الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-حُرمة-

وجيهة الحويدر

2005 / 12 / 11
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


"حُرمة"!
عندما يعد النهار نفسه للرحيل عن شرقنا، تلم الشمس خيوطها بتلكؤ وكأنها نادمة على ضوءها الذي اهدرته سُدا ولم يستنير به ذهن احد..في المساء تدخل ظلمة كئيبة متسللة في النفوس وبين الأزقة...في ديارنا لا تعني تحركات الساعة للأنثى شيئا...سوى هزائم يومية، وتجاعيد تعبث في تقاسيم الوجه، وترهلات تغزو معالم الجسد..فهي "حُرمة"...بكل ما تحمل تلك الكلمة من معنى..محور حياتها ذكر..لا تأتمر الا بأمره ولا تنتهي الا بنهيه..لذلك الأيام لم تحتفظ لها قط بأحلام وردية... وأمنياتها دائما معلقة على حائط من وَهم، شيـّده لها شيوخ الأمة...



في ليلة ما...أغمضت "حرمة" عربية عينيها البائستين بعد أن سئمت من انكساراتها وسئمتها الحياة...فلفظت انفاسها ورحلت روحها في سفن غياب أبدي متجهة ناحية مرافئ بعيدة... فجأة لقيت نفسها بين سفوح حميمة وتحت سماء صافية... لم تكن روحها بنفس الجسد، لكنها كانت تشعر بعزة ونفس عالية...تلفتت يمنة ويسرى... نظرت في عيون البشر من حولها...وجدت أن الجميع يٌكن لها قدسية خاصة... تجولت في دروب ريف ساحر..لم يجرؤ احد أن يسألها عن أي شيء خاص بها... شعرت بكبرياء الآلهة وشموخ النجوم يسريان في شرايينها..كانت مفعمة كأنهار الجنة... أحسّت لأول مرة أنها مخلوقة ذات كرامة وأَنـَفة...فليس ثمة "سي السيد" في حياتها...ولن يقدر احد أيا كان أن يمس شعرة فيها...ولن يُسلط على عنقها سيف الشرف المبتذل...لن تتجرع بعد اليوم ذل ذكر ذو طباع غريبة ...حيث يتوقع من جسدها أن يكون طوال النهار ساحة للضرب، وفي الليل مسرحا للعبث والعربدة...لن تعود لفراش النحر ذاك..فهي الآن مخلوقة حرة...ولن تخاف من خطف صغارها منها وهضم حقوقها في محكمة معدة لتحقيق مصالح الذكور..لن تخشى من تهديد قرينها لها بالزواج من أنثى ثانية وثالثة ورابعة... فليذهب للجحيم هو وحريمه ورغباته الرثة...فقد تخلصت من وصاية ذكرها المهووس بنرجسية الفحولة...لن تتنفس بعد اليوم برئتيه..ولن تتحدث لغته...ولن تصغّر ذهنها من اجله...ولن تكن طَوع إشارته..فهي ليست أنثى عربية ..لن تقبل ان تكون قاصرا وعورة وناقصة عقل وعقيدة..صار لها كيان ووجدان ومكانة في عالم لم ترَه من قبل لكنه يحترمها...صار الكل يعرف أنها منبع آمان وسكينة ومحبة...وان أجيال تحتمي بظلالها وتحيى بنورها...



وهي تسير بخفة ونشوة بين أعشاب خضراء..رفعت رأسها للسماء باعتزاز وفخر، وأقسمت بقسم لا رجعة فيه، أنها لن تعود أبدا لأرض العرب مرة أخرى..ولن تسمح لروحها أن تندس في جسد "حُرمة" عربية...فمن الآن وصاعدا لن تقبل أن تكون في احط مستوى عرفه البشر على وجه البسيطة.. أَمَة مسلوبة النفس والإرادة...



هاهي اليوم تعيش حياة يحسدها عليها جميع الإناث العربيات وحتى رجالهن..لأنها تمتلك اكثر من حقوقهم.. فهي معززة مكرمة ...تتبوء اعلى منزلة ..بقرة مقدسة تقطن في ارض هندوسية...









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إحدى المشاركات وتدعى مها ياسين


.. المشاركة مي الجرماني




.. حرائر السويداء لن تخيفنا محاولات الترهيب


.. هدية كمال إحدى المشاركات




.. إلهام ريدان وهي معلمة متقاعدة شاركت في احتجاجات