الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وقفة مع خطاب رئيس جامعة البحرين الأستاذ الدكتور رياض يوسف حمزة

موسى راكان موسى

2016 / 5 / 27
التربية والتعليم والبحث العلمي



ألقى رئيس جامعة البحرين الأستاذ الدكتور رياض يوسف حمزة خطابا في حضور أكثر من 600 عضو هيئة تدريس بجامعة البحرين ، و قد وقع وصف الخطاب من قِبَل البعض في أروقة الجامعة بأنه (( إعلان رسمي عن البدء برزمة من التغييرات الجذرية في جامعة البحرين )) ؛ و لما يمثّله رئيس الجامعة من موقع فقد بدا الأمر و كأنه إعلان عن (ثورة من أعلى إلى أسفل) في جامعة البحرين [ و كما هو معروف ، فالبيت لا يبنى من أعلى إلى أسفل ، بل من أسفل إلى أعلى ؛ فهل الرهان على (ثورة من أعلى إلى أسفل) هو رهان معقول ممكن الوقوع ؟! ] ــ في هذا الطرح أحاول تقديم تحليل و فهم [ نوعا ما إجتماعي ] لبعض النقاط المهمة في خطاب رئيس الجامعة ، لما تحتويه من أمور تستوجب شيء من الوقوف و التدبر ؛ و في ذلك أعود لما طرحته جريدة الوسط عن هذا الخطاب [ في نقلها دون تحليل ] ،و إلى موقع جامعة البحرين الرسمي في عرضه للخطاب نفسه .



* (( إن دور جامعة البحرين في المرحلة المقبلة يتمثل في قيامها بدور ريادي في الإرتقاء بالإقتصاد الوطني )) .

إن الجامعة ليست مستقلة عن الكل البنائي الإجتماعي [ الذي هي تقع منه فيه ] ، إلا أن كونها مؤسسة يعطيها شيئا من مظاهر الإستقلال [ نسبيا ] ، كما أن جعلها في مظهر المستقلة عن الكل البنائي الإجتماعي هو تحييد للجامعة فيه عنه ؛ خدمة لمصالح بعض الأطراف المُنخرطة في التوتر الكائن و الكامن في الوضع الإجتماعي ــ و الإقتصاد كذلك ليس مستقلا عن الكل البنائي الإجتماعي كما يُراد له أن يبدو من خلال تعاطيه كتجريد ؛ فحضور إرتباط الجامعة بالكل البنائي الإجتماعي حضورا واضحا هو أزمة للمطالبين بتحييد الجامعة ، لذا يقع رفع الإقتصاد مستقلا عن الكل البنائي الإجتماعي بالتجريد ، من ثم يتم ربط الجامعة به بالتجريد أيضا [ فيكونان كتوأم سيامي بالتجريد و في التجريد ] .

# فالجامعة و الإقتصاد لا يقعان ككيانين مستقلين عن الكل البنائي الإجتماعي ، لكنهما حاضران في الكل البنائي الإجتماعي ؛ و إن كان هناك تشويش و تضليل يتم بالتجريد و التلبيس على هذا الحضور .

إن الجامعة دائما تؤدي دورا في الكل البنائي الإجتماعي ، فـ(( قد أدت جامعة البحرين على مر العقود أدوارا على أعلى درجات الأهمية )) ؛ فليس دورها حاضرا بحضور ما تم تسميته بـ(( المرحلة المُقبلة )) ، كما لو أنها كانت معدومة الدور دون حضور هذه المرحلة ــ إلا أن الدور المطلوب من جامعة البحرين في (( المرحلة المُقبلة )) يختلف عن الدور الذي أدته أو تؤديه .

و هذا الدور ليس للجامعة ذاتها كي (( تكون (...) من ضمن الجامعات الـ 500 المصنفة في العالم )) فقط ، لكنه بذلك يخدم أطرافا في الوضع الإجتماعي ؛ فالذي يستفيد من تقدم الجامعة هي الأطراف المستفيدة بشكل حاسم و حتمي من هذا التقدم المسعي له ، و هي تضيق لا تتسع [ و إن كان إظهار هذه الفائدة يأخذ هيئة الشمولية و الإتساع ، إلا أنها لا تتجاوز الدعاية إلى تحقيق الفائدة ذاتها ، إلا نادرا ــ لأسباب تختلف عن الأسباب المذكورة في الدعاية نفسها ] .

و من السذاجة التسليم بالدور المزعوم المتمثل (( في الإرتقاء بالإقتصاد الوطني )) ؛ فليست العملية أبدا إدارية ميكانيكية [ بيروقراطية ميتافيزقية ] ، لكنها عملية سياسية إجتماعية ــ (( نحن على أعتاب مُتغيرات كبرى في العلوم و المعارف )) على الرغم من أننا نفتقد مقررات في الإقتصاد السياسي في جامعة البحرين ، و التي يمكن من خلالها أن تمدنا بآليات في محاولة لفهم حقيقية هذا (( الإرتقاء بالإقتصاد الوطني )) ، و التي منها التصفية في التوتر الكائن و الكامن بالوضع الإجتماعي ، و التي تقع فائدتها الكلية لأطراف دون غيرهم ضمن حدود جغرافيا البحرين و المجتمع البحريني ؛ كما أن لصفة (( الوطني )) تأثير كتأثير السحر [ فصفات من مثل (الوطني) و (الديني) و (الإنساني) و ما إلى ذلك ، تستعمل لغاية التعمية و التمرير لمشاريع هي ليست من الموصوف نفسه ] .

و لمقررات الإقتصاد السياسي أن تساعدنا فعلا على فهم العلاقة بين (مخرجات الجامعة الطلابية) و (القطاعات) التي يُفترض بها أن تستقبل تلك المخرجات ؛ طبعا هذا بعد أن نكون على معرفة بـ(ماهية المخرجات الطلابية) من حيث الكفاءة و التمكّن ، و (ماهية القطاعات) من حيث توفرها بالنسبة للمخرجات الطلابية و توسعها الدائم ــ و هنا نقطة دائما ما تتكرر فتستوجب الإنتباه ، ألا و هي تحديد (المخرجات) بـ(القطاعات) ، و هو يدل على أزمة في الكل البنائي الإجتماعي ؛ و هنا قد يُفهم أن التحديد الصحيح هو في تحديد (القطاعات) بـ(المخرجات) ، إلا أنه لا يكون صحيح إلا بعد توضيح لـ(ماهية المخرجات) و (ماهية القطاعات) و (العلاقة بينهما) [ أي تحليل للكل البنائي الإجتماعي ــ فنعود إلى تأكيد حضور الجامعة في الكل البنائي الإجتماعي ] .

# فهل فعلا (( خريج جامعة البحرين هو الخيار الأول في سوق العمل )) ؟! ، أم أن (( الوفاء بمتطلبات الصناعات المختلفة )) و (( ثقافة ريادة الأعمال )) حالت دون أن يكون الأول ، أو أن لا يكون خيارا ؟! . يجيب الواقع الإجتماعي هو كما هو ، لا كما يظنه البعض أو كما يزوّره البعض .

و بعيدا بعض الشيء عن الإقتصاد السياسي ، يدعو رئيس الجامعة (( إلى مضاعفة الإنتاج البحثي )) مؤكدا على (( أهمية زيادة الإنتاج البحثي لأكثر من ثلاث أضعاف خلال الأربع سنوات القادمة )) ! ــ لربما لو لم أكن طالبا في جامعة البحرين لظننت أن الموضوع مرتبط بـ(الكيف) البحثي أكثر من إرتباطه بـ(الكم) البحثي [ أو كما يسمى من قِبَل البعض : (العبثي) لا (البحثي) ] ؛ لكن كما يُقال فإن (لو) تفتح عمل الشيطان ! . فهل في الدعوة إلى مضاعفة الإنتاج البحثي ما يضمن حرية البحث العلمي [ و هو ما يرتبط بالكيف لا الكم ] ؟! ، أرجو ذلك .


و الخطاب مع كل ما سبق إلا أنه خلوٌ تماما من أي تحديد لأدوار طلابية جديدة في الجامعة في (( المرحلة المُقبلة )) ؛ كمثل تفعيل دور الرقابة الطلابية ، و إعادة تحديد صلاحيات عميد شؤون الطلبة بما يضمن حرية التنظيم و التعبير و العمل الطلابي ــ لربما السبب في ذلك يعود لكون الخطاب محصور بفئة هيئة التدريس و الإدارة في الجامعة ؛ و ربما يكون في الخطاب التالي ما لم يذكره في هذا الخطاب ، متناولا الأدوار الطلابية ، و رئيس الجامعة هو الحريص على (( أن يكون الحرم الجامعي متنوعا ثقافيا من ناحية الطلاب و الأساتذة ، لما في ذلك من غنى و تفاعل و إنفتاح على الكثير من الثقافات و الأفكار و المعارف )) .

في الختام ــ بتناول خطاب رئيس الجامعة ، نكون قد خضنا محاولة فهم و تحليل تتجاوز حدود جامعة البحرين ، في إطار مُستجدات تتمظهر ضمن الوضع الإجتماعي المُنذر بتوترات متصاعدة قريبة في الكل البنائي الإجتماعي ؛ و جامعة البحرين الحاضرة في المجتمع البحريني يمكن أن تكون منطلق لتناول المجتمع البحريني نفسه ، و هو ما سيكون تناوله مُستقبلا .











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو يرفض الضغوط الدولية لوقف الحرب في غزة


.. أثار مخاوف داخل حكومة نتنياهو.. إدارة بايدن توقف شحنة ذخيرة




.. وصول ثالث دفعة من المعدات العسكرية الروسية للنيجر


.. قمة منظمة التعاون الإسلامي تدين في ختام أعمالها الحرب على غز




.. القوات الإسرائيلية تقتحم مدينة طولكرم وتتجه لمخيم نور شمس