الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الذوق العام وافساده لمحاولات التغيير

ميلاد سليمان

2016 / 6 / 12
المجتمع المدني


في دراسات علم النفس الاجتماعي بيقولك ان عناصر الثقافة في أي "نظام اجتماعي متجانس" - وحط تحت كلمة "متجانس" خطوط كثيرة- ثلاثة عناصر هي العموميات والخصوصيات والمتغيرات البدائل؛ نوضح أكثر؛
- العموميات يعني الحاجات اللي بيشترك فيها أفراد المجتمع كلهم وبتكون البذرة المحركة ليهم وهي أساس الثقافة والملامح العامة التي تتميز بها الشخصية في المجتمع دا زي اللغة والملبس والعادات والتقاليد وانماط السلوك وطرق التفكير والقيم باختصار العموميات هي كل مكونات "الهُويّة".
- ثاني حاجة الخصوصيات؛ ودي العناصر الثقافية اللي بيشترك فيها مجموعة معينة من أفراد المجتمع بمعنى أنها العناصر التي تحكم سلوك أفراد معينين دون غيرهم في المجتمع أو أبناء طبقة أو شريحة اجتماعية معينة، يعني القواعد المهنية والسلوكية للأطباء أو المعلمين أو المهندسين تلاقي بينهم مصطلحات وطريقة خاصة في التعامل وسلوكيات تخص مهنتهم وطبيعة عملهم. وقد تكون الخصوصيات مرتبطة بالطبقة الاجتماعية فالطبقة الأرستقراطية لها سلوكيات وعاداتها التي تميزها عن الطبقة المتوسطة أن كذا وكذا من السلوك لا ينتمي إلي عادات الأرستقراطية ويجب ألا ننسى أن الخصوصيات لا تنفى اشتراك أفراد الطبقة أو المهنة عن كل أفراد المجتمع في العموميات التي ناقشناها من قبل .
- آخر حاجة بقى هي البدائل والمتغيرات ؛ ودي بقى عناصر ثقافية مضطربة متوترة وقتية ومرحلية نتيجة تقلبات في النظام الاجتماعي العام، وبتحاول ترسخ وتثبت وجودها عشان تبقى عموميات وتنتشر على اوسع نطاق ولكن بتفشل، فتحاول تبقى خصوصيات مرتبطة بشريحة او فئة معينة او ابناء مهنة معنية وبردوو بتفشل فبتختفي مع الوقت.....

طيب بنشرح الكلام داا كله ليه!!؟.. اقولك أنا... من يومين بعض الناس هاجت وماجت وقلبت الدنيا عشان رامز جلال في البرنامج اللذيذ بتاعه كان بيسخر من جسم الممثلة الضيفة ووزنها الزائد وكان بيقولها "يا مرتبة... يا دبوبة... يا بكبووزا... يا تختخ.. يا كرشوو" وحسسوني أن البلد انهارت وكل البنات اللي وزنهم زائد اما هيشوفوا البرنامج دا ويسمعوا كلام رامز نفسيتهم هتنكسر ويحسوا باهانة ويتحرجوا ويحبسوا نفسهم في حمام المترو يعيطوا 3 ساعات!!!؟. الفكرة هنا أن معد البرنامج أو رامز نفسه بيلعب على نقطة "العموميات" يعني ببساطة أن البنت اللي وزنها زائد وتقولها " يا جاموسة... يا بغلة.. يا شوال الدهنه.. يا بز بلبن" دي نفس المصطلحات اللي امها اصلا بتنادي لها بيها في البيت!!؟ يعني اقرب الناس لها هو اللي بيكسرها ويهينها ويدوس كرامتها بالتالي طالما أهلها مش محترمينها هو هيحترمها ليه!!؟ مع العلم ان السخرية من شكل اي حد في المجتمع المصري دي حاجة Funny وبتفتس من الديحك وهيهيخيخيوووو على سبيل المثال البنت اللي في حلقات مسرح مصر اللي طايرة من الفرحة عشان بيتريقوا على شكل جسمها!!؟... لأن دي مصطلحات مترسخة في "الوعي الجمعي" للناس وليست "دخيلة" عليه وخد بالك من كلمة دخيلة لان هنرجع لها تاني... بالتالي بدل ما الشباب الكيوط المرهف الحساس يطالبوا بمقاطعة برنامج رامز اظن من الافضل عمل حملات توعية للجواري المصريات اللي كل واحدة فيهم بتعامل بنتها لتكون جارية مثلها في المستقبل. من العناصر الثقافية المهمة اللي تم التلميح ليها وحاول اصحابها يخلوها عموميات فكرة العلاقة الجنسية خارج منظومة الزواج، واللي بيحب اغلب قوادين الدين يسموها زنى وفاحشة ونجاسة، افتكر كداا اما الفنانة انتصار في برنامج "نفسنة" قالت ان "المفروض اي اثنين بيحبوا بعض يمارسوا الجنس الاول عشان يفهموا بعض اكثر وبعدها يتجوزوا او ما يتجوزوش مش هتفرق" هنا كانت الفكرة دي "دخيلة" على النظام الاجتماعي المصري وقبل ما الرقابة الاعلامية او القانون المصري الاخلاقي المتدين بطبعه يتدخل، كانت الناس العادية في الشوارع والحارات بيترعشوا من الكلمة حتى لو معندهمش بنات ولا اولاد هيعملوا كداا، ولكن الفكرة هزتهم من جوااهم وقلقت راحتهم لانهم لو عارفين ان الفكرة دي ربما من "الخصوصيات" ومحصورة في قطاع الفنانين على الضيق مثلا، ولكن التصريح بيها في برنامج على الهواء مباشرة ممكن يحولها لـ "عموميات" وتبقى فكرة اصيلة في المجتمع والناس توافق عليها وتقبلها!!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - في مطار القاهرة
نضال الربضي ( 2016 / 6 / 13 - 13:14 )
مرحبا استاذ ميلاد،

في أحدى رحلاتي عائدا ً من مطار القاهرة تصادف مرور موظفتين يبدو أنهما صديقتان حميمتان، تتأبط كل منهما ذراع الأخرى، و كانت إحداهما تقول للثانية: اسمعي يا جاموسة.... الى آخر الحديث.

لفظ جاموسة بين الصديقتين يتخذ دلالات معينة هي: الود، الصداقة، المشاغبة المحببة، و سببها أنهما صديقتان و أن سياق الحدث هو تبادُل معلومة ما، و أن الجو هو جو الصداقة.

في سياق ٍ آخر و أثناء مشاحنة في شارع ربما يقول شخص لآخر: افهم يا محترم، و تُعتبر إهانة ستتسبب في مشكلة كبيرة، لأن كلمة افهم هنا ذات دلالة تحقيرية، و محترم كذلك، و الجو: عِدائي، و الحدث: مشاحنة.

قس السابق على ما يفعله رامز، و هو يفرض نفسه بطريقة بالنسبة لي غير ظريفة على الإطلاق، و يستخدم نعوتات لا تليق بين غرباء.

هناك خصوصية في التعامل بين الناس يجب الحفاظ عليها، و أعتقد أن رامز شديد المبالغة لدرجة الإسفاف و انتهاك الخصوصيات.

مع تقديري لطروحاتك الجريئة في مقالاتك.

اخر الافلام

.. تنامي الغضب من وجود اللاجئين السوريين في لبنان | الأخبار


.. بقيمة مليار يورو... «الأوروبي» يعتزم إبرام اتفاق مع لبنان لم




.. توطين اللاجئين السوريين في لبنان .. المال الأوروبي يتدفق | #


.. الحكومة البريطانية تلاحق طالبي اللجوء لترحيلهم إلى رواندا




.. هل كانت المثلية موجودة في الثقافات العربية؟ | ببساطة مع 3