الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كلمة -حداثة- لا تدلّ على جديد

سمير إبراهيم خليل حسن

2005 / 12 / 11
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كلمة حَدَثَ فعل يبيِّن قوَّةَ تسويةٍ. وما سُوِّىَ هو ٱلحَدَثُ. وٱلقصَّة ٱلَّتى تبيِّن كيف جرى ٱلحدثِ هى ٱلحديث. وهو ما جآء فى وصفِ كتاب ٱللَّه:
"ٱللَّهُ نَزَّلَ أحسَنَ ٱلحدِيث كِتَـٰبًا مُّتَشَـٰبهًا مَّثانِىَ" 23 ٱلزّمر.
وفيه ٱلقصّة ٱلَّتى تبيِّن كيف حدثت تسوية كلِّ شىءٍ. وقد جآء فى كتاب ٱللَّه عن تلك ٱلقصّة:
"هٰذا بيان لِّلنَّاسِ" 128 ءال عمران.
"ونزَّلنا عليك ٱلكتٰب تِبيَٰنًا لِّكُلِّ شَىءٍ وَهُدًى ورَحمَةً وبُشرَى لِلمُسلِمِينَ" 89 ٱلنحل.
لقد بيَّن ٱلبلاغ ٱلعربىّ 33 ٱلزُّمر بكلمة ٱلحديث مفهوم ٱلقصّة ٱلمتعلِّقة بٱلحدث ٱلجارى فى تسوية ٱلكون. وٱلَّتى تبقى تفضل علىۤ أىِّ حديث عن تلك ٱلتَّسوية. وهو ما تبيِّنه كلمة "أحسن" ٱلَّتى سبقت. ودليل ٱلكلمة فى "حَسَنَ" ٱلَّذى تدلّ عليه ٱلأفعال "دَأَبَ وجَدَدَ وتَقَنَ وزَيَنَ" مجتمعة. فأحسن ٱلحديث هو ٱلدّأب وٱلجدُّ وٱلاتقان وٱلتزيين فى ٱلحدث وٱلحديث عنه من دون فتورٍ ولا سكونٍ. وهذا ما تبيِّنه أعمال ٱلنَّظر وٱلبحث ٱلَّتى تزيد فى قدرة ٱلإدراك وٱلعلم فى ٱلحقِّ. وكلَّما تطوَّر ٱلإدراك وٱلعلم فى ٱلحقِّ ٱلجارى تطوَّر ٱلعقل بين ٱلحديثين عنه. وهٰذا ما يبيِّنه ٱلقول "متَشَـٰبهًا مَّثانِىَ". فٱلحديث عن ٱلحقِّ لونان:
ٱلأوَّل هو حديث مُرسَل مِّن ٱلخالق ٱلَّذى سوَّى جميع ٱلحقِّ وفيه بيان عنه.
وٱلثانى هو حديث ٱلإنسانٍ ٱلنَّاظر فى ٱلحقِّ سعيًا لِّلعلم بجريانه وفيه بيان عمَّا ٱكتشفه منه. وهو حديث يشبه ٱلحقَّ عند كلِّ كشفٍ فيه.
وحديث ٱلإنسان ٱلنَّاظر عن ٱلحقِّ يتضاعف ولا يتوقَّف إلا بتوقّف ٱلنَّظر. وعمل ٱلعقل بين ٱلحديثين يبيِّن للعاقل أنّ ٱلحديث ٱلأوّل هو أحسن ٱلحديث. وحديث ٱلإنسان ٱلنَّاظر يبيِّن لصاحبه من ٱلحقِّ بمقدار ما تشابه له فيه. وهذا ٱلعمل لا يفتر ولا يسكن ما دام ٱلإنسان ينظر ويبحث ويدرس ويقرأ.
وفى تطابق مفاهيم حديث ٱلعلم مع أحسن ٱلحديث عند كلِّ طورٍ علمىٍّ يدلّ على حركة تجدّد ٱلإدراك وٱلفهم فىۤ أحسن ٱلحديث. ويظهر ويتبيِِّّن مفهوم ٱلقول "أحسَنَ ٱلحدِيث كِتَـٰبًا مُّتَشَـٰبهًا مَّثانِىَ". فهو كتاب تكبر فيه مفاهيم ٱلنَّاس ٱلنَّاظرين ٱلعاقلين وتزيد وتتضاعف وتتزيَّن بزيادة بلاغ ٱلعلم ٱلنَّاظر. وكلامه ٱلعربىّ باقٍ لا تغيُّر فى هيۤئته. أمَّا ٱلَّذى يتغيَّر فهو إدراك ٱلدَّليل بعون ٱلتّطور فىۤ إدراك ٱلنَّاس ٱلَّذين يسيرون فى ٱلأرض نظرًا وبحثًا فى ٱلحقِّ. وهٰذا ما جعلنىۤ أرى فىۤ "أحسَنَ ٱلحدِيث كِتَـٰبًا مُّتَشَـٰبهًا مَّثانِىَ" أنَّه ٱلنَّظريَّة ٱلعلميّة ٱلكاملة ٱلَّتى يسعىۤ إليها علمآء ٱلفيزيآء (كتاب "أنبآء ٱلقرءان تستقرّ فى محراب ٱلفيزيآء"). فهو حديث يبلِّغ عن جميع ٱلحقِّ وبيان وتبيان لِّكُلِّ شىءٍ. وبلاغُه لا يُظهر بيانَه إلا من بعد نظرٍ فى ٱلحقِّ وعقلٍ مع ما كشفه ٱلنَّظر.
مثل هذا ٱلحديث لن يكون للإنسان ٱلنَّاظر ٱلقدرة على ٱلإيتآء بمثله. فٱلمحكم من ٱلبلاغ ٱلعربىّ يبيِّن له ذٰلك:
"فَليَأتُوا بِحَدِيثٍ مِّثلِهِ إن كانُوا صَـٰدِقِينَ" 34 ٱلطَّور.
لأنّ ٱلَّذى يقدر على ٱلإيتآء به واحد هو ٱلخالق وٱلصَّانع لجميع ٱلحقِّ ولجميع ٱلحديث عنه.

ونعود للقول أنَّ كلمة حَدَثَ فعل. وكلمة ٱلحَدَث ٱسم يدل على شىءٍ سُوِّىَ. وكلمة ٱلحَدِيث ٱسم يدل على قصة حدوث ٱلفعل حَدَثَ وعلى تسوية ٱلحَدَثِ.
ونسأل من بعد ذلك ما هو دليل كلمة حداثة؟
ونجيب بما نعرفه من ٱستعمالهاۤ أنّ من يزعمون ٱلعربيّة فى ٱلقول يريدون بها بعض ما تدلّ عليه كلمة أحسن. وهم يريدون بها كلمة جديد. هذا ما نفهمه من قولهم بٱستعمالهم لكلمة حداثة. وهذا ٱلعمل هو حرف لِّلكلمة عن موضعها وحرف لدليلها. وما يقدمونه مع هذه ٱلكلمة هو عظام موتى نخرة يزعمون لها لباسًا جديدًا ويطلبون مِنَّا ٱتباع تلك ٱلعظام ٱلنّخرة.
ونرىۤ أنَّ ٱلأَولَى لهؤلآء أن يعلموا بدليل ٱلكلمة وسبيل ٱستعمالها وأن يعلموا بماۤ أخرجه ٱلنظر فى ٱلحقِّ قبل ٱلزَّعم بتجديدٍ فى ٱلقول. إذ كيف سيجدِّد مَن لا يدرى بدليل ٱلكلمة وبماۤ أخرجه ٱلنَّظر من ٱلحقِّ؟! وكيف سيكون تجديدًا ٱتباع عظام موتى نخرة؟!
وأقول لهؤلآء ٱلَّذين يزعمون ٱلعربيّة وٱلتَّجديد أنّ واحدًا مِّن أولادنا ٱلَّذين تخطُّوا صفوف ٱلتَّعليم ٱلإبتدآئىّ يعلم فى ٱلحقِّ أكثر من جميع ما علمه فيه أصحاب تلك ٱلعظام ٱلنَّخرة.
وأذكر لهم أنَّه جآء ٱلبلاغ ٱلعربىّ:
"يَـٰبنِىۤ ءَادَمَ قَد أنزلنا عَلَيكُم لِبَاسًا يُوَٰرِى سَوۡءٰتِكُمۡ" 26 ٱلأعراف.
وٱلَّذى نزلَ علينا هو كتاب. وتثبيت أفئدتنا به (كما يثبَّت منهاج ليزرىّ فى كومبيوتر) يجعل أفعالنا وأعمالنا وأقوالنا تخضع لفعل ٱلعقل معه قبل أن تجرى. وفى ٱتَّباعنا ٱلعقل مع أحسن ٱلحديث يزداد إدراكنا للحقِّ ويحسن بلاغنا عنه. ويكون فى ذلك لنا دأب وجدّ وٱتقان وتزيين فى ٱلحديث من دون فتورٍ ولا سكونٍ عن ٱلنَّظر فى ٱلحقِّ وٱلعمل على ٱلعقل مع بلاغ ٱلصَّانع ٱلعربىّ. فلا نتبع لغوًا وتحريفًا وموتى يسمّيه مَن يلغو فيه حداثة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. د. حسن حماد: التدين إذا ارتبط بالتعصب يصبح كارثيا | #حديث_ال


.. فوق السلطة 395 - دولة إسلامية تمنع الحجاب؟




.. صلاة الغائب على أرواح الشهداء بغزة في المسجد الأقصى


.. -فرنسا، نحبها ولكننا نغادرها- - لماذا يترك فرنسيون مسلمون مت




.. 143-An-Nisa