الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأوجه المتعددة للحلم

ماجدة تامر

2005 / 12 / 10
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يعرف العلماء الأحلام بأنها "المسرح الليلي للعقل" حيث تدور فيه الأحداث مع تنوع للأدوار والشخصيات تتخللها الرمزية والصور الغامضة.
ويرى أطباء النفس بأن الأحلام هي الأبواب المشرعة للدخول إلى ذخائر اللاوعي عند الإنسان.
ويبقى مفهوم الأحلام عند علماء الدين لا يعدو كونه رسالة من السماء إما للتحذير وإما للترغيب.
وهذه الأحلام هي ضرورية للإنسان حسب رأيهم لأنها تدعوه إلى مراجعة الذات والتأمل والتفكير والبحث عن معنى الوجود.

نظرية فرويد

يعرِّف "فرويد" الحلم بأنه تحقيق مقنع لرغبة مكبوتة فهو لا يعدو في النهاية عن كونه تنفيذاً لرغبة معينة استعصى تحقيقها في الواقع، وتشكل النزعات اللاشعورية الينابيع الأساسية لمادة الأحلام.
ويقول في كتاب " تفسير الأحلام" والذي يعد حجر الأساس لعلم التحليل النفسي بأن الأحلام ظاهرة فيزيائية ذات وجود كامل يتولى تركيبها نشاط معقد يجري داخل الدماغ.
وأن القوة المولدة للحلم في رأي " فرويد" ليست نشاطاً عشوائياً يحدث في الدماغ وإنما هي عبارة عن رغبة لا واعية حبيسة في ضمير الشخص الحالم.
ولابد لنا قبل كل شيء من أن نميز بين طبقتين في العقل أولها الطبقة الواعية أو الشعور وثانيها الطبقة اللاواعية والتي يطلق عليها اللاشعور.
إن هذا اللاشعور يشتمل على الرغبات المكبوتة والأماني المستحيلة وجميع المعتقدات أو الأفكار التي لا نجرؤ في الواقع ونحن يقظون بأن نبوح بها أو نعترف بماهيتها لأنها قد تكون مخالفة للعادات والتقاليد والتعاليم الدينية والاجتماعية وغيرها، فهي مختزنة في اللاوعي لدينا منذ الطفولة والتي تبقى معنا إلى الأبد.
وبين هاتين الطبقتين يوجد طبقة يطلق عليها اسم "الرقيب" ووظيفتها تتلخص في الحيلولة دون الإفصاح عما يختزنه اللاشعور أثناء اليقظة، وبالمقابل يضعف دورها أثناء النوم لأن الرقيب ينام ويغفل فتتمكن بذلك الرغبات المكبوتة من الوصول إلى ساحة الشعور وبذلك يصبح المستحيل ممكناً والخيال حقيقة ويتمكن اللاشعور بذلك من الإفصاح عن مكنوناته في غياب القيود والرقابة أثناء النوم.
فقد يرى الشخص في حلمه ذلك الشخص الذي يحب ويتمنى الارتباط به، مع أنه صعب تحقيقه في واقعه الراهن، وقد يجد مالاً ضاع منه منذ وقت أو قد يسافر إلى بلد كان يتمنى السفر إليه منذ طفولته ولكن الظروف حالت بينه وبين تحقيق هذا الهدف.

أهمية الأحلام

تلك الأحلام تعكس الآمال والرغبات التي لم تر النور في الواقع فهي تنفس عن صاحبها وتغسل همومه وتحذره من العواقب أحياناً وقد تكون سبباً في إلهامه وحل مشاكله.
وهذا ما يؤكد لنا أهمية الأحلام في حياة الإنسان ويذكر الكاتب "روبرت لويس" بهذا الصدد بأن فكرة تأليف كتابه المشهور "الدكتور جيكل ومستر هايد" قد خطرت له في الحلم.
وعندما كان "إيلياس هاو" يحاول اختراع آلة للخياطة حلم أثناء نومه بأنه وقع في أسر رجل متوحش يحمل حربة ذات ثقوب في سنانها.
وعندما استيقظ من نومه أدرك أن ثقب الإبرة الذي كان يحيره لحمل الخيط يجب أن يكون في أسفل إبرة الخياطة لا في وسطها.

أحلام اليقظة

تأتي هذه الأحلام كرد فعل على الحياة اليومية التي يعيشها الفرد فهي تحقيق عفوي للرغبات والميول اليومية التي لم تحقق إشباعاً كاملاً.
ويلجأ "فرويد" إلى الأحلام الطفولية ليوظفها كأمثلة حية في البناء النفسي للحلم، فيروي لنا بأنه طلب من الطفل "هارتمان" أن يقدم سلة مليئة بالكرز إلى شخص آخر، على أن يكافأ بالحصول على بعض حبات الكرز لقيامه بالعمل، وفي اليوم التالي حلم الطفل "هارتمان" بأنه قد التهم جميع الكرزات الموجودة في السلة. فمثل هذه الأحلام المباشرة تأتي كرد فعل على أحداث يتمنى المرء لو أنها حدثت كما كان يشتهي أثناء حياته اليومية.
أما في مرحلة البلوغ فتمضي الأحلام على المستويين النفسي والجنسي وفي هذا المجال يلاحظ أن كتاب الروايات والمغامرات يرسمون أحلام أبطالهم بطريقة بارعة فالمحبون يلتقون والمساجين يتحررون والمسافرين يعودون من الغربة وهكذا.

الحلم والجنس

ويذهب "فرويد" إلى القول بأن أحلام الراشدين هي تحقيق لرغبات جنسية كبتت أثناء الطفولة ومع ذلك فإن فرويد يرى ضرورة عدم المبالغة بالنظر إلى الجنس بوصفه يملك تأثيراً نهائياً وبلا حدود.
أما "إدلر" تلميذ "فرويد" والذي انشق عنه فيما بعد، فإن يتفق مع أستاذه في أن الأحلام تحقيق للرغبات، غير أنه يرى أن غريزة توكيد الذات أكثر أصالة من غريزة الجنس.
ولذلك فهو يرى أن الحلم ليس إحياء للماضي البعيد بل أنه تهيؤ واستعداد للمستقبل القريب.
أما التلميذ الثاني لـ"فرويد" والذي انشق عنه وكون مدرسة خاصة به، وهو "يونغ" فيرى بأن الحلم متصل بمشكلات الحالم الحاضرة ومعبر عن موقف الحالم اللاشعوري من مشكلات حياته. وقد ظهر لدى جماعة من المهتمين بالأحلام بأن المواقف والأفكار والانفعالات التي تتولد في نفس الإنسان خلال اليقظة تؤثر في عملية الحلم فهي تتقلب حسب مزاج الإنسان، فإذا كان مزاجه هادئاً قبل النوم وأموره على ما يرام فمن المرجح أن تكون أحلامه طيبة وحلوة والعكس صحيح.

الرمزية في الحلم

إن الرموز في الحلم قليلة ولكنها زاخرة بالمعاني شأنها في ذلك شأن اللوحة الفنية أو المقطوعة الموسيقية ويعتقد بعض الباحثين بأن الرمز الواحد قد يتخذ أكثر من معنى في الحلم الواحد وكذلك بين شخص وآخر فليس إذاً من السهل تفسيره أو تأويله.
وهناك رموز تشير إلى جهود المرء في الابتعاد عن مشكلة ما، فإذا حلمت امرأة مثلاً بأن رجلاً يحمل سكيناً ويطاردها في شارع مظلم وهي تعدو أمامه، فإن تفسير ذلك قد يعني أنها تهرب من مخاوف تلاحقها أثناء اليقظة.
وأخيراً يمكننا القول بأن الحلم قد يكون قوة مبدعة بناءة وذلك عندما ينذر صاحبه بضخامة المشكلات التي تواجهه، ويشير إليه بطريقة للحل، ويذكره بأنه مازال قادراً على الكفاح مما يبقي الأمل في نفسه ويساعده على فهم أوضح للذات وذلك عندما يكشف لصاحبه أن مفهومه الواعي يختلف كلياً عن نظيره اللاواعي وعلى خلفية هذه الفجوة القائمة بين الشعور واللاشعور يعرف المرء ذاته أكثر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إمام وحاخام في مواجهة الإنقسام والتوترات في برلين | الأخبار


.. صناع الشهرة - كيف تجعل يوتيوب مصدر دخلك الأساسي؟ | حلقة 9




.. فيضانات البرازيل تشرد آلاف السكان وتعزل العديد من البلدات عن


.. تواصل فرز الأصوات بعد انتهاء التصويت في انتخابات تشاد




.. مدير CIA يصل القاهرة لإجراء مزيد من المحادثات بشأن غزة