الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدين والاخلاق

يوسف الصفار

2016 / 6 / 17
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الدين والاخلاق
الدين صيغ اخلاقية لواقع افتراضي له مستلزماته في زمان ومكان معينين ولفترة محدودة من التاريخ . العلم نضريات افتراضية تخضع للتجربة . نضرية التطور نضرية افتراضية ايضا لكنها تعطينا اجوبة مقنعة حول الانواع المتعددة للمخلوقات عموما وبصورة شمولية لذا هي ايضا خاضعة للتطور وبهذا الخضوع فهي غير قابلة للانكار فالانسان نفسه على مراحل عمره يتطور وله في افكاره ورؤاه طفرات نوعية نيتجة تراكم التجربة سلبا كانت ام ايجابا .
التفكيكية لاتؤمن بالنص وتعتبر كل ما يقدمه الانسان من نصوص خاضعة للشك لان لها متطلبات واقعية هي انعكاس لما في دواخل الكاتب ورغباته لذا فلا توجد حقيقة ثابتة الا مايفرضه العلم بالتجربة فالعقل هو ميكانزم متطور على مر الازمان يعمل وفق صيغ استنباطية وفي هذه الحالة لايتمكن العقل من ايصال الحقائق ومفرداتها الى تصورنا الا حينما نتجرد عن كل مستلزمات تعرقل معرفتنا ونمونا الفكري .
يتطلب ان نتسائل اولا لماذا الديانات الابراهيمية الثلاث ضهرت في منطقة واحدة بكل ما تحمله من اعجاز ابتداءً من عدم تاثر ابراهيم الخليل بالنار الى قدرة موسى الفائقة بالتغلب على السحرة وصولا لعيسى وقدراته الخارقة في السير على الماء وتحويل الماء الى نبيذ ثم جاء الاسلام في وقت متاخر بستة قرون ونيف لؤكدها جميعا فلماذا هذه المنطقة بالتحديد استثمرها الله في ادبياته وحملها معجزات و براهين ليؤكد وجوده .
بحكم كون هذه المنطقة عرفت اولى الحضارات البشرية واسئناس الانسان للحيوان وانتقاله من ممارسة عمليات الصيد الخطرة لتامين قوته اليومي الى الزراعة وصراعه مع الطبيعة المفاجئة بتغيراتها وتقلباتها وعجزه عن فهم كنهتها تكّوَن بحكم الضرورة ايمان اسطوري بالغيبيات حتى تتسق طريقة تفكيره وواقعه المعاش بتناغم يؤدي به الى نوع من الاستقرار الذهني والاطمئنان النفسي فاستمرت منطقتنا بهذه الطريقة الفذة بالتفكير الى يومنا هذا هروبا من الواقع المعاش حتى نهييء لانفسنا ومن حولنا اجابات مقنعة لغياب العدالة التي تستلزمها الحياة وتقلبات الاحوال والمئآل وتخلي اكثرنا عن روح الانغماس في واقع صعب التفسير ومعالجته وفق متطلبات واقعية ..ساهمت بهذا كله ارادات ذكية من ملوك وكهنة للاستحواذ على قيمة ما يقدمه الاخرون من جهد لتكديس اموال وموارد فائضة عن الحاجة ..
النص الديني متشابهة ومأخوذ اصلا من الاساطير السومرية والزرادشتية ولاحقا الاساطير اليونانية ففي احد اوصاف الجنة في اسطورة من هذه الاساطير كان هناك وصف للجنة مماثل ومطابق لوصفها بالقران حتى ان المترجم همش الى جانب هذا الوصف ومعتذرا للقراء لان ما ادرجه هو ترجمة حرفية للنص الاصلي اليوناني .
تلك الرؤية الواضحة لحقائق تاريخنا المليء برؤية دينية متطرفة للاخلاق جعلت كثير من مفكرينا ومتعلمينا يعيشون حالات عقائدية استمرت لوقتنا الراهن فليس من العجب ان نجد الشجاعة والكرم بجانب الضعة والتخاذل .كيف يتسنى لمؤمن مثقف او عالم له قدرات فذة او انسان متفتح ان يقبل حجر ويطوف حول حجر ويرمي مخلوق خرافي بحجر فهل هكذا طقوس تعبر فعلا عن اله اعتباري خارق لمدركاتنا العقلية وبعيد عن تفسراتنا الدنيوية . حالنا الان يشبه حال اوربا قبل عصر النهضة حينما كان اللاهوت المسيحي متحكما بكل مرافق الحياة العامة ورجال الدين يمثلون الرؤية الغيبية العصية عن التفكير والاستدلال . لذا نجد الانسان يبقى مأخوذا ..ايمانا منه بالغيبيات فلو افترضنا جدلا ان ارادة الانسان للحقيقة تتمثلها الرؤية الفكرية لكل مقولات المذاهب الاسلامية والانكباب على دراستها وتمحيصها فسيقضي جل عمره الطويل وهو بعيدً عن ألوصول الى حقائق مبدأية يتناولها العرف الاجتماعي العام . اما المؤدلجون من الوعاظ ورجال الافتاء من الشيوخ فليس امامهم بعد ما انزلقوا الى هذه الرؤية سوى المكابرة والتعنت لان امر دنياهم يتطلب ذالك ففي احد روايات ديستيوفسكي يضهر المسيح الى الوجود فاول من ينبري اليه هم رجال الدين متحديين وجوده متمسكين بمؤسساتهم الدينية وتراتيبية علاقاتهم الكهنوتية . لان هذا هو قوتهم اليومي يدارون فيه اطماعهم واحترام البسطاء اليهم .
شيء مخجل حينما نحاول ان نجعل من مفاهيمنا طلاسم تعصى على الحل فنبقى ندور في حلقة مفرغة ونحن لا نمتلك الشجاعة بمواجهة ابسط الناس وليس اعتدهم والمجاهرة بان مفاهيمه يشوبها الشك فبعيداً عن كل التفسيرات ارى رجل الدين الاسلامي والمسلم الصبياني اناس يمتلكون شخصيات مزدوجة جاءت بحكم تربيتنا ونحن اطفال فاسلوب التخويف والتلقين الغيبي بعيدا عن التفاعل مع الحياة ومواجهة متطلباتها وازماتها تجعلنا نركن الى نصوص مستوحات من السنة والقران باننا لا نملك من وجودنا شيء وكل شيء مقدر لنا فندخل في سلسلة لاتنتهي من المحرمات والاختبارات فتنشأ لنا شخصية اتكالية غير مطمئنة تدور في فلك الخوارق ودرء الحسد وا لاتيان بامور اقرب الى الشعوذة تتسق مع مفاهيم اطفالنا ورؤيتهم للحياة فالشعور بالذنب يلازمنا طيلة حياتنا لان المنهيات والمحرمات كثيرة لذا ينشأ لنا انسان مضطرب غير واثق من نفسه والشي نفسه يحدث له حين يحاول مجاوزة هذه المفاهيم لانه سيعيش شعور الاغتراب عن واقعه ومن يحيطه من الاهل والاقرباء لذا تبقى عقولنا ملوثة بالخوف من المجهول . قد نتجاوزها لاحقا بحركات متطرفة منزوعة الارادة . الجرائم مهما كانت مبراراتها فهي لاتغتفر .. المشكلة ليس فقط في النصوص وانما في سيكولوجية الانسان وميله للجريمة وطفراته الوراثية فقد نجد العبقري والمنغولي والملحد والمتدين يمتلكون نوازع اجرامية فهناك احداث مرت في تاريخ العالم يندى لها جبين الانسانية واذا اردنا حصر مفاهيمنا في زاوية نجد ان الجهل هو الآفة الكبرى وحين يتوافق هذا الجهل مع ارادات غير معروفة وايديولوجيات دينية متطرفة ومتخلفة لا تتقبل الحياة بكل اتساعها تتراكب معها نزعات مرضية كامنة في عمق تفكيرنا ورغباتنا في الانتقام وهنا تحدث المصيبة
ازاء هكذا لوث عقلي متاتي من ارادات طافحة بالانانية يتوجب على ادباءنا ومفكرينا ان لايتوقفوا عند اضهار الحالة او شرحها واتخاذ الموقف المحايد والمهادن بحجة تساميه عن الولوج في نزعات يرفضها المجتمع حتى لاتحسب عليه او على ىسمعته الادبية . نحن الان احوج ما نكون الى كوكبة من الكتاب الانسانين الطافحين بالرؤية الواقعية لمستقبل يزهوا بقيم حقيقية واخلاق متحضرة يتصدون لهذا الهوس الغيبي المغلف برؤاه الدينية المتزمتة .. يتطلب وقفة شجاعة من اجل اعادة النضر بوسائل التعليم وتطبيقاته والعمل على تغير مناهجنا الدراسية لنوفر لمجتمعنا افراد قادرين على قيادته واحترام تكوينه الانساني ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اختلاف سببي مدروس
arnab awy ( 2016 / 6 / 17 - 13:32 )
تناقض ‹اللاهوت المحمدي› مع ‹اللاهوت العبري› هو اختلاف سببي مدروس مع الإرادة الإنسانية التي سَمَتْ عن قانون الغاب عَبْرَ قرون التطوّر ~

اخر الافلام

.. المسيحيون الأرثوذوكس يحيون عيد الفصح وسط احتفالات طغت عليها


.. فتوى تثير الجدل حول استخدام بصمة المتوفى لفتح هاتفه النقال




.. المسيحيون الأرثوذكس يحتفلون بعيد الفصح في غزة


.. العراق.. احتفال العائلات المسيحية بعيد القيامة وحنين لعودة ا




.. البابا تواضروس الثاني يستقبل المهنئين بعيد القيامة في الكاتد