الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشطّاف والإستنجاء من الغائط

أيمن زهري
كاتب وأكاديمي مصري، خبير السكان ودراسات الهجرة

2016 / 6 / 6
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


قبل حلول رمضان 2016 خرج علينا الدكتور خالد عمران، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، بتصريح مفاده ان استخدام "الشطاف" في نهار رمضان فيه خلاف بين العلماء، فمنهم من قال إنه يبطل الصيام لأنه يُدخل الماء إلى الجوف، ومنهم من قال إنه لا يفسده. وأَضاف "عمران" خلال ندوته بـ«صالون فيتو» الذي تنظمه جريدة فيتو المصرية أن الرأي الأرجح في هذه المسألة أن استخدام الشطاف في نهار رمضان لا يبطل الصيام، شريطة أن يحتاط الشخص الذي يستعمله، وألا يُدخل الماء إلى المعدة.

مع إحترامي الشديد للرأي الديني في هذه المسألة وعلمى المتواضع بما تحفل به أمهات الكتب الدينية حول الإستنجاء من الغائط إلا أن الحديث في مجمله كان صادما، على الأقل بالنسبة لي. ربما تعجبت كثيرا من السائل وكيف خطر على باله مثل هذا السؤال، وكيف فكّر في حل أو حرمة عادة مستقرة لا ترتبط من بعيد أو من قريب بالصيام. لا شك أن الشفاط، على الرغم من بساطته، يعد إختراعاً صحيا رائعا فقد كنا من قبله نستخدم خرطوم المياه، ومن قبله ربما بثلاثة أو أربعة عقود كان أسلافنا في الريف يقضون حاجتهم في الخلاء وفي الحقول والزرائب والخرائب وكانوا يفعلون كما كان يفعل أسلافهم؛ كانوا يستنجون من الغائط بقطعة من قوالب الطوب الحمراء أو من الحجارة.

لا أكتب للحديث عن هذا الموضوع من منظور ديني بالتأكيد لأني لا أملك أدوات البحث في علوم الدين، لكن هذا الحديث ذكّرني بواقعة أخرى حدثت معي في باريس عام 2008 عندما كنت أقوم بدراسة عن المصريين بالخارج. قابلت من ضمن من قابلت أحد المهاجرين المصريين في باريس ودار حوار طويل بيني وبينه عن أحوال المصريين هناك وما يشغل بالهم تجاه وطنهم الأم وكيف يمكن أن يساهموا في تنمية بلدهم. بعد أن إنتهى الحديث ”البحثي“ تحدثنا في مواضيع شتى كان من بينها مقارنة محدثي بين وضعنا في مصر والوضع في أوروبا.

فاجأني محدّثي بقوله ”الأوروبيين دْوْل عالم وِسخة ... دْوْل مبيعرفوش لمؤاخذة ينضّفوا نفسهم بعد ما ”يقضوا حاجتهم“ (قالها في كلمة واحدة بالعامية المصرية) دْوْل بيمسحوا ”مقعدتهم“ (قالها في كلمة واحدة بالعامية المصرية) بحِتّة ورقة.“ كانت العبارة مختزلة وصادمة بالنسبة لي. الرجل إختزل الفرق بيننا وبينهم في هذه الممارسة، ونسي الفرق الشاسع بيننا وبينهم في المنجز الحضاري. نسي أيضا، ضمن ما نسي، أن أسلافنا الى وقت قريب كانوا يستخدمون الحجارة بدلا من المناديل الورقية التي يستخدمها الغرب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فصل جديد من التوتر بين تركيا وإسرائيل.. والعنوان حرب غزة | #


.. تونس.. مساع لمنع وباء زراعي من إتلاف أشجار التين الشوكي | #م




.. رويترز: لمسات أخيرة على اتفاق أمني سعودي أمريكي| #الظهيرة


.. أوضاع كارثية في رفح.. وخوف من اجتياح إسرائيلي مرتقب




.. واشنطن والرياض.. اتفاقية أمنية قد تُستثنى منها إسرائيل |#غرف