت ليهودا عدة عناوين للاتصال بالأحزاب الشيوعية الأجنبية, وقد أرسل 100 نسخة من المذكرة الاحتجاجية على صدور حكم الإعدام بحق فهد إلى خارج العراق, كانت تنشر في جريدة القاعدة مقالات مترجمة لمجلات شيوعية, ساهم بعملية الترجمة من لجنة مؤلفة من ساسون دلال وموشي مختار وإبراهيم شاؤول, كما كتب يهودا صديق في جريدة القاعدة مقالاً لشهر تموز 1948م تحت عنوان (حقائق عن القضية الفلسطينية), نتيجة نشاطه الحزبي أصبح يهودا صديق مطارداً من قبل شرطة مديرية التحقيقات الجنائية وتم إلقاء القبض على أخيه واعتقاله, مما قرر بترك داره وإيجار غرفة في فندق باب الشرقي, وفي 22 تموز 1947م ترك بغداد العاصمة وسافر إلى شقلاوة حيث بقى شهراً كاملاً, ثم سافر إلى كركوك وتمكن بالاتصال بالحزب عن طريق يوسف حنا ونافع يونس وعزيز محمد, خلال فترة مغادرته بغداد تسلم مسؤولية التنظيم مالك سيف, الذي كلفه فهد بقيادة التنظيم وهو من أهالي العمارة ويعمل مدرس فيها, ثم عاد يهودا إلى بغداد وحصل خلاف بينه وبين مالك سيف من خلال السكن في نفس الدار في بغداد لأحد أوكار الحزب.
يوم 7/10/1948م كبست وكر الحزب من قبل الشرطة, فانتقل يهودا إلى دار أخرى في محلة الهيتاويين وهي وكر مطبعة الحزب التي يسكن فيها عزيز محمد مع والدته, بعد فترة وجيزة تم إلقاء القبض عليهم في نفس الدار بعد لقاء مع عبد الوهاب عبد الرزاق وجاسم حمودي(5).
عند إلقاء القبض على يهودا عثرت شرطة مديرية التحقيقات الجنائية على رسالة في سرواله وهي معنونة بعنوان (ماجد) الاسم الحزبي ليهودا وبتوقيع (الحاج) وهو الاسم المستعار لفهد للتداول في مسألة قيادة التنظيم الحزبي, استلم يهودا الرسالة من مالك سيف, وهذا ما اعترف به يهودا أمام حاكم تحقيق الإدارة العرفية بمديرية التحقيقات الجنائية, الرسالة كانت جواباً على تقرير أرسله يهودا إلى مالك سيف على أثر خلاف حصل بينهم حول قيادة التنظيم(6).
سيق يهودا صديق إلى المحكمة, وتم تشكيل المجلس العرفي العسكري الأول بتاريخ 10/2/1949م برآسة عبد الله رفعت النعساني وعضوية الحاكمين السيد خليل زكي مردان والسيد فريد علي غالب والعسكريين المقدم محمود عبد القادر والرئيس الأول أحمد داود, وأصدر قرار المجلس, مع العلم أن يوسف سلمان يوسف كان محكوم عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة وزكي بسيم وحسين محمد الشبيبي كانا مدانين ومحكومين بالأشغال الشاقة لمدة عشرة سنوات, لكن بعد إلقاء القبض على يهودا صديق والعثور على رسالة يوسف سلمان يوسف في سرواله كانت الإدانة أشدّ وتمت إعادة المحاكمة مرّة أخرى, وفق التهم الموجهة ضدهم, فضبطت إفادات المتهمين, ثم استمع إلى شهادات الشهود كل من عبد الرزاق عبد الغفور ونائل الحاج عيسى ومالك سيف -الذي تم إلقاء القبض عليه - وآخرين, فصدر الحكم في يوم 10 شباط 1949م من قبل محكمة النعساني بالإعدام شنقاً حتى الموت على كل من (يوسف سلمان يوسف وزكي بسيم و حسين محمد الشبيبي) وفق الفقرة الثالثة من المادة الأولى من قانون ذيل قانون العقوبات البغدادي رقم 51 لسنة 1938م بدلالة المواد (53و54و55و68) من القانون المذكور(7), كما صدر الحكم يوم 12/ شباط /1949م على يهودا إبراهيم صديق بالإعدام شنقاً حتى الموت وفق الفقرة الثالثة من المادة الأولى من ذيل ق.ع.ب رقم 51 لسنة 1938م(8).


المصادر
1- موسوعة سرية خاصة بالحزب الشيوعي العراقي السري أصدرتها الشرطة العامة شعبة مديرية التحقيقات الجنائية في بغداد عام1949 الصادرة عن مكتبة النهضة العربية للطباعة والنشر بيروت . بغداد .ج1. ص78/97.
2- مديرية الشرطة العامة . التحقيقات الجنائية , موسوعة سرية , ج1 , 1949, ص53.
3- الشرطة العامة شعبة مديرية التحقيقات الجنائية في بغداد عام1949 الصادرة عن مكتبة النهضة العربية للطباعة والنشر بيروت . بغداد .ج2.ص323.
4- مديرية الشرطة العامة شعبة مديرية التحقيقات الجنائية في بغداد عام1949م.المصدر السابق . ج1 -ص21.
5- نبيل عبد الأمير الربيعي. مشاهير وأعلام يهود العراق (تحت الطبع) ص111.
6- مديرية الشرطة العامة شعبة مديرية التحقيقات الجنائية في بغداد عام1949م المصدر السابق . ج2 .ص275.
7- الشرطة العامة شعبة مديرية التحقيقات الجنائية في بغداد عام1949م.المصدر السابق . ج4 .ص919.
8- الشرطة العامة شعبة مديرية التحقيقات الجنائية في بغداد عام1949م المصدر السابق . ج6 . ص1280 .هـ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقال قيم
على عجيل منهل ( 2016 / 5 / 23 - 20:27 )
تحياتى لك واحترامى


2 - المؤتمر الاول انعقد عام 1945
أمير أمين ( 2016 / 5 / 25 - 17:10 )
تحية طيبة
إنعقد الكونفرنس الحزبي الأول للحزب الشيوعي العراقي في آذار عام 1944 الذي إفتتحه الشهيد فهد بتقرير مفصل عن الوضع السياسي وكان بعنوان قضيتنا الوطنية وقدم فيه الشهيد حازم أي زكي بسيم تقرير حول العمل بين الشباب وتناول الشهيد صارم أي حسين محمد الشبيبي تقرير عن التثقيف الحزبي والتأكيد على الماركسية اللينينية . وبعده بسنة عقد المؤتمر الأول للحزب الشيوعي العراقي أي في عام 1945 وليس في 1944 كما ذكر هنا وشكراً للكاتب نبيل ..

اخر الافلام

.. موريتانيا.. مقتل 3 متظاهرين إثر احتجاجات اعتراضا على نتائج ا


.. شاهد | تجدد الاشتباكات بين الشرطة الكينية ومتظاهرين في نيروب




.. ماكرون.. بين مطرقة اليمين المتطرف وسندان تجمع اليسار


.. الانتخابات التشريعية الفرنسية: انسحاب أكثر من مئتي مرشح لسد




.. كينيا.. قوات الشرطة تطلق الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين