الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صندوق الاجيال عندهم وسرقة الاجيال عندنا

مصطفى غازي فيصل
(Mustafa Ghazi Faisal)

2016 / 6 / 5
المجتمع المدني


الحكومات الوطنية هي التي تبحث عن سعادة ورفاهية وسلامة مواطنيها في السراء والضراء، في السلم والحرب، في الرخاء والقحط، فهي دوماً ما تجد حلولا لجميع المشاكل التي قد تتعرض لها البلاد وتنعكس بتأثيراتها على العباد، فقد تكون كوارث طبيعية أو حروبا، أو أزمات اقتصادية أوسياسية أو غير ذلك. فتضع خططا وحلولا ذات أمد بعيد يمتد تأثيرها لخدمة الاجيال المقبلة، مثل صندوق الأجيال المعمول به في دولة (الكويت)،وكذلك بدأ كمشروع قانون صوت عليه بالقبول في (تونس) أيضاً.وفكرته تقوم على تخصيص نسبة مئوية تعادل 10% من المدخول السنوي القومي للبلاد لتوضع في صندوق خاص بحساب خاص خاضع للجنة مهمتها استثمار هذه الأموال لتعظيمها ضمن مشاريع خارجية، مما يعزز نموأموال هذا الصندوق كضمان للأجيال المقبلة. ولايحق لأي شخص كان بسحب هذه الأموال إلا بقانون يشرع في حالات خاصة كالأزمات الاقتصادية، أو غيرها من الأمور القاهرة. أما عندنا نحن العراقيين فالأمر مختلف كلية،فحكوماتنا المتعاقبة بعد التغيير، منذ عام 2003م، حتى عامنا الحالي 2016م، قد مارست سياسات مالية وإدارية عشوائية وغير مدروسة لأسباب كثيرة، أهمها وجود الشخص غير المناسب في المكان غير المناسب ــ وهذا ما تفرضه المحاصصة ـــ أي إنّ من يتولى المسؤولية الإدارية والمالية في أية مؤسسة حكومية يكون قليل خبرة، وغير كفء البتة، هذا من جانب، أو يكون غير نزيه، وفاسد، وسارق للمال العام من جانب آخر. وما حصل والذي يحصل الآن من أزمة اقتصادية خانقة يمر بها بلدنا لَهُوَ خيرُ دليلٍ إلى ما ذهبنا إليه.
لقد تقدمت الحكومة العراقية بطلب لصندوق النقد الدولي لمنحها قرضا بمبلغ (16) مليار دولار مقابل فوائد تصل إلى 1.5%. والقرض يكون على مراحل، وهوكحل ترقيعي فيه الكثير من الاستخفاف بعقول العراقيين حسب ما ذهب إليه البعض. وهناك من خالفهم الرأي بالإشادة به كونه خطوة تمهد لتنشيط الاقتصاد العراقي،وبالفعل فقد حصل اتفاق قبل أيام في العاصمة الأردنية عمان بين ممثلين عن الحكومة العراقية من جهة، وممثلين عن صندوق النقد الدولي من جهة أخرى، لمنح العراق قرضا بمبلغ خمسة مليارات ونصف المليار دولار كدفعة أولى لعام 2016م.وهذا المبلغ حسب رأي رئيسة اللجنة المالية النيابية في مجلس النواب العراقي لا يجدي نفعاً لأنه أقل من مبيعات البنك المركزي العراقي للعملة الصعبة خلال شهرين، كما أعرب خبراء بالشأن الاقتصادي عن قلقهم من إدخال العراق في دوامة القروض والفوائد المترتبة عليها، مما يثقل كاهل المواطن، فهو الخاسر الأكبر من هذه العملية. لأن الشروط التي يفرضها صندوق النقد الدولي تحتم تقليص الدعم الذي تقدمه الحكومة إلى بعض المواد مثل الوقود والطاقة الكهربائية ومواد البطاقة التموينية ونفقات الرواتب والضرائب،فضلاً عن الفوائد المترتبة على القرض نفسه. لهذا فقد اعترض بعضهم على سياسة صندوق النقد الدولي هذه معتبراً إياها مساسا بالسيادة الوطنية، لكن الأمر في حقيقته ضمان لإنفاق أموال القرض في مكانها الصحيح بعيداً عن جيوب المتربصين من لصوص السياسية والمنتفعين منها. وربما يقلل ذلك من سرقة الأجيال المقبلة، والذين ستكون تركتهم ديونا لا أول لها ولا آخر، بدلاً من مستقبل اقتصادي زاهر أسوة بأقرانهم من أبناء دول الجوار، فشتان ما بين صندوق الأجيال عندهم وسرقة الأجيال عندنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منظمة هيومن رايتس ووتش تدين مواقف ألمانيا تجاه المسلمين.. ما


.. الخارجية السودانية: المجاعة تنتشر في أنحاء من السودان بسبب ا




.. ناشطون يتظاهرون أمام مصنع للطائرات المسيرة الإسرائيلية في بر


.. إسرائيل تفرج عن عدد من الأسرى الفلسطينيين عند حاجز عوفر




.. الأونروا تحذر... المساعدات زادت ولكنها غير كافية| #غرفة_الأخ