الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصر: مابعد الطوفان الوهابي

عبد عطشان هاشم

2016 / 5 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يحار العاقل في تأويل مايحدث في مصر اليوم.
فثمة اسئلة موجعة وغاضبة تجول في رأسه : كيف تتراجع وتنحسر ثقافة يمتد عمرها الى اكثر من 6000 عام امام المد الوهابي السلفي ؟ كيف تحول هذا البلد المستنير الى صحراء فكرية مجدبة تصول وتجول فيها قطعان من البهائم المتعصبة التي تحركها فتاوى شيوخ الظلام؟ وكيف اصبح غربان الفكر الظلامي ياسر برهاني ، محمد حسان ، محمد حسين يعقوب ، وجدي غنيم ، وابو اسحاق الحويني نجوم الشارع المصري ؟
هل نرثي مصر العظيمة التي انجبت عمالقة الفكر التنويري كمحمد عبده ، الشيخ علي عبد الرزاق ، سلامة موسى، طه حسين والكثيرين غيرهم . ام نعزيها بأن اعظم انجازات المتأسلمين اليوم هو تعرية سيدة سبعينية في المنيا يوم 20 مايو على يد 300 شخص هائج!
تعرية تلك السيدة والاستهانة بكرامتها على يد تلك الجموع السائمة ، هي تعرية لمصركلها ، تعرية لكرامة مصر وكرامة كل مواطن مستنير فيها. امام تيارات الظلام والهمجية والقبح البدوي!
هذه الجموع نفسها التي تعيش في اسوء الاحوال المعيشية ، وتفتقر الى المياه النقية والرعاية الصحية، والتعليم والسكن اللائق ، والبطالة والفقر المدقع لاتنتفض لتغير واقعها المزري اوحتى تتذمر منه بل تنتفض فقط عندما يتحدث احد من الاقليات الدينية سواء كان مسيحيا او شيعيا او بهائيا او لادينيا عن عدم المساواة والتمييز ضدهم ، واعتبارهم مواطنين من الدرجة الثانية.
وحسبنا ان نتذكر ماحدث للشيخ حسن شحاته واخوته في 14 يونيو 2013 عندما قتلوا بوحشية وتم التمثيل بجثثهم على يد جموع هائجة يقودها السلفيين.
لقد بدأت عملية القتل العمد لروح مصر في منتصف السبعينات ، حين شرع الرئيس (المؤمن) انور السادات كل الابواب والنوافذ امام الفكر السلفي الوهابي لكي يقضي على اليسار القوي في مصر ، ولكنه اصبح اول ضحايا هذا الوحش الذي اطلقه من قفصه الناصري.
واكملت السعودية وبعض دول الخليج بقية الدور، حيث تدفقت الاموال السخية الى هذه الجماعات تحت مسميات شتى ،لتتغول وترهن مصر في قبضتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. هذه الاموال لم تذهب لبناء مدارس ومراكز علمية ومصانع لتوفير فرص العمل والتعليم المهني للعاطلين من الفقراء بل ذهبت لتبني اعشاش التطرف وبؤر التكفير والقتل. وابتدأ ظلام الفكر الوهابي يخيم على قطاعات كبيرة من الشباب المتعلم واصبح الجامعي والطبيب والمهندس يحرص على الذهاب للجمعة ليستمع الى شيخ متخلف جاهل يحدثه عن النفاس وشرب بول البعير.
اما الاصوات الحرة للمبدعين المصريين ، فيجري قمعها يوميا تحت يافطة التكفير والتخوين واذا سلمت من جماعات التكفير فالازهر بانتظارها ليكمل لعبة تقاسم الادوار في اغتيال مصر الحضارة والثقافة وكتم انفاس الابداع والتجدد في كل مناحي الحياة.
وكأن المتنبي حاضرا اليوم ليصف حالة مصر عندما يقول قبل اكثر من الف عام :
وَكَمْ ذَا بِمِصْرَ مِنَ المُضْحِكَاتِ وَلَكِنَّهُ ضَحِكٌ كَالبُكَا
الحديث ذو شجون ولاتكفيه عشرات الصفحات.ولااجد للختام ابلغ من مقولة الكاتب المصري العظيم سلامة موسى قبل عشرات السنين: " ليس على الارض انسان له الحق في ان يملي على الاخر ما يجب ان يؤمن به او يحرمه من حق التفكير كما يهوى".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كلنا غرقى
سناء نعيم ( 2016 / 5 / 29 - 18:16 )
ليست مصر وحدها من غرقت في وحل الطوفان الوهابي بل كل البلدان العربية ولو بدرجات متفاوتة.
المصيبة الكبرى هي تبعية الطبقة المتعلمة لرجل الدين الذي أصبح الأمر الناهي والذي لاينطق عن الهوى.فعندما يلغي الطبيب والمهندس والمفكر والأديب والإعلامي والوزير...عقولهم ويصبحون كالببغاء التي تردد بدون إدراك ولا فهم ،فتلك االطامة القاضية.
لا تتصور مدى حزني وأسفي وان استمع الى طبيب وهو يلوي عنق النصوص ليعصرها فيستخرج منها ما يوهم به الناس على انه إعجاز علمي كدليل على ألوهية النص رغم ان تهافت ذلك النص وسقمه يفقأ العيون.
ولاتتصور كذلك مقدار ألمي وان أتابع شيخا يمارس أقصى درجات التدليس ليوهم المتابع ان القرآن صالح لكل زمان ومكان رغم تعارض اغلب نصوصه مع العصر وقيمه واخلاقه.
وهذه الحقيقة لاتحتاج لذكاء كبير أو معرفة عميقة بالعلوم الدنيوية ليكتشفها القارئ بقدر ما تحتاج لقراءة نقدية مع صدق مع النفس .
الطوفان سيغرق الجميع لكن سينحسر يوما مهما طال الزمان وترسو السفينة على بر الحرية والديمقراطية ولنا في اوربا خير مثال
فلن يصح غير الصحيح
خالص تحياتي


2 - كل مسلم هو ارهابي.
احمد حسن البغدادي ( 2016 / 5 / 29 - 23:24 )
تحية أستاذ عبد عطشان.

ان ما حدث في مصر، يؤكد صحة منطقنا، وهو؛

ان كل مسلم هو ارهابي، لحين ان تثبت براءته من الاسلام.

لذلك نحن لن نتفاجاء بما حدث، وبما سيحدث.

انها المجزرة التي تستمر في العالم الاسلامي اجمع، طالما هناك شيء اسمه الاسلام. والحاكم مسلم.

تحياتي...


3 - مع وافر احترامي وتقديري
محمد البدري ( 2016 / 5 / 30 - 05:20 )
فعلا فمصر حاليا لا يحسدها احد علي ما هي عليه . فهي في بؤس حضاري لا مثيل له. ومع احترامي وتقديري لكل اليساريين المهمومين بالفقر وكيفية التغلب عليه وعن الحقوق وكيفية تحقيقها الا انهم يقفون عاجزين بفضل ايديلوجية اليسار كونه عربيا عن اقتحام بؤرة المرض الثقافي والاجتماعي الذي ادي في النهاية الي مثل تلك الحادثة التي لا اجد وصفا لها الا بالبربرية. فلنسأل انفسنا لماذا لم تكن هناك مثل هذه الاحداث زمن الليبرالية المصرية قبل انقلاب 1952، ولماذا اصبحت المسام الحضارية للمصريين قابلة للاختراق بما يسمي الوهابية؟ ولا نقل فقط اموال النفط رغم تاثيرها الفادح، فالفقر والفروق الطبقية قبل انقلاب يوليو كانت موجودة وحاضرة شأنها شأن الاسلام بكل ما فيه من وساخات. كان الازهر ايضا حاضرا بكا ما فيه من انحطاط. الفارق في الطبقة السياسية والاجتماعية التي كانت موجودة وازالتها حركة يوليو الانقلابية واحلت محلها بشر بدون معرفة او ثقافة او حتي حياء سياسي. فالكذب والتضليل والتسيب والفهلوة هي سياسة الطبقات الحاكمة لاكثر من 60 عاما. طبقات اوروبا صنعت شعوبها. وليظل اليسار يبكي فلا امل في افكاره بدون طبقة. تحياتي واحترامي


4 - لا تُقاس قيمة الإنسان بتديّنه أو بتحصيله العلمي
ليندا كبرييل ( 2016 / 5 / 30 - 09:52 )
الأستاذ عبد عطشان هاشم المحترم

جزء من تعليق نشرتُه أمس

كان من الممكن أن يكون العربي رأس حربة في ميدان التقدم لولا تبني توجه القومية والعروبة العقيمة التي حطّمت كل إنجازات(الاستعمار)بالاعتماد على الطبقة الدنيا الجائعة من المجتمع بمستواها الثقافي الذي يسمح بالفساد الذي بدأ ينخر في كل مفاصل حياتنا
وتداخلت السلطتان السياسية والدينية وعشنا في فوضى معرفية بدأ الغيب يتحكم بها وضاعت بساتين الورد التي زرعها المخلصون من أبناء الوطن

وجزء من مقالي الأخير

لا تُقاس قيمة الإنسان بتديّنه، فقد يكون الدين وسيلة للتعدّي،ومشجّعا على الفساد
كذلك لا يكفي أن تُقاس قيمة الإنسان بتحْصيله العلمي،فقد يكون فارسا في ميدان العلم،مُنهزِما في ميدان العقل الصانِع،يحركّ علمه منطق الغيب
حتى الحيوان يتعلم مع المثابرة فينطق ويقلّد

إنسان الحداثة:هو القادر على السؤال والاكتشاف
فالعلم على أهميته لا يكفي،إذ لا بدّ أن يقترن بالتغيير،والعمل على تقويم شطحات الطبيعة بالإرادة،فلا يُترك حلّها للإله
تحدّي الواقع الراهن يحتاج إلى ترافق العلم مع بعْث الوعي النقدي وتدريب الكفاءة الذاتية


تراجعَ العرب وسقطوا لكل هذه الأسباب
تقديري


5 - تحية وتقدير
فؤاده العراقيه ( 2016 / 5 / 30 - 22:23 )
ليس من حق اي انسان في ان يملي على غيره ما يحب ان بؤمن به هو او يحرمه من حق التفكير كما يهوى , مقولة رائعة للخالد المصري سلامة موسى ولكن الحقيقة تقول بان الإنسان وخصوصا العربي لا يعرف سوى الإملاء على غيره فالرجل من حقه وبالقانون ان يملي على زوجته حتى صغائر الامور التي تخصها ومجتمعاتنا متكونة من هذه الأسر التي نشأت على الاملاء وإقصاء الآخر وهي الزوجة فكيف نريد لهذه المجتمعات ان تنهض من سباتها وهي فاسدة من الاساس , علينا التركيز على هذه الثقافة البائسة لغاية ما نقتلعها من جذورها

اخر الافلام

.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم


.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله




.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah