الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل فقدنا الهوية الوطنية

ادهم ابراهيم
(Adham Ibraheem)

2016 / 6 / 8
المجتمع المدني


لعل موضوع الهوية الوطنية الاكثر جدلا في العالم ، حيث يصعب تحديد ماهيتها وعناصرها ، رغم ان نظرية هوفسد تستند الى الابعاد الثقافية ومدى تاثيرها على قيم المجتمع بما يحقق اندماج الفرد بالمجموعة . . ولكنني ارى بكل بساطة ان الهوية الوطنية هي شعور الفرد بالولاء للوطن وحبه للناس الساكنين فيه . وهذا لايعني تطابق نظرة الناس الى بعضهم البعض او تشابه ثقافاتهم وعاداتهم او لغاتهم ، بل يعني توافق الناس على مثل عليا تتعلق بالمكان والافراد القاطنين فيه . ان هذا الشعور الجمعي تجاه الارض والسكان هو الذي يحدد حبنا للوطن ، وهو الذي يمنحنا الهوية الوطنية . . ان الولاء والاخلاص للوطن قد اكتسبناه من ابائنا وترسخ على مدى التاريخ المشترك . وبالاعتماد على هذا الاساس نرى ان الهوية الوطنية في العراق قد اهتزت بعد الاحتلال الامريكي عام 2003 ، حيث تم ترويج مفاهيم وافكار تحط من القيم الوطنية وعلى وفق منهجية مقصودة للقضاء على الشعور الوطني واحلال مشاعر وولاءات بديلة اخرى . فاصبح الولاء الى مناطق محددة او طائفة دينية او قومية او احزاب . . ونقوم بالدفاع عنها ، لانها تمثل لنا في هذه الفوضى مساحة الامان والاستقرار النفسي بعد ان تم تهديد وجود الفرد العراقي وتهديد كيانه واسرته ومستقبله ، ولم يعد الوطن يجمعنا . ان اختلاف الولاءات والدفاع عنها قد ادت بنا الى اختلاف الراي واشهار السلاح بوجه الاخر الذي لايوافقنا على هذا الراي ، واخذنا نتحدث داخل الوطن الواحد بمنطق ( نحن وهم ) ، وهذا اخطر مايمكن ان يواجه شعب من الشعوب . . فكلمة نحن كانت تعني نحن العراقيون . اما الان فتعني نحن الحزب او الطائفة او القومية او الدين . . . وكاد ينقطع الخيط الذي كان يجمع حبات الوطن ، كالمسبحة او القلادة الجميلة التي كنا نتزين بها . ومن هذا القبيل يريد الكورد الانفصال عن العراق ، لان الحكومة المركزية لا تلبي حاجاتهم الاساسية . واهل نينوى يريدون الحكم الذاتي لان المركز يمارس التفرقة تجاههم . واهل البصرة يتجهون نحو الكونفدرالية لان المركز يستاثر بخيرات المدينة وهي محرومة من ابسط الخدمات . والتركمان يريدون الحكم الذاتي في كركوك لتجنب الذوبان في مجتمعات قومية اخرى . وهكذا . . . كما ان بعض العراقيين يروجون لعقائد دول على حساب عقيدة المواطنة العراقية مثل هذا الذي يمجد قاسم سليماني وذاك يروج لافكار السفير السعودي ، او يتبنى من منطق ديني وطائفي اطروحات اردوكان المتناقضة والمتخلفة . وهكذا نتبنى عقائد غريبة عن عقائدنا ، ونهمل قيمنا ووطنيتنا العراقية .
ومن منطلق هذا الواقع الاليم نتسائل ما الذي يعيدنا الى منطق المواطنة العراقية . . هذا المنطق الذي يعني حبنا لمنتخب كرة القدم العراقية ، وتعلقنا بالشاعر بدر السياب او سفرات كوردستان ، او زيارة مراقد الامامين الحسين واخيه العباس عليهما السلام . ومشحوف الاهوار ، والمقام العراقي ، والالحان العراقية الجميلة . . . لعل الامر لم يفت بعد ، حيث يمكننا تأصيل روح المواطنة من خلال بعض الخطوات التي تساعدنا على ترسيخ مفهوم المواطنة العراقية ، وايقاف منطق التعصب والعداء الذي ابتلينا به . . ومن هذه الخطوات :
اولا _ الخطاب الاعلامي الموحد ، الذي يركز على المشتركات بين فئات المجتمع العراقي ولا يثير مواطن الخلاف والاستهجان .
ثانيا _ القضاء على المظاهر المسلحة ، واعادة تشكيل جيش عراقي موحد وقوي ، يشترك فيه كل المواطنين بغض النظر عن انتماءاتهم المناطقية او الدينية او الطائفية .
ثالثا _ مجلس الخدمة العامة الذي يحدد فيه وصفا للوظائف وتعيين المواطنين على وفق متطلبات وشروط الوظيفة ، وليس على وفق القرابة او الانتماء الى حزب او طائفة .
رابعا _ اصدارقانون المواطنة الذي يعاقب الاشخاص الذين يثيرون النعرات الطائفية او القومية ، مع تشديد العقوبة اذا كانت الجريمة بدافع عرقي او طائفي او ديني .
خامسا _ تشجيع الفعاليات الفنية والمسرحية والثقافية التي ترسخ روح المواطنة وايثار الفرد في خدمة المجتمع .
سادسا _ اعداد مناهج تربوية لمختلف المراحل الدراسية تؤكد على مفاهيم المواطنة واحترام العلم العراقي والنشيد الوطني .
سابعا _ التركيز في دور العبادة كافة على غرس روح المواطنة ، واعتبار حب الوطن من الايمان . . وتجنب اثارة المواضيع الخلافية بين افراد المجتمع الواحد .

ان تعميق روح المواطنة بين الافراد وخصوصا الاجيال الجديدة سيحدد لنا الهوية الوطنية العراقية . اذ من دون هذه الهوية الوطنية سوف لن يكون لنا اي اعتبار من شعوب العالم .

ادهم ابراهيم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الهوية قرينة الوطنية
محمد البدري ( 2016 / 6 / 8 - 18:00 )
شكرا لهذا المقال التساؤلي عن الهوية والوطنية التي ما ان ظهر القوميون العرب الا وضاعت تحت دخان اسود عنصري كريه اسمه القومية العربية والتي باندثار جعجعاتها الفارغة بالهزائم المروعة حتي صعدت الهوية الاسلامية المتشظية الي طوائق ومذاهب تقاتل بعضها الي حد الافناء. فالهوية قرينة للوطنية لا نجد احداها الا وتكون الثانية سببا او نتيجة لها. الوطن ارض وشعب مهما تعددت دياناته ونطق لسانه بلغات مختلفة وهنا تاتي الهوية بما في تراث ذلك الشعب علي تلك الارض من حضارة واعمار وبناء. فهل من اجابة اين اختفت مكة والمدينة وارض الحجاز من التاريخ بعد ان خرج اهلها غزوا لارض الحضارات القديمة لنشر ما يسمي بالاسلام وحتي مجئ لورنس العرب، وما هو العطاء الحضاري الذي يمكن الافتخار به من المحيط الي الخليج طوال تلك الحقبة التاريخية الطويلة؟

اخر الافلام

.. ما الرادع الذي جاء به ستارمر كبديل لطرد اللاجئين إلى روندا؟


.. واشنطن بوست: اتهام نتنياهو في ظل المجاعة في غزة أصبح اختبار




.. الاتحاد الأوروبي متورط في قتل المهاجرين من إفريقيا


.. آلاف المستوطنين يتظاهرون في القدس لعقد صفقة تبادل أسرى




.. احتجاجات في إسرائيل بسبب مرور 9 أشهر على حرب غزة دون إعادة ا