الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


داعش والكائن الخرافي

يوسف الصفار

2016 / 6 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


داعش والكائن الخرافي
الايدولوجية الدينية ومن ضمنها اللاهوت المسيحي في القرون الوسطى , والاسلام السياسي الان . قامت وتقوم على تخويف الانسان واخضاعه للجبرية الالهية قدر الامكان , فتحوله الى دمية باهتة المعالم منزوية في ركن فلسفي ظلامي منزوع الارادة . فتسري في كيانه نوع من الطمأنينة الزائفة على مستقبله مرتدا بالتالي بعدم شعوره باي ندم على ما فاته من فرص التي كان بالامكان استغلالها لتطوير نفسه او من يحيطه . عازيا كل هذا الى ارادة خارج تكوينه النفسي والاجتماعي والمهني مستسلما الى ما كتبه له الله مكتفيا بنشوة غيبية تشبهة تلك التي تصاحب الانسان حينما يثمل او يتخدر .
تقابلها ايديولوجية حياتية اخرى تعيشها المجتمعات العلمانية والمتحضرة , التي ينصب جل اهتمامها اشباع حاجات الانسان الاساسية , يمارس من خلالها تنشيط مقوماته العقلية والعلمية والفكرية والفنية برؤية مستقبلية شمولية يفتح بها آفاق غير محدودة لااكتشاف العالم والكون ودواخله البشرية , تتبناها عقول متخصصة لها باع طويل باستدراج الحقائق والتفاعل معها ,مطورا وسائل تكنولوجية غاية بالتعقيد .
ان الرؤية الغيبية في واقعنا العربي والاسلامي انمتها وعززتها الحكومات الرجعية والدكتاتورية بغية مصادرة العقل التحليلي وركنه جانبا على حساب فتح مجال واسع لسيطرتها حتى تمارس وبالتعاون مع القوى الامبريالية الاحتكارية عمليات السرقة والنهب المبرمج الدائري .فتشعل حروبا مستديمة حتى تعزز صناعتها الحربية وديمومتها لامتصاص هذه الموارد منتشية بهذا الاستغلال المزدوج الذي تدفع ثمنه الشعوب المبتلات بهذه الامعات .
ان الدول البترولية العربية وعلى رأسها السعودية وقطر لعبت دورا تخريبيا مبرمجا على العقل العربي الاسلامي البسيط من اجل تعزيز تواجدها في حكم بلدانها ناهبتا بجل دخلها القومي على حساب شعوبها . فنجد عوائل معدودة تمتلك مخزونات مالية ضخمة على حساب ملاين الجياع من شعوب المنطقة . ومن المتناقضات التاريخية ان تكون الدولة الرئيسية الراعية للديمقراطية والحريات في العالم وهي الولايات المتحدة الامريكية متناعمة مع هذا التوجه لاستثماره من اجل مصالحها النفعية وفق فلسفتها التخريبية البرغماتية . فمما يثير الدهشة هو التلاحم العضوي بين الولايات المتحدة الامريكية والسعودية بين اقصى انفتاح سياسي وايديولوجي واقسى انغلاق يعرفه العالم حيث لايسمح لابسط الحقوق الانسانية ممارستها تحت طائل تطبيق الشريعة الاسلامية من تقطيع الايادي ونحر الرقاب وتغليف المرأة وركنها في زوايا مظلمة وتدمير للالات الموسيقية تحت صيحات الله اكبر والضحك على عقول الشباب بالجنة الموعودة بكل انواع الموبقات من شرب الخمروالعهر الجماعي واللواط الالهي .. فما الذي دفعنا للعيش في هذه الدوامة التي انجبت لنا داعش وامثالها ان الحرب الظالمة التي شنتها الامبريالية الامريكية ومن ورائها دول اوربا الغربية ضد الافكار التقدمية واليسارية والشيوعية جعلتها تستثمر كل امكاناتها الفكرية المتخلفة من اجل زعزعة قناعات الشعوب في التحرروالتطور وبناء بلدانهم على اسس متحضرة هللت لها كل الحكومات دينية رجعية او علمانية دكتاتورية فشنوا حروبهم ضد كل السلطات الوطنية ابتداء من امريكيا اللاتينية الى افغانستان والصومال . ولم يكتفوا بهذا فقاموا بمحاصرة كل القادة السياسين المتطلعين الى حرية شعوبهم واستقرارها فلا يخفى علينا ما قامت به امريكيا من دور في اغتيال جيفار في بوليفيا واللندي في شيلي وآخرها القاء القبض على زعيم الحركة الكردية القائد المتنور (اوجلان )وايداعه السجن في جزيرة نائية معزولة اسمها بامرلي لُتُخرج لنا من قمقم سياساتها المخفية شخصية قرقوزية (اراجوز) اعطته صفة سلطان الاسلام اسمه اردوغان فيمارس دوره على احسن وجه فاخذ يروج للاسلام السياسي بمقولات عاطفية تخفي وراءها اطماع اقتصادية وسياسية للسيطرة على المنطقة الغنية بالنفط وتتناغم مع رؤية الفرد البسيط للميتافيزيقيا الاسلامية وخوفه من المجهول فحدثت عمليات مبرمجة لاستلاب عقول الشباب وتوجيههم نحو كارثة العصر ( داعش ) .
ان الاسلام السياسي المتمثل بالاخوان المسلمين استدرج جماهير غفيرة بمقولته الديماغوغية ( الاسلام هو الحل ) بالوقت الذي لايعرف ابسط انسان كنهة هذا الحل في الاسلام غير طقوس عبادية معينة كما لم يطلع هذا الانسان على الفكر الاقتصادي ومتطلباته العلمية فليس هناك حلول سياسية واقتصادية في نصوص غيبية استهلكت نفسها منذ عصور سحيقة . وليس اجمل واسهل الطرق لتفتيت المجتمعات الاسلامية واستدراجها الى الحضيض من التلويح بشعارات اسلامية تتناغم مع رؤية الفرد المكبلة بالخرافات والنصوص المقدسة التي لايمكنه ان يحيد عنهما وليس له القدرة على تحليلها وتشريحها على طاولة البحث مكتفيا بطرب مفعم بالغيبية حين يستمع دون تبحر الى نغمات تجويد القرآن وتفاعلاته النفسية . ان المساحة الواسعة من الاجتهادات والمناقلات عن السلف الصالح ( العنعنات ) جعلت مجتمعاتنا الاسلامية متشرذمة متقوقعة بمفاهيم متناقضة ومختلفة يحكمها راي ء واحد تندرج ضمن احداث تاريخية متناقضة ادى وسيؤدي الى التناحروالاقتتال مع صرخات المعتدلين ان الاسلام دين محبة ورحمة . لكن المعتدلين والوسطين ليس بمعزل عن الاتهام بما اتى به هذا الفكر من لغوا يجافي الحقائق وليس الاسلام الوسطي بمعزل عن هذا التخريف فلولا هذه الوسطية لما نبت لنا داعش وامثالها , هذه الايدولوجية المتطرفة والمتعنتة الغائبة في بحور من القسوة والوحشية من قتل وتنكيل بالابرياء وذبح وتقطيع للرقاب بواسطة زمر منتشية ضاحكة معلنة عن نفسها بكل صلف انها تقترب بهذا من كائن خرافي اسموه الله .
ان القصور الفكري للاسلاموين سيجرهم بنهاية الامر الى الانتحار السياسي فهم يحاولون اغراء المجتمعات اليائسة والمنخورة الارادة بانهم البديل عن داعش وغيرهم وهم لا يعرفون انهم البطة التي ستبيض دعاشنة على مر الازمان يذكرنا هذا بالحركات الشيوعية المتطرفة كالالوية الحمرا وبايدرماينهوف واثرهم التدميري على الحركات الشيوعية الكلاسيكية .
ان التطور البيلوجي للانسان من احكامه ان لايتجاوز باي حال من الاحوال الحس الانساني المرهف التي تتملكه الحضارة وصورة التقدم الرائعة في كل مجالات الحياة واي محاولة لعرقلة وتشويه هذا التوجه ستبوء بالفشل سواء من الدواعش او المهيئين انفسهم للدعوشة من رافعي شعارات الاسلام الوسطي كمرحلة سابقة للمسك بالسلطة وتجير تخلفهم لاحقا على الانسان المتحضر. هذا الحس الحضاري للحياة وادبياتها كفيل بزحزحة كل ادوات التهويل لهذا الكائن الخرافي الذي يمارسون من خلاله اعتى الجرائم وان ادوات القتل والتنكيل والترهيب ستدفن معهاهذه الشراذم التي ابتلت بهم الانسانية ورؤيتهم التاريخية المتخلفة في الوقت الذي تتجه فيه العلوم الفيزياوية من خلال نضرية الكم لخلق واقع افتراضي جديد للالوهية ومتطلباتها الفكرية للايحاء بقناعات جديدة مستوحات من ضخامة الكون واتساعه وصغر عالمنا وتشرذمه امام الاكتشافات الكونية الخارقة . وتوجه الانسان الجديد لاكتشاف عوالم جديدة او خلق هذه العوالم بامكاناته لايجاد علاقة وجدانية جديدة تربط بين الله والكون والانسان . يخرج الينا ومن صلب النص المقدس الدواعش بايديولوجية لاتعرف غير القتل والتنكيل والاغتصاب والتحقير لبني البشر للتقرب من الهتهم بوسائل السلب والنهب والحرق وتدمير الاثار وانتزاع الانسانية من ذوي النفوس المنخورة والمضطربة بعصابية مرضية .فيأكدون حقدهم وعنجيتهم ويحرقون الزرع والضرع ويمارسون الرذائل باسم الله الذي جعلوا منه نموذجا بائسا غاضبا متعجرفا غايته تدمير ما بناه بقدرته من حضارة .
ان هذا الكائن الخرافي الذي خلقته لنا داعش هو امتداد لقصر نضر امتد الاف السنين يتطلب ان نطيعه الان ونستمرأه ونجعل منه نموذج صنمي لايختلف عن بقية الاصنام التي لاتملك من امرها شي . ان الوجوه الضاحكة الصفراء الزاعقة (باسم الله واكبر) وهم يحرقون النساء والاطفال ويدمرون كل ماتصل لهم اياديهم واخرها جريمتهم في اورلاند لعناصر بشرية ابتلاهم ربهم بنقص جيني محكوم عليهم وراثيا بالمثلية فيدخل عليهم موبوء ليمزق اجسادهم الفتية السعيدة بتكوينها معطيا لنفسه الحق الالهي بمعاقبة الاخرين . ان داعش هي نتاج نص مقدس يحتاج من كل الناس مؤمنين او غير مؤمنين وضعه على طاولة التشريح والاتيان بمفاهيم تخدم الانسانية .نحتاج لصرخة ضمائر عالمية ازاء هذا الاحتقار للحياة .للتخلص من هذا اللوثان الخرافي الذي خلقه لنا الاسلام السياسي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التحالف الوطني يشارك الأقباط احتفالاتهم بعيد القيامة في كنائ


.. المسيحيون الأرثوذوكس يحيون عيد الفصح وسط احتفالات طغت عليها




.. فتوى تثير الجدل حول استخدام بصمة المتوفى لفتح هاتفه النقال


.. المسيحيون الأرثوذكس يحتفلون بعيد الفصح في غزة




.. العراق.. احتفال العائلات المسيحية بعيد القيامة وحنين لعودة ا